تعرف على معنى الحياة.. واترك أبواب حياتك مفتوحة.. ودع القلق جانبا: فالكتاب المقدس لديه الحل.

جميعنا يسعى للبحث عن معنى لحياته، واحيانا بعفوية يقوم بذلك، وبمفهوم السعي للوصول الى معنى يستحق العيش من أجله، لمعرفة معنى الحياة نحتاج للوحدة والتفكّر، نحتاج للإرادة الحرّة والاختيار، نحتاج للشعور بقيمة وجودنا نحتاج لذات خاصة في الاتصال بالآخرين، نحتاج لما نتعلّمه من الماضي وتوظيفه نحو الحاضر والمستقبل نحتاج لإعادة النظر في كل ما سبق، و أصلاحه وفقا للتغيير والتطور، وحركة الأهداف جديدة، ضمن نظام الأدراك الكلّي الشامل الذي يرتبط بالكون من حولنا، ويدفعنا لتقبّل لأحداث بطريقة تتخطّى الوجود المادي، نحو الوجود الفردي، وتوسيع دائرة الوعي، والتركيز على المكان والزمن الحاضرين، والتركيز على السؤالين: كيف؟ وماذا؟ أكثر من لماذا؟ كي نتجّه نحو الحياة بحريّة ذاتية تتخطّى المعاني الغيرية، وليكون لدينا المعنى الخاص بنا، ولتحقيق هذه الشخصية التي يكتمل الأدراك فيها لمعنى الحياة ولنتبادل حركة المعرفة معها “أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلًا ثُمَّ يَضْمَحِلُّ”(رسالة يعقوب 4: 14)،”عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ” (سفر المزامير 39: 4)، “طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ ٱلْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ ٱلْأَبْوَابِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ”(رؤيا 22: 14).

هناك مفاتيح نفسية نفتح بها بعض أبواب الحياة المغلقة………

1- لا نأخذ أفكارنا على محمل الجد ونتعلم كيف تتراجع عن بعضها. أفكارنا يمكن أن تقودنا إلى طريق مضطرب رغم انها مجرد أفكار، ولا تشكل حقائق او تهديدات و لا ينبغي أن نأخذها على محمل الجد، ونقدم لها التحليلات، وهنا يجب ان نتعلم كيف نتراجع عن بعضها، ان اقتضت الضرورة، وحتى إذا كانت افكارنا صحيحة، فنسأل انفسنا إذا كان التعامل معها يساعدنا، أم أنها تجلب المزيد من المشكلات، “لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ يَا رَبُّ، صَخْرَتِي وَوَلِيِّي”(مز 19: 14)،”قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ” ( الأمثال 16: 9).

2- لا نأخذ الأمور بشكل شخصي ولا نشخصن الاحداث مع من حولنا. من المهم أن ندرك أن بعض المواقف والمشكلات لا تتعلق بنا دائمًا، وفقًا لذلك قد يتصرف البعض بكراهية والحال لسنا المقصودين وانما تجاربهم مع الاخرين هي التي تدفعهم الى ذلك فضلا عن نقص في المعرفة، او غضب غير مبرر فذلك يؤشر مدى ارتباك الاخرين في حياتهم وليس موقفهم الشخصي، ونحسن الاستماع إلى البعض من مخاوفنا، عندها سوف تزدهر علاقتنا مع من حولنا وداخليا تجاه أنفسنا. “ثَمَرُ الصِّدِّيقِ شَجَرَةُ حَيَاةٍ، وَرَابحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ، أَنَا الْحِكْمَةُ أَسْكُنُ الذَّكَاءَ، وَأَجِدُ مَعْرِفَةَ التَّدَابِيرِ” (الأمثال 8،30:11: 12).

3- نتخذ من الابتعاد عن التوتر مطلبا اساسيا ونحاول الاسترخاء. جميعنا ينشغل بالمشاركة في سباق الحياة ولا نحاول أن نتوقف لنأخذ نفسا ونعاود، وهنا علينا أن نتعلم كيفية دخول هذا السباق بعيدا عن التوتر مع استرخاء حقيقي، بذلك يمكننا مواجهة المشكلات، وسيكون هناك طريقة لخفض كيمياء التوتر ولتبقى عقولنا حرًة في بذل قصارى الجهد لتداول الخبرات المفيدة. “أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ” (يو 3، 1: 2)، “طُوبَى لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ ٱلتَّجْرِبَةَ، لِأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ ‘إِكْلِيلَ ٱلْحَيَاةِ’ ٱلَّذِي وَعَدَ بِهِ ٱلرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ”. (يعقوب 1: 12).

4- نتخذ من النفس صديقا لنا ونتبع ما تنصحنا به خبرتنا الشخصية الإيجابية. لأننا غالباً ما نلتزم بتوقعات غير واقعية، ولكن من المهم أن نعرف أنه من الجيد طلب المساعدة من المخزون المعرفة النفسي، في التغلب على المشكلات، ان نعتني بأنفسنا وكأننا نهتم بصديق أو أحد أفراد عائلتنا ذلك يمكن أن يقلل من حكمنا الذاتي بشأن وجود مخاوف وانتقادات داخلية، فمن الجيد أن نحتاج إلى مساعدة من النفس كي نواجه التجربة الإنسانية مع الاخرين، “مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ” (متى 7: 14) “يَا رَبُّ، مَا أَكْثَرَ مُضَايِقِيَّ! كَثِيرُونَ قَائِمُونَ عَلَيَّ” (مز 3: 1) “شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ِللهِ وَالآبِ” (أفسس 5: 20).

5- نتخذ قرار اقامة العلاقات مع الاخرين بحذر….. قد يكون من الصعب الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، سواء كانت علاقة اسرية أو الصداقة، لكن يمكننا أن نجعل الأمر أكثر سهولة على أنفسنا من خلال الاستماع إلى بعضنا بعضاً، فببساطة أن الحياة معقدة للغاية بالنسبة للجميع، وان لا نقف في الطريق المعاكس لهم ونفرض توقعاتنا على الوضع منتظرين أن يتغير، لقد حان الوقت لتغيير توقعاتنا وفقًا لذلك أو ترك هذه العلاقة، فقط نبدأ بالاعتقاد بأننا سنجد الراحة في البعض من كل العلاقات “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ” ( يو 15: 13).


6- نتخذ قرارا ان لا نخفي مشاعرنا ونعبر عنها ونحاول ان نكون في حدود المقبول وليس المثالية. كثيرون منا خبراء في إخفاء المشاعر، ولكن يجب أن نفعل العكس، ويجب أن نحدد مشاعرنا، هل هي تنم عن الغضب أو الحزن أو الخوف.. الخ، ثم نقم بتذكير النفس أنه مسموح التعبير عما نشعر به وان نسعى جميعًا إلى أن نكون الأفضل، أو حتى للبعض، ولكى نصل لهذه المرتبة علينا أن نتمتع بالصبر والاجتهاد والاصرار، لذلك يجب أن نغير خططنا ونسعى لأن نصبح أشخاص مقبولين، و لن نكون مثاليًن عندما نفعل ذلك، لكن الأهم أن نركز على التقدم بدلاً من الكمال الذى لن نتمكن من الوصول اليه و ربما قد نتراجع، “الْحِكْمَةُ هِيَ الرَّأْسُ. فَاقْتَنِ الْحِكْمَةَ، وَبِكُلِّ مُقْتَنَاكَ اقْتَنِ الْفَهْمَ، وَرَابحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ”(الأمثال4، 11: 30،7)، “رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا”(مز 111: 10).

7- اتخذ القرار الخاص بك كن رحيما مع نفسك وجسمك فهما عنوان حياتك. نحن نكرس الكثير من الوقت والطاقة لأحبائنا وما يحيط بنا، لكننا لا نعطي أنفسنا نفس الاهتمام اللازم، لقد حان الوقت لنظهر لأنفسنا الرحمة، وإن نتعلم مواجهة الكلام السلبي عن النفس وهو مطلب ومهم لكي يصبح المرء أكثر قبولًا ورحمة لنفسه، والاهتمام بأجسامنا وصحتنا الجسدية وليس فقط النفسية، لأنه في حال إهمالها لن نكون قادرين على إبقاء عقولنا قوية وصافية للحصول على باقي المفاتيح، “قُدَّامَ الآلِهَةِ (الملائكة) أُرَنِّمُ لَكَ. أَسْجُدُ فِي هَيْكَلِ قُدْسِكَ، وَأَحْمَدُ اسْمَكَ عَلَى رَحْمَتِكَ وَحَقِّكَ”(مز 138: 1، 2)،”كُونُوا شَاكِرِينَ”(كولوسي 3: 15)،”نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ”(تسالونيكي 2: 13)،”إِنِّي أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ، كَمَا أَذْكُرُكَ بِلاَ انْقِطَاعٍ فِي طَلِبَاتِي لَيْلًا وَنَهَارًا،( تيموثاوس 1،2: 3).

