لقاء مع الدكتور فيليب حردو – لندن

لقاء مع الدكتور فيليب حردو – لندن

واما شَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ
وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ

واما شَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ
وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ

رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس

بتاريخ 16 تموز 2017 أحتفل نيافة الحبر الجليل مار أثناسيوس توما دَقّما النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس في المملكة المتحدة – لندن بالقداس الالهي وبمشاركة الاب افرام أوزان في كنيسة ما توما الرسول. وبعد الانتهاء من القداس دعى نيافة الحبر الجليل مار أثناسيوس توما دَقّما الدكتور فيليب حردو لتقديم محاضرتة تحت عنوان (كيف نجذب الشبيبة في الكنيسة).

كانت بداية كلمة الدكتور فيليب تقديم الشكر والتقدير لغبطة المطران مار اثناسيوس توما دقما والاب افرام أوزان وكلمة ترحبية بالحاضرين من الاباء والامهات والشبيبة بوجة خاص، والقى محاضرته الموثقة في البيانات والاحصاءات والجدول والنسب وكافة المعلومات المعصرة حول حضور الشبيبة إلى الكنيسة وما هو المستقبل أمها. وبعدها وزع الدكتور فيليب اوراق استبيان على الحاضرين لبيان ارائهم على الاسئلة المطروحة المتعلقة بخدمات الكنيسة. وكان هناك وقت مفيد بعد تقديم محاضرته تم الاستماع الى اراء وافكار ومقترحات الحاضرين وتم مناقشتها وبحضور الاب افرام المسؤول على شبية الكنيسة.

بعدها كان لنا الوقت لاجراء هذا اللقاء من الدكتور فيليب حردو، في البدء نرحب بك ضيفاً عزيزاً في موقع خورنة مار توما الرسول الكلدانية في هولندا واقدم جزيل شكري وفائق احترامي على تقبل دعوتي لأجراء هذا اللقاء معك و أرجو ان تقدم نبذة مختصرة عن حياتك ليتعرف عليك قراءنا الكرام؟

أنا طبيب أخصائي في الجهاز الهضمي، من مدينة القامشلي – سوريا ومقيم في بريطانيا منذ عام 1980. متزوج ولنا بنعمة الرب 3 أولاد. أن أومن بأن رسالة الطبيب الأنسانية يجب أن تدعمها الرسالة الروحية أيضا وذلك من أجل أن تكتمل المهمة والخدمة. وليس أعظم من ان يتشبه الطبيب بالسيد المسيح الطبيب الروحي والجسدي والذي شفى الكثير من الامراض النفسية، والجلدية، والالتهابية، وامراض العيون، والشلل، والنزف…ألخ

1- هل كلفت من قبل الكنيسة بتقديم هذه المحاضرة؟

في الحقيقة موضوع الكنيسة يهمني بكل جوانبه وخاصة من ناحية النمو الروحي لدى الرعية واسباب تراجع نسبة الحضور للكنيسة وخاصة الشبيبة. راودتني هذه الفكرة منذ فترة بعيدة لاننا نرى بأن الكنائس الغربية تعاني منها أكثر بكثير من كنائسنا في الاغتراب. فأردت دراستها والتعمق بها وعرضت هذه الفكرة على المجلس الملي فحصلت على موافقتهم لالقاء هذه المحاضرة في الكنيسة بعد القداس مباشرة حيث الحضور هو جيدا. وكان لي الحظ الكبير في أن التقي معكم خلال زيارتكم إلى كنيستنا في لندن واتعرف على شخصكم الغيور على الكنيسة واتمنى أن نعمل معا في المستعبل من أجل خدمة الكنيسة في بلاد الأغتراب.

