الشعب اليهودي مؤمن بوحدانية الله ، هو الشعب الذي اختاره الله وفضله على شعوب الارض ، ” تثنية 14 : 2 ” لانه ببساطة لايكمن ان ياتي المسيح من شعب وثني ، كان لابد ان يختار الله شعبنا له لياتي منه السيد المسيح متجسدا ،..
اختارالله موسى وكلمه من جبل حوريب في العليقة الملتهبه ، ” خروج 3 ، وارسله الى مصرليخرج شعبه الذي كان يعيش في مصربعبودية ، ولما اطلق الله شعبه من مصر لم يهديهم الى ارض فلسطين مباشرة بل جعلهم يسيرون اربعين سنه في سيناء حتى يتحرروا من عبوديتهم وياتوا باجيال جديده يحاربوا الاعداء بقوة ، لم يبقى من الاجيال القديمه التي خرجة من مصرالا” كالح وايشوع بن نون ليدخلوا ارض المعياد ، حتى موسى الذي غضب الله منه لم يسمح له بدخول ارض الموعد ” خروج 14 ” وتثنية 4 : 21 وعدد 20 : 12 “.. وكان الرب يسيرامامهم نهارا في عمود من سحاب ليهديهم في الطريق وليلا في عمود نار ليضى لهم لكي يمشوا نهارا وليلا …..
في الشهر الثالث لخروجهم من مصروهم في برية سيناء ، نادا الرب موسى من الجبل قائلا ، ان سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع شعوب ، وانتم تكونون لي مملكة كهنة وامة مقدسة ، “خر19 ” قال الرب لموسى أصعد إليَّ إلى الجبل وكن هناك. فأعطيك لوحي الحجر والشريعة والوصية التي كتب لتعليمهم ” خروج 24 : 12 وكان موسى في الجبل اربعين نهارا واربعين ليلة ، واعطى الله موسى لوحي حجر مكتوب عليها عشركلمات ، مت 22: 37، رو 13: 9، غل 5: 14، يع 2: 8)
كانت هذه الوصايا بمثابة تجديد عهد الله مع اليهود عامة بعد ان كان قد قطع عهده مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب. فحول العهد من شخصي الى عامة الشعب فكانوا هم شعبه الذي انقذه وكان هو إلههم يتجاوبوا معه بإطاعة وصاياه التي شملت جميع نواحي الحياة. …
ولكن بعد أن نزل موسى من الجبل راى فساد شعبه اذ اخذوا بعبادة العجل الذهبي الذي صنعوه لانفسهم ، ، غضب موسى فطرح اللوحين من يديه وكسرهما في أسفل الجبل ” خر32 : 19 ” ..
هذا لم يرضي الله فقال الرب لموسى أنحت لك لوحين من حجر مثل اللوحين الأولين وأصعد إليَّ إلى الجبل.. فأكتبُ على اللوحين الكلمات العشره التي كانت على اللوحين الأولين ( تثنية 10 : 1 و2 ) ففعل موسى ذلك ،واطلق على هذه الكلمات اسم الوصايا العشر (עֲשֶׂרֶת הַדִּבְּרוֹת) أي (عسيرت-هديباروت) وتعني الكلمات العشر أو الأمثال العشرة أو المسائل العشر ، خر32: 19، 34: 4 و28). حافظ اليهود على اللوحين ووضعوهما في تابوت العهد في قدس الأقداس (خر40: 20 وعب9: 4). فابدى الشعب طاعته وخضوعه لها ،..
كانت التوراة اهم كتب اليهود وتسمى ناموس موسى ، لان موسى كتبها بتوجه من الله وعمل الروح القدس ، وتشمل التوراة الاسفارالخمسة الاولى وهي التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية “, اطلق عليها المسيحيون لاحقا تسمية العهد القديم ” ولم تكن هذه التسمية بزمن المسيح معروفه ، بل كانت التسمية ” التوراة الأنبياء والكتب ،” المعروفه بالعبرية بالـ “تاناخ”، وتتكوّن الكلمة من الحروف الأولى لمجموعات الكتب الثلاث التي يشملها الكتاب المقدس: الأسفار الخمسة (توراة)، الأنبياء (نفيئيم) والكتب المدونة (كتوفيم). ويشمل الكتابان الأخيران تسعة عشر سفراً، معظمها بالعبرية. ومع ذلك فإن أجزاء كبيرة من الـ “كتوفيم” وردت بالآرامية، وقد تم تأليفها خلال مئات السنين، منذ الفترة التي سبقت دخول بني اسرائيل لأرض اسرائيل (القرن الـ 13 ق.م.) وحتى بعد عودة اليهود من بابل في القرن السادس قبل الميلاد إلى مملكة يهودا وأورشليم ..
