قمة المناخ وبعض الملاحظات حول نتائجه

لابد وان كل منا يشعر بظاهره جديده في ايام حياته هذه هي ظاهرة تغير المناخ التى يجتمع الآن زعماء العالم بمن فيهم كثير من الرؤؤساء العرب . لبحث آثارها الخطيرة على كوكب الأرض، فى قمة المناخ بمدينة كلاسكو الاسكتلنديه فى المملكه المتحده؟ أنا شخصيا أشعر بوضوح كيف يختلف المناخ هذه الأيام…عنه مثلا فى أيام طفولتى وصباى فى الخمسينيات والستينيات في مدينة البصره! كان الصيف شديد الحرارة واقسى رطوبه، بل بدا أطول فى مدته الاعتياديه! عندما أتى الخريف يعده في هذا العام مع شهر سبتمبر افتقدت غيومه وتلطيفه لحدة الحر وانخفاض الرطوبه… وإن أصبح الليل أكثر طراوة واعتدالا ولطفا! ولذلك فإننى الآن أفتقد بشدة فصل الشتاء، سوف أسعد به حتى لو جاء باردا قارصا، مليئا بالغيوم والأمطار. كما أن برد الشتاء يمكننا ان نتحمله ببعض الملابس الثقيلة.

ولكن ماذا نفعل مع حر الصيف اللاهف الشديد الحراره وبدون كهرباء؟

المهم، نعود إلى قمة المناخ التى يجتمع فيها اليوم قادة ومسئولون من كل دول العالم تقريبا، وعددهم أكثر من مائة وتسعين دولة، فى مؤتمر منظمة الأمم المتحدة لتغير المناخ، والذى اصطلح على تسميته بكوب 26. والتى تعنى بالانكليزية القمة السنوية السادسة والعشرين لأطراف مؤتمر التغير المناخى.

فى مؤتمر هذا العام سوف تسعى دول العالم، وفى مقدمتها الدولة المضيفة، بريطانيا، والتى ترأس المؤتمر، للتوصل إلى اتفاقية دولية حول كيفية التعامل مع مشكلة التغير المناخى، كما سيتباحث قادة العالم، ومعهم عشرات الآلاف من المفاوضين والخبراء وممثلى الحكومات ورجال الاعمال، بشأن تلك القضايا لمدة اثنى عشر يوما.

إنه ببساطة ودقه انه واحد من أكبر وأهم المؤتمرات التى شهدها العالم.غير أنه يشار أيضا إلى أهمية مؤتمر المناخ الدولى الذى عقد فى باريس عام 2015 الذى اتفقت فيه دول العالم على العمل معا من أجل الحد من زيادة درجة حرارة الكرة الأرضية بـ درجتين مئويتين أو درجة ونصف الدرجة! تلك كلها أمور مهمة للغاية، ولكن تبقى كلمة أخيرة وهى أننا شعوب الكون الأقل نموا، لم نتسبب إطلاقا فى رفع حرارة الأرض، ولكن تسببت فى ذلك البلدان الكبرى الصناعية، ولكننا للأسف الشديد نعانى وندفع ثمن ما فعلته تلك البلدان الساعيه للمال

أسدل الستار على مؤتمر كلاسكو في اسكتلنده مؤخرا للمناخ وسط حالة من الانقسام بخصوص نتائجه. بينما تضمنت أجندة المفاوضات العديد من الموضوعات، على رأسها موضوعات تمويل المناخ، والتكيف، وكيفية التعامل مع الخسائر والأضرار، ومفاوضات الزراعة، والتقييم العالمى للتقدم المحرز فى تنفيذ اتفاق باريس،نجح المؤتمر فى التوصل إلى اتفاق حول عدد من الموضوعات العالقة التى لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها سابقا، وهى موضوعات معايير وقواعد تفعيل أسواق الكربون فى إطار اتفاق باريس (المادة 6)، والانتهاء من إطار الشفافية (التقارير والإبلاغ)، والتوافق حول المدد الزمنية المشتركة لتقديم التعهدات الوطنية، والاتفاق كذلك على إطلاق مسارين تفاوضيين للتوصل إلى اتفاق حول هدف التمويل الدولى الجديد (ما بعد 2025)، وكذا الاتفاق على الهدف العالمى للتكيف مع آثار تغير المناخ.

من ناحية أخرى، أخفق المؤتمر فى الالتزام بالحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند درجة 1.5 مئوية، مما سيحكم على أكثر من نصف مليار شخص -معظمهم فى جنوب العالم- بعدم كفاية المياه، وعلى مئات الملايين من الناس بالتعرض لموجات الحر الشديدة. وأخفقت الدول الغنية فى تخصيص الأموال لتعويض المجتمعات التى تعانى الخسائر والأضرار نتيجة لتغير المناخ. كما غاب عن نتائج المؤتمر الدعوة إلى الإلغاء التدريجى لاستخدام جميع أنواع الوقود الأحفورى وجميع إمدادات الوقود الأحفورى.