2 – من أين جاءت لك هذه الفكرة والدراسة لتقديم هكذا محاضرة؟

من خلال المطالعة الواسعة والواقع الروحي المقلق الذي نعيشه في الغرب حيث تفقد الشبية أيمانها نحو المجهول. ونحن كمسيحين شرقيين نعيش في هذه البلاد الجديدة بالطبع سوف نتأثر في هذا الواقع الروحي المقلق والمخيف. واذا نظرنا إلى الواقع الكنسي فاننا نرى ثلاث أنواع من الكنائس:
1. نامية، وهذا ما نسعى اليه.
2. ثابتة، وهي في حالة خطر.
3. منحصرة وهي في طريقها إلى الأختفاء. أنظر الصورة-2
كما أنه مع الهجرة المتزايدة والتشتت الذي نعيشه اليوم بسبب المظالم والحروب في بلادنا فرض علينا فجأة واقع جديد متعب ومحير وخطير على مستقبل شعبنا كله من حيث الأيمان، والتنشئة المسيحية الشرقية، والحفاظ على التراث، واللغة، وايضا “سلامة العائلة المسيحية” كنواة أساسية لبنيان كياننا.. أنها كما ترى عوامل جديدة وقديمة متداخلة ومتشابكة معا فرضت علينا وهي سوف تحدد إلى أي طريق نمضي. اننا في الواقع نعيش سيفو SAYFO ثاني لا بل أكثر خطورة من سيفو الذي عاشه أجدادنا أيام الحرب العالمية الأولى. أنه سيناريو مجحف بحق شعبنا ويجب أن يدركه الجميع ونعمل ونصلي معا من أجل الحفاظ على شعبنا المسيحي في أرض الاجداد والمشتت اليوم في بقاع الأرض.

3 – كم من الوقت استغرقت في اكمال هذه المحاضرة،وكيف توصلت الى كل هذه الاحصائيات عن الاطفال والشبيبة في المهجر؟

استغرقت في تحضير هذه المحاضرة عدة شهور قرات وبحثت خلالها عما يحدث في امريكا وكندا واوروبا وغيرها من ناحية الايمان واتجاه المجتمعات نحو العولمة والماديات والالحاد وتفكك الاسرة المسيحية ونقص الأنجاب. وهناك مؤسسات كبيرة في امريكا خاصة تقوم بدراسات ميدانية كل فترة لمعرفة التغيرات الديموغرافية الكنسية وكيفية التعامل معها ومن هذه المؤسسات (BARNA-GRA)، والفاتيكان والكنيسة الأنغليكانية وغيرها كثيرة قامت باحصائيات مهمة حول الشبيبة المسيحية ومستقبلها وبدون احصائيات لا يمكن لأي مؤسسة أن تستمر ولذلك اطلب من كنائسنا وخاصة من الكهنة دراسة هذه الأبحاث والتعلم منها وثم القيام بدراسات ميدانية في كل كنائس الأغتراب للتخطيط لمستقبل أفضل . أنه موضوع ديناميكي واسع وشيق لمن يتعمق به وقد وجدت أن من أهم النقاط التي تركز عليها هذه الدراسات حول الشبيبة هي، أن نتفهم نحن الكبار كيف يفكر هذا الجيل الجديد المعاصر لكي نعرف كيف نتعامل معه بحكمة والا فان محاولتنا لجذبهم إلى الكنيسة والايمان والخدمة ستكون شبه مستحيلة.

