يوم 6 / كانون الثاني من كل عام يحتفل المسيحيون بذكرى عماذ يسوع المسيح على يد يوحنا المعمدان في نهرالاردن .. وكانت المعمودية معروفه عند اليهود كانت تسمى معمودية ( المتهودين ) او المهتدين او الدخلاء ، كانت تمارس عند دخول احد الامميين للديانه اليهودية ،وكان الماء فقط هو المستخدم في طقسها ،فالرجال يختتنون اولا حسب الشريعة موسى وبعدها باسبوع يتقبلون معمودية المهتدين ، يخلعون ملابسهم الاممية وينزلون عراة الى الماء ، ويعلن ايمانه ” بيهوه “، ثم يغطس نفسه في الماء ، ثلاث مرات ، ويلبس ثياب اليهودية الجديده ويقتبل الاسم اليهودي ، ينحصر الطقس اليهودي الكامل لقبول المهتدي الى اليهودية ثلاثة امورالختان والمعمودية وتقديم الذبيحة ،..
وكان هناك معمودية اخرى هي معمودية الاسينيين ، هم فرقة يهودية كانوا باستمرار يلجئون الى الوضوءات والاغتسالات الطقسية كانوا يعيشون بجواربحرالميت في قمران ،.. ومن ينظم اليهم كان يجب ان يتهيأ لمدة لمدة سنه كاملة لغسلات طقسية يرافقها خلع ملابس وارتداء اخرى ، وكان عمادهم يرافقه اعمال التوبه ، كان شبيه بمعمودية يوحنا المعمدان ، وكانت تمارس بتكرار، …
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ( 347- 407 م ) ان معمودية يوحنا كانت ارفع شانا من معمودية اليهود ولكنها اقل قدرا من معموديتنا ( المسيحية ) فهي كالجسد المتوسط اذ تتميز عن معمودية اليهود بكونها لتقود الناس الى اطهارالاجساد ، انما تحثهم على تغيير عوائدهم ، وان يتركوا الرذائل بالفضائل ، فيكون لهم رجاء الخلاص ، اذ عملوا صالحا ،”.
يوحنا لم يامرهم بغسل ثيابهم واجسادهم للتطهير بل كان يامرهم قائلا ” أصنعوا اثمارأً تليق بالتوبه “. متي 3 : 8 ” التوبه هنا تعني تغيير الفكر والسلوك ، لتؤهل الناس للدخول في الايمان بيسوع المسيح لقبول الفداء ،
يذكرانجيل (متى 3: 1-17) كما ورد ” بترجمة فان دايك ..”
1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّة
2قَائِلًا: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَات 3فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً، 4 ويوحنا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلًا بريا . حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ،
وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.6
7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ
الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الْآتِي؟
فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ.8
9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ.
10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.
11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.
12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ».
13حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنه “..
نفهم من عبارة حينئذ بمعنى “في ذلِكَ الوَقْت” الذي فيه كان يوحنا يكرز ويعمِّد، ” و جاء ، ” بمعنى ظهر للعالم ” ليبدأ رسالته العلنيَّة ، لان كان له نحو ثلاثين سنه من عمره (لوقا 3: 23)، و هذا العمرهو العمر الشرعي المسموح به لممارسة الكاهن وظيفته ” حسب التقليد اليهودي عدد 4: 47). كان يوحنا قد بدا بتعميد للتوبه ، فاعترضوا عليه اليهود وقالوا ان لم تكن المسيح ولا ايليا ولا نبي فما بالك تعمد ؟؟ اجابهم انا اعمد بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه ، هو الذي ياتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه ، (يوحنا 1: 26-34)؛ أمَّا عبارة “لِيَعتَمِدَ” في الأصل اليوناني(معناه غطَّس وغسل) والعماد كان بالتغطيس، ويُمثل التغطيس موت المسيح ودفنه، والخروج من الماء يرمز الى الخروج من القبر وبالتالي الى القيامة، وامَّا رمزية الماء فهو علامة تطهير او حياة. ..
وقف يسوع على شاطئ نهر الأردن مع الخطأة تضامنا معهم ، وفي رسالة بولس “ذاكَ الَّذي لم يَعرِفِ الخَطيئَة جَعَله اللهُ خَطيئَةً مِن أَجْلِنا كَيما نَصيرَ فيه بِرَّ الله” (2 قورنتس 5: 21)، وصار لعنة لأجلنا ” إِنَّ المسيحَ افتَدانا مِن لَعنَةِ الشَّريعة إِذ صارَ لَعنَةً لأَجْلِنا،”(غلاطية 3: 13).
يبقى السؤال هل كان يسوع خاطئاً؟ يجيب في (يوحنا 8: 46 ” من منكم يبكتني على خطية “.. بمعنى من منك يستطيع ان يثبت علي خطيئة ، فلم يستطيع احد منهم ان يذكرخطية واحده اقترفها المسيح او عملها في حياته ؟ اذا يسوع لم يكن بحاجة الى معمودية التوبة ، ولكن معمودية يسوع على يد يوحنا تعتبرأهم الحوادث التي جرت في فترة خدمة يوحنا المعمدان ، ومن ناحية اخرى كانت المعمودية مدخلا لبداية خدمة المسيح. ويُعلق القديس ايرونيموس ” تلقّى يسوع المخلِّص معموديّة يوحنّا لثلاثة أسباب.
الأوّل، وبما أنّه وُلِد إنسانًا، أراد تحقيق جميع الفرائض الوضيعة للشريعة؛
والثاني لتشريع معموديّة يوحنّا من خلال معموديّته؛
والثالث ليُظهِر، عندما قدّس ماء الأردن، حلول الرُّوح القدس في معموديّة المؤمنين من خلال هبوطه في شكل حمامة” …
بالاضافة الى هذا هي لتكميل كل بر ،
وكانت فعلا توحيديا به ” اذ احصي مع الاثمة اشعيا 53 :12 “..
14 فجَعلَ يُوحنَّا يُمانِعُه فيَقول: أَنا محتاجُ ان اعتمد منك و أَنتَ تَأتي إِليَّ؟”
نفهم من عبارة ” يُمانِعُه ” اي رفض يوحنا المعمدان ليعتمد يسوع على يده، خاصة انه كان قد أعلن انَّ معمــودية الــرب يسوع ستكون أعظم مـــن معموديته “أَنا أُعمِّدُكم في الماءِ مِن أَجْلِ التَّوبة، وأَمَّا الآتي بَعدِي فهو أَقْوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهْلاً لأَن أَخلَعَ نَعْلَيْه. إِنَّه سيُعَمِّدُكم في الرُّوحِ القُدُسِ والنَّار”(متى 3: 11).
ومن ناحية اخرى نفهم ان منع يوحنا لعماد يسوع شهادة من يوحنا أن الرب يسوع المسيح بلا خطيئة، وهذا ما أوضحه بقوله: “هُوَذا حَمَلُ اللهِ الَّذي يَرفَعُ خَطيئَةَ العالَم”(يوحنا 1: 29). وتذكرنا هذه الممانعة مع رفض بطرس ليسوع في علية صهيون ” فجاءَ إِلى سِمعانَ بُطرُس فقالَ له: (( أَأَنتَ، ياربُّ، تَغسِلُ قَدَمَيَّ؟” لن تَغسِلَ قَدَمَيَّ أَبَداً” (يوحنا 13: 6، 8) .
وعبارة ” أَنا أَحتاجُ إِلى الاِعتِمَادِ عن يَدِكَ، أَوَ أَنتَ تَأتي إِليَّ؟” تشير الى معرفة يوحنا نفسه انه دون المسيح مقاماً فرأى احتياجه الى ان يعتمد منه، ” اني لست المسيح بل مرسل قدامه (يوحنا 3: 28)، ولأنَّ يوحنا نفسه رأى أنه خاطئ يحتاج الى غفران من حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم (يوحنا 1: 39) الذي يُعمِّد بالروح القدس والنار (يوحنا 1: 11)؛..
15 فأَجابَه يسوع: وقال له اسمح الان ، لانهُ هكذا يليق بِنا أَن نكمل كلَّ بِرّ. حينئذ سمح له ،..
عبارة اسمح الآنَ ، يجب ان يقوم بهذا ” لان يوحنا لن يقبل طلبه ، لانه لم يدرك بانه يعتمد نيابة عن الخطاة اجمع ، ومن ناحية اخرى بانها بداية خدمته العلنية كالمسيح الآتي؛ مضحيا وفاديا، والذي كان في “هَيئَةِ إِنْسان” (فيلبي 5: 2) وأُحصِيَ مع العُصاة وهو حَمَلَ خَطايا الكَثيرين وشَفَعَ في مَعاصيهم” (أشعيا 53: 12). أمَّا عبارة “بِرّ” فتشير في انجيل متى الى الأمانة الجديدة والجذرية في السلوك والعمل بمشيئة الله وشريعته ممَّا يتوافق مع إرادة الله ، ولذلك ، فان يسوع تعمَّد ليتمّ كلَّ برٍ أي ليتمِّم مشيئة الله، “طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ فإِنَّهم يُشبَعون”(متى 5: 6). ..
