صــوم الباعوثا

“الباعوثا” كلمة آرامية تعني: طلب مساعدة الله،التضرع إليه، أو صلاة بتواضع

كما أنَّها تُشير أيضًا إلى النبي يونان وصوم أهل نينوى

تحتفل كنيسة المشرق في كل عام بفـترة صوم مدتها ثلاثة أيام. يختلف تاريخها وفقًا اختلاف تاريخ الصوم الأربعيني -الصوم الكبير- لكن موعدها يكون دومًا ثلاثة أسابيع قبل بدء الصوم الكبير. يبدأ هذا الصوم عادة يوم الاثنين من الأسبوع وينتهي بيوم الأربعاء التالي.

يبدأ الصوم صباح يوم الاثنين، ويكون بالامتناع عن تناول الطعام والشراب حتى الظهر، ويُكرر طيلة الأيام الثلاثة. يقضي المسيحيون التابعون لكنيسة المشرق: كلدان وآشوريون هذه الأيام في التضرع والصلاة إلى الله، ويُنهوها بقداس اعتيادي. امّا في اليوم الثالث فيكونالقداس احتفالي.

يكون الصوم في هذه الأيام الثلاثة، كما سبق ان ذكرناه بالتوقف عن شرب الماء والمشروبات والطعام من الزفرين أي كل أنواع اللحوم باستثناء السمك وعن والحليب ومشتقاته. (عند الضرورة لقادة الكنيسة دومًا السلطة والحق لدراسة الأوضاع واتخاذ القرارات المناسبة بخصوص هذا الصيام).

سبق للأب الفاضل “البير أبونا” المؤرخ الشهير لتاريخ كنيسة المشرق، وهو من كهنة الكنيسة الكلدانية في بغداد، ان كتب مقالًا عن صوم الباعوثا وكيف أصبح هذا الصوم ممارسة طقسية للكنيسة.

قال الأب البير في ذلك المقال:

نشأت هذه الممارسة الطقسية عبر ثلاث مراحل وأحداث متتالية:

1) الباعوثا التي بدأت على أثر انتشار وباء: في عهد البطريرك حزقيال (+581). انتشر هذا الوباء بسرعة وهجومية شاملة في ابرشيتي: “بيث كرماي” باجرمي – كركوك الحالية – ونينوى – الموصل الحالية – اتّفق مطران ابرشية بيث كرماي مار سبريشوع مع مطران نينوى على تنظيم صلاة وفترة صوم، راجيين الله المعونة ووضع نهاية لذلك الوباء اللعين الذي سمّوه “شرعوطا” والذي حصدالكثير من الأنفس. يُقال أنَّ الرب الإله الرحيم سمع الصلاة واستجاب للطلب بعد ان قبل توبة المؤمنين ومطرانيهم فابعـد الوباء وأنهى أمره.

2) باعوثا اعـلـنتها ومارستها مجموعة من العـذارى: كان في الزمن القديم اعداد من الديارات مخصصة للعذارى. والباعوثا المشار إليها في أعلاه، أُقيمت في أحد الأديرة الخاصة بالعذارى الواقع في الحيرا في القرن الميلادي السابع. كانت الحيرا حينذاك عاصمة لدويلة مسيحية صغيرة تابعة للإمبراطورية الفارسية. كانت تعيش في هذا الدير جماعة من العـذارى مسرورات بعبادتهن لله وتمجيدهن له. ويُقال أنَّ أحد أمراء المنطقة ارادان يضمَّ هذه المجموعة من العذارى إلى حريمه. كان المطران يوحنان الأزرق في تلك الفترة مطرانًا للحيرا. عاش هذا المطران في عهد البطريرك حنان إيشوع المعروف ايضًا بالأعرج (700 م.). خافت مجموعة العذارى وارتعبت، فبدأن بالصلاة والصوم راجيات الرب الإله المساعدة وأن يُبعد عنهنَّ العار الذي سيلحقهن. ويقال أيضًا أنَّ الأميرالمذكور اغتيل في دمشق في ليلة اليوم الثالث من بدأهن الصوم والصلاة.

3) الباعوثا التي مارسها أهل نينوى: يقوم مسيحيو كنيسة المشرق بالاستناد على سفر يونان من الكتاب المقدس سنويًا بممارسة طقسية قوامها الصوم والصلاة والتوبة لمدة ثلاثة وتُعـرف عند العامة ب “صوم/ باعوثة نينوى.

الكثيرون من الناس، عندما يواجهون مشكلات خطيرة او نكبات يضعها الله ضمن مسيرة حياتهم نراهم يلتجئون فورًا للمـمارسة الطقسية الشهيرة التي قوامها: الصلاة والصوم والتوبة تذكيرًا لم حدث ليونان.

إنهم بالصوم والصلاة والتوبة استطاعوا التغلب على مشكلاتهم الخطيرة والنكبات التي حلّت بهم. نفس الأوضاع واجه يونان لما أُخذه الحوت ثمَّ لفظه على الساحل، مكان قريب من نينوى والذي اراد الله ان يصله يونان ليكمل الرسالة التي اودعها الله لعـدته.

الحوت لم يؤذِ يونان البتة ولكن إنَّه قد ساعده وأوصله إلى المكان الذي كان الله يريده ان يصل إليه. إذًا علينا انْ نرى الحوت وكأنه غوّاصة إلهية ساعدت يونان ليصل إلى المكان الذي كان الله يريده ان يصل. كانت هذه الغوّاصة أيضًا بيد اللهأداة لتوقظ يونان وتحقق الدعوة التي وجهه الرب الإله ليونان. هيا بنا لتكن لنا شجاعة يونان ولندرك جيدًا حاجتنا لنفهم كلام الله، عندما تمرّ حياتنا عبر الآلام والضيقات التي هي مهمة للغاية في نيلنا الخلاص.

صلاة

هبني أيُّها الربّ إلهي، المقدرة العـقـلية

لأتمكن من انْ أعرفكَ.

هبني قلبًا يـجـدُّ في طلبك.

هـبـني حكمة لأجدكَ.

هـبـني تـصرّفًا يُرضيكَ.

هـبـني مثابرة وحرص وانا في انتظارك.

هـبـني رجاءً لآخر معـانقتيلكَ يارب

من صلوات القديس توما الاكويني

أخواتي اخوتي، اتمنى لكم أيام باعوثا مباركة مملوءة بالنعم والخيرات، وليبارككم الله ببركاته السماوية.

ترجمة نافع توسا

عن نافع توزا

شاهد أيضاً

الكنعانيون

سفر تثنية الاشتراع 23 / 13 – 14 وليكن لك خلاء خارج المخيم تخرج إليها …