4 – كيف تقراء خصائص جيل الالفية ؟

جيل الألفية: Millennials (Millennial generation)
هو هذا الجيل الجديد الذي عاصر المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة وترعرع في كنف (فيسبوك) و(انستغرام) و(تويتر) ويعرفه البعض بأنه الجيل الذي ولد بين بين الحقبة 1980 – 1996. وهناك أيضا تعريف أحدث وجديد هو جيل- ز (Generation Z) وهو الجيل الذي ولد بعد عام 1997 الى هذا اليوم. وبشكل عام ورغم تنوع التسميات فان لهذه الاجيال الحديثة ميزات وسمات مختلفة عن سابقها وهي أنها سريعة البديهية والذكاء، كما أنها تتسم بطبيعة عملية Practical، وتخطط بشكل أفضل للمستقبل ، وبامكانها التعامل بسهولة مع مهمات متعددة ومركبة في نفس الوقتMultitasking. إنه الجيل المتفتح والذي لا يقبل بظروف عمل سيئة، وهو الجيل الحركي الذي ترعرع في زمن السرعة، فكل شيء يريده فهو يرغب الحصول عليه بضغطة زر!
هذا الجيل الذي يحس بالزمن بشكل أدق يبدو جدية أكثر من جيله السابق وحوالي نصف هذا الجيل لا يهتم بالسياسة وثلثه فقد الأيمان بالله. وفي أمريكا 60٪ من الشبيبة يتوقفون عن الذهاب للكنيسة بعد أن يدخلوا الجامعة.
عاصر جيل الألفية حدثين مهمين هزا العالم: الأزمة الاقتصادية وانتشار الهواتف الذكية، وشهد الجيل العجوز هذه التغيرات خلال مرحلة شبابهم، أما شباب جيل الألفية فكانوا مراهقين في ذلك الوقت. وفي دراسات موسعة أجريت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تبين أن شباب جيل الألفية أكثر عمليا وينجذبون إلى الوظائف الثابتة، بينما يتميز الجيل القديم أو (العجوز) بالمثالية في الحياة العملية.
ولكن ان لهذا الجيل سلبيات ومتاعب كثيرة ايضاً ومنها العزلة الأجتماعية، وحُب الذات، وحُب المادة، والابتعاد عن الايمان، والخوف من الأرهاب، وزيادة نسبة الامراض النفسية مثل القلق والهموم Anxiety/Depression. أن هذه التغيرات التي نراها هي دنياميكية ولا نعرف بالدقة ما سيكون الوضع مثلا بعد خمسين عام من حيث التركيبة الاجتماعية والعلاقات الفردية كما يقول علماء السلوك والاجتماع: أنه مجتمع التكنولوجيا والسوشال ميديا وهي التي بدأت تسيطر على كل شيئ في حياتنا وهذا مخيف الى حد ما. أما بالنسبة للكنيسة فيجب على الكهنة تفهم عقلية وسلوك جيل الالفية بسرعة اذا اردوا الحفاظ على الكنيسة مستقبلاً.

5 – هل توصلت من خلال دراستك الى أسباب عدم حضور الاطفال والشبيبة الى الكنيسة وما هي الاعداد، وهل وجد حلولها لتطرحها الى الكنيسة؟

الأطفال هم مستقبل الكنيسة ولكي تستمر أي كنيسة يجب أن يكون نسبة الأطفال فيها أكثر من 20% من الحضور وعندما تنزل هذه النسبة إلى 10% فهذا يدل بأن الكنيسة لن تستمر. ومسؤولية البيت والأم خاصة هي الأهم فقد تبين ان الاهل لهم سيطرة على الاولاد حتى عمر 12 سنة وبعدها تصبح الأمور أصعب ولذلك يجب التركيز في البناء والتأسيس منذ الصغر ويجب علينا أن نعلم الأولاد مقومات أساسية عن الأيمان وهي:

· الصلاة والصوم.
· وجود الكتاب المقدس والصليب صور الرب يسوع والعذراء والقديسين في البيت·
· استماع القداديس والتراتيل من القنوات الأمينة.
· المشاركة في الرحلات والنشاطات الدينية مع الكنائس.
· المشاركة بالرياضات الروحية التي تقيمها الكنائس.

