أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، هل هو رد للجميل ام انه حق مكتسب وما يقدمه لنا الكتاب المقدس من تعليم .

جميعنا ولد خالياً من الخبرات والمعارف والسلوكيات الاجتماعية، الأسرة هي التي تسهم في تكوين وتشكيل الوعي والإدراك لمحيطنا الاجتماعي بما يكفل التواصل الإيجابي الاسري أولا والتربوي وفق منظومة القيم القوانين ثانيا ومثيراتها الإيجابية أو السلبية ثالثا، والتي تسهم في تكوين ملامح دور الوالدين في تكوين هذه الشخصية الاجتماعية الجديدة للأبناء اذآ نحن امام رعاية وعناية وتربية وتعليم وتأمين مادي ومعنوي والقائمة تطول الأبناء هم الرابح الوحيد لجهود ابائهم بعد ان اجتازوا مراحل عمرية متعددة كان للوالدين دور أساسي في تحديد معالمها ومحتوياتها ولنفترض انها قد تستغرق ربما اكثر من ثلاثين سنة ، والذي يؤدي بعد ذلك الى تقدم العمر للوالدين وتغيير سلوكهما الصحي وتراجع قدراتهما البدنية وهذا يوضح لنا الجهد المبذول في التأسيس لمن سيخلفهما هذا من جانب والأخر هو انهم الان تحت تسمية المسنين التي لها اثر بعيد في مواقفهم وادائهم في الحياة ،‏ ومن اول مراحل رد الجميل اظهار المحبة والاهتمام بالوالدين المسنين (افسس 6:‏1-‏3)”أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق. أكرم أباك وأمك التي هي أول وصية بوعد. لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض، وأنتم أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم بل ربوهم بتأديب الرب وإنذاره”، أن من لا يستطيع أن يكرم أباه وأمه اللذان ربياه وسهرا عليه، فهو لن يستطيع أن يكرم الله الذي لم يره. فإكرام الوالدين هو نموذج لإكرام الله. في الرب، ويوضح (لو51:2-52) “ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ”، نجد المسيح يعلن أنه يطيعهما وأباه السماوي كثيرا. ويشير (تيموثاوس 5:‏1-‏2‏)‏ “لا تَزْجُرْ شَيْخًا بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ، وَالأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ2وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَالْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَةٍ”، “مِنْ أَمَامِ الأَشْيَبِ تَقُومُ وَتَحْتَرِمُ وَجْهَ الشَّيْخِ، وَتَخْشَى إِلهَكَ. أَنَا الرَّبُّ” (سفر اللاويين 19: 32) يربط بين احترام الأشيب (الشخص المسن) والشيخ وخشية الرب، فكل وقار نقدمه للآخرين من أجل الوصية إنما هو خلال اتحادنا في الرب، نقدمه للرب نفسه،” أحبوا بعضكم بعضا محبة شديدة من القلب”.‏ (‏1 بطرس 1:‏22‏) فمخاطبة الوالدين بألفاظ الاحترام، عدم المشي أمامها، بل بجانبهما وذلك من الأدب، عدم التلفظ بكلمة معهما فإنها كلمة تغضب الله وقد حذّر منها، وتقديم العون والمساعدة لهما. عدم مقاطعتهما أثناء الكلام، والاستماع الجيّد لهما، وخفض الصوت أثناء الحديث معهما، ردّ السلام عند الدخول عليهما، وتقبيلهما، توديعهما إذا خرجا من المنزل والدعاء لهما بالحفظ والعودة بالسلامة، والتودد لهما، ومحاولة إدخال السرور إليهما، وكل ما يحتاجونه منكم تقديم الشكر لهما على الدوام على ما قدموه لكم ايه لأبناء، وما يقدمانه طوال حياتهم والى ألان، وربما تلزم مساعدة الإباء في بعض الدول على تحديد ما اذا كان بإمكانهم الاستفادة من التدابير التي توفرها الحكومات، وقد يتمكن الأبناء ان يقدِّموا لهم المساعدة في ذلك على صعيد فردي، ولكن‏ اذا لم تكن هذه الوسائل متاحة فهناك تدابير أخرى يمكن للابنا القيام بها .‏

