باع بكوريته بشهوة طعام وقتية

+ مقدمة:

كان حق البكورية لها أمتيازات خاصة للأبن البكر، وكان يتضمن نصيباً من ميراث العائلة مع أمتياز أن يصبح الأبن البكر كبير العائلة، أو شيخ العشيرة يوماً ما. وفي ذلك الزمان كان الأبن البكر لهُ الحق أن يبع حق البكورية أو التخلي عنه أذا أراد ولكنه كان بذلك يفقد مركزه كبير العائلة والعشيرة. ومن المحتمل في وقتنا المتغير يبيعون باكوريتهم لأسباب ذاتية ولذات وقتية ودائمة، وكل واحد لهُ حريته في أتخاذ القرار، ولكن لا تؤثر على عائلتك بصورة خاصة، وعلى الأخرين بصورة عامة.

  •  نص من سفر تكوين 25: 27-34:

فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: فِي بَطْنِكِ أُمَّتَانِ، وَمِنْ أَحْشَائِكِ يَفْتَرِقُ شَعْبَانِ: شَعْبٌ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ، وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ. فَلَمَّا كَمُلَتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ إِذَا فِي بَطْنِهَا تَوْأَمَانِ. فَخَرَجَ ألأَوَّلُ أَحْمَرَ، كُلُّهُ كَفَرْوَةِ شَعْرٍ، فَدَعَوْا اسْمَهُ عِيسُوَ. وَبَعْدَ ذلِكَ خَرَجَ أَخُوهُ وَيَدُهُ قَابِضَةٌ بِعَقِبِ عِيسُو، فَدُعِيَ اسْمُهُ يَعْقُوبَ. وَكَانَ إِسْحَاقُ ابْنَ سِتِّينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْهُمَا. فَكَبِرَ الْغُلاَمَانِ، وَكَانَ عِيسُو إِنْسَانًا يَعْرِفُ الصَّيْدَ، إِنْسَانَ الْبَرِّيَّةِ، وَيَعْقُوبُ إِنْسَانًا كَامِلًا يَسْكُنُ الْخِيَامَ. فَأَحَبَّ إِسْحَاقُ عِيسُوَ لأَنَّ فِي فَمِهِ صَيْدًا، وَأَمَّا رِفْقَةُ فَكَانَتْ تُحِبُّ يَعْقُوبَ. وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخًا، فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. فَقَالَ عِيسُو لِيَعْقُوبَ: أَطْعِمْنِي مِنْ هذَا الأَحْمَرِ لأَنِّي قَدْ أَعْيَيْتُ. لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ أَدُومَ فَقَالَ يَعْقُوبُ: بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ. فَقَالَ عِيسُو: هَا أَنَا مَاضٍ إِلَى الْمَوْتِ، فَلِمَاذَا لِي بَكُورِيَّةٌ؟ فَقَالَ يَعْقُوبُ: احْلِفْ لِيَ الْيَوْمَ. فَحَلَفَ لَهُ، فَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِيَعْقُوبَ. فَأَعْطَى يَعْقُوبُ عِيسُوَ خُبْزًا وَطَبِيخَ عَدَسٍ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَقَامَ وَمَضَى. فَاحْتَقَرَ عِيسُو الْبَكُورِيَّةَ.

حتى جاءت شريعة اللاويين: كان يعتبر الأبن البكر مكرساً للـه. أَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْراً بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. خروج22: 29.

  • مقارنة بين أدم و عيسو:

عندما نقارن الحوار بين أبونا أدم وأمنا حواء في جنة عدن حوله شجرة الحياة الشهية البهية المغرية لشهوة نظرة العين أولاً قبل لذة طعم اللسان والفم، بعد أن أكلوا ثمرة التفاح التي هي كانت سبب سقوطهم وخروجهم من الجنة وفقدوا الأمتياز والميراث، فنجد أكلة العدس بين عيسو ويعقوب والحوار بينهم حول بيع بركات الأبن البكر فا عيسو فقد أمتيازه وموقعه الذي ينوب عن أبيه في غيابه ويتحمل المسؤولية ورئاسة العائلة بعد موت أبيهُ. ويأخذ نصيباً مضاعفاً من الميراث أي ضعف أخوتهُ كما تنص الآية من سفر التثنية21: 17. بَلْ يَعْرِفُ ابْنَ الْمَكْرُوهَةِ بِكْرًا لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ، لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لَهُ حَقُّ الْبَكُورِيَّةِ. والمقارنة بين أدم وحواء، وعيسو ويعقوب ما تحملوا من الحزن والأسف والندم بعد أن مضى الوقت وتحملوا ما قاموا به.

