بدر شاكر السياب والبصره اسمان متلاصقان بحب ابدي

بدر شاكر السياب
هو

من المع شعراءالعراق وهو القدوه والمدرسه والرائد في عطائه الادبي
ترك دراسة اللغه العربيه ودرس الانكليزيه بشغف واتقنها

والذي يتصدر طليعة مؤسسي الشعر الحر في الوطن العربي
مع نازك الملائكه واخرين

وتعد قصيدته (هل كان حبا)
اول قصيده في كتابة الشعر الحر

قريحة بدر وموهبته الشعريه الابداعيه
كانت قد تفجرت منذ الصغر
في قريته جيكور الصغيره التابعه لقضاء ابي الخصيب
بالبصره

صورة بدر بالكلمات

كان بدر شابا ضئيلاً، ناحل الجسم، قصير القامة. ذو الملابس الفضفاضة

فقد وصفه الاستاذ الدكتور والناقد المعروف إحسان عباس بقوله انه

شاب نحيل كأنه قصبة، رُكب رأسه المستدير، كأنه حبة الحنظل، على عنقٍ دقيقة تميل إلى الطول، وعلى جانبي الرأس أُذنان كبيرتان، وتحت الجبهة المستعرضة التي تنزل في تحدّب متدرّج أنف كبير يصرفك عن تأمله أو تأمل العينين الصغيرتين العاديتين على جانبيه فم واسع، تبرز الضبة العليا منه ومن فوقها الشفة بروزاً يجعل انطباق الشفتين فوق صفَّي الأسنان كأنه عمل اقتساري وتنظر مرة أخرى إلى هذا الوجه الحنطي، فتدرك أن هناك اضطراباً في التناسب بين الفك السفلي الذي يقف عند الذقن كأنه بقيّة علامة استفهام مبتورة وبين الوجنتين

ولد بدر 1926 لاب يعمل في مساعدة والده في رعاية النخيل

فهوابن فلاح متخصص في رعاية النخيل والتي كانت ثروه اقتصاديه للعراق.

وقد ولد بدر السياب في فتره حرجه من تاريخ العراق السياسي حيث كان تحت سلطة الاحتلال الانكليزي .حيث القت الظروف السياسيه والاجتماعيه بتاثيرها على كاهله في مختلف مراحل حياته.
فاثقلته وعانى منها ما عاناه سواء في السجن والرفض من العمل والطرد والملاحقه من قبل رجال الامن وحتى مغادرة البلد الى منفى اختياري خشية الاعتقال.
وكانت هذه الظروف مؤثره جدا في بناء شخصيته وانتاجه
الادبي ومعرفته.

فرغم ان علاقاته العاطفيه تنوعت ما بين حب المراهقه مع الراعيه هاله الى لبيبه التي كبرته بثلاث سنوات ودرست معه في دار المعلمين العاليه ببغداد(كلية التربيه جامعة بغداد) .ثم احب الشاعره لميعه عباس عماره والتي كانت تصغره بثلاث سنوات ودرست معه في كلية التربيه لكن كانت بمرحله مختلفه وقسم اخر.ثم احب ليلى الممرضه ومن ثم الصحفيه البلجيكيه لوك والتي كانت مهتمه بترجمة قصائده الى الفرنسيه وقد فعلت ذلك حقا.
الا انه لم يجد من تبادله هذا الحب الذي كان يحلم به او يستحقه.
الامر الذي يعود لاسباب متعدده منها ما يخص هيئة السياب وشكله اذ كان يرى نفسه دميما ومنها ما يعود لاسباب ماديه وطبقيه وهو الذي عانى ما عاناه من الفاقه وقلة ذات اليد والشح المادي.
ام ان مشاعر الحب كانت عنده استجدائيه كما في حالة لوك والتي اعترفت له انها تحب شخص اخر. بعد ان انهى بدر الدراسه الابتدائيه في جيكور انتقل الى الدراسه الثانويه في مركز البصره ويعيش مع جدته لامه فدرس في الاعداديه المركزيه بالعشار لاكمال دراسته الثانويه فيها .

في 1941 بدا بدر الانتظام بكتابة الشعر والذي التزم فيه بكتابة الشعرالعروضي ومواضيعه الكلاسيكيه وهو الذي تاثر كثيرا بالشاعر ابي تمام.
قبل ان يشهد شعره الثوره على الكلاسيكيه واللحاق بالرومانطيقيه والحداثه والتجديد فيما بعد .

لبدر شاكر السيّاب ديوان في جزءين نشرته دار العودة ببيروت سنة 1971، وجمعت فيه عدة دواوين أو قصائد طويلة صدرت للشاعر في فترات مختلفة: أزهار ذابلة (1947)، وأساطير (1950)، والمومس العمياء (1954)، والأسلحة والأطفال (1955)، وحفّار القبور، وأنشودة المطر (1960)، والمعبد الغريق (1962)، ومنزل الأقنان (1963)، وشناشيل ابنة الجلبي (1964)، وإقبال (1965). ويُذكر للشاعر شعر لم ينشر بعد.ويعد بدر من أخصب الشعراء، ومن أشدّهم فيضاً شعريّاً، وتقصيّاً للتجربة الحياتيّة، ومن أغناهم تعبيراً عن خلجات النفس ونبضات الوجدان

في عام 1943 التحق بكلية التربيه في بغداد واختار قسم اللغه العربيه وسكن القسم الداخلي.
تعد هذه المرحله التي بزغ فيها نجم السياب الشعري والابداعي كذلك ظهرت ميوله اليساريه
المعاديه للراسماليه.
ووقع في هذه الكليه في شراك حب مع فتاة من الطبقه البغداديه الغنيه واحبها الا انها لم تكن جاده في علاقتها مع بدر بسبب فرق المكانه الاجتماعيه والماديه بينهما.

يقول بدر بالرغم من نتائجه الجيده والمفرحه والمشجعه من قبل الاساتذه اللذين درسوه وتابعوه في العام الاكاديمي 1944-1945

الا ان السياب ترك قسم اللغه العربيه في كلية التربيه متحولا ال قسم اللغه الانكليزيه اعتقادا منه ان قسم اللغه العربيه لم يقدم له كل ما يريده.
وان عليه البحث عن تجارب ومعرفه ومصادر جديده ينهل منها.
وكان له ما اراد فتعرف على الادباء والشعراء الاجانب الرومانطيقين مثل ورودز ورث وكيتس كذلك تعرف على الكاتب البريطاني
ت.س. اليوت
الذي تاثر به كثيرا وقصيدته
الارض البياب.
استفاد بدر من الدراسه في قسم اللغه الانكليزيه بالعمل
في الترجمه سواء في الصحف او المجلات الادبيه.
استمرت الاوضاع السياسيه بالعراق تؤثر سلبا
على حياة السياب
فبعد ان هددت المعارضه بمقاطعة الانتخابات عام 1952 اجتاحت المظاهرات الكبيره العاصمه بغداد
الامر الذي ادي الى تدخل الجيش لاعادة الامن
وكان بدر ضمن المشاركين في المظاهرات والتي لحقتها حملة اعتقالات كبيره
واعتقل فيها العديد من اصدقاء بدر
فخاف من الاعتقال وهرب للبصره.
وضع بدر لم يستقر بعد ان قضى بعض الوقت في المحمره
(مدينه ايرانيه حدوديه مع العراق)
والتي وصلها بجواز ايراني مزور
حصل عليه بمساعده خاصه وبه سافر الى الكويت
وكان وضعه بالكويت سيئا وكان يستحوذ علية الحنين للعراق وما اصابه
من غريه وفاقه وحاجه ماديه كبيره.
حالته هذه صورها بادق صوره واشجاها في قصيدته
غريب على الخليج
عاد للعراق بعد سنه من التشرد
وحياة اللجؤ الصعبه.
في عام 1955 تزوج من سيده من اقاربه
هي اقبال طه العبد الكريم.
هذا الزواج الذي لم يحقق كثيرا مما توقعه وتمناه.
وكان ينصح الاخرين بعد سنوات من زواجه
قائلا: نصيحتي لكم اذا ما ردتم الاقدام على الزواج ان تكون رفيقة
حياتك ذات ميل هو نفس او قريب لميولك على الاقل.
لكي تفهم مشاعرك وتشاركك احاسيسك
وان لم تكن كذلك فحاول ان تقربها الى ميولك
او تفتح لها الباب لعالمك المحبب
لكي تفتحه وتدخل اليه.
لطفا يا اخواني لاترتكبوا الخطأ الذي وقعت فيه
انها لم تفهمني ولم تحاول ان تشاركني احساساتي وميولي ومشاعري
انها تعيش في عالم غير العالم الذي اعيشه
لانها تجهل ماهو الانسان البائس الذي يحرق نفسه من اجل الغايه
التي يطمح الى تحقيقها هذا الانسان
الذي يسمونه
الشاعر

بدر لم يكن يكره زوجته رغم الفارق الفكري بينهما
وانعزال عالميهما عن بعض
اذ يذكر بدر اقبال
في قصائده الاخيره ولا سيما قصيدته باسمها واخرى بعنوان وصيه.

بعد اشهر من زواجه اصدر ترجماته الشعريه لمجموعه من الشعراء
من لغات مختلفه عن العربيه والانكليزيه في كتاب بعنوان
قصائد مختاره من الشعر العالمي الحديث
ظروف بدر لم تتحسن كثيرا وراتبه اثنتان وعشرون دينارا ونصف كان ذلك سنة 1956
وهو مبلغ لا يكفي لعائله مكونه من زوج وزوجه وطفله
وينتظر مولودا جديدا اضافة الى اعالة والده الذي كان يلاحقه طلبا الى مساعده خشية الفقر والجوع الذي عاناعهما وذاق مرارتهما وخوفا على اسرته من مصير يخشاه.
الظروف السياسيه التي كانت تسمح للصحف الحكوميه فقط بالعمل على نشر مطبوعاتها لذا اضطر بدر الى العمل اضافيا في جريده حكوميه الامر الذي جعله يبقى بعيدا عن الوقوع في تناقض مع اراءه السياسيه المعاديه لتبعية الحكومه العراقيه للغرب.
عمل بدر في كتابة مقالات في احدى الصحف الحليه بعنوان
كنت شيوعيا
والتي تم نشرها 1959 .
لم يتوقف بدر عن كتابة الشعر في المرحله السابقه بل كانت مرحله فياضه بالشعر وفاز ديوانه
انشودة المطر
في مسابقه شعريه اقامتها مجلة
شعر
والذي نشر ديوانه في المجله لاحقا

المرحله الاخيره من حياته وبالاخص السنوات الثلاثه الاخيره كانت
من السنوات الصعبه والتعيسه اذ

كانت اعراض الشلل واضحه عليه وصارت حركته صعبه.
وبعد فحوصات طبيه دقيقه في بيروت ولندن وباريس اثبت ان لديه مرض خطير في جهازه العصبي
ولم تنجح المحاولات المتعدده لشفائه وزامن هذا الوضع الصحي والذي يزداد سوءا يوما بعد يوم
وان حالته والماديه وتفكيره بزوجته واطفاله الثلاثه مع الفاقه وقلة المال
ووصل الحال الى اقصى درجات
السؤ عام 1964
حيث انتهت المده المسموح في قانون الاجازات المرضيه لموظفي الدوله
بدات بعدها اجازه لمدة 180 يوم بدون راتب
وبترتيب من قبل صديق له.
سافر بدر مرة ثانيه للكويت في تموز 1964
وهو في حالة صحيه مترديه وخطره اعجزته عن الحركه وصل الكويت مرضا لا لاجئا هاربا من الحكومه
وبقي في المستشفى حتى وفاته في كانون الاول 1964
فابلغ صديقه عائلة السياب بالبصره
بالوفاة لهذا الاديب والشاعر
ونقل جثمانه الى البصره وصلي عليه
في جامع الحسن البصري
بالزبير بحضور اهله وجيرانه.

كان السيّاب يجيد اللغة الإنجليزية ولذا ساهم مساهمة فعّالة في ترجمة الكثير من الأعمال العالمية لأدباء العالم، وممن ترجم لهم السيّاب الإسباني فدريكو جارسيا لوركا والأمريكي عزرا باوند والهندي طاغور والتركي ناظم حكمت والإيطالي أرتورو جيوفاني والبريطانيان ت. س. إليوت وإديث سيتويل ومن تشيلي بابلو نيرودا.
وقد أصدر السيّاب مجموعة ترجماته لأول مرة عام 1955 في كتاب أسماه: (قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث).
وهذا نموذج من ترجماته، ففى ترجمته الرائعة لقصيدة «الوطن» من للشاعرة البلجيكية إميلى كامير يقول السياب: «إنه صوت بذاتهِ: صوت جرس في برج بعيد، وهو ضوء الشمس على الغبراء بين الشجر، أو غبّ ديمة من المطر، وهو سقف بذاته، تحت سماء بالذات، وأريج ممشى في شاعر بالذات، وحدورٍ تجثو لديه مزرعةٌ، وإحساسك بالعشب تحت الأقدام، وأريج ممشى في شارع بالذات، ونظرة خاطفة، واهتزاز يد بيضاء: شيء من الماضي، يعيا على الفهم من سرعته، هو ما تُحسّ به وتعجز أن تقول، حتى إذا غنّيت، وخير ما يقال فيه: إنه كلّ هذه الأشياء، هو ما تذوق وما تراه، هو ما تتنفس وتسمع، التبغ والجبنة والرغيف، وأوراق شجر زاهية، وزفيف ريح، والمشاهد المألوفة والأصوات، ومائدة في لقاء: هو ما تُحسّ وتعجز أن تقول، حتى إذا غنيت، وخير ما يقال فيه إنه كل هذه الأشياء. هو غبطة البدن ونعماه وخفق القلب للأطفال، تحملهم على الصدور، وهو رائحة الطريق، وهو طعم الأغنية، هو الحلم، وتباريح الثواء.

بقلم : د.خالد اندريا عيسى

عن د خالد عيسى

شاهد أيضاً

قصيدة بمناسبة تذكار القديس مار توما الرسول

  تحتفل بطريركية بابل الكلدانية في العراق والعالم بعيد وتذكار شفيعها القديس مار توما الرسول …