عذراً حبيبتي، لا طريق لعودتي…

حبيبي

لو امكن للحياة ان تعود للوراء ، وتعود بك اليّ ولو قليلا ، لنستذكر معا كما في السابق اجمل واقدس ما حدث لنا في مثل هذا اليوم بتاريخ ١٩٧١/١٢/١٠ ( ذكرى زواجنا) التاسع والاربعون، كيف جمعنا الله بقدرته لانه عرفنا جيدا وخلقنا لبعض قبل ان نولد. وقال “ليكن” .

لم نلتقي صدفة لندخل بمراحلها نظرة فابتسامة فاعجاب وحب بل من خلال بعض الاهل والاقرباء تقابلنا.

وبعد مرور مدة من تعارفنا اكتشفت انك رجل يملك مخافة الله بقلبه ورجل بكل ما للكلمة من معنى وهذا ما كنت اتمناه في فتى احلامي الثلاثيني. واكتشفتَ بشخصيتي كما كنت ترددها لي دائما البراءة والثقافة والحلاوة .. فجمعنا صفاتنا لنقرر المضي بها الى الكمال !!

ووقفنا كعريسين شابين وقفة خشوع وايمان امام مذبح الرب الذي باركنا وكللنا باكليل الزواج المقدس فعاهدناه بكلمة نعم لارتباطنا الابدي في كافة الاحوال والظروف .

كان ارتباطنا كحرف العين في كلمة ( نعم ) التي جمعت اولى احرف اسمينا.. عاهدنا الرب باتحادنا وشراكتنا معا مدى الحياة رغم الاختلافات والفروقات التي كانت بيننا كطائفتين مختلفتين ، واللغة ( اللهجة )مختلفة ايضا وجيلك قد سبق جيلي بستة عشر عاما.

وباتكالنا على الرب استطعنا ان نتجاوز هذه الاختلافات وتخطيناها سوية رغم الصعوبات ، لان الطريق الذي سلكناه لم يكن مفروشا بالورود والزهور كما مشينا عليه في البدء عند دخولنا الكنيسة لعقد الزواج وببركة الرب علينا اسسنا بيتنا على حب المسيح الذي انعم علينا واكرمنا بخمسة ابناء ثمار حبنا وامانة الرب لنا حيث قمنا بمسؤولية الوالدين نحوهم الى ان كبروا ووصلوا الى اعلى المراتب العلمية والعملية وكبرت بهم عائلتنا باحفادنا الثمانية الاعزاء .

اتدري يا حبيبي كم كنا محظوظين ! الى ان صدمتنا الحياة قبل خمسة عشرة سنة عندما تلقينا خبر اصابتك بمرض ( الپاركنسن…) فتفاجأنا وبالاخص انت بقولك دائما مستغربا ..كم اعتنيتُ بصحتي وابتعدت عن كل ما هو مضر ليظهر لي هذا المرض (صفح ) !!!!!!!! ؟

تقبَلته بكل ايمان وثقة بالله وبدأتَ رحلتك بحمل صليب مرضك نحو طريق الجلجلة.وكنتُ كسمعان القيرواني احمل معك لاساعدك ولو قليلا لان حملك كان ثقيلا وجسمك خفيفا ..كنتَ كالشمعة تحترق وتذوب تدريجيا بمرور السنين وتنادي الموت احيانا لان المرض تمكن منك وتعبت منه.

ها هو القدير يستجيب لطلبك ليأخذك عنده حيث كنت في لحظاتك الاخيرة بين يديّ وانت بكل صمت وهدوء تسلم الامانة لصاحبها .. توسلت اليك ان لا ترحل وتتركني بنصفي وتقطع نصفك الاخر مني ، لم تسمعني ومضيت الى ربك راضيا مرضياً. استغفرك ياربي كنت انانية في طلبي ببقاءه.

مات حبيبي وانا قيد الحياة !! فلاعانقك قبل ان يعانقك القبر.. ارقد يا حبيبي بسلام في احضان الرب وكن مطمئنا فانا بين احباءنا مع رفيقة دربنا واختنا العزيزة موني هي بقيتك الباقية فينا .. هي المن والسلوى لنا من بعدك .. هي كالفيتامين لعائلتنا نستمد منها القوة والمساندة والعون دائما ..نطلب من الرب ان يحفظها لنا بكامل الصحة والسلامة ابدآ .

عفوا حبيبتي لا تنتظريني فلن اعود بعد قليل لان الطريق الى الرب لا رجعة منه …اذا حبيبي فلتسترح روحك في حياتك الجديدة الابدية التي لا مرض فيها ولا وجع ولتحيا بفرح وسرور مع الخالق ولترقد بسلام بين احضان الرب، والرب يرحمك

نصفك الآخر الباقي . نينا

زوجة المرحوم الشماس مروكي ايشو داوود 

عن نينا خمو

شاهد أيضاً

عام جديد، فرصة جديدة لك للتوبه

دعونا في عام جديد لا نضيّع هذه الفرصة فالرب دائما ينتظرنا متشوقا لسماع صوتنا فلنندم …