  • لذة طعام وقتية:

لقد باع عيسو آخر بكوريته من أجل لذة طعام وقتية، وتصرف بأندفاع ليشبع لذة ورغبة وقتية دون أن يُفكر لحظة ليتأمل من العواقب البعيدة المدى التي ستنتج عن قرارهُ السريع هذا. وأبدى أستهانة كاملة بالبركات التي كان يمكنه أن يحصل عليها لو أنه أحتفظ ببكوريته. لقد بلغ عيسو في جوعه ولم يصبر ويسيطر على نفسه فقال: أنني جائع جداً، ومن سهل هذا التفكير والقول والقرار، لأنه سيموت جوعاً فما فائدة الميراث؟ لقد أعمى ضغط الأحتياج الوقتي واللحظي بصيرتهُ وجعل قراره يبدو مُلحاً وكثير ما نجد أنفسناً في مثل هذا الموقف، وقد نشعر بضغط شديد في ناحية من النواحي أخرى، حتى ليبدو أن لا أهمية لأي شيئ أخر. أن ضغط اللحظة الوقتية يجعلنا نفقد الرؤية الوضحة السليمة، وأجتياز هذه اللحظة العابرة شديدة الضغط، كثيراً ما يكون أصعب جزء في الغلبة على التجربة والشهوة وأشباع النفس ورغبات الجسد.

وكثير من الناس يسقطون في نفس الفخ، بعد أن يروا شيئاً يريدوه، ويكون همهم الأول هو الحصول عليه، وعندما يحصلون على ما يريدون قد يشعرون في البداية بالرضى العميق وفرحة السعادة، بل يشعرون بالقوة والأنتصار لأنهم حصلوا على سعيهم إليه. ولكن اللذة الوقتية كثيراً ما لا تنظر الى المستقبل. ويجب نحن أن نتعلم ونتجنب غلطة عيسو متى قارنا الرضا الوقتي قصير المدى، بالعواقب البعيدة المدى، قبل أتخذ القرار.

  • من سفر الأمثال:

إِذَا جَلَسْتَ تَأْكُلُ مَعَ مُتَسَلِّطٍ، فَتَأَمَّلْ مَا هُوَ أَمَامَكَ تَأَمُّلاً،

وَضَعْ سِكِّينًا لِحَنْجَرَتِكَ إِنْ كُنْتَ شَرِهًا.

اَ تَشْتَهِ أَطَايِبَهُ لأَنَّهَا خُبْزُ أَكَاذِيبَ.

اَ تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيًّا. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ.

هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟

لأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ.

لاَ تَأْكُلْ خُبْزَ ذِي عَيْنٍ شِرِّيرَةٍ، وَلاَ تَشْتَهِ أَطَايِبَهُ،

لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هكَذَا هُوَ.

يَقُولُ لَكَ: كُلْ وَاشْرَبْ وَقَلْبُهُ لَيْسَ مَعَكَ.

اللُّقْمَةُ الَّتِي أَكَلْتَهَا تَتَقَيَّأُهَا، وَتَخْسَرُ كَلِمَاتِكَ الْحُلْوَةَ.

فِي أُذُنَيْ جَاهِل لاَ تَتَكَلَّمْ لأَنَّهُ يَحْتَقِرُ حِكْمَةَ كَلاَمِكَ.

أمثال31: 1 -8.

  •  نشاط الروح وضعف نفس الجسد:

أما الروح نشيط، وأما الجسد ضعيف: وقد يقف ضعف الجسد عائقاً أمام بعض الممارسات الروحية. وعلى الإنسان الروحي ألا يتضايق من هذا، إنما يعمل ما يستطيعه على قدر ما يحتمل جسده. المهم أن تكون روحه قوية وصالحة. وهذا ما قالهُ معلمنا وربنا يسوع المسيح لتلاميذ في بستان جشيماني اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ. متى26: 14.

شامل يعقوب المختار

 

 

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

يوحنا المعمدان الشاهد للنور وصديق العروس

يوحنا المعمدان الشاهد للنور وصديق العروس تقوم شهادة يوحنا بن زكريا أساسياً بأنه ليس إلا …