بداية لايمكن ان نفهم معنى ميلاد يسوع المسيح ، بمعزل عن فهم مقاصد الله وطبيعة شخصه ، وان نفهم طبيعة الانسان وحاجته للخلاص .. فالتجسد حدث تاريخية يشكل حقيقة العقيدة الاهوتية للمسيحيين جميعــا ..
يقول انجيل يوحنا : 1-3 فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله ، هذا كان في البدء عند الله ، كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان “..
نلاحظ القول … كان الكلمة ، ولم يقل كانت الكلمة ، لان المقصود بالمخاطب هو مذكر وليس مؤنث ، والمذكر هنا هو يسوع المسيح ، لان يوحنا في 1 :14 يقول ” والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيده من الاب مملوء نعمة وحقا “. …
نسائل من كان مع يوحنا وبين التلاميذ ومن حل بينهم ومن كان الذي رأوه ؟ الم يكن هو يسوع بينهم ومعهم ، ؟ فيسوع هو الكلمة ؟؟ وكون الكلمة الله ،؟؟ فيسوع المسيح اذا هو المقصود كونه كلمة هو الله ؟؟ يقول الرسول بولس يرسالته الاولى الى تيموثاوس 3 : 16
وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.
نفهم من النص بان الله ظهر في الجسد ، كيف ظهر باجسد طبعا من خلال الولادة من العذراء مريم …
يذكر انجيل لوقا ( 1 : 26 _ 38 )…
أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا
ناصرة إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ.
فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ».
فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!»
فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.
وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ.
هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»
، قَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟»
فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ “.. ..
يقول المولود منك يدعى ابن الله ،، فمن ولد العذراء مريم ولد ابن الله بشكل بشر ، انسان كامل وهو الله كامل ،، ويعطينا الرسول بولس الصورة الكامله لعميلة التجسد وكيف تمت ، يقول في رسالته الى اهل فيلبي 2 : 6 الذي اذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله .
7 لكنه اخلى نفسه، اخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس.
8واذ وجد في الهيئة كانسان، وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب ،”
.. فحقيقة التجسد تكتمل بشخص الرب يسوع المسيح هو ( الله المتجسد ) ..
ففي انجيل متي الاصحاح 16 : 13 يسائل يسوع تلاميذه من يقول الناس اني انا ابن الانسان ،” المسيح يشير الى انسانيته التي كان بها معروفا لدى الناس كانسان ويتعامل مع محيطة الانساني ومجتمعه بانسانيته الكامله هذه ، لانه الناسوت الظاهرا ومعروفا للعيان…
لذلك نجد تلاميذه يجيبونه على سؤاله هذا فقالوا ان ، الناس يقولون انت يوحنا المعمدان واخرون ايليا اوايرميا ……الخ ، بمعنى ان مجتمعه والمحاطين به كانوا يعتقدون انه احد الانبياء من الذين ارسله الله ، او هواحد الانبياء القدامه ، وهذ كان رائ تلاميذه ايضا … ولكن يسوع اراد ان يبين لتلاميذه ليعرفوا حقيقة من هو ، بعد ان عرفوه كانسان ، لذلك بدل سؤاله وقال لهم وانتم من تقولون اني انــــــــا ؟؟ ،
فانبرى بطرس وقال له انت هو المسيح ابن الله الحي ، ” متي.. 16 : 20 حينئذ اوصى تلاميذه ان لا يقولون انه يسوع المسيح “.. لانهم عرفوا هويته الحقيقية بانه الله المتجسد بشخص ابن الانسان ، الذي ترونه هو الناسوت ، والذي لا ترونه هو اللاهوت ،….
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تجسد الرب يسوع المسيح ..؟؟
يتحدث الكتاب المقدس عن خلق الله لإنسان ” اذ على صورته خلقه ” تك 1 : 27 وجعله خليفة له فى الارض ، ومنحه سلطانا على اعمال يديه ، وغرس له جنة في شرق عدن ، فيها كل شجرة شهية للنظر وجيده للاكل ، ولكن حذره من ان ياكل من شجرة واحده فقط هي شجرة معرفة الخير والشر ، وقال له يوم تاكل منها موتا تموت ..ولكن ادم بكامل حريته اختار طريق الموت ،فاكل من شجرة معرفة الخير والشر، متعديا على قانون الله ومتمردا على امره (يوحنا الأولى 4:3) و(تثنية 7:9؛ يشوع 18:1) ،…
بهذا التمرد على الله ، اصبح ادم خاطئا امام الله لانه تعدى على امره ، ” رومية 5 : 12-21 ” وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطا الجميع “…. ولسبب كوننا نحن من نسل ادم فقد توارثنا عنه الخطية وكسبنا طبيعتنا الخاطئة ، وقد رثي الملك داوود طبيعة البشرالساقطة في مزمور 5:51 “هأنذا بالأثم صورت، وبالخطية حبلت بي أمي “..
كان الله قد حذر ادم من الاكل من شجرة معرفة الخير والشر ، وقاله له بالنص ان اكلت منها موتا تموت ؟؟؟. ولكن ادم ابتعد وانفصل عن الله لانه اخطأ بحق الله ، فتحقق عليه الموت ، وفقْد القدرة على أن يصنع البر ويحقق خلاصه بنفسه ، رو3 : 10 و23 ” اذا اعمال الانسان مهما عمل وصنع لا يمكنة ان تخلصه ،”..
ولكن الله بسبب محبته للانسان الذي خلقه وهو عالم قبل ان يخلقه بانه سوف يخطى ، فاعد الله له خطة الخلاص من الموت ،بهذه الخطة كشف الله عن بعض أسراره. وهذا ما يسمى فى الكتاب بالإعلان الإلهى الفائق للطبيعة،.. فكان قد اعد من يستطيع ان يدفع ثمن خطية ادم وخطايانا ، ويكون الوسيط بيننا وبين الله ، ان يرضي الله ويعفي الانسان من خطيته بدفع ثمنها ، ” لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية ” يوحنا 3 : 16 ” …..
فكان غرض الميلاد ان ياتي ابن الله ويقدم نفسه ذبيحة كاملة وبلا عيب من اجلنا نحن البشر ومن اجل خلاصنا ، (كورنثوس الأولى 15: 3؛) و( كولوسي 1: 22؛) وعبرانيين 10: 10). لموته على الصليب قيمة أبدية غير محدودة. كفارة كافية لخطايانا ولجميع العالم (يوحنا الأولى 2: 2). وبقيامته من بين الأموات ، اصبح الخلاص بذلك متاحاً للجميع ، فميلاد المسيح هو من اجل خلاص البشر من خطاياهم لانه دفع ثمن خطايانا بدمه على الصليب ،
يذكر الرسول بولس في رسالة رومية 5 : 17 – 19 ” لانه إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ
. لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا “.. .
المسيح دفع ثمن خطايانا وبدمه بررنا ، ماذا نحن ان نكون عليه تجاه المسيح ؟؟
نحن مدعوون لفرح الميلاد ؟؟ كما فرحوا الرعاة الذين دعاهم الملاك ليفرحوا لهذا الميلاد ، وناتي اليه ، كما جاء الفرس من الشرق لكي يفرحوا بلقاءه وقدموا له هداياهم.. متي : 10 – 12 “..
ماذا علينا نحن نقدم ليسوع المسيح بعد ان قدم هو لنا كل شئ ؟؟
لنمجد رب المجد ونحني رؤوسنا امامه ونقدم انفسنا وقلوبنا وحياتنا ليمتلك عليها، و لينعم علينا بنعمته ويباركنا ويحمينا من كل شر وشبه شر ، وان تكون هذه السنه سنة نعمة وبركه ، ..
ولكي نعرف معنى الميلاد علينا ان نعيشه ميلادا حقيقا ونعمل مشيئة الرب يسوع المسيح كما دعانا لنكون ابناء الله …..
عندما ينمحي البغض وتموت روح الانتقام نكون في الميلاد ..
وان نحب بعضا بعضا ونسامح المسيئون علينا نكون في الميلاد …..
وعندما تدفن الحرب وتزهر الارض ويعم السلام نكون في الميلاد
وان نساعد فقيرا او محتاجا ونكسو عريانا نكون في الميلاد ، ..
وعندما تموت فينا روح الانتقام نكون في الميلاد ، …
ان نكفف الدمع في العيون نكون في الميلاد ،…
وان نفرش القلوب بالرجاء نكون في الميلاد ….
وان احببنا اعدائنا نكون في الميلاد ،…..
وان باركنا لاعنيننا نكون في الميلاد ،….
وان نحسن لمبغضينا نكون في الميلاد ،….
وان صلينا للذين يسيئون الينا نكون في الميلاد ،..
وعندما تذوب النفس فيك يا الله نكون في الميلاد ..
هكذا علمنا الرب يسوع المسيح وهكذا يجب ان نكون بحسب مشيئته ورغبته ، والا اي اجراً لكم ان احببتم الذين يحبونكم ، وكرهتم الذين يكرهونكم ، ؟ وان سلمتم على اخوتكم ومعارفكم واصدقائكم فقط ، وتركتم غيرهم فاي فضل تصنعونه ، اليس الاشرار ايضا يفعلون هكذا … امين والرب يبارككم ….
وكل عــــــــام وأنتـــــــــــم بألــــــف خـيـــــــر……
بقلم : المحامي يعكوب ابونا