انحازت مخرجات المؤتمر إلى موضوعات خفض الانبعاثات، حيث تم تعزيز الصياغات الخاصة بخفض الانبعاثات فى القرارات المجمعة مقارنة بما تم طرحه فى بداية المؤتمر. وبالرغم من محاولة الرئاسة البريطانية الإيحاء بالتوازن فى المخرجات مع الشق الخاص بالتكيف والتمويل، فإن مضمون النتائج ذاتها يعكس توجها أكثر تشددا من الدول المتقدمة لاتخاذ مزيد من إجراءات التخفيف، بما يسمح للدول المتقدمة اتخاذ إجراءات على الصعيد الوطنى فى هذا المجال، من بينها فرض ضريبة للكربون على الواردات، وتشديد معايير نفاذ الدول النامية للتمويل، بما فى ذلك فى مؤسسات التمويل الدولية.

من الموضوعات المفصلية التى كانت معروضة للنقاش والتفاوض فى قمة كلاسكو، مسألة استخدام الوقود الأحفورى، وخصوصا الفحم الحجرى وغاز الميثان. وتوصل المؤتمرون إلى مسوّدة أولية تنص على تسريع التخلص التدريجى من الفحم الحجري المسمى بالاحفوري، ووقف الدعم لمشاريع الوقود الأحفورى، إلا أن الاعتراضات جعلت الصيغة النهاية للبند المتفق عليه، هى تكثيف الجهود لتقليل استخدام الفحم من دون أنظمة التقاط (لثانى أكسيد الكربون)، وإنهاء الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري.

مع ذلك، لابد من الإقرار بأن تغير الإدارة الأمريكية وتبنيها مواقف متشددة داعمة لتغير المناخ، أسهم فى توجيه أعمال المؤتمر لتكون أكثر تركيزا على خفض الانبعاثات، والدعوة للتخلص من دعم الوقود الأحفورى، والسعى لتحقيق هدف 1.5 درجة، وتعزيز دور أصحاب المصلحة والمرأة والشباب. ومن نتائج المؤتمر أيضا، قدمت عدة دول متقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة واليابان، تعهدات جديدة للتمويل وبصفة خاصة لتمويل جهود التكيف فى الدول النامية، فضلا عن تعهدها بمضاعفة تمويل التكيف خلال السنوات الخمس المقبلة.

الملاحظ أيضا خلال هذا المؤتمر هو سعى وفد الولايات المتحدة مدعوما من الدول الأوروبية إلى التخلص التدريجى من سلطة ومرجعية الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ من خلال نقل اختصاصات الاتفاقية الإطارية إلى اتفاق باريس، وتأكيد سلطة اتفاق باريس على مختلف الآليات التى تقع تحت إطار الاتفاقية الإطارية وبروتوكول كيوتو، بما فى ذلك تقييم ومراجعة فاعلية اللجان المنشأة من الاتفاقية الإطارية (لجنة التمويل ولجنة التكيف ولجنة التكنولوجيا وصندوق التكيف وآلية التمويل). وتهدف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، من خلال هذا التوجه، القضاء التام على أى تفرقة مؤسسية وقانونية بين الدول المتقدمة والنامية، حيث تنص الاتفاقية الإطارية على فصل واضح بين هاتين الفئتين من الدول، فى حين لا توجد مثل هذه التفرقة الواضحة فى المهام والمسئوليات فى اتفاق باريس. الا ان هذا التوجه لاقى معارضة تامة من الدول النامية التى تمسكت باستمرار الفصل بين مسئوليات الاتفاقية الإطارية واتفاق باريس، والالتزام بالسلطة الواضحة للاتفاقية الإطارية على مراجعة فاعلية وعضوية ومهام تلك اللجان، مع القبول بمساهمات من الدول الأعضاء فى اتفاق باريس فى عملية المراجعة. ومع عدم الحسم فى هذه النقطة، فقد تم نقلها إلى المؤتمر المقبل فى شرم الشيخ، حيث من المتوقع انه سيشهد التركيز بشكل أكبر على مصالح الدول النامية.

بقلم: الدكتور خالد اندريا عيسى

عن د خالد عيسى

شاهد أيضاً

عام جديد، فرصة جديدة لك للتوبه

دعونا في عام جديد لا نضيّع هذه الفرصة فالرب دائما ينتظرنا متشوقا لسماع صوتنا فلنندم …