مدرسة شمعون الصفا (1) أن جميع الشباب الكلداني يتذكر ويعتز بأسم مدرسة شمعون الصفا الأبتدائية في الموصل التي قضوا فيها مدة دراستهم الأبتدائية في هذه المدرسة العريقة التي ساهمت في نشر العلم مدة قرن وربع. ورد في مذكرات أحد الأباء الدومينيكان عن المدارس داخل مدينة الموصل كما يلي:
1 – مدرسة أبتدائية للبنين في كنيسة شمعون الصفا يديرها راهبان من دير ربان هرمزد وعدد طلابها 75 – 80.
2 – مدرسة ثانوية في غرفة مجاورة للكنيسة المذكورة يديرها القس جرجس تلميذ بروبغندا وهو فيما بعد جرجيس عبد يشوع خياط الموصلي بطريرك الكلدان.
3 – مدرسة للبنات في بناية مجاورة لكنيسة شمعون الصفا تديرها معلمتان راهبتان عدد طالباتها 60 – 70.
وفي كراسة بمكتبة الأباء (2) ايضاً جاءت بعض التفاصيل عن المدارس المذكور فيها أسم مدرسة شمعون الصفا بتاريخ 31 أذار 1855.
وفي أحصائية عن المدارس بمكتبة الأباء كذلك ورد أسم مدرسة شمعون الصفا وبجانبها عبارة (مدرسة أبتدائية) وتاريخ هذه الأحصائية سنة 1856. أن المدة التي قضاها القس جرجيس (هو البطريرك عبد يشوع خياط فيما بعد) ككاهن في الموصل من 1854 – 1860. فالظاهر أنه سعى بفتح هذه المدرسة بعد عودته من روما سنة 1854. وبعد 1860 لم تعثر على (3) ذكر لأسم المدرسة في الموصل وذلك للقلاقل التي طالت الكلدان بسبب قضية (الملبار) وأثر صدور البراءة بــ (البلة). وفي 1880 فتحت مدرسة شمعون الصفا مجدداً على يد القس يوسف توما الالقوشي سكرتير البطريرك بطرس ايليا عبو اليونان 1878 – 1894 الذي اوعز اليه بفتحها وأدارتها.
مدراء المدرسة:
جاء تقرير كتب سنة 1881 حول مؤسسات التعليم في الموصل (في المدينة مدرسة للبنين للكلدان يديرها كاهن وطني فيها صفان وتضم 33 طالباً منهم 31 كاثوليكيا). وظل القس يوسف توما على أدارة المدرسة الى 1890 حيث سافر الى اوروبا ثم صار مطرانا لسعرد فتسلم الأداراة بعده القس سليمان صباغ الموصلي الى 1897 اذ ارتقى كرسي مطرانية آمد (ديار بكر) فعهد بها الى القس اسطيفان جبري تولاها الى سنة 1902 التي صار فيها مطراناً معاوناً للسيد البطريرك مار يوسف عماوئيل الثاني الذي اودع مقاليدها لكاهن جديد هو القس جبرائيل نعمو الموصلي وفي سنة 1908 أعلنت المشروطية – الحكم الدستوري العثماني – فقدم البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني طلباً للحكومة التركية يجعل مدرسة شمعون الصفا للبنين في الموصل مكتبا اعداديا وبقية المدارس مكاتب رشدية (ابتدائية) فاستحضر أساتذة اخصائيين للدورس الأعدادية ونجحت يومئذ نجاحاً باهرا ليس فقط بالعلوم ولكن بالأهم من ذلك بالديانة وحسن الأخلاق. وكان في نهاية السنة يقام أحتفال شيق بنتائج الأمتحان وتوزيع الجوائز يحضره الولاة وكبار الموظفين الملكيين والعسكريين وهذا كله على نفقة الكنيسة اذ لم تكن الحكومة التركية تمده بالشيئ الكثير او القليل. وخلال الحرب العظمى الأولى كان على أدارتها القس يوسف غنيمة الموصلي.
وبعد أنتهاء الحرب أنيطت بالقس سليمان صائغ الموصلي وذلك الى نهاية العام (4) الدراسي 1920 حيث عاد الى أدارتها القس جبرائيل نعمو حتى 1927 اذ عينت مديرية معارف الموصل لادارة مدرسة شمعون الصفا السيد شكري عبد الاحد خضر وذلك في 1/9/1927 ولبث الى 1/9/1940 نقل الى بعدها الى بغداد وتعين بعده السيد سعيد ججاوي الياموري من 1/9/1940 الى 7/10/1959 حيث أنتقل بعدها الى بغداد هو الأخر فتولى الأدارة بعده السيد اسحق حنا عيسكو الى 1/6/1966 اذ طلب الاحالة على التقاعد فتعين بعده بهنام سليم حبابة مديراً للمدرسة الى 8/9/1972. وفي 8/9/1972 الى 18/9/1975 عين لها بالوكالة بأسم سليم عجاج ومدير المدير المدرسة الحالي هو السيد مؤيد داود توما صلوحة المعين بتاريخ 18/9/1975. افتتحت هذه المدرسة في بداية عهدها في كنيسة شمعون الصفا العريقة ولذا سميت بأسمها (شمعون الصفا هو لقب بطرس الرسول زعيم الحواريين) ثم نقلت الى بيت المطبعة (حيث مدرسة بابل للبنات اليوم).
تجديداتها:
وفي 1921 أنتقلت المدرسة الى بيت (انطوان الصراف) قرب الساعة وكان الدوام هناك الى 1926 حيث عادت الى بناية مدرسة البنات في 10/3/1929 انتقل طلبة مدرسة شمعون الصفا للكلدان الى مدرستهم الجديدة. والمدرسة الجديدة يعني بها الحالية الواقعة في محلة الرابعية والتي كانت خربة تسمى (حوش الجمال) اشترتها الكنيسة من الوزير داود يوسفاني. وأذكر عن بنائها ما جاء في مجلة النجم – العدد الأول في 25/2/1928 بعنوان (بناية شمعون الصفا) ما يلي (5):
(أجتمع نخبة من أفراد الطائفة الكلدانية بالموصل وشكلوا تحت رئاسة سيادة المطران يوسف غنيمة المعاون البطريركي العام لاقامة بناية لمدرسة شمعون الصفا للكلدان وعينوا لها داراً خربة فسيحة تعود للكنيسة وكان بدء هذا التشكيل في أول الصيف المنصرم فسعت هذه اللجنة لانجاز هذا المشروع العام وتوسل أفرادها بما أمكنهم من الوسائل لجمع المساعدات وعقد الأجتماعات وتمثيل رواية ليكون ريعها للمساهمة بتكاليف بناء المدرسة واتت تلك المساعي المشكورة التي قاموا بها في هذه المدة القصيرة بثمار فلم يمضي موسم الصيف الا وكانت قد شيدت العارضتان المهمتان في هذه الدار الفسيحة فأصبحت تلك البناية الفخمة ببنائها الواسع وغرفها الحديثة الطراز كافية للصفوف ضامنة للاحداث المتعلمين صحتهم وراحتهم والأمال المعقودة عليهم على أن تكتمل هذه البناية بعارضيتها الباقيتين في الصيف المقبل). وكان مجمل النفقات لمرحلة البناء الأول قد بلغت (18554) روبية حيث شيدت أربع غرف في الطابق الأرضي مع القاعة (الرهرة) التي شيدت فوقها ثلاث غرف ثم قامت الكنيسة في 1929 بعمارة اروقة في صدر حوش مدرسة شمعون الصفا وبهذا حصلت المدرسة الفخمة على تمام رونقها وبهائها. ومن ثم اضيف الى البناء غرفتان في الطابق الأعلى سنة 1936 وأكتمل بناء اريع غرف وارورقة في الطابق الأعلى في مدرسة شمعون الصفا بلغت نفقاتها 324 ديناراً و 214 فلساً. ونشرت الكنيسة حينه كراساً بأسماء المتبرعين وبتبرعاتهم وأسماء النجارين والبنائين وسائر العمال الذين اشتغلوا مجاناً.
والمدرسة اليوم ذات 16 غرفة فارغة وقاعة (رهرة) مبلطة بالمرمر وسرداب يستعمل كمخزن وفناء المدرسة مبلط بالرخام مساحته نحو 600 متر ومساحة البناء بطابقيه 500م2، ام أرض المدرسة كلها فتبلغ أكثر من 1000 م2. وهي بأسم وقف كنيسة الكلدان بالموصل ومؤجرة بدون بدل لمديرية التربية لمحافظة نينوى منذ أن أصبحت المدرسة حكومية (رسمية) والى الأن. وفي 1965 سعى السيد اسحق عيسكو مدير المدرسة بأكساء سطح المدرسة كله بالسمنت المسلح بمنحة من الأدارة المحلية كما تيسر لكاتب السطور مديرها بهنام سليم حبابة القيام بصبغها كلها خلال العطلة الصيفية 1969 ومعلوم أن المدرسة منذ فتحها كانت طائفية تقوم الكنيسة بتغطية نفقاتها كلها وبعد الأستقلال أصبحت رسمية بأسم شمعون الصفا الأبتدائية للبنين وجرى أبدال أسمها بأسم مدرسة بابل أعتباراً من 1/11/1967.
المستوى العلمي: (6)
ومن حيث المستوى العلمي كانت مدرسة شمعون الصفا منذ فتحها والى 1908 تعلم تلاميذها اللغات: العربية والكلدانية والتركية، ودروس الدين والحساب. اما بعد 1908 فقد اصبحت أعدادية كما مر الكلام وبلغت اوجها خلال الحرب العظمى الأولى وما أجمل ما كتبه القس الفونس شوريز في وصفها وسيرها يومذاك فقال: ما أن فتحت مدرسة شمعون الصفا الا وكان سيل الطلاب يتدفق اليها واذا بالضباط الأتراك يصبحون معلمين فيها واذا بالات الموسيقية تجلب لهم من تركيا وتشكل في المدرسة فرقة موسيقية يرأسها الموسيقار الاصلع (مولود آغا) فتحلق وحيداً نجم مدرسة شمعون الصفا الى أعلى الأعالي تحت أدارة الأب يوسف غنيمة والأب جبرائيل نعمو وعصا الأستاذ نعوم الصائغ يعاونه الأستاذ نعوم صريصر والأستاذ عبد الاحد الالقوشي وقلة الشباب الناهض وظلت الحرب تستعر نارها وظلت مدرسة شمعون الصفا في أزدها على رغم توتر الظروف وأشتداد المجاعة.
فتح (7) أول سجل رسمي للقيد العام سنة 1926 وبلغ عدد التلاميذ المسجلين حتى نهاية عام 1975 هو (4760) تلميذاً وتخرج منها أطباء ومهندسون ومحامون ومدرسون وضباط وكهنة ومطارين ورجال أعمال. المدرسة اليوم أبتدائية كاملة عدد شعبها في السنة الدراسية 75 – 76 عشر شُعب وعدد التلاميذ 454 تلميذاً ويعلمهم مدير ومعاونان و13 معلماً. ومن أبرز من خدموا في هذه المدرسة من البطاركة جرجيس خياط ويوسف عمانوئيل الثاني ويوسف السابع غنيمة أما المطارين فهم سليمان الصباغ واسطيفان جبري وجبرائيل نعمو ويوسف غنيمة وسليمان صائغ والاباء فيلبس شوريز وفرنسيس توماني وعمانوئيل ددي الذي خدم فيها 34 سنة ومن المعلمين نعوم الصائغ وعزيز بطرس وحنا بطرس ورؤوف حداد وعزيز بحو ونعوم صريصر وعزيز سعرتي وبطرس نعامة وجميل شوريز.
اما بعد 1827 فمن أبرز الذين علموا فيها القس الفونس جميل شوريز والسادة كوركيس عواد واسحق عيسكو وعزيز بطرس والياس جرجس زينا وعبد الكريم نبي وحمدي نادر وجميل عبودي قير وخليل عبد الاحد الدوري ومحمود اسماعيل مصطفى وغيرهم. وعمل فيها بعض الكهنة كمحاضرين لدورس الدين وهم يوسف كجة جي وميخائيل عزيزة وبولس بشي وجاك اسحق وجرجيس القس موسى. وقد كانت ولا تزال هذه المدرسة أفضل موضع لاقامة الحفلات وتمثيل المسرحيات. أقيمت فيها الحفلة التأبينية الكبرى للسعيد الذكر البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني في 30 آب 1947 والتي كان خطباؤها أبرز أدباء الموصل الحدباء يومذاك منهم السادة الفاضل خير الدين العمري ومحمود الجومرد وفاضل الصيدلي وذنون الشهاب والقس جرجس قندلا والخوري سليمان الصائغ.
المصادر: (1) بين النهرين العدد 13 سنة 1976 ص48 – بهنام سليم حبابة. (2) نفس المصدر ص48. (3) نفس المصدر ص49. (4) نفس المصدر ص50. (5) نفس المصدر ص50. (6) نفس المصدر ص51. (7) نفس المصدر ص52.
الموسوعة الكلدانية – كتاب تاريخ الكلدان صفحة 158 – 162.
الناشر/ شامل يعقوب المختار