الفكر نعمه اعطاها الله للبشر لكي يميزه عن باقي الكائنات الحية الاخرى ـ وهذه الميزه تضع الانسان امام مسؤوليته الاخلاقية والروحية ، اولا : ان يعرف الله وثانيا ان يعمل لرضى الله .. يقول النبي أشعياء 43: 7 أن الله خلقنا لمجده “..
اولا – ان معرفة الله : لكي تتجلى باسمى صورها يجب ان يكون مسعى الانسان الى معرفة الله وليس المسعى الى تحقيق الذات . لان امكانيات الانسان محدد ، امام قدرات الله .. لذلك الانسان بحاجة الى مساعدت الله لنيل هذه النعمة ، والرب يساعدنا عندما نحن نلتمس قبوله ورضاه ، ونمد يدنا اليه ، لانه هو دائما قد مد يده الينا ليرفعنا من مستنقع خطايانا وزلاتنا ، فهوعلى الباب يقرع من فتح له يدخل ويتعش معه ،” رؤيا 3 : 20 ” اذا هو بانتظارنا ،.لنمد له يدنا بمحبة ورجاء صالح ، وان لا تكون يدنا فارغه ، بل تكون مملوءة محبة للتوبة ومعززة بالصوم والصلاة والاستقامة لكي ننال قبوله ومغفرته …
كثيرون يقولون اننا نعرف الله ، ونقول كذلك تعرفون من هو رئيس دولتكم ، ولكن هل تعرفونه معرفة شخصية ولديكم علاقة مباشرة معه ؟؟ طبعا قد يكون قلة قليلة يعرفون رئيس الدولة ، ولكن الغالبية ونحن منهم لانعرفه شخصيا ، وهنا يكون الفرق بين ان نعرف الله وبين ان تكون لنا معرفة بالله ـ معرفة الله هي وجود علاقة شخصية ايمانية ، تربط الله بالانسان ليعطيه قوة ومقدرة لمحاربة الشهوات والاهواء الجسدية وينال النعمة بعين الله ويباركه ..
الله قدم لنا كل شئ لنعرفه بالفطره ، فهو خلق الكون وما فيه ، وكل شئ من عمل يديه ،يقول في مزمور 19: 1-4 “اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَماً وَلَيْلٌ إِلَى لَيْلٍ يُبْدِي عِلْماً. لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ. فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ “..
الله قدم لنا بما نعرفه ولكننا عاجزين عن ان نتوصل ال معرفته بدون مساعدته ، لذلك لم يتركنا وحيدين لنسعى لهذه المعرفة بل قدم لنا كما يقول في سفر العبرانيين 1 :
1 – اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ،
2 – كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ،
3 -الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، ” ..
اذا الله كلم البشر على مر التاريخ بالانبياء الذين نذروا انفسهم وتحملوا مشقة ايصال كلمته الى العالم ، لمعرفة الله وعمل وصاياه وان نسلك بالصواب ونتجنب الشرور ، ولكن بعد ان انتهى دورالانبياء وحان الوقت وفي ملئ الزمان كلمنا الله بابنه يسوع المسيح ، الذي تجسد ، ” وحل بيننا ” يوحنا 1 : 14 “…بعد ان اخلى نفسه وظهر بصورة عبد ” فيلبي 2 : 7 ” واطاع حتى الموت موت الصليب ..جاء للعالم والعالم لم يعرفه ، ولكن كان مصرا من ان يبذل نفسه من اجل خلاصنا ، لانه كان مطيعا للاب فنفذ وكمل الفداء على الصليب لننال بدمه بر خلاصنا ….
المسيح قدم لنا الخلاص ، نحن متى نفكر بهذا الخلاص الذي قدمه لنا مجانا ، من على الصليب . لانه تحمل خطايانا وهو بلا خطية ، قالها بكل تحدي لهم مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟” يو 8 : 46 ) ..ولم يستطيع احد منهم ان يذكر له خطية واحده ارتكبها اثناء وجوده على الارض فكان طاهرا نقيا مضحيا بلا مقابل ،
لان ابن الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.” (مت 18: 11
بل اكثر من هذا قالها بكل صارحة ، في انجيل متي 11 : 28 ” تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ
هانَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي مزمزر 51 : 5
اذا الجميع حاملين الخطية منذ ولادتهم لا بل وهم في بطن امهم : لذلك هناك حديث عن رسول الاسلام يقول ، ” ان كل بني ادم عندما يولد يطعنه ( ينخسه ) الشيطان في جنبه الا عيسى ابن مريم وامه ” فقيل وانت يارسول الله فقال حتى انا “.. لا بل اكثر من هذا القران يعطي المسيح مكانه لا يتمتع بها غيره من الانبياء ولا حتى صاحب القران محمد ؟ يقول في سورة مريم 34
ذلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِى فِيهِ يَمْتَرُونَ ” لا حظوا صراحة النص، وكما هو معروف ليس هناك حق الا الله ، ،وعيسى ابن مريم هو قول الحق بمعنى صاحب الحق ، وهذه الميزه لايتمتع بها االله سبحانه وتعالى .. فهو والله واحد لانهما حق ، وهذا الله الذي لاتراه العين ولا نعرفه الا بالروح ، اخلى نفسه واخذ صورة عبد ليكون مثلنا بشرا نراه ونعرفه بالجسد فتجسد.. ساله احد تلاميذه كما في يوحنا 14 : 8و9 ”
قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟
والقران في سورة النساء 171 ” إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ
اختلف اراء مفسري الاسلام في تفسير هذا المقطع من الاية اعلاه ، لا بل يحاولون تفسير المقطع الذي قبله اوبعده وذلك لتشويه القارى المسلم من معرفة حقيقة معنى هذا النص ، اما لجهلهم بمعرفة معنى النص ، اوقصدا لكي لايقولوا حقيقة معنى النص ، ببساطة معنى النص هو : الله : وكلمته : وروحه الله معروف المعنى: والكلمة التي القاها الى مريم هي التي تجسدة في مريم ، والمتجسد فيها هويسوع المسيح ” وهذا يطابق ما جاء في انجيل يوحنا 1 : 14 والكلمة صارجسدا وحل بيننا “. وفي مقدمة انجيل يوحنا 1 : 1-3 في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله ، هذا كان في البدء عند الله ، كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان “…
واما معنى روحه ” ، بمعنى روح القدس ، التي لم يفهمها ولم يستطيع اي من المفسرين الاسلام من تفسيرها ومعرفة معناها ، جهلا ام قصدا ؟؟؟؟ لان الله مقدس ، وكلمته مقدس ، وروحه مقدس ، من هنا نفهم بان النص القراني يبني لحقيقة كتابية مسيحية ايمانيةعقائدية لا خلاف عليها لانها ظاهره بكل وضوح ، والا ليفسروها ما معناها حقيقة وليس مجازا اوتاويلا .. لان النص يقر ويعترف بالله واحد بثلاث اقانيم .. كما ظهرت هذه الاقانيم عند معمودية المسيح على يد يوحنا المعمدان وعندما خرج من الماء ، كما في يوحنا 3 : 16و17
16 فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، 17 وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلًا: « هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».
صوت الاب الله ، والكلمة الابن في الماء ، والروح القدس كحمامه ، الاب والابن والروح القدس ، الله واحد ، ولكن في ثلاث صفات ، المسيح الله المتجسد قدم نفسه لخلاص كل من يؤمن به ، ولم يطلب من احد ان يضحي بنفسه لاجل او يقتل نفسه لاجله او يذبح الاخرين ليرضى عنه ، اللاهنا الله قوة ومقدرة ومحب اللهنا ليس ضعيفا بل محبا قدم نفسه من اجل الاخرين ، ولم يطلب من الاخرين ان يقدموا أنفسهم من اجله ، اللهنا ليس الله متعطش للدم ، بل بالعكس أللهنا قدم دمه من اجلنا ، لان بدمه تبررنا وخلصنا من شرورنا وذنوبنا وخطايانا ، قادنا الى المعرفة لنسلك السبل الصحيحه ، لانه هو الطريق والحق والحياة ، لان به عرفنا الرب اللهنا ، لان قال من يعرفني يعرف الاب ، ومن امن بي وان مات سيحيا ..
في انجيل متي 17 : 5 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا “..
امام رسالة الخلاص التي قدمها لنا يسوع المسيح ، مجانا وبدون مقابل ، فما علينا ان نؤمن به ونثق بقدراته وامكانياته ، لان كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان ” يوحنا 1 : 3 ،” ..
المسيح يعرف معاناتنا والامنا ومشقت احمالنا ،لذلك يدعونا ويطالبنا ان نتقدم اليه ونطلب منه كما هو دعانا ان نحمله اتعابنا والالامنا واثقالنا ليحملها عوض عنا لكي يريحنا من هذه الاثقال والاتعاب ، هل رأيتم او سمعتم بمثل هذا الاله ؟؟ انظروا الى الله غيرنا يقدموا له الرضى والطاعة والتضحية والدفاع عنه وسفك الدماء من اجله ،، لكي يرضى عنهم ويتمع بتضحياتهم ، ؟ اي الله هذا الذي لا يستطيع ان يدافع عن نفسه ؟؟ ليدع ويحرض اتباعه ليدافعوا عنه ؟؟ اي الله ضعيف هذا ؟؟ ايمكن ان يكون هذا الله مستحق العبادة .؟؟؟؟
ببساطة لاحظوا الفرق بين الاهنا والههم ، الهنا يغمونا بمحبته وتضحيته وهو سفك دمه من اجلنا وليس نحن نسفك دمنا من اجله لانه ليس الله متعطش للدماء بل هو الله محبة ، يحمل احمالنا واثقالنا قيقول لنا .في …
انجيل متي 11 : 28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا اريحكم :”..
كل ما يرد الهنا لنا ان يريحنا ويخفر لنا خطايانا وذنوبنا ، ويهيئ لنا خلاصنا الذي اشتراه بدمه على الصليب ..
هذا هو اللهنا اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّأ رئيس .السلام “. اشعيا 9 : 6
امام هذه المعطيات الايمانية والعقائدية التي تقدم لنا الخلاص الا تستحق منا ان نفكر بعقلنا الذي احجموه وحجروه اكثرمن الف سنه ، بدعوه ان العقل والفكر لا يلزمنا بل علينا ان ننقل عنهم ما يملئوه علينا لاننا نحن قاصرين عن التفكير ليس الا؟؟ ما دمنا موجودين لنفكر ان نرضي الله ، ونسير لمعرفته ..والرب يبارككم ويزين عقولكم بمعرفته ..
انه على كل شئ قدير ….امين
بقلم : المحامي يعكوب ابونا