أما اسباب حضور او عدم حضور الاطفال والشبيبة الى الكنيسة هي معقدة ومتداخلة اذكر منها:
· التشتت والاغتراب وصعوبة التنقل.
· التربية المدرسية التي لا تركز على القيم الروحية.
· مشاكل الأهل بسبب الضغوطات الكبيرة حولهم
· لغة البلد الجديدة.
· طول القداس ومستوى الوعظة.
· العزلة الأجتماعية وعدم المشاركة في الكنيسة.
· عدم وجود مدارس أحدية فعالة.
· القلق والحزن من جراء الحروب التي تدور في بلادنا.
· ضعف التواصل بين الراعي والرعية والشبيبة.
· ملل الأولاد وعدم القدرة على المشاركة سواء في القداس أو النشاط الأجتماعي.
· عدم وجود أصدقاء للاولاد ومغريات تجذب الشبيبة.
· عدم قدرة الكاهن على التعامل مع الشبيبة المعاصرة بالطريقة التي هم يريدونها والاجابة على تساؤلاتهم.
· عدم الأهتمام بهم والأستماع لطلباتهم.
والتحدي الكبير في بلاد الاغتراب هو عندما لا يكون هناك كنيسة قريبة من الرعية أو لما تكون عدد العائلات قليلة لكي يكون هناك نشاطات للاولاد أو لا يوجد لديهم كاهن دائم وثابت للرعية. وفي هذه الحالة يجب البحث عن كنيسة تكون جامعة مقدسة رسولية لكي لا ينقطع الأنسان من الكنيسة.
واما الكنيسة فعليها مسوؤليات وواجبات مهمة جداً وهناك دراسة امريكية حديثة تبين ان اهم العوامل التي تجذب الناس للكنيسة هي:
· الوعظة وهنا اتمنى من الابرشيات أن تبدي اهتماما كبيرة لهذا الموضوع ومساعدة الكهنة لتحسين قدراتهم.
· الترحيب والتقدير بالزوار.
· طبيعة ونظام القداس.
· مكان الكنيسة.
· المدارس الأحدية.
· وجود فرص للعمل التطوعي.
· ان توفر حاجيات الرعية الروحية والرعوية.
وانا أرى أهمية أن يكون هناك مجلس ملي نشيط ومتفاعل مع الشعب، وجمعية نسائية مشجعة، ولجنة رعاية الشبيبة فعالة، ومدرسة أحدية مشوقة وكلها تعمل وتنسق مع بعضها البعض ومع الكهنة الاجلاء.

6 – أين تقع المسوؤلية بين الكنيسة والعائلة تجاه الاطفال والشبيبة؟

واجب على كل كنيسة أن يكون لها خطة عمل، وبرنامج مستقبلي واضح، ورؤية مدروسة للعمل أو “VMOSA” (Vision, Mission, Objectives, Strategies, and Action Plans) والرعية الغيورة والمحبة هي أكثر ثمرة للكنيسة. ولكي تكون هناك كنيسة يجب أن نذهب أنا وانت مع أولادنا إلى الكنيسة، ولكي تستمر هذه الكنيسة يجب علينا أن نعمل من أجل استمرارها كما نعمل من أجل استمرار بيتنا. ومسؤلية الكاهن هي كبيرة جدا وصعبة جدا وخاصة في الأغتراب وعلينا أن نفهم ذلك. ولذا يجب الحذر من تحميل الكهنة من اعباء ومسؤوليات أكثر من طاقتهم وامكانياتهم لكي لا يتعرضوا لارهاق. وانا أعرف كاهن في السويد يدير تلك الكنيسة التي فيها 400 عائلة تقريباً وهذا غير مقبول وغير صحي أيضا، ولكل كاهن له قدرات مختلفة وله نواقص وايجابيات كما لأي انسان فمن غير الحكمة إذا أن نشعر الكاهن بأنه غير محبوب أو أنه غير مرغوب به أو هو غير كفؤ للخدمة.
نحن واجبنا أن نجلب الأولاد للكنيسة وأيضا أن نديرهم ونوفر لهم النشاطات عن طريق المؤسسات. اذا فالمسؤولية هي جماعية وليكن الكاهن هو المرشد الروحي والرعوي والاداري لها.

7 – ما هي رؤيتك في مستقبل الاطفال والشبيبة في المهجر بعد زديادة نسبة عدم الايمان، وماهو المطلوب من الراعي والرعية لخدمة كلمة الرب؟ وهل يجوز من أبناء الكنيسة ان يتهرب من المسؤولية، ويقول هذا ليس عملي، هذا عمل الشماس او الكاهن او الاسقف؟

سؤال كبير ويحتاج إلى صفحات من الكلام لكي نعطيه حقه لكن يمكن أن أذكر بعض الملاحظات كما أرى . أن الاطفال لا يمكن أن تحضر الى الكنيسة لوحدها فالمسؤولية اذا تقع على أكتاف الاهل بالدرجة الأولى ومن السهل ان نضع العراقيل امامنا لو اردنا نحرم اولادنا من الكنيسة لكن بوجود المهمة في البيت وروح المحبة سينمو الأيمان. يجب أن نتعلم من الشبيبة قبل أن نفكر كيف نعلمهم ونكسبهم ويجب أن لا تجبروا اولاد جيل الألفية أن يذهبوا إلى الكنيسة ولكن أطلبوا منهم بمحبة واقنعوهم وشوقهم لها وعندما يشارك الاهل في الكنيسة بالتزام فسوف يمشي الاولاد على خطاهم.
كما أن المدارس الأحدية تحتاج الى دعم كبير من الجميع ويجب أن نسمع للاولاد مثل ما هم يسمعون الينا. ولا نسى بأن التعليم لساعة أو أكثر في الكنيسة لا تكفي أبدا وانما يجب أن تكون هي البداية لأن هناك استمرارية خلال الاسبوع. فالكنيسة تساعد يوم واحد فقط في الاسبوع والباقي يجب أن يستمر في البيت.
وهنا أود أن اشارك معكم قول الواعظ الإنكليزي المعروف (نيكي غامبل) عن الكنيسة المثالية: “لا تضيع وقتك في البحث عن الكنيسة المثالية لأنك لن تجدها”. يعني أن لكل الكنائس نواقص وعلينا أن نعمل بإخلاص من أجل أن نقلل لا أن نزيد من هذه النواقص. علينا أن نبني قبل أن ننقد. أما ما هو المطلوب من الراعي فالجواب في الواقع أن العبء الكبير يقع على عاتق الكاهن في مجالات كثيرة ومنها:
· التواصل مع الرعية والاستماع لهم سواء في الكنيسة أو بالهاتف أو السوشيال ميديا
· الوعظ بشكل مبسط وقريب إلى قلوب الناس.
· التقرب من الشبيبة.
· استقبال الزوار متابعتهم..
· الحفاظ على اللغة.
· التعاون مع باقي الكنائس مهم جدا.
· متابعة عمل المؤسسات لديه.
· اجراء احصائية لرعيته ومعرفة ما لديه من اعمار مختلفة وكفائات.
أما مسؤولية المؤمن اتجاه الكنيسة فهي مهمة مستمرة ويجب أن تنبع من ايمانه ومن قلبه وعقله. فالعمل الرعوي هو مجاني تطوعي، ويعنى أن يقدم الفرد نفسه ووقته لخدمة الأخرين برغبته وبدون شروط. ولكن بعض الناس تحتاج إلى الدعوة و التشجيع لكن تدخل العمل التطوعي وهنا يأتي دور ادارة الكنسية في البحث عنهم لكي ينخرطوا هم أيضا في العمل الكنسي. إن الخراف دوما موجودة بيينا ولكن يجب أن نجهد ونبحث عنها ونجذبها إلى الحظيرة. وفي هذا الزمن الصعب خاصة والتي تواجهه الكنيسة يجب أن يصبح بنظري كل مسيحي كبيرا أو صغيرا، شماسا، أو راهبا، أو كاهنا، أو أسقفا…ألخ مبشرا حسب قدرته وبطريقته الخاصة وان يحمل رسالة المسيحية السامية للناس. هذا هو يوم العمل من أجل الرب فليعمل الجميع لخدمته.

8 – هل اللغة عائق في عدم حضور الاطفال والشبيبة الى الكنيسة، وما هي رسالة الكنيسة في ايصال بشارة ربنا يسوع لهم في المهجر؟

موضوع اللغة في بلاد الاغتراب والقداس بدأ يتغير حسب الحاجة فهناك كنائس تصلي بلغتين او ثلاثة حسب الطلب والحاجة. فيجب أن لا تغيب اللغة السريانية من القداس السرياني. بل على العكس يجب أن نعلم اولادنا أن يفتخروا بلغة بلاد مابين النهرين والتي تكلم بها السيد المسيح.
في لندن مثلا نحن نصلي باللغات العربية والسريانية والانكليزية والشبيبة طلبت قداس بالانكليزية فقط وسوف نخطط لذلك مرة بالشهر. وهكذا فان الرعية هي التي تقرر ما تريد ولكن مع الوقت أتصور الكل سوف يصلي غالبا بلغة البلد مع القليل من السريانية كما حدث في امريكا مثلاً.

9 – نلاحظ في السنوات الاخيرة أن نسبة قليلة من الشباب والشبابات ينضمون إلى سلك الكهنوت والرهبنة. هل هناك شروط قاهرة تمنعهم بالدخول اليه؟

بالنسبة لموضوع الكهنة فلدينا تحديات كبيرة وصعبة. فجيل الكهنة القديم لا يمكنه تلبية طلبات الجيل الجديد في الإغتراب وهنا تحدث المشاكل والصدامات أحيانا بسب اختلاف وجهة النظر. كما أن الانخراط في سلك الكهنوت يتناقص لأن هناك تراجع في عدد الرهبان والشمامسة. لذا فيجب أن يكون هناك جهد كبير لتوصل الكهنة مع الأهل لجذب الأولاد للكنيسة وتشجيعهم للانخراط في سلك الشمامسة واعتقد أن الكنيسة القبطية في الأغتراب نجحت إلى حد كبير في هذا المجال ويجب ان نتعلم منهم. فكل ما يحضر ولد إلى الكنيسة القبطية يسعى الكاهن ورئيس الشمامسة بالحاح بان يرسمه شماسا ولذلك ترى عندهم جندا من الشمامسة على الهيكل. وفي بعض كنائسهم الصغيرة في بريطانيا مثلا فكل الأولاد هم شمامسة. نعم كل الاولاد وهم فرحين.
السر إذا هو في الطلب والتذكر والمتابعة والتشجيع والمكافأة وأننا يحتاج إلى جهد وابداع في هذا المجال. ولكن الذي تعلمه انه من تعلم أن يخدم الكنيسة وتربى فيها لا يقدر ان يتوقف عن خدمتها، وحُب الكنيسة والعمل الخيري هو كهواية وعشق لبعض المؤمنين لا يمكن أن يحسه إلى هم فقط. ومبارك عليهم.
وهناك ملاحظة مهمة جدا وخطيرة أريد أن انوه لها وهي موضوع الهجوم على الكهنة والكنيسة بشكل عام. حيث هناك نسبة قليلة من الناس همهم النقد والتخريب فتنتقد دوما الكهنة وهم يفكرون أنهم يفعلون خيرا ولكنهم بالعكس تماما. هؤلاء هم كبوق مخرب ضد الأنخراط في سلك الشمامسة والرهبان و الكهنوت. وهم ناس لا يعجبهم العجب ويقول عنهم المبشر الأميركي: (بيلي غراهام) “أنهم خطاة أمام الله. ويضيف، كل من يهاجم سلك الكهنوت فهو يهاجم الكنيسة ودعوا النظام الكنسي يحاسب من هو مقصر أو مسيء بحق الكنيسة”.
وباختصار، فان كل كنائس العالم تعاني من نقص في عدد الكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة، ولا يوجد لدينا حل سحري للموضوع والأمل هو في التركيز على مدراس الأحد ومتابعة الأهل وتوجيه الشبيبة اعلاميا لهذه الاتجاه. للأسف، فانا لا اقراء في اعلامنا الكنسي اليوم عن هذا الموضوع، ولا أرى ان المدراس الأحدية أو مخيمات الشبيبة الروحية تدرسه، ولا اسمع ان الاهل يطالب منهم مراراً ان يدخلوا اولادهم الى الهيكل ويرسموهم شمامسة. كما إننا مقصرين جدا بموضوع تكريم الكهنة أو الشمامسة في كنائسنا. ولذلك نحن في لندن سنخصص يوما في ألسنة لتكريم الكاهن ويوما أخر لتكريم الشمامسة حيث سنقوم بحملة اعلامية في الكنيسة بهذا الخصوص وخاصة في المدرسة الأحدية.

10 – كيفية استثمار أوقات الفراغ لدى الشباب خلال الإجازة الصيفية وبقية العام بما يعود بالنفع والفائدة على ابناء والكنيسة والمجتمع والعمل على تنمية معارفهم وصقل مهاراتهم وقدراتهم العلمية والعملية والدينية والروحية.

الفراغ لدى الشباب مخيف وقد يزلقهم الى مخاطر كبيرة في عالمنا هذا. فيجب ان ندفعهم لكي يعملوا ولو كان دون مقابل لقتل هذا الفراغ، وان كان هناك مجال في الكنيسة فيجب ان تبحث عنهم وتطلبهم وتشجعهم وتدعمهم لكي ينخرطوا في العمل الكنسي والخيري والتطوعي وهناك ٣ نقاط مهمة في ممارسة العمل التطوعي الكنسي وهي: أولا الصبر، ثانيا التحمل، ثالثا المتابعة. كنت مؤخرا في مخيم الشبيبة السريانية العالمية في لبنان -2017 SYGG وكان فعلا مخيما ناجحا جدا روحيا واجتماعيا وترفيهيا واتمنى من باقي الكنائس التواصل معهم والتعلم من برامجهم الشيقة.

11 – كيفية تعميق الايمان والحفاظ التمسك على مسيحتنا في أوساط العالم المتغير وإعداد ابناءنا للأداء رسالة سامية في بلدان المهجر.

أنا أرى بأن الايمان يولد في البيت وهو النبع الحقيقي الذي نشرب منه المحبة والتسامح والمساعدة والحياة المسيحية. وما يقوم به الأهل في البيت هو رسالة امام الاولاد ويجب ان يتحملوا هذه الرسالة بكل مسوؤلية. وحتما نسبة النجاح هي اعلى بكثير عندما يتربى الاولاد في بيت روحاني من ان يتربوا في بيت لا يوجد فيه سوى العمل والحياة المادية. وليكن البيت المدرسة الروحية اليومية لأولادنا من خلال حياتنا. مثلا يجب أن يكون هناك:
· صلاة قبل الطعام.
· صلاة فبل النوم.
· تعليم قانون الايمان.
· صلاة الربانية.
· صلاة الملائكية.
· رعاية القيم الأصيلة.
· الزيارات الروحانية للاديرة والكنايس بمختلف طوائفها.
كما يجب ان يتعاون الوالدين مع بعض ويجب ان نقدم لاولادنا الايمان بالطريقة التي سيتقبلونها لانهم سوف يهربون منا الى غير رجعة ان لم نتفهم ذلك. حاليا وللأسف نرى أغلب الكنائس تعمل لوحدها وبشكل منعزل عندما يتعلق الأمر بالشبيبة والاولاد وهذا ما يضعفنا، وانا اتمنى أن تعمل الكنائس مع بعضها أكثر واكثر ليس فقط ضمن الطائفة الواحدة ولكن عبر كل الطوائف وبهذا سنمهد الطريق إلى الوحدة المسيحية التي نطمح اليها.

12- ما هي نتائج الاستبيان التي حصلت عليها من الحاضرين؟

نتائج الاستطلاع في كنيستنا في لندن كانت مفيدة جدا لفهم ما تريده الرعية وقدمتها للمجلس الملي لوضع القرارات وخطط لتطبيقها في المستقبل. انظر الى اسئلة الاستبيان المرفقة والمتعلقة بالقداس، ومدارس الأحدية، والحياة الروحية، وغيرها. واتمنى من باقي الكنايس الأستفادة من هذه الأسئلة والاستعانة بها لتقييم كنائسهم. في أمريكا واوروبا مثلا معظم الكنائس الغربية تلجأ دوريا إلى سؤال الرعية من أجل التقييم والنقد الذاتي لكي تتطور ونحن بدورنا سنعيد اجراء هذا الاستطلاع كل ثلاثة سنوات بعون الله.

+ كلمة اخيرة

اشكرك جدا أخي شامل على اعطائي هذه الفرصة لمشاركة الاخوة في الإيمان هذا الموضوع المهم لنا جميعا واتمنى أن يكون مفيدا لكي نبني معا شبيبتنا في الغربة ونجذبهم إلى الأيمان والكنيسة وايضا يجب ان نتذكر دوما بان العمل المشترك والمخلص والإنفتاح بين الكنائس هو الطريق الأفضل الى مستقبل مشرق للشبيبة والوحدة المسيحية.

شكر وتقدير

في ختام لقائي اقدم جزيل شكري وفائق احترامي لشخصك الكريم واتمنى لك تحقيق كل أمانيك بالخير والنعمة والبركة لخدمة الكنيسة واطفالها وشبيبتها.

الرب يبارك الجميع.

اجرى اللقاء/ شامل يعقوب المختار
لندن 16 تموز 2017

عن ادارة الموقع

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …