في كل مرحلة من مراحل حياة الناس أدمان على شيئ يكون وقتي ودائمي، وبأنواعه الروحي، النفسي، المعنوي والمادي. فتجربة الشئ لمرة واحدة أو أكثر سواء من تلقاء انفسنا أو بتأثير من الأخرين المحيطين بنا من قريب أو بعيد أو من المجتمع، أو من خلال وسائل الأعلام بأنواعها، وبعد الأدمان على الشيئ تصبح عادة مستديمة يصعب الاقلاع أوالتوقف عنها.
دائماً عندما نقرأ أو نسمع كلمة مدمن، يتحول فكرنا الى الأعمال السلبية ومنها (المخدارت، الحشيشة، التدخين، المشروبات الكحولية، لعب القمار، وحتى الأدمان على تناول الطعام بشراها مفرطة التي تؤدي الى السمنة وتؤثر على الجهاز الهضمي والجسم بشكل عام، وغيرها من حالات الأدمان الأخرى). وهذه الحالات التي ذكرنها كلها مضرة روحياً ونفسياً وجسدياً ومالياً. وأسباب الأدمان كثيرة تجعل المدمن يدمن عليها. وهل يمكن للأنسان أن يتخلص من أدمانه السلبي، وكيف يبحث على أدمانه الأيجابي بأنتظام في حياته المستقبلية؟
قد يعاني البعض من الفراغ العملي بأن لا يجد له عمل أو متقاعد وكبير بالسن، والفكري والثقافي، فهو لا يهتم بالمعرفة والثقافة العامة من خلال القراءة والمطالعة أو الفرغ الفني من خلال سماع الموسيقى أو التعلم على عزف أحدى الآلات الموسيقية أو الأنشغال بتعلم فنون الرسم والنحت والفنون الأخرى أو الفراغ الروح والأيماني لبناء علاقة حقيقية مع اللـه أو الفراغ العائلي حيث لا يشعر بمحبة أسرته وقد يعتقد أنه غير مرغوب ومحبوب ومحترم بين عائلته، الأمر الذي ينعكس عليه سلبياً ويشعر باليأس والممل والأنطواء على نفسه، فيسير بلا هدف ولا معنى لحياته فيبحث عن وسائل للهروب من هذا الواقع والحالة التي يمر بها للتخفيف من مشاعر الوحدة والأكتئاب.
بدلاً من أن يبحث عن الأدمان الأيجابي يسلك الأدمان السلبي من خلال الأدمان على الكحول والتدخين وقضاء وقت طويل بممارسة الألعاب الكترونية وبعضها تكون أيضاً سلبية النوع التي في محتوها العنف والأجرام والقتل والجنس، أو الجلوس ساعات طويلة نهاراً وليلاً أمام طاولات القمار مع أصدقائه وغيرهم من الحاضرين في المكان، أو الجلوس أمام مكائن القمار الكترونية أيضاً عندما لا يرى من يلعب معه، أو قضاء الوقت الطويل مع هاتفه النقال وموقعه الكتروني في أحدى مواقع التوصل الاجتماعي أو التلفاز.
يمكن للأنسان الهروب من الأدمان السلبي المدمر الفكري، الجسدي، المادي، العائلي، والمجتمعي، ويبحث عن الأدمان الأيجابي من خلال تطوير مهاراته وأكتساب خبرات وأساليب جديدة ومفيدة من خلال تعلم لغة جديدة أو المطالعة والبحث الأطلاع على ثقافات شعوب العالم وتجاربهم في مخلتف الظروف والحالات الحياتية أو ممارسة بعض الهوايات الفنية أو ممارسة الأنشطة الرياضية التي تقوي الجسم وتمده بالطاقة واللياقة البدنية والعقلية أو المشاركة والعمل في الجمعيات الخيرية والدينية والتقاء مع الاخرين والتعرف على تجاربهم من خلال التدريب المهني والمنزلي وتقديم المساعدة والعون الى المرضى والمعوقين وكبار السن، والتقارب مع الأخرين، وكل هذه السبل تبعد الأنسان عن الأدمان السلبي.
لو يستطيع الأنسان يعود الى ماضيه ويتذكر كيف أصبح مدمناً وبواسطة المقربين له وبالأخص أصدقاء السوء وتأثيرهم في حياته الذي ساهم بشكل فعال في جعل الحياة سلسلة من المتاعب والأحاسيس والسلوكيات السلبية ويجعله أكثر عرضة للامراض النفسية والعقلية ويسبب له التشاؤم والكائبة وفقدان الأمل في الحياة. مثل يُقال عن الصديق هو: (قول لي مَن صديقك، أقول لكَ مَن أنت).
تعمل مؤسسات خدمية وتثقيفة وتربوية من خلال دراسات وبحوث وتجارب علمية وثقافية وأدبية وأجتماعية ناجحة في مختلف دول العالم، من خلال أدخال المدمنين الى مستشفيات صحية وعلاجية لمعالجتهم من المخدرات والكحول وغيرها من المواد الضارة التي تدخل الى جسم الأنسان وتدمره بدنياً وعقلياً ونفسياً ومادياً وتعمل لتخليصهم من هذه الممارسات والعادات السلبية وتغير حياتهم الى حالات وممارسات أيجابية لهم والى المجتمع.
وبما الموضوع طويل في البحث في أنواع الأدمان وجوانبه المتعددة والمختلفة. ولا ننسى كل شيئ في حياتنا وجهين السلبي والأيجابي وكل هذا يعتمد الأنسان على أختياره الشخصي وأختيار الطريق الذي يرغب أن يسلكه، وبالطبع الأدمان الأيجابي هو الأفضل للأنسان أولاً والمجتمع ثانياً لأنه هو أنسان يعيش ضمن المجتمع. الأدمان السلبي يضع الأنسان بخطر الجريمة والعقاب والسجن عندما يبحث عن شراء الكحول والمخدرات وغيرها يسير بحياته الى الأنتحار البطئي أو السريع نحو الموت من خلال تناوله كميات كبيرة من المخدرات او الحكوليات، وعندما لا يمتلك الأموال يبحث عن أرتكاب جرائم مثل السرقة أو القتل والغش والنصب ولأحتيال.
ولا ننسى حتى الأدمان الأيجابي يكون بعض الأوقات سلبي بدرجة الأنانية والخصوصية، حينما يبتعد الأنسان عن شؤون عائلته وزوجته وأولاده، وحتى في أوقات مكان عمله، اذ يستخدم هاتفه لحديث الطويل او يمارس أحد الالعاب أو قضاء وقت في حل الكلمات المتقاطعة وقراءة قصة وكتاب وغيرها، وهذا يؤدي الى تأخير العمل ويكون سلبي على نوعية الأنجاز والأنتاج.
شامل يعقوب المختار