هل نزل المسيح حقــــــــــا الى الهاوية ( جهنم – جحيم ) ؟

ذهب البعض الى تفسير بعض الايات الكتابية الى ان المسيح نزل الى الهاوية ( جهنم او جحيم )….. ؟؟

اولا- لنتعرف على جهنم ومن اين جاءت هذه التسمية ؟ جاء في موسوعة الكتاب المقدس ، كان بالجانب الجنوبي من اورشليم ، وادي عميق اسمه ” وادي جي بني هنوم ” ” او بن هيوم ” ، كان هذا الوادي مركزا لعبادة الوثن ” مولك ” الذي كانوا يقدمون أولادهم طعامًا للنار كمحرقات ، ولكن الملك يوشيا نجس هذه الممارسات لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لمولك سفر” (2 مل 23 : 10 )…

فاصبح الوادي بعدها مزبلة ( مكب ) لنفايات اورشليم بالاضافة الى جثث الحيوانات النافقه وجثث المجرمين والمتسولين ، وجثث المصابين بامراض معدية ، وكانت هذه النفايات تقاد النيران فيها ويتصاعد منه الدخان والروائح الكريهه تنبعث منه ، والديدان المنتشرة على تلك الأرض، ولكون جثث المجرمين والمتسولين غير طاهرة حسب الطقس اليهودي ، ،فاحتقر اليهود المكان اذ صار رمزا شبيها لمكان دينونة الله للهلاك الابدي ،..

من هنا جاءت تسمية جهنم تيمنا بوادي ” جي بن هنوم “… ورد اسم جهنم كثيرا في العهد الجديد ، نذكر بعض الايات منها على سبيل المثال وليس الحصر ، في انجيل متي 5 : 22 .. ومن قال يااحمق يكون مستوجب نار جهم ” وفي 5 : 30 لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقي جسدك كله في جهنم ” وكذلك في” .10 : 28 الذي يقدر يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم ”

وفي انجيل مرقس 9: 43 و45 و47 و ان اعثرتك يدك فاقطعها خير لك ان تدخل الحياة أقطع من ان تكون لك يدان و تمضي إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ وفي لوقا 12: 5 بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا ، وفي أعمال الرسل ( 2 : 27″ لانك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا ” …

لاحظنا استعمال كلمة او مصطلح جهنم واحيانا جحيم ، اوالهاوية ، في العهد الجديد لانها تشير الى ذات المعنى والهدف واحد بنظر الله للدينونه الاخيرة مكان العذاب الابدي ، واما العهد القديم يحدثنا عن الحياة الثانية ، يقول بان النفس خالدة بعد موت الجسد ، تسكن في ( شيئول ) وهي كلمة عبرية مستخدمة لديهم لوصف عالم الأموات التي تعني ببساطة مكان الموتى او المكان تسكنه الارواح ، يقابلها باليونانية كلمة ( هادس – التي يشير اليها افلاطون بانها سكنى الارواح بكتابه نظرية المثل ) وترجمة الى العربية الى ” الهاوية”، لتشير إلى “مكان الموتي”. اذا شيئول ، وهادس ، والهاوية ، وجهنم ، والجحيم دلالات لتسمية واحدة تدل الى ذات المعنى وهو سكنه الارواح ، ..
ولقد وردت كلمة الهاوية خمسا وستين مرة في العهد القديم ، ناخذ بعض الايات على سبيل المثال وليس الحصر التي أستعملها الكتاب .من الجانب الوصفي للهاوية ..
من سفرالتكوين 37 : 35″ مزق يعقوب ثيابه ، ..فابى ان يتعزى وقال إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية. وبكى عليه أبوه وفي اشعيا 14 : 9 الهاوية مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ، لاسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ، مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ، جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ ” 14 : 11 أهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ.وكذلك
و جاء في ايوب 26 :6 الهاوية عريانه قدامه والملاك ليس له غطاء “..

ولكن نجد جانب اخر للهاوية كما في سفر العدد 16 :23 و31عندما يتحدث عن خروج البعض عن وصايا الله وكسر اوامره ، يقول ” فكلم الرب موسى قائلا كلم الجماعة قائلا اطلعوا من حوالي مسكن قورح وداثان وابيرام ،”.. فلما فرغ ” موسى ” من التكلم بكل هذا الكلام انشقت الارض التي تحتهم “…و فتحت الارض فاها و ابتلعتهم و بيوتهم و كل من كان لقورح مع كل الاموال ، فنزلوا هم و كل ما كان لهم احياء الى الهاويـــــــــة وانطبقت عليهم الارض فبادوا من بين الجماعة , هنا يجب ان نتسائل هل جمعت الهاوية يعقوب البار مع قورح الخاطئ المدان ؟؟ وهل يمكن ان تكون الهاوية ذاتها مكان تجمع ارواح الابرار والخطاة معا ؟؟

بصريح العيارة هذا السؤال كان المفروض ان يسائله كل مفسر قبل ان يفسر ايات نزول المسيح الى الهاوية ، لكي توضح الصورة عنده ، لان معرفة معنى الكلمات والبعد اللاهوتي للايات يعطينا يقينا وايمانا صادقا بالكتاب المقدس . فعندما نقرأ الكتاب المقدس بايمان متيقن نجد بان الحياة ما بعد الموت لها مسارين مسار للراقدين على رجاء القيامة الى الحياة الابدية ، والمسار الثاني هو للخطاة والى العار الابدي ، وهذا ما يوضحه لنا البشير لوقا في انجيله بان هناك مكانين مختلفين في الهاوية نقرأ ” الاصحاح 16 : 19 -26
19 «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا.
20 وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ،
21 وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ.
22 فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ،
23 فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ،
24 فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبِعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ.
25 فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ.
26 وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا “.. .

هذا يؤكد بشكل واضح وصريح بان الهاوية تتكون من مكانيين في الاعلى مكان وجود ابراهيم والمسكين معه وطبعا معهم يعقوب واسحق وكل الابرار والقديسيين الذين انتقلوا على رجاء القيامه ، والمكان الاخر هو قطعا بالاسفل مكان وجود الغني لاننا نجده يرفع راسه وبتحدث مع ابراهيم . هذا دليل على ان ابراهيم في الاعلى والغني في الاسفل ، اذا ليسوا الاثنان بمستوى واحد من السكنى ، هذا الوصف مطابق لحالة التي يكون عليها الابرار في اعلى الهاويــــــــــــــــــــــــة ، وفي اسفل الهاوية الجحيم – الجهنم هو سكنى الخطاة ، ولكن بينهما هوة عظيمه ،بالرغم من ان احدهما يرى الاخر ويكلمه .

بمعنى انه رغم وجودهما في محل واحد الا انه مقسم وقسمته تتجاوز حد اليقين بان لا يستطيع احد ان يتجاوز الى الاخر . اي ان لكل منهم سكنه حسب دينونته لان أحكام الله عادلة ونهائية لن تتغير ، ولا يمكن العبورمن حالة الى حالة اخرى ولكي نتوصل الى الهدف من هذا المقال وطرح فكرته نرجع الى كذلك انجيل لوقا الاصحاح 23: 42و 43.اذ يخبرنا عن الحوار الذي جرى بين السيد المسيح واللص الذي كان مصلوبا عن يمينه ، و أمن عندما قال ليسوع اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك ” فقال له الرب يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس ،” المسيح يوعده بان ياخذه الى مكان مخصص ومعين هو الفردوس ، اي فردوس قصدها الرب يسوع ؟ واضح من هذا أن الرب استخدم كلمة “فردوس” للدلالة على المكان الذي كانت تذهب إليه أرواح المؤمنين عقب الموت مباشرة، منتظرين القيامة ، لان موتهم كان على رجاء القيامة وبقيامة المسيح من الموت .. يقومون ؟؟.

اكيد كان جسد المسيح في القبر؛ واما روحه ذهبت لتكون مع الابرار في الهاوية في القسم العلوي مع ابراهيم والاخرين ؟ لياخذ الابرار من هناك الى السماء ، اذا الفردوس الذي قصده المسيح بان ياخذ اللص اليه ، هو مكان الابرار والقديسيين ،الذي ذهب اليه المسيح وليس مكان اخر ؟؟… فالمسيح نزل الى هناك وصعد واخذ الابرار والفردوس معه الى السماء كما في افسس 4 : 8 – 10 ”
:8 لِذلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا».
9 وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلًا إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى.
10 اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ
وتاكيدا على ذلك يقول في انجيل يوحنا 20 :17 “قال لها يسوع لا تلمسيني ( يقصد مريم ) لانني لم اصعد بعد الى ابي ” هنا يؤكد لنا بان المسيح لم يصعد السماء بعد ، ولكن ذهب اليهم يسوع وأعلن لهم نصرته على الخطية والموت ,..
يقول الرسول بولس ” ” 2 كو 12 : 2 اختطف هذا الى السماء الثالثة ” .و12 : 4 ” إنه اختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها” ..
ويقول في سفر الرؤيا 2 : 7 ” الرب لملاك كنيسة أفسس: “من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله” (رؤ 2: 7 ) .

الخلاصة نجدها بالدليل الكتابي الذي يعطينا فهما واضحا وصريحا بان الفردوس لم يكن في السماء انذاك ، بل كان في مكان الذي ذهب اليه المسيح مكان سكنى الابرار ، لانه حتى المسكين ذهب الى حضن ابراهيم وليس الى جهنم ؟ فكيف المسيح لا يذهب هناك ؟؟ ذهب اليهم يسوع وأعلن لهم نصرته على الخطية والموت , لانهم كانوا بانتظار رجاء القيامة ،…
ومن الناحية اللاهوتية الموت أستوجب على يسوع المسيح جسديا لان قانون الله هو الموت الجسدي لمن أخطأ. وبما ان طبيعة المسيح اللّاهوتية اخذت طبيعه بشرية وأكسبتها قيمة أدبية لا متناهية, اُعتبر موته معادلاً لموت جميع الذين آمنوا به… “ففي 2ف كورنثيوس 5 : 21 ” لانه جعل الذي لم يعرف خطية ، خطية لاجلنا لنصير نحن برا الله فيــه ” …وقال الرسول بطرس برسالته الاولى 3 : 18 ” فان المسيح أيضًا تألَّم مرَّة واحِدَةً من أجْل الخَطايا، البارُّ من أجل الأثمَةِ، لكي يُقرّبنا إلى اللَّه، مُماتًا في الجسد ولكن مُحيى في الروح. ” …أمين

والرب يبارككم

بقلم : المحامي يعكوب ابونا

عن يعكوب ابونا

شاهد أيضاً

الكنعانيون

سفر تثنية الاشتراع 23 / 13 – 14 وليكن لك خلاء خارج المخيم تخرج إليها …