إن الشعائر الجنائزية ظاهرة عامة عد جميع الشعوب فمنذ ما قبل التاريخ البعيد والإنسان يتمسك بتكريم موتاه يحاول الاتصال بهم ويحفظ العهد القديم جوهر هذه التقاليد العريقة في القدم مظاهر الحداد التي تعبر عن حزن الأحياء مراسيم الدفن القدسية ويعتبر البقاء دون دفن لعنة
قال داود ليوآب ولكل الشعب الذي معه مزقوا ثيابكم وتمنطقوا بالمسوح ونوحوا أمام أبنير ومشى داود الملك وراء النعش صموئيل الثاني 3 / 31 الملك داود أمر يوآب ان ينوح ربما لان القليلين من الناس هم الذين كانوا يعرفون أن يوآب هو الذي ارتكب الجريمة لان داود كان يفكر في تقوية مملكته وسلطته اهم من كل شيء عنده ولا يريد بقيام بمتاعب اخرى كان في ذلك الزمان تمزيق الثياب علامة على شدة الحزن فاجبر الملك داود يوآب على الاشتراك في الحداد بالرغم وكما قلن انه هو الذي فعل الجريمة وقصد داود ان يبين مدى اهتمامه بموت أبنير ومكانته العظيمة لدى داود ولدى الشعب فنهض كل ذي بأس وساروا الليل كله وأخذوا جثة شاول وجثث بنيه عن سور بيت شان وأتوا بها إلى يابيش وأحرقوها هناك وأخذوا عظامهم ودفنوها تحت الطرفاء التي في يابيش وصاموا سبعة أيام صموئيل الاول 31 / 12 و 13 سكان يابيش جلعاد كان الملك شاول قد انقذهم من العمونيين فأرادوا أن يؤدوا له الاكرام ويردوا الدين الاخير وزحف ناحاش العموني على يابيش جلعاد وحاصرها فقال أهل يابيش لناحاش وقع معنا معاهدة فنصبح عبيدا لك فأجابهم حسنا ولكن بشرط أن أقلع العين اليمنى لكل واحد منكم فيصبح ذلك عارا على كل إسرائيل فقال له زعماء يابيش أمهلنا سبعة أيام نبعث فيها رسلا إلى جميع أراضي إسرائيل طالبين النجدة فإن لم يغثنا أحد نذعن لشرطك وعندما وصل رسل يابيش إلى جبعة شاول وأطلعوا الشعب على الأمر علا بكاء الشعب وفيما هم كذلك أقبل شاول من الحقل يقود أمامه البقر فتساءل ما بال الشعب يبكي ؟ فرووا له خبر أهل يابيش فحل عليه روح الله عندما سمع الخبر وثار غضبه وأخذ ثورين قطعهما إلى أجزاء وزعها على كل أرجاء إسرائيل بيد رسل قائلا هكذا يحدث لبقر كل من يتخلف عن الخروج وراء شاول ووراء صموئيل فطغى رعب الرب على قلوبهم والتفوا حول شاول كرجل واحد وأحصاهم شاول في بازق فبلغ عددهم ثلاث مئة ألف فضلا عن ثلاثين ألفا من رجال يهوذا وقالوا للرسل الوافدين أخبروا أهل يابيش أن غدا عند اشتداد حر الشمس يتم خلاصكم وعندما عاد الرسل وأخبروا أهل يابيش عمهم الفرح فقال أهل يابيش للعمونيين غدا نخرج إليكم مستسلمين لتصنعوا بنا ما يطيب لكم وفي صباح اليوم التالي قسم شاول جيشه إلى ثلاث فرق وهجموا على معسكر العمونيين عند الفجر وأعملوا فيهم تقتيلا حتى اشتد حر النهار والذين نجوا منهم تشتتوا حتى لم يبق منهم اثنان معا صموئيل الاول 11 / 1 – 11 كل ذي بأس المقصود كل بطل وأهل حرب اهل يابيش صاموا علامة حزن وسبعة ايام كانت مدة المناحة في هذه الايات تامل الفرق بين آخر قضاة اسرائيل وأول ملك لهم شاول الذي كان يتصف بالتقلب والعصيان والارداة الذاتية لم يكن قلب شاول مع الله بينما كان صموئيل القاضي والنبي يتصف بالثبات والطاعة والرغبة العميقة في عمل ارادة الله وصادقة من نحو الله عندما دعا الله صموئيل فاجابه صموئيل تكلم يا رب لأن عندك سامع لكن عندما دعا الله شاول قال شاول لماذا تحدثني بمثل هذا الكلام كان شاول مكرساً لذاته بينما صموئيل كان مكرساً لله كان موت شاول موتاً لفكرة فلم يعد بنو اسرائيل يعتقدون ان وجود ملك لهم كسائر الأمم يمكن ان يحل مشاكلهم فلم تكن المشكلة الحقيقية هي مشكلة الحكومة بل الملك الشرير شاول حاول ان يرضي الله بلحظات من التدين لكن الروحانية الحقيقية تلتزم الطاعة المستمرة طيلة الحياة واحراق الجثث هذه العادة كانت غريبة في اسرائيل ولم يأمر الرب باحرق الجثث وفي امر الصوم من اجل الاموات وناحوا وبكوا وصاموا إلى المساء على شاول وبوناتأن آبنه وعلى شعب الرب وبيت إسرائيل لأنهم سقطوا بالسيف صموئيل الثاني 1 / 12 تأثر الملك داود ورجاله بشدة لموت شاول وندبوا وناحوا الى المساء مما ينم عن حزنهم الصادق على موت ملكهم وصديقهم يوناثان والجنود الذين سقطوا في ذلك اليوم داود ورجاله بكوا بصوت مسموع وعويلوأقبل كل الشعب ليطعم داود خبزا وكان لا يزال نهار فحلف داود وقال كذا يصنع الله بي وكذا يزيد أن ذقت خبزا أو شيئا آخر قبل أن تغرب الشمس سفر صموئيل الثاني 3 / 35فوصلوا إلى بيدر الشوكة الذي في عبر الأردن وندبوه هناك ندبا عظيما وبليغا جدا وأقام يوسف لأبيه مناحة سبعة أيام سفر التكوين 50 / 10كذلك نرى ونشاهد ونسمع الكثير من العوائل يعتنون بالمقابر من هذه الشواهد من الكتاب المقدسوقام إبراهيم من أمام ميته وكلم بني حث قائلا أنا نزيل ومقيم عندكم أعطوني ملك قبر عندكم فأدفن ميتي من أمام وجهي فأجاب بنو حث إبراهيم قائلين له ألا آسمعنا يا سيدي أنت زعيم لله في وسطنا في أفضل قبورنا أدفن ميتك فليس أحد منا يرفض لك قبره لتدفن فيه ميتك فقام إبراهيم وسجد لأهل البلد أي لبني حث وكلمهم قائلا إن طابت نفوسكم بأن أدفن ميتي من أمام وجهي فاسمعوا لى واسألوا لي عفرون بن صوحر أن يعطيني مغارة المكفيلة التي له في طرف حقله في وسطكم يعطيني إياها بثمنها الكامل لتكون لي ملك قبر وكان عفرون جالسا في وسط بني حث فأجاب عفرون الحثي إبراهيم على مسامع بني حث أمام كل من دخل باب مدينته قائلا لا يا سيدي اسمع لي الحقل قد وهبته لك والمغارة التي فيه أيضا وهبتها لك مني على مشهد بني قومي وهبتها لك إدفن ميتك فسجد إبراهيم أمام أهل البلد وكلم عفرون على مسامعهم قائلا أسألك أن تسمع لي أعطيك ثمن الحقل فخذه مني فأدفن ميتي هناك فأجاب عفرون إبراهيم وقال له يا سيدي اسمع لي أرض تساوي أربع مئة مثقال فضة ما عسى أن تكون بيني وبينك ؟ ادفن فلما سمع إبراهيم ذلك منه وزن له الفضة التي ذكرها على مسامع بني حث أربع مئة مثقال فضة مما هو رائج بين التجار فحقل عفرون الذي في المكفيلة التي تجاه ممرا الحقل والمغارة التي فيه وكل ما فيه من الشجر بجميع حدوده المحيطة به ذلك كله أصبح ملكا لإبراهيم بمشهد بني حث كل من دخل باب مدينته وبعد ذلك دفن إبراهيم سارة امرأته في مغارة حقل المكفيلة تجاه ممرا وهي حبرون في أرض كنعان وأصبح الحقل والمغارة التي فيه لإبراهيم ملك قبر من عند بني حث سفر التكوين 23 / 3 – 20كان الجلوس على الارض من ضمن طقوس الحزن والحداد اما بني حث هم الحثيون وربما جاء بعضهم من موطنهم في شمال فينيقية ليقيموا في حبرون نتيجة عملهم في التجارة كان ابراهيم غريب ونزيل بمعنى اخر ليس من مواطني البلد انما يقيم فيها اقامة مؤقتة ومغارة المكفيلة هي كلمة سامية تعني مضاعفة ان المغارة كانت تتكون من كهفين او مدخلين وهي حالياً توجد وسط مدينة حبرون الخليل وقد دفن فيها سارة وابراهيم ورفقة ويعقوب وليئة ويوسفوأوصاهم يعقوب وقال لهم أنا منضم إلى أجدادي فادفنوني مع آبائي في المغارة التي في حقل عفرون الحثي المغارة التي في حقل المكفيلة بإزاء ممرا في أرض كنعان والتي آشتراها إبراهيم مع الحقل من عفرون الحثي ملك قبر هناك دفن إبراهيم وسارة آمرأته وهناك دفن إسحق ورفقة أمرأته وهناك دفنت ليئة شراء الحقل والمغارة التي فيه كان من بني حث فلما انتهى يعقوب من وصيته لبنيه ضم رجليه على السرير وفاضت روحه وأنضم إلى أجداده سفر التكوين 49 / 29 – 33وصنع ليعقوب بنوه كما أوصاهم فحملوه إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها إبراهيم مع الحقل ملك قبر من عفرون الحثي إزاء ممرا سفر التكوين 50 / 12 و 13وتقديم وجبات الترحيم والتقدمات على مقابر الأموات بالرغم من أنها توضع أمام أفواه مغلقة هي مظهر من مظاهر التقوى العائليةولا يكسرون خبزا في المناحة تعزية لهم عن الميت ولا يسقونهم كأس السلوان عن أب لهم أو أم سفر ارميا 16 / 7في هذه الآية الكلام على الطعام الذي كان يقدم في المآتم ولا يكسرون خبزاً أي لا يقدمون طعاماً كان اعداد الطعام بواسطة اهل الميت يكون نجساً حسب الشريعة لذلك يؤتى به من خارجأفض خبزك على قبور الأبرار ولا تعط الخاطئين سفر طوبيا 4 / 17في هذه الآية ولا تعط الخاطئين هنا يشير طوبيت على ابنه طوبيا بتقديم القرابين للأموات وهو أمر تحرمه الشريعة بل يشير عليه بالتصدق اكراماً لهملم آكل منها في حزني ولا رفعت شيئا حين كنت نجسا ولا أعطيت منها لأجل ميت بل سمعت لصوت الرب إلهي وصنعت بحسب كل ما أمرتني به سفر تثنية الاشتراع 26 / 14في حزني أي في وقت الحداد من أجل ميت وفي نجاسة أي وأنا غير طاهر ولا بد للاعشار بما انها مكرسة لله يجب ان تكون بمنأى عن كل تدنيس فهي رتبة حزن كما ورد فس سفر هوشع 9 / 4 لا يسكبون للرب خمرا ولا تلذ له ذبائحهم بل تكون لهم كخبز النائحين الذي كل من أكل منه يتنجس لأن خبزهم يكون لأنفسهم ولا يدخل بيت الربكان وجود ميت في بيت ينجس الأطعمة المعدة في بيت الميت لا خمراً أي لا يقدرون أن يسكبوا خمراً للرب الذي يصاحب تقديم الذبائح كخبز الحزن هو الخبز الذي ياكلونه وقت الجنازات أو وقت الحزن على الميت حيث أن كل من يمس شيئاً داخل بيت الميت يكون نجساً سبعة أيام من أكله يتنجس كل من يأكل من هذا الخبز يكون نجساً فقال حجاي إذا لمس المتنجس بميت شيئا من هذه أفيتنجس ؟ فأجاب الكهنة وقالوا يتنجس سفر حجاي 2 / 13 المقصود ان انتقال النجاسة من شخص لآخر أسهل جداء من انتقال القداسة يبدو في ذلك الوقت ان النجاسة كانت تفشياً أكثر من القداسة وهذه وجهة نظر طقسيةالخيرات المسكوبة على فم مغلق كالأطعمة الموضوعة على قبر سفر يشوع بن سيراخ 30 / 18ومع ذلك فالوحي منذ القدم يضع حدوداً لهذه العادات المرتبطة عند الشعوب المجاورة بمعتقدات خرافية من هنا كان منع التخديش الطقسي وعلى وجه الخصوص حظر اللجوء إلى أصحاب التوابع والعرافين وكان ذلك بمثابة تجربة خطيرة للشعب الإسرائيلي في عصر الدهر في السحر وعادة استدعاء الأرواح كما يتعاطى عالم اليوم بتحضير الأرواح لا توجد إذن في العهد القديم عبادة الموتى بمعنى الكلمة كما كانت معروفة عند المصريين إن الظلام الذي كان يكتنف حياة ما بعد القبر ساعد بكل تأكيد الإسرائيليين على التحصن منهااعداد الشماس سمير كاكوز