بالاضافة الى الوصايا وضع موسى احكام الشريعة المطلوبه وهي الشهادات والفرائض والاحكام ” تثنية 4 : 44 ” تكلم موسى جميع اسرائيل بهذه الاحكام ودعاهم ان يتعلموها ، لانها بمثابة عهد مع الرب ، فكان ذلك مصدرًا عظيمًا للفخر والبهجة ، سفر المزامير ١١٩: ٩٢ ” لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي “..
أطلق على الشريعة تسميات مختلفة: تعليم (توراة)، وشهادة، وأمر، ووصية، وحكم أو قضاء، وكلمة، ومشيئة، وطريق الله (مزمور 19: 8-11: 119) .. بزمن المسيح وصلت تلك الشهادات والفرائض والاحكام التي كلم بها موسى بني اسرائيل عند خروجهم من مصرحوالي ٦١٣ ، منها ، ٢٤٨ أفعال امره والباقي ٣٦٥ افعال ناهية “. وهذه القوانيين ارتبطت بآلاف من الشروحات والتعاليم، لان الكهنة، بحكم وظيفتهم،مسؤولين من شرحها وتعليمها ، (هوشع 5: ا إرميا 18: 18، حزقيال 7: 26): وأن يعلَموا الشعب أحكام الله وأوامره (تثنية 33: 10). ولذلك تصدر عنهم مجموعة الأحكام التشريعية، وتحت إشرافهم تم التوسع في التوراة .فالشريعة هي عنصر أساسي في وعد الشعب الإسرائيلي في مجيء المخلص، إذ تُهيئ للإنجيل وتُعد الشعب المختارللتوبة وللإيمان بالله المُخلص. وهذه الشريعة بحسب التقليد المسيحي مقدسة (رومة 7:12) وروحية (رومة 7:14) وصالحة (رومة (7: 16) ….
تنقسم الشريعة : الى اقسام ، الطقسي، و مدني، والقسم الادبي ..
.الشريعة الطقسية : .. . 1-
كانت الشريعة الطقسية ترتبط بصورة خاصة بالعبادة اليهودية سفر” اللاويين ” والهدف الأساسي منها هوالإشارة والتلميح الى سيدنا يسوع المسيح،لان بِتِلْكَ الذَّبائِحِ الَّتي تُقَرَّبُ كُلَّ سَنَةٍ على الدوام ، لن تَجعَلَ الَّذينَ يَتَقَرَّبونَ بها كامِلين” (عبرانيين 10: 1). كما كانت الشريعة الطقسية تختص بالخدمة الكهنوتية وتقديم الذبائح واكمال الطقوس الدينية المطلوبه تنفيذها وفق تطبيقات الشريعة ..خروج 25 و31 : 17 و35 : 40 ، والعدد 1 : -10 و15 و17 -19 و28 – 36 “..
كما نجد الناموس الموسوي في الحقل الطقسي هو مجموعة الشعائر التي دعا موسى إلى أتباعها في التقرب إلى الله في علاقات البشر مع الله. وقد وضعت هذه الشعائر في سيناء أيضا ..وتليت على أسماع الشعب كله، لأنها كانت للشعب كله. وقصد منها تنظيم العبادات والذبائح والتقدمات والمواسم والأعياد والصلوات والصيام والتطهير. وكانت هذه الشعائر الطقسية عرضة للتعديل، حسب تطورات الحياة..
وهذا فرق أساسي بين الجانب الطقسي من الناموس وبين الجانب الأدبي. فالوصايا العشر ثابتة لا تتبدل لأنها صالحة لكل زمان ومكان. أما الطقوس فعرضة للظروف إلى حد بعيد. المسيح ألغى الشعائر، لأن الشعائر لم توضع إلا إشارة لمجيئه (رو6: 14 و15، 7: 4 و6 وغلا3: 13 و24 و25، 5: 8
2- الشريعة المدنية :.
كانت الشريعة المدنية تطبيقا لشريعة الله على الحياة اليومية في اسرائيل (تثنية 24: 10-11)، ولانَّ المجتمع العصري والثقافة الحديثة يختلفان اختلافا جذريا، فلا يمكن تطبيق كل هذه التوجيهات بحرفيتها، ولكن المبادئ وراء هذه الوصايا، هي لكل الأزمنة، ويجب ان تقود سلوكنا وقد تمَّمها يسوع كمثال لنا …..” التفسيرالتطبيقي “…
3- الشريعة الادبية :.
والشريعة الأدبية تختصرها الوصايا العشر ” خر 20 : 13 ” فهي امر مباشر من الله يلزم طاعته طاعة كاملة (خروج 20: 13)، حيث اطاع يسوع المسيح الشريعة الأدبية تماما، وهي التي تعلن طبيعة الله ومشيئته، وهي ما زالت ملزمة حتى اليوم. إن موقف يسوع من الشريعة القديمة واضح. فقد قاوم الشريعة الشفوية ولم يبطل الشريعة المكتوبة بل أكملها ،
ولكن بني إسرائيل، كثيراً ما أسيء فهمها وتطبيقها. وفي أيام الرب يسوع كان الناموسيون والقادة الدينيون قد حولوا الناموس إلى مجموعة من القوانين المربكة. وعندما كان الرب يسوع يتكلم عن طريقة جديدة لفهم شريعة الله، كان، في الحقيقة، يحاول أن يعود بالناس إلى الهدف الأصلي من الشريعة، فهو لم يتكلم ضد الشريعة نفسها، ولكن ضد إساءة فهمها وتطبيقها، وإلى التجاوزات التي أخضعوها لها…..
لذلك قال المسيح في (متى 5: 17 )..
،”.. لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُنقض الناموس أَوِ الأَنْبِياء ما جِئْتُ لأُنقض، بَل لأُكْمِل.
ان هذه الاية بمفرداتها اللاهوتية تعطي معنى لكل مفرده على حدا لذلك سنحدد معنى كل كلمة منها اولا وبعدها نسترسل في اكمال المقرر .تقول ..
لاتظنوا .. بمعنى ان المسيح يقول ،لا تفكروا ، لا تعتقدوا ، لا تتاملوا ، لا تتقرروا، لا تتوقعوا ، ان يحدث ما يمكن ان تذهبوا اليه بتفسيراتكم الشخصية لانها بعيده عن اصل الهدف والغاية التي من اجلها جئت وقررت ، فظنكم ليس بمحله …
اني جئت … بمعنى لا احد ارسلني ولا كلفني ولا امرني ولا طلب مني كبقية الرسل والانبياء بل اني بنفسي قررت بان ات ، وجئت لأ ضع نفسي عنكم ، وليس احد غيري قرر هذا المجئ .
لانقض الشريعة اوالانبياء .. بمعنى لا اختلف ولا ابطل ولا اقرر ولا احكم ولا الغي المقرروالمثبت في الناموس والشريعة من اجلي..
ما جئت لانقض .. بمعنى لم ات لأغير او ابدل ما هو معروفا لديكم بالناموس الشريعة جئت لا ثبت صحة ما ذكر وكتب بشرعكم وكتبكم ….
بل لأكمل .. بمعنى بملء الزمان جئت متجسدا لكي اكمل واحقق ما قيل عن تجسدي وما قيل عن ناسوتي ولاهوتي على لسان الانبياء والناموس والكتب والمزامير، ( العهد القديم ) غلاطية 4 : 4 -7 ” ..
ويكمل متى 5 : 18 فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل “. يؤكد هنا بانه سيكمل كل ما قيل عنه وينفذه ، واحقق الحق بما جاء وذكر ، لذلك قال من منكم يبكتني على خطية يو 8 : 46 ” .وهو على الصليب فلما اخذ الخل قال قد ” أكمل ” ونكس راسه واسلم الروح ” .. بمعنى لم يبقى شئ اخر يستحق ان ابقى من اجله ، لاني قدمتم لكم على الصليب كل شئ وثمن خطاياكم لكي تنالوا البر …
لان كل ما تنبأ به أنبياء العهد القديم تنبأ بالروح القدس وأعلنوا عن كل تفاصيل أيام حياة المسيح على الأرض تجسده، من الحبل به وميلاده من العذراء إلى صلبه وموته بالجسد وقيامته وصعوده إلى السماء، ومن أهم ما تنبأوا به أيضاً هو وجوده السابق للتجسد وكونه الرب “آدون” و “يهوه” والخالق والإله القدير “إيل” وحكمة الله الذى به خلق العالم، والقديم الأزلى الذى لا بداية له ،..
فعندما كان يقول لسائليه واما انا اقول كان من مركز قوة وصاحب سلطان وحق ليصحح المفاهيم الخاطئ عن الحياة عموما فدخل لعمق منبع الخطيه في نظرة العين وشهوت القلب وطهر الانسان من الداخل واعطاه وصايا تكميليه يرتفع عن مستوي الناموس فارفع ما كان لزاما ان تكون عليه الشريعة بسبب وجوده فيها فكملها ، بمبدى المحبة ” رومية 13 : 8 لان من احب غيره فقد اكمل الناموس “.. و13 : 10 المحبة لاتصنع شرا للقريب ، فالمحبة هي تكمل الناموس “..
“لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ النَّعَمْ وَفِيهِ الآمِينُ، لِمَجْدِ اللهِ، بِوَاسِطَتِنَا” (كورنثوس الثانية 1: 20 ) ..
فمجئ المسيح وموته وقيامته كمل كل ما قيل عنه ، وبهذا أكمل تماماً عهد الأعمال.لنعيش به وفيه عهد النعمة ” أ ذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا : كونثيوس الثانية 5 : 17 “……….. امين
بقلم: يعكوب ابونا