لايمكن ان نستبعد بان الروح القدس عمل بخضوع يوحنا المعمدان لمخطط الله. وتضامن يسوع مع الخاطئين ليخلّصهم ، فالمعمودية أكَّدت بشكل علني مجيء يسوع وبداية رسالته لخلاص البشر كما جاء في تصريح يوحنا المعمدان “وأَنا لم أَكُنْ أَعرِفُه، ولكِنِّي ما جِئْتُ أُعَمِّدُ في الماء إِلاَّ لِكَي يَظهَرَ أَمْرُه لإِسْرائيل” (يوحنا 1: 31). امَّا عبارة ” فهكذا يَحسُنُ بِنا ” فتشير الى ان نكون معا ، عمل يسوع ان يكون نائبا عن الخطأة، ويوحنا ان يكون سابقا للمسيح لكي يتمما ما يطلبه منهم الله ..
16 فلما اعتَمَدَ يسوع صعد للوقت مِنَ الماء، واِذا السَّمَواتُ قدِ انفتَحَت له فرأَى رُوحَ اللهِ نازلا مثل حَمامةٌ واتيا علَيه”…
نفهم من صعود يسوع من الماء ، بانه كان قد نزل غطس في الماء ، ومن هذا نستنتج ان معمودية يسوع كانت بالتغطيس؛. أمَّا عبارة “انفتَحَت” فتشير الى السماوات التي كانت مُغلقة، فانفتحت وانشقت ، كما جاء في نبوءة أشعيا “لَيتَكَ تَشُقَّ السَّمواتِ وتَنزِل” (أشعيا 63: 19)،
وعبارة “رأَى” فتشير الى رؤية نزول الروح القدس على يسوع مما يدلُّ على انه المُرسل المُخلص الموعود “يَحِلُّ علَيه روحُ الرَّبّ “(أشعيا 11: 2)، وقد حلّ الروح القدس على يسوع، لا لينقّيه من الخطيئة فهو بلا خطيئة، بل ليقوّيه في عمله (قضاة 3: 10)؛ امَّا عبارة “رُوحَ اللهِ يَهبِطُ” فتشير الى الروح القدس الذي ظهر بهيئة جسدية (لوقا 3: 22) وانه نزل من السماء واستقرَّ على يسوع دالا على انه هو المسيح هو الممسوح من الروح القدس.
اخذا شكل الحمامة لانها رمز السلام والطهارة والوداعة والبراءة والبساطة وهذه ثمار يعطيها الروح لمن يحلُّ عليه. ..
17 وصَوتٌ مِنَ السَّمَواتِ قائلا هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ الَّذي به سررت ُ”
هنا “صوت الآب” شهادة واقرار واعتراف بان ” هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ” والنص ورد في سفر صموئيل ” أَنَّا أَكونُ لَه أبًا وهو يَكون لِيَ ابنًا”(2 صموئيل 7: 14) كما جـــــاء فــــي سفــــر المزامير ” أَنتَ اْبني وأَنا اليَومَ وَلَدتُك” (مزمور 2: 7)؛ وامَّا النسبة بين الآب والمسيح فيه نسبة بنوة أزلية. أمَّا عبارة “سررت” فهي مقتبسة من النشيد الأول للعبد المتألم في سفر أشعيا “هُوَذا عَبدِيَ الَّذي أَعضُدُه مُخْتارِيَ الَّذي رَضِيَت عنه نَفْسي قد جَعَلتُ روحي علَيه فهو يُبْدي الحَقَّ لِلأُمَم” (أشعيا 42: 1)، وصل صوت الله الى البشر وعلى يد يسوع كما جاء في نبوءة أشعيا ” لَيتَكَ تَشُقَّ السَّمواتِ وتَنزِل فتَسيلُ الجِبالُ مِن وَجهِكَ” (أشعيا 63: 19) ..
أن المعمودية العلنية كشفت بشكل كامل وحدانية الله المثلث الأقانيم الظاهرفي صوت الآب من السماء والإبن المسيح في الماء و الروح القدس على الابن ، فكان ظهورمجد الله المعلن ، بحق لبني البشر ،….
وكل عام وانتم بالف خير والرب يبارك …………. امين
بقلم : يعكوب ابونا