منذ فجر التاريخ عرف البشر الصحة والمرض وقد مارس القدماء بعض الطقوس لتحميهم من الأمراض ولتساعدهم على الشفاء، واعتمد الطب حينها على الخرافات والسحر وكان يعلل حدوث الأمراض للأرواح الشريرة والحسد، وبرز في ذلك الوقت بعض الأشخاص الذين لهم القدرة على مساعدة المرضى ومداواتهم ورعايتهم، وسمي هؤلاء الأشخاص بالأطباء و المرضيين واختلفت هذه التسميات في طبيعتها باختلاف البيئات والحضارات، ان المصريون القدماء على سبيل المثال كانوا بارعين في فن الطب وتحنيط الموتى لأنهم كانوا يشرّحون الجثث لذلك عرفوا كل أجزاء الجسم، الباطنة والظاهرة منها، وبرع المصريون ايضا في طب الأسنان كما يظهر في المومياآت. وكانت عندهم عقاقير كثيرة (ار 46: 11)، وقد حدد ايضا الملك البابلي حمورابي أجور الأطباء التي كانت تختلف حسب مكانة المريض الاجتماعية. وتعلم العبرانيين من المصريين فنون الطب ومارسوها فقد كان بين اليهود قابلات وأطباء وجراحون.
خدمات الطب والتمريض في الكنيسة عبر التاريخ، نُظّمت الكنيسة الخدمات الصّحيّة التي كانت تقدّم من دون مقابل إلى المرضى والمصابين بأمراض مستعصية والمعافيين وكبار السّن والأطفال وكان يشرف عليها الأسقف والقس حيث الكنيسة تؤمن بأن خدمة المحتاج تقرّب إلى الله، كذلك تؤمن بأن الإنسان هو كيان متكامل فيه الجسد والنفس والروح، وبالتّالي عليها الاهتمام بالإنسان بكلّيته، حيث تم بناء العديد من البيوت التي تُستخدَم كمستشفياتٍ للمرضى، ولاسيَّما الفقراء منهم حتى يومنا هذا، حيث الراهبات اللواتي كانوا من أوائل النساء اللائي عملن بالتمريض في المستشفيات بالإضافة الى الزيارات الصحية المنزلية.
تأسيسا على ما تقدم يبين لنا الكتاب المقدس تعليما ووصفا لما قدمه الطب والتمريض:
يعتبر القديس لوقا الوحيد الذي وصف لنا معجزات السيد المسيح وصفاً طبياً كونه انجيلي وطبيب ومؤرخ، أنه كان من المتعمقين في مهنة الطب وأنه استخدم عشرات من المصطلحات الطبية، وقد أوضح لنا بولس الرسول أن القديس لوقا كان طبيباً ولعل القديس لوقا كان وراء بعض النصائح الطبية التي ذكرها بولس لتلميذه تيموثاوس، كما وصف لنا القديس لوقا بعض الأمراض:
مرض حماة سمعان (لوة39،38:4) “وَلَمَّا قَامَ مِنَ الْمَجْمَعِ دَخَلَ بَيْتَ سِمْعَانَ. وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ قَدْ أَخَذَتْهَا حُمَّى شَدِيدَةٌ. فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا فَوَقَفَ فَوْقَهَا وَانْتَهَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا! وَفِي الْحَالِ قَامَتْ وَصَارَتْ تَخْدُمُهُمْ”. والرجل الذي به روح يصرعه (لو38:9-43) “وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْجَمْعِ صَرَخَ قِائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، أَطْلُبُ إِلَيْكَ. اُنْظُرْ إِلَى ابْنِي، فَإِنَّهُ وَحِيدٌ لِي.” وبينما هو ات مزقه الشيطان وصرعه فانتهر يسوع الروح النجس وشفى الصبي وسلمه الى ابيه. فبهت الجميع من عظمة الله”. المرأة المنحنية التي بها روح ضعف (لو11:13-17). المرأة نازفة الدم (لو43:8-49) الرجل الذي كان فيه شياطين (لو27:8). “لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى” (إنجيل متى 9: 12؛ إنجيل مرقس 2: 17؛ إنجيل لوقا 5: 31). وقد وردت بعض الكلمات والعبارات الطبية عند لوقا فقط: صرعه.. ولم يضره بشيء.. (لو35:4) حمى شديدة (لو38:4؛ أع8:28) المفلوج (لو24،15:5؛ أع57:8؛ 33:9)، الأمراض المذكورة في الكتاب المقدس : ضعف البصر (تك 29: 17)، والعمى (2 مل 6: 18)، والعقم (تك 20: 18)، وكانوا يستعملون لذلك اللقاح (تك 30: 14-16). والاحديداب والكشم وبياض العين والجرب والكلف والرض (لا 21: 19)، والكسر والبثور (لا 22: 22)، وقرحة مصر والبواسير والحكة والجنون (تث 28: 27 و28)، والقرحة الخبيثة (تث 28: 35)، والبرص والفالج والحمى والصرع وضربة الشمس (2 مل 4: 19). ومن العلاجات المستعملة إذ ذاك العصائب (اش 1: 6). والزيت، والزيت الممزوج خمراً، والاستحمام بالزيت (اش 1: 6 ولو 10: 34 ويع 5: 14). والدهون والمراهم واللصق (2 مل 20: 7 وار 8: 22). وأصول النبات والأوراق (حز 47: 12). والخمر (1 تي 5: 23).
جميعنا مدعوا بالدعاء الى ألاب القدير ونقول، بارك يا رب جميع العاملين في الطب والتمريض وامنحهم النعمة والقدرة على مساعدة البشر من اجل الشفاء من الامراض والاوبئة، خصوصا ونحن في هذه المحنة الصحية التي يمر بها العالم اجمع، وبارك جهود جميع العاملين في إدارة هذه الازمة وامنح كنيستنا المقدسة قدرة المشاركة في منح سر القربان المقدس وسر التوبة الجماعية لنا والى من غادرنا من البشر بسبب هذا الوباء واعطي الجميع الصحة والسلامة ……. الى الرب نطلب
د. طلال كيلانو