واستنادا الى كل ما تقدم يضيف الكتاب المقدس تعليم لإكرام الإباء: ان معرفة حاجات الإباء المسنين بالتحديد تتطلب الصبر وربما العديد من الزيارات الودية.‏ ،‏ قراءة الكتاب المقدس وجلب المطبوعات ،‏ وأشياء كثيرة اخرى.‏ ولسد هذه الحاجات ينبغي،‏ قدر الإمكان،‏ صنع ترتيبات عملية ثابتة والالتزام بها، “ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ”( بطرس الرسول الأولى 5: 2) “وَلكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلًا أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ الْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ” (بولس الرسول الأولى تيموثاوس 5: 4) “العصا والتوبيخ يعطيان حكمة والصبي المطلق إلى هواه يخجل أمه، أَدِّبِ ابْنَكَ فَيُرِيحَكَ وَيُعْطِيَ نَفْسَكَ لَذَّاتٍ، بالكلام لا يؤدب العبد لأنه يفهم ولا يعنى.” الامثال (19.17.15:29) الوالدان اللذان لا يهتمان بتربية طفلهما يتلفان نفسه، ويحطمان شخصيته، ويصير خزيًا وعارًا لهما.

فالتوبيخ والتأديب بحكمةٍ وحبٍ يسندان الطفل للتمتع بالحكمة، هو دليل على الرعاية المُحبَّة، وهو يقوده إلى الفهم، فبالكلام لا يؤدب العنيد وهذا يوضح المعنى. فالتوبيخ الكلامي لا يجدي مع العنيد لذلك لا بُد من التأديب الحازم وليس الاكتفاء بالكلام لن يخاف ولن يعنيه ما يسمعه فلن يستجيب ألا بالخوف. يفهم ولا يعني اي يسمع ما يقال ولا يكترث. (البشير متى 15: 4) “فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلًا: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا.” (الأمثال 17: 6)، “تَاجُ الشُّيُوخِ بَنُو الْبَنِينَ، وَفَخْرُ الْبَنِينَ آبَاؤُهُمْ”. الحب المتبادل يحوِّل البيت إلى سماء، والأسرة إلى أهل بيت الله، ويتلامس الكل مع وعده “لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم (البشير متى 18: 20) “وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ. (البشير يوحنا 19: 27.25)، مريم قد انشغل تمامًا بآلام ابنها، أما هو فآلامه لم تشغله عنها، بل هي ثمرة حبه الشديد لها ولكل البشرية. ما يشغله خلاص الكل ومجدهم. في بادرة أخيرة نحو أمه أراد أن يَّؤمن لها عناية وعونًا بعد ذهابه، فسلّمها إلى من كان يحبه، سلمها وهو على الصليب للقديس يوحنا الحبيب بكونها أمه وهو ابنها، وليعلمنا ان نعتني بوالدينا ونفكر بهم قبل انفسنا.

يا رب مكن أبنائنا وامنحهم الايمان والقناعة بما أمرتهم به بإكرام الإباء والعناية بهم، كما علمنا الكتاب المقدس ….. ومكن الإباء من التربية المسيحية الأبنائهم وساعدهم فيها، أعزائي يحل المسيح حيث ما يجتمع الكل معًا باسمه ومن كل الأمم والألسنة والقبائل والشعوب، من كل الثقافات، ومن كل الأعمار، ويراه الكل واحد منا في الآخرين مجدا، وبارك يا رب كنيستك المقدسة كلها وامنح المؤمنين الأيمان والمحبة …. الى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

اعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ يَسْتَجِيبُ لِصَلَوَاتِكُمْ إِنْ وَاظَبْتُمْ عَلَى الصُّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ أَمَامَ الرَّبّ

ان الصوم الكبير هو موسم التوبة وتجديد العهود هو موسم العودة إلى أحضان المسيح وتظل …