لا تخافوا …ها انا معكم الى انقضاء الدهر”* هل هو دعم نفسي لنا أم تحذير ..كيف عالج الكتاب المقدس الخوف.

رصد الظواهر النفسية التي غالبا ما يكون ومصدرها المجتمع قد يصعب على الكثير منا تمييزها أو تحديد مجموعة المفاهيم لها كالخوف والقلق والانكار والتبرير وذلك لقربها من بعضها في السلوك، وهذ يشكل عائقا رئيسيا في فهم وتغيير السلوكيات المؤدية اليها، فالخوف هو وجود مشاعر أو أحاسيس مؤلمة تثيرها توقّعات حدث او مواجهة كالمرض أو الفشل أو الموت وأخرى كثير، ويبدأ مع الإنسان منذ الطفولة ويستمر حتى آخر يوم في حياته. نحن نعيش في عالم مليء بكل صور الخوف وأشكاله، وعلينا أن نعترّف بأن كل واحد منا لديه مخاوفه الخاصة به، وواقع أساسي في حياتنا كبشر، وجزء من حقائق الحياة، وهو غير مريح عقليًا ونفسيًا وجسديًا وروحيًا. ويؤثر على الأفراد وعلى علاقتهم مع الآخرين وحتى مع الله، والخوف يعني أيضًا انعدام السلام النفسي الداخلي والحيرة والشعور بالرهبة والاضطراب، وهذه كلها مكونات فرضية لابد ان يكون هناك سلوك معلن لها كي نجدها معنا او مع الاخرين، وقد يكون مسيطر عليها أحيانا.

وتخدم استجابة الخوف غريزة البقاء على قيد الحياة عن طريق توليد الاستجابات السلوكية المناسبة، هذا من جانب والأخر هو كيف نتعرف على مصدره ونعالجه، والخوف في البعض منه متعلم من خلال تجربة أو مشاهدة حادث مؤلم ومخيف فالمرتفعات أو الأماكن المغلقة أو المياه لها تتأثر، كذلك ملاحظته في نفوس الآخرين، وهذا يوحي بأن الخوف مكتسب و يتطور مع الافراد، واليوم نحن في زمن الوباء covid19 الذي يداهم مجتمعاتنا والى اليوم يقف البعض إزاءه بالإنكار والتبرير، اذا ما هو الإنكار “Denial” هو الوجه الأخر للخوف حيث يشمل الأفكار والأفعال والسلوكيات التي تعزز الثقة بأنه لا شيء بحاجة للتغيير في حياتنا وسلوكياتنا، وهذا النوع من الإنكار يمكن أن يتسلل اليه الكذب أحيانا .

بين علماء النفس بأن الإنكار هو بناء نفسي يستخدم لوصف كيفية تعامل الافراد مع الواقع والية الدفاع هي في تبرير السلوكً، اذن الإنكار وسيلة للدفاع ضد الخوف والقلق عندما يوجد الكثير منه، ويطور الافراد اساليب لحماية أنفسهم واحساسهم بالأمان، إزاء تهديد موجود، كأن يكون هذا الوباء خدعة. او انه غير موجودة، وأنها المؤامرة مع معرفتهم بخطورة الموقف الوبائي، وهذا يفسر لنا تقليل اهمية الخطر وان، covid19 هو مجرد انفلونزا لدى البعض. السؤال الذي يمكن طرحه هنا هو لماذا ينكر البعض أو يبررون؟ وللتوضيح فالوباء عند ظهوره لأول مرة، لم تكون هناك معلومات عنه وما هي الاحتياطات التي يحب ان نتخذها والخوف كان هو الأهم وخرجت علينا الحكومات ومؤسسات الرعاية الصحية العالمية ووسائل الاعلام الكل يجتهد بالمزيد من المعلومات رغم تناقضها احيانا وبالإرشاد نحو طرق الحماية الذاتية، ذلك ولد لدينا بعض الشعور بعدم السيطرة على الوباء من خلال انواع السلوكيات التي يم النصح بها، وساهم ذلك بالكثير من الخوف والقلق والتوتر، علما ان هذا الوباء لا يجدي نفعا فيه انكاره كمصدر للتهديد من خلال وجهات النظر خطيرة جدا التي أدت الى ذلك الى تفشي الوباء. أساليب استخدام الافراد للإنكار:

1- إنكار بسيط: وفيه ينكر حقيقة واقعية غير سارة تماما.

2- تقليل: وفيها يعترف بالحقيقة، ولكن يقلل من شأنها، فينكر جديتها أو خطورتها (مزيج من الإنكار والتبرير) وهذا الذي يحدث حاليا مع الوباءcovid19

3- الإسقاط: وفيها يعترف بكلا من الحقيقة وجديتها أو خطورتها، ولكنه ينكر مسؤوليته

وبألقاء اللوم على ما يتداوله الافراد والاعلام عن موضوع الوباء ما يتبع ذلك من اجرأت تحددها السلطات المسؤولة. هذه بعض ما يتم تداوله على المستوى الافراد حاليا وهذا ما يحزن فعلا اذ نجد ان معظم الاصابات هي نتيجة للإنكار والتبرير …. عافانا الله وعافاكم وجميع البشر من هذا الوباء اللعين ……. كيف عالج الكتاب المقدس الخوف: الخوف هو شعور سلبي نحو أمور مختلفة في الحياة هذه حقيقة يطرحها الكتاب المقدس ومنها “وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ،( متى ١٠: ٢٨) فالإنجيل يخبرنا أن الرب يسوع وهو على الجبل- كان يبصر سفينة تلاميذه في وسط البحر مساءً وهي معذبة من الأمواج. أما هو فكان في مناجاة مع الآب من أجل الكنيسة، ثم أتاهم ماشيًا على البحر في الهزيع الرابع من الليل وانتهر البحر والريح فخضع له الجميع وانبهر التلاميذ بعد أن أتاهم صوته: “أنا هو لا تخافوا” (مت14: 27). أنت معنا يا رب فلا نخاف. وأسباب الخوف كما يطرحها الكتاب المقدس: عدم الإيمان وعدم الثقة والثقة بالنفس وبحكمتنا الزمنية أكثر من الله، أو الثقة بأشياء محدودة أكثر من حكمة الله. نخاف لأننا نحب أنفسنا أكثر من الله. ونخاف لأننا نعيش في الحاضر، ولا نفكر بالأبدية نهائيًا. نخاف لأننا خطأة. فقد خاف كل من آدم وحواء وسقوطهما في الخطيَّة. نخاف لأننا نضع اعتبارًا للنّاس ولآرائهم فينا أكثر من موقف الله منا.

الخوف يسرق الفرح من حياتنا ويمنعنا من الاختلاط بالنَّاس. يمنعنا من إنجاز أعمالنا. وقد يقود إلى تصرفات وأعمال طائشة، ولا سيما خشية رفض الاخرين لنا. فنلجأ إلى أسلوب خاص بالطعام، أو الملبس أو نقدم على سلوك مُشين. الخوف يسرق الفرح من حياتنا ويقودنا إلى المرض والموت وهذه أخطر نتيجة نصل اليها. “إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان” (1بط5: 8، 9)، “على الله توكلت فلا أخاف. ماذا يستطيع أن يصنعه بي الإنسان”؟ (مز 56: 11 )، الخوف أنه يجعل حياتنا عذابًا (1يوحنا 18:4)، انهض من الخوف ومارس حياتك بشجاعة وثقة واتكال كلّي على الرَّب الذي لن يخيّب أملك كما نقرأ في (بط :1(13:3) “ثقوا! انا هو، لا تخافوا” “ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر”(مر 50:6)(مت14: 27) (مت28: 20) انها تملأ قلوبنا طمأنينة، فإن الرب يسوع هو معنا كل الأيام وفي كل الظروف. يشعر بنا وبكل ما نعانيه من أجل اسمه، و”لأنه فيما هو قد تألم مجربًا؛ يقدر أن يعين ال مجربين” (عب2: 18)، “فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟ وَلَكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا، بَلْ قَدِّسُوا الرَّب الإِلَهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ.”

لنصلّ للرب ونقول له: يا رب، أنا أعرف أنك تحبني، خلصني من كل خطيَّة ومن كل إثم. واغسلني بدم الرَّب يسوع. وساعدني أن أبدأ من جديد حتى وأنا في عمري الحالي وبوعدك لي، “لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ، الْقَائِلُ لَكَ: لاَ تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ”، (أش ٤١: ١٣)، وبامتلائي بالروح القدس حتى أنال قوة سماوية تطرح الخوف بعيدًا عن حياتي وتملأني بسلام الله الذي يفوق كل عقل وفكر بشري. أشكرك يا رب لأنك تسمع لصلاتي. باسم الرب يسوع. آمين.

د. طلال كيلانو

  • “لأَنَّ الْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَاضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا”(مر 50:6) “وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ.” (مت 28: 20)،”فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلًا: تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا” (مت 14: 27)

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس

الحكمة والشريعة سفر يشوع بن سيراخ 24 : 1 – 32 الحكمة تمدح نفسها وتفتخر …