خبرة الموت 


لكلّ إنسان خبراته مع الموت ولا يحاول الكتاب المقدس أن يحول أنظارنا عنه بإغراقنا في أحلام خادعة بل نراه في أي مرحلة من مراحله يبدأ بمواجهة خبرة الموت بكل وضوح كموت الأعزاء وما يجره بعد إتمام مراسيم الوداع سفر التكوين الفصل التاسع والاربعون من حزن عميق كما يجب على كل انسان ان يستعد لمواجهة الموت ما دام هو ايضاً سيرى الموت وسيذوق الموت فوقع يوسف على وجه أبيه وبكى عليه وقبله وأمر يوسف عبيده الأطباء أن يحنطوا أباه فحنط الأطباء إسرائيل تكوين 50 / 1 و 2 عندما مات يعقوب في المائة والسابعة والاربعين من عمره بكى يوسف وناح شهوراً وعندما يموت احد الاعزاء علينا نحتاج الى فترة طويلة لنتغلب على الحزن كان التحنيط امراً شائعاً عند المصريين ولكنه كان استثنائياً عند هؤلاء البدو الرعاة ولان المصريين كانوا يعتقدون ان الاموات يذهبون الى العالم الآخر بأجسادهو المادية فقد كانوا يحنطون الجسد لحفظه ليستطيع القيام بواظائفه في العالم الآتي وقد سمحت عائلة يعقوب بتحنيطه لتقديرهم واحترامهم للمصريين يوسف امر الاطباء ان يحنطوا ابيه يعقوب وليس من المحنطين المتخصصين ليتفادى غالباً الطقوس الوثنية المصاحبة لعملية التحنيط فآضطرب الملك وصعد إلى علية الباب وهو يبكي وكان يقول وهو يتمشى يا بني أبشالوم يا بني يا بني أبشالوم يا ليتني مت عوضا منك يا أبشالوم آبني يا بني صموئيل الثاني 19 / 1 أي إنسان يحيا ولا يرى الممات؟ومن ينجي نفسه من يد مثوى الاموات؟ مزمور 89 / 49 الحق الحق أقول لكم من يحفظ كلامي لا ير الموت أبدا انجيل يوحنا 8 / 51 الطاعة لله عملية مستمرة ولذلك يجب على الدوام ان نطلب مغفرة الله عندما نخطي وعندما يقول الرب يسوع ان من يطيع كلامه لن يرى الموت أبداً فهو انما يتحدث عن الموت الروحي لا عن الموت الجسدي فان من يطيعه له الوعد بالحياة الابدية وعليه مقصد الرب يسوع الموت الجسدي والروحي اما خصوم الرب هنا فقد ظنوا أنه يتكلم عن الموت الجسدي وكان الروح القدس قد أوحى إليه أنه لا يرى الموت قبل أن يعاين مسيح الرب انجيل لوقا 2 / 26 الحق أقول لكم من الحاضرين ههنا من لا يذوقون الموت حتى يشاهدوا ابن الإنسان آتيا في ملكوته انجيل متى 16 / 28 التلاميذ جميعاً ماتوا قبل مجيء المسيح ثانية فان الكثيرين يعتقدون ان كلمات المسيح هذه قد تمت في التجلي حينما شاهد بطرس ويعقوب ويوحنا مجده ويقول اخرين انها تشير الى يوم الخميس وبداية كنيسة المسيح وفي كلتا الحالتين كان بعض التلاميذ شهود عيان لقوة ملكوت المسيح ومجده قال له اليهود الآن عرفنا أن بك مسا من الشيطان مات إبراهيم ومات الأنبياءوأنت تقول من يحفظ كلامي لا يذق الموت أبدا انجيل يوحنا 8 / 52 في هذه الاية يقصد الرب يسوع الموت الابدي ولكن ذاك الذي حط قليلا دون الملائكة أعني يسوع نشاهده مكللا بالمجد والكرامة لأنه عانى الموت وهكذا بنعمة الله ذاق الموت من أجل كل إنسان رسالة العبرانيين 2 / 9 يسوع لم يات الى العالم ليكسب سلطة سياسية لكن بالحري ليتالم ويموت حتى نحيا نحن هذه فكرة لا تخلو من مرارة لمن يتمتع بخيرات الدنيا ولكها أمنية محببة لمن ترهقه الحياة فبينما يبكي حزقيا على موته الوشيك نرى ايوب يطلب الموت بصياح شديد ليرض الله فيحطمني وليطلق يده فيستأصلني سفر ايوب 6 / