اضطراب الوسواس المرضي:
وهو حالة نفسية تستحوذ على التفكير وتشغله بتصور الإصابة بمرض خطير مثلا وتكون مستنزِفة لطاقة الافراد البدنية والفكرية بسبب هذا الاستحواذ المتكررة**، فضلا عن الأفعال الجسدية المصاحبة والتي لا يمكن مقاومتها ومن أعراض هذا الاضطراب، الخوف والقلق الشديد من الإصابة بمرض ما أو حالة صحية خطيرة. ومن الأحاسيس الجسدية الطفيفة على انها مرض خطير، وطلب زيارة الأطباء بشكل متكرر، أو تغيير الأطباء المتكرر وإذا أخبره أحد الأطباء بأنه ليس مريضًا، فقد لا يصدق ويسعى للحصول على آراء أخرى، التحدث باستمرار بشأن الأعراض أو الأمراض المحتملة التي يعاني منها مع الأسرة والأصدقاء، القيام بأبحاث صحية بشكل انفعالي أحيانا تسوده الوساوس، كذلك الفحص المتكرر للجسم للكشف عن مشكلات مثل الأورام أو القرح، والفحص المتكرر للعلامات الحيوية، مثل النبض أو ضغط الدم، الاعتقاد بأنه مصاب بمرض بعد القراءة عنه أو السماع عنه، وهنا أوضح لكم ان اغلبنا اليوم مشغول بمتابعة كم الاخبار الهائلة عن الوباء(covid 19 ) عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي والتي في اغلبها مضللة صحيا كونها من مصادر غير موثوقة وكذلك تصاعد النسب المخيفة للوفيات عبر العالم ، هذه وغيرها تدعونا للقلق والخوف وليتحول ذلك الى وسواس مرضي لدى البعض . فئات الوسواس المرضي:
1- فئة التفكير المتكرر بالتلوّث أو الخوف من احتمالية كون الأشياء قذرة أو الإكراه نحو التنظيف والتلوث الفكري يتضمّن أفكارًا تحمل الشخص للتفكير بأنّه تمّ التعامل معه وكأنّه ملوث.
2- فئة التناظر والترتيب: وهو الحاجة لكون الأشياء مرتّبة ومصطفّة بشكل معيّن.
3- فئة التفكير بعمق والأفكار الطفولية حيث يحدث الهاجس نحو نوع محدّد من الأفكار العنيفة أو المزعجة.
ليطمئن الجميع بأننا لسنا الوحيدين الذين نعاني من هذا الأمر، بل هناك مئات، بل آلاف بل حتى الملايين في هذا العالم من الذين يعانون من مشاكل والقلق والثقة بالنفس والخوف من المستقبل والوسواس المرضي من كافة الاعمار دون تمييز..
وتأسيسا على ما تقدم يبين لنا الكتاب المقدس تعليم المواجهة الفكرية والعملية لمشكلة الوسواس و كما يلي:
تأكدوا أن الله معنا ووجودنا الدائم في حضرته هو الضمان لزوال الوسواس والخوف، ولهذا يجب أن نتكل عليه “على الله توكلت فلا أخاف” (مزمور 4:56). ولقد اختبر داود النبي ذلك حين قال: “إلهنا ملجأنا وقوتنا، ومعيننا في شدائدنا التي أصابتنا جدًا. لذلك لا نخشى (لا نخاف) إذا تزحزحت الأرض، وانقلبت الجبال إلى قلب البحار” (المزمور 2،1:46).
الخوف والوسواس بين البشر، بعضهم صالح وبعضهم طالح.. ولكن الله قال لنا: “أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم” (إنجيل متى 44:5). ولا تقلق.. فالله معك على الرغم من أي مشاكل يسببها لك الناس، ألم يقل الوحي: “إن أرضت الرب طرق إنسان، جعل أعداءه أيضًا يُسالِمونه” (سفر أمثال 7:16).
الخوف والوسواس من الظالمين، ولكن يجب عليك الشهادة للحق مهما حدث.. وها هو الرب يهمس في آذاننا: “الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون” (الخروج 14:14). “من يؤذيكم إن كنتم متمثلين بالخير، ولكن وإن تألمتم من أجل البر فطوباكم أما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا” (رسالة بطرس الأولي 14،13:3).
* الصليب هنا يعني المضايقات والمشاكل والاضطهادات التي هي فوق احتمالنا، ولكن قال الله “إن نيري هيِّن وحملي خفيف” (أنجيل متى 30:11). وضع أمامك بعض الآيات الهامة في هذا الأمر مثل: “غير مخوفين بشيء من المقاومين، الأمر الذي هو لهم بينة للهلاك، وأما لكم فللخلاص وذلك من الله” (فيلبى 28:1). “لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا” (كورنثوس الثانية 5:1). “مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا” (2كو4،3:1). *اما كلمة الله في أمثال (6: 23.21) «اربطها على قلبك دائمًا، قلِّد بها عنقك. إذا ذهبت تهديك، إذا نمت تحرسك، وإذا استيقظت فهي تحدِّثك. لأن الوصية مصباح والشريعة نور وتوبيخات الأدب طريق الحياة». امتلئ بكلمة الله، لأنه مكتوب «خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك» (مزمور119: 11). «لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى» (كولوسي3: 16).
الخوف والوسواس من الموت، الصليب وعمل المسيح أعظم قوة تجعلك لا تخاف الموت. فالصليب، آلة الموت والإعدام التي كانت تخيف الجبابرة، صار الآن سر افتخار وسلام المؤمن، فالمسيح «أبطل الموت وأنار الحياة والخلود» (2تيموثاوس1: 10). من جهة مصائب الحياة: «فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معًا إلى الآن… وكذلك الروح أيضًا يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا يُنطق بها» (رومية 8: 22، 26).
*ابعد أفكار ووساوس الشيطان لديك كلمة الله، السلاح الإلهي الوحيد القادر على هدم كل ظنون العدو. «سيف الروح الذي هو كلمة الله» (أفسس6: 17). فعندما تمتلئ بكلمة الله يستخدمها داخلك لقهر كل مخاوفك، وكل هجوم من الشيطان على فكرك، الثقة بان الله الذي خلقنا، هو نفسه يحبنا، الثقة بان الرب فادينا هو نقسه شافينا مسحوق “لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا” (اش 53: 5)، الثقة بأن الروح القدس مرشدنا، هو نفسه مقوينا على التخفيف من المرض والوساوس.
أدركنا يا رب برحمتك واجعلنا نمتلئ بكلماتك ونستخدمها لقهر كل ووسواس مرضي ومخاوف وبقوتك التي ابطلت الموت وانارة الحياة والخلود نتأكد أن الله معنا.. وإن صحبة الرب ووجودنا الدائم في حضرته هو الضمان، واعط جميع البشر القدرة على المواجهة لهذا الوباء القاتل، وامنح كنيستك المقدسة البركة لتفيض بها على المؤمنين وامنحنا جميعا الصحة والسلامة والمحبة ………. الى الرب نطلب.
د. طلال كيلانو
**وتشير منظمة الصحة العالمية، إلى أنّ الوسواس المرضي يعد من الاسباب المستنزفة للنشاط العقلي في مختلف أنحاء العالم، كما وأشاره انه يأتي بعد الفوبيا والاكتئاب المرضي، فهو يؤدّي إلى العديد من العيوب في الأداء الوظيفي الداخلي عند الافراد كما أنّ له تأثير كبير وواضح على حياة الافراد الاجتماعية والمهنية