تقرير وصور قداسي عيد الصليب لخورنة مار توما الرسول الكلدانية في هولندا – كنيستي هنكلوا و اوتريخت

كَلِمَةَ الصّليبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللـهِ.

1 كورنثوس1: 18.

تقرير وصور خاص بالخورنة:

أحتفلت خورنة مار توما الرسول الكلدانية في هولندا- كنيسة هنكلوا بتمام الساعة السابعة من مساء يوم السبت الموافق 13 ايلول، وكنيسة اوتريخت بتمام الساعة الواحدة من ظهر يوم الأحد 14 ايلول 2025، وقد أحتفل بالقدادسين الأب ايدن ايليا. وفي بداية القداديسين تم اشعال موقد النار في باحة الكنيستين من قبل الأب ايدن مع الشمامسة والشعب المحتفل، وبعد تم الزياح داخل الكنيسة لبدء القداس الألهي بمناسبة عيد الصليب المقدس.

بعد قراءة القراءات الطقسية والمزامير والأنجيل المقدس وسفر بشارة القديس متى4: 18-23 كانت موعظة وكرازة الأب المحتفل حيث تحدث فيها:

عيد الصليب وحياة البذل، الترك والتخلي. تحتفل الكنيسة اليوم بعيد اكتشاف خشبة الصليب في القدس على يد القديسة هيلانة ام الملك قسطنطين في سنة 326. فطلبت القديسة هيلانة من جنودها أشعال النار في المرتفعات حتى يعلم الملك قسطنطنين أبنها بأنهم وجدوا الخشبة. ومنذ ذلك الحين تحتفل الكنيسة بهذا الحدث وتشعل النيران تخليدآ لهذه الذكرى الرائعة. واليوم أحب أن أتكلم عن الصليب وأكتشافه العملي الحياتي في كل فرد فينا منطلقآ من النص الأنجيلي حسب القديس متى الرسول. كان الصليب قبل المسيح اداةً للتعذيب والعار والخزي والضعف ولكن بعدما تم تسمير الرب يسوع عليه أصبح أداة قوة ونصرة وحكمة ولهذا صرح العظيم بولس الرسول وقال: الصليب هو قوة اللـه وحكمة اللـه. فهو قوة اللـه، لان اللـه بالضعف (الصليب) اظهر الغلبة على الموت وعلى ابليس اذ قام المسيح من الموت غالبآ ومنتصرآ ومسمرا بالحقيقة ابليس على الصليب اذ نزع منه سلطان الموت الى الابد. وهو أيضآ حكمة اللـه لان بالصليب اعطى الحياة للذين هم صُلبوا معه وقاموا معه اي نحن المؤمنون بشخصه المبارك. فهو اي الصليب عند الهالكين جهالة، ولكن عندنا نحن المُخَلصين فهو حكمة وقوة اللـه اذ من خلاله استمتعنا بالحياة. فالصليب اصبح مصدر رعب لابليس ولقوى الشر. واصبح من الجهة الثانية مصدر نصرة والجسر الذي من خلاله نصل الى بر الامان. فاليوم ان كنت تريد ان تعبر من الموت الى الحياة فلابد ان تجتاز الصليب. لان لا قيامة بدون الصليب ولا مجد بدون الم. وهنا اتكلم عن صليب يسوع المسيح الذي قهر وسحق وقتل العداوة والموت مصالحآ الانسان مع اللـه وليس الصليب اي الم العالم، اي نتيجة خطيئة الانسان، لان ما يزرعه الانسان اياه يحصد. فمرات كثيرة يضن المرء خطأ بانه عندما يُعاقب بسبب خطأ معين اقترفه، فهو صليب يحمله من اجل المسيح، وهذا ليس له اي صلة بالحقيقية. فحمل صليب المسيح هو الاضطهاد والسخرية والضيقات من العالم بسبب أسم المسيح وليس لسبب آخر. “جميع الذين يرديون ان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطَهَدون”.