كيف عالج الكتاب المقدس معنى الحياة: الحياة ليست مجرد أنفاس تتردد، أو قلب ينبض وعمل.. هذه هي حياة مادية “الإنسان كالعشب أيامه. كزهر الحقل كذلك يذبل. لأن ريحًا تمر عليه فلا يكون، ولا يعرفه موضعه بعد” (مز15:103، 16). هذه حياة الجسد هدفها الحقيقي معروف لنا، اما رمزية الحياة المطلوب فهمها هي، “وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ”(يو31:20) “وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ”(يو10:10). نعم المسيح هو الحياة. ألم يقل لمرثا أخت لعازر “أنا هو القيامة والحياة” (يو25:11). وقال لتلاميذه” أنا هو الطريق والحق والحياة”(يو6:14).”فيه كانت الحياة” (يو4:1). ومادام المسيح هو الحياة، إذن من يثبت فيه في الحياة، ويكون من الناحية الروحية كائنًا حيًا وبولس يشير له، ” فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ” (غل20:2). “أَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ”. (لو24:15). وعن الابن الضال الذي تاب ورجع أي كان ميتًا في حالة الخطية، وصارت له حياة في توبته، وبولس يشير الى “كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا” (أف1:2). وأيضًا “ونحن أموات بالخطايا، أحيانًا مع المسيح” (أف5:2). “لي الحياة هي المسيح” (فى21:1).

والانتقال إلى معنى آخر للحياة، وهو سكنى الروح القدس فينا بحيث تكون حياتنا تحت قيادة الروح القدس، كما قيل “الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله” (رو14:8). وقد عبر الرب يسوع عن بعض عمل الروح القدس فينا، فقال “لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم” (مت20:10) إذن الحياة الحقيقية هي حياة الإنسان المؤمن الذي هو هيكل الله: المسيح يحيا فيه، والروح القدس يسكن فيه، مادام المسيح يحيا فينا، إذن ما نفعله، يكون هو ما يفعله المسيح فينا. “لا أنا، بل المسيح”(1يو9:3). ونحيا الحياة الحقيقية. وتكون لنا فيما بعد: الحياة الأبدية، حيث نستطيع أن نأكل من “شجرة الحياة” (رؤ7:2). “ويعطينا الرب إكليل الحياة” (رؤ10:2). “سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ”(يو ١٤: ٢٧).

اما رمزية القلق وعلاقته بمعنى الحياة فقد عالجه الكتاب المقدس كما يلي: القلق ظاهرة نفسية وفسيولوجية تتكون من تضافر عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية. تؤدي لخلق شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الارتياح والخوف أو التردد موجهة نحو المستقبل في محاولة التعامل مع الأحداث السلبية القادمة هذا يؤكد لنا التمييز بين الأخطار المستقبلية مقابل الأخطار الحالية ويؤشر لنا الفرق بين القلق والخوف ومدى ارتباطهما بمعنى الحياة، وقد أكد الكتاب المقدس على ان الخوف يسبق القلق “الرَّبُّ يَهْتَمُّ بِي. عَوْنِي وَمُنْقِذِي أَنْتَ. يَا إِلهِي لاَ تُبْطِئْ” (مز 40: 17)،”الاحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى إِنْسَانٍ” (مز 118: 8) “اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟” (مز 27: 1).


ايه الاب القدير امنحنا القوة والمقدرة على فهم معنى الحياة التي وهبتنا إياها بلا حدود وان نعش كل تفاصيلها ببركة من عندك وأعطنا حياة الايمان التي تعزز المعنى الروحي للحياة وبارك الجميع وكنيستك المقدسة …. الى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس

الحكمة والشريعة سفر يشوع بن سيراخ 24 : 1 – 32 الحكمة تمدح نفسها وتفتخر …