مفهوم السعادة … عكس الكأبة

السعادة كلمة فضفاضة وجميله جدا  لها معانٍ كثيرة، كلٌّ يفسرها وفق رأيه ومفهومه لها، فكثيرٌ مِن الناس مَنْ يراها بكثرة المال أو الأولاد أو الصحة، لكن لا شيء دائماً إلا الله تعالى، فما يُسعدك قد لا يُسعد الآخرين، وما قد يراه البعض عادياً، تراه سعادة بالنسبة لك.

شاعرنا الفذ إيليا أبو ماضي رأى السعادة والتفاؤل في عدم الشكوى، فنظرتك التشاؤمية للأشياء قد تُصيبك بالشقاء: أيهذا الشاكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلاً وتعلّم حب الطبيعة منها واترك القال للورى والقيلا كما يقول في قصيدة أخرى.

أيهذا الشاكي الليالي إنما الغبطة فكرة ربما استوطنت الكوخ وما في الكوخ كسرة خبز وكذلك شاعرنا الراقي التونسي أبو القاسم الشابي، عاب وتذمَّر من أولئك الذين يُكثرون الشكوى، فالحمد والشكر لا بد أن يتمسَّك بهما كل إنسان في الشدة والرخاء.

فالقناعة والرضا كلمتان شاملتان تحتويان على السعادة، فالسعادة والقناعة كلتاهما كنز لا يفنى ولا ينتهي.

كثيرٌ من الناس لا يرون إلا الجوانب المُظلمة والتذمر في حياتهم، فيعيشون تُعساء دائمي الشكوى.

سعادتك في الحياة قرار أنت مَنْ تصنعه، وأنت مَنْ تُسعد نفسك بإيجاد طُرق إيجابية تُدخل البهجة إلى نفسك، سعادتك بصديقٍ مخلص وفيّ يكون معك في الرخاء والشدة لا يتذمَّر منك، نصوح دائماً لك.

سعادتك بأسرة مترابطة يُحب بعضها بعضاً، سعادتك بسفرٍ بين فترة وأخرى، حتى نُبعد الروتين من حياتنا، أو بالجلوس على شاطئ بصُحبة قهوة عندما تحسُّ بالملل.

بالتالي، أنا سعادتي بالقناعة والرضا بما كتبه الله تعالى لي، وأعتقد أن البعض يشاركني في هذا الرأي، لأن هناك أناساً، مع الأسف، لا يرون إلا الجوانب السلبية، وهم قلة، فيعيشون تُعساء ويُتعسون مَنْ حولهم.

ابتعد عن الناس الذين يعتمدون على السلبية، ويركِّزون عليها، ويتركون الإيجابية، ارضَ بما لديك تكن سعيداً، فالجبيرة التي أحاطت بيدي ما يزيد على الشهرين أزعجتني، سامحها الله، لأنها حرمتني من الكتابة لفترة، وجعلتني أفقد السعادة لفترة، لكن بعض الضغوط أحياناً تُعيدك أقوى وأكثر سعادة.

هذا بالنسبة لي، ولله الحمد، لكن لا أدري ما شعور غيري، هل يتجاوز المحنة بسهولة أم لا، أنا لا أعتبر أي شيء في حياتي محنة، بل أعتبره منحة من رب العالمين، ولله الحمد.

السعادة عمل… إنجاز… ترك بصمة يتذكَّرها غيرك بالخير والغبطة قد تنساها، لكن غيرك يتذكَّرها دائماً لك، ويفرح بأن هناك أُناساً في طريقنا يمنحوننا البسمة.

.السعادة الحقيقية الأبدية التي نتفق عليها هي قُربنا من الله تعالى وتطبيق تعاليمه، الذي لم يخلقنا للتعاسة، لأنه رحيم بعباده.

الدكتور : خالد اندريا عيسى

عن د خالد عيسى

شاهد أيضاً

إكرام الموتى

إن الشعائر الجنائزية ظاهرة عامة عد جميع الشعوب فمنذ ما قبل التاريخ البعيد والإنسان يتمسك …