الرسالة الاولى: حمل الصليب في ترك الممتلكات من أجل المسيح يقول القديس متى: بان بطرس واخوه اندراوس تركا شباك الصيد وتبعا يسوع عند دعوة المسيح لهما. نرى الاخوين قد تركا مصدر رزقيهما الوحيد وهو شبكة الاسماك كونهما كانا صيادي سمك وتبعا يسوع، حينما دعاهما الرب وقال لهما: اتبعاني وانا اجعلكما صيادي بشر. كان من الممكن ان يتريثا قليلا ويفكرا في دعوة يسوع لهما. كان أيضا من الممكن ان يقولا: ما هو ضمان تركة العمل واتباع يسوع النجار الفقير الذي ليس له موضع يتكئ راسع عليه. القديس بطرس والقديس اندرواس وثقا وآمنا بكلام المسيح وعملا ضد المنطق البشري، فكانت النتيجة اصبحا فعلا صيادي بشر. كم من النفوس اليوم تأتيهم مثل هذه الدعوة، لكنهم بسبب ضعف الايمان والمنطق البشري والالتصاق بالعالم والخوف من الغد نراهم يرفضون دعوة المسيح ويستمرون حياتهم في البرية ضانين انهم سوف يجدون الشبع ويُخلدون فيها. “ما هي حياة الانسان إلا بخار يظهر قليلا ثم يختفي”.فالقديس بطرس واخوه القديس اندراوس حملا صليب المسيح وتبعاه تاركين وضيفتهما حاسبين عار المسيح غنى اعظم من خزائن مصر (العالم – شبكتهما).

الرسالة الثانية: حمل الصليب في ترك العائلة من أجل المسيح. رأينا بأن القديس بطرس واخوه القديس اندراوس تركا ممتلكاتهما من اجل تبعية المسيح وهذه مرحلة. نرى مرحلة اخرى ودرجة اعمق في الترك، وهو ترك الممتلكات والأقرباء والأهل من أجل المسيح. عندما دعا يسوع يعقوب بن زبدي ويوحنا اخوه حينما كانا يصلحان الشبكة اذا كانا هما ايضآ صيادي سمك، يقول القديس متى: فتركا السفينة واباهما من ذلك الحين وتبعا يسوع. درجة اعمق وصورة اروع وعلو آخر. ممكن ان تترك شئ معين من اجل المسيح، لكن ان تترك شخص عزيز عليك فهو حب ذو مستوى اعظم. نرى بأن القديسين يعقوب ويوحنا الحبيب قد تركا شباكهما وسفينتهما واباهما. الشباك اشارة الى الممتلكات والسفينة اشارة الى الذات والأب أشارة الى الأهل والأقارب. وكأن القديس متى يريد أن يقول: أن كنت تريد ان تتبع المسيح، فعليك ترك كل شئ وحتى نفسك لان الرب يسوع قال: “من احب ابآ او امآ او اخآ او ابنآ او زوجآ… اكثر مني فلا يستحقني”. وهذا بالحقيقة هو الحق الذي لا يجب الانحياد عنه، لان المسيح مات من اجلك واعطاك حياته فبالتالي عليك ان تحيا لا لذاتك بل للمسيح “لي الحياة هي المسيح”.واليوم ماذا تترك انت من اجل المسيح؟

ابونا ابراهيم ترك عشيرته وارضه وتبع المسيح. موسى ترك قصر فرعون وما فيه من اجل المسيح. الفديس بولس ترك مركزه الديني والسياسي وخسر كل شئ واعتبر الذي خسره زبالة ونفاية من اجل معرفة المسيح يسوع. كل الذين تبعوا الرب يسوع، تركوا الشئ الذي كانوا يعتمدون ويتكلون عليه وكانت النتيجة الحرية في المسيح يسوع. 

انظر الى المرأة السامرية التي تركت جرتها عند البئر ودخلت المدينة وبشرت بالمسيح. انظر الى زكا العشار الذي وزع ماله للذين سرقهم بل واعطى اربعة اضعاف وبالتالي ربح المسيح. اعود واكرر سؤالي: ما الذي تركته انت من اجل المسيح؟ اسمع كثير من المؤمنين يقولون: يا ليتنا نستشهد من أجل أسم المسيح. عزيزي كفاك خداع نفسك… ان كنت اليوم لا تترك اشياء بسيطة، ممتلكات معينة، علاقة خاطئة ودالة زيادة مع شخص معين… افتريد ان تموت اي ان تتخلى عن حياتك من اجل المسيح. “لا ترتأي فوق ما ينبغي ان ترتأي، بل ارتأي الى التعقل”. ان كنت انت اليوم تريد ان تتبع المسيح، تعلم ان تترك الاشياء البسيطة اولا ومن ثم ارتقي الى درجة وسلم اعلى في تركك لاحبائك الى ان تصل الى ملئ قامة المسيح في ان تترك حياتك من اجل المسيح كما هو تركها من اجلك على عود الصليب. وعلى الصعيد الروحي: ممكن ان تترك خطايا كثيرة من اجل ان لا تجرح قلب المسيح، لكنك متمسكآ بخطيئة محبوبة لا تستطيع التخلي عنها. فتقول للسيد المسيح: انظر يا رب سوف اعطيك مفتاح جميع غرف قلبي كيما تفتح وتدخل وتنقي، لكن مفتاح هذه الغرفة التي احبها ليس باستطاعتي التخلي عنه. والرب يسوع يرد عليك ويقول: اذكر من اين سقطت وتب. هو يريد القلب كله ولن يرتاح ان لم يستقر في قلبك ويسكن به. اطرح اليوم كل خطيئة محبوبة وثمينة في حياتك واكسرها امام اقدام ملك الملوك ورب الرباب كيما تفوح منها رائحة طيب ورضا وحب كما فاحت تلك الريحة العطرة عندما كسرت المرأة الخاطئة جرة الطيب الغالية الثمن ( خطاياها وحياتها) امام اقدام المسيح. ان كنت انت اليوم لم تختبر حياة الترك من اجل المسيح، فالفرصة لازالت قائمة والمسيح لا يزال يجدد وعوده ويعطيك فرصة تاو الاخرى لتختبر محبته الغنية. فلا تضن ابدا عندما تترك شئ للمسيح لن يعوضك عن ذلك؟ فالمسيح يعوض هنا على الارض مئات الاضعاف ناهيك عن الحياة الابدية. عندما سمح القديس بطرس ان يدخل المسيح الى سفينته (حياته) وكانت سفينته فارغة، ملئها المسيح بالسمك.  لقد رأينا التلاميذ تركوا صيد السمك وتبعوا المسيح فأصبحوا بالحقيقة صيادي بشر. اترك واقطع كل شئ يُعَوق التصاقك بالمسيح وتمسك جيدآ بالرب يسوع واثقآ تمامآ بانه سوف يملأ حياتك فرحآ ويعوضك عن كل السنين التي اكلها الجراد.

الرسالة الثالثة والاخيرة: المسيح يجول يصنع خيرآ يختم القديس متى قائلآ: وكان يسوع يعلم في مجامع اليهود ويعلن بشارة الملكوت ويشفي الشعب من كل مرض وعلة. هذا هو عمل المسيح. التخلي الكامل، فهو ينسى ذاته من اجل الاخرين ويعطي من راحته لاسعاد الاخرين ويعلم ويبشر بالملكوت ليهب حياته للآخرين. يا ليتنا نتعلم من السيد  ونعمل ونسلك بما يُمليه علينا روح الله كيما نظهر صورة المسيح فينا فنعلي ونمجد ونبجل شخصه القدوس في المسكونة كلها. يرى الناس اعمالكم الحسنة، فيمجدا اباكم الذي في السماء. له كل مجد وكرامة مع ابنه الوحيد والروح القدس من الان والى الابد امين.

البركة الأختامية من قبل الأب المحتفل: اذهبوا بسلام من البركة التي نلتموها من مذبح الرب الغافر، باسم الأب والأبن والروح القدس الآله الواحد، لهُ المجد الى الأبد، مع الشعب: آمين.

الرب يبارك الجميع.

هذه صور من قداس عيد الصليب.

اللجنة الأعلامية للخورنة

14 أيلول 2025

عن ادارة الموقع

شاهد أيضاً

تقرير وصور التناول الأول لخورنة مار توما الرسول الكلدانية في هولندا – كنيسة روتردام

مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ يوحنا6: 56 تقرير وصور خاص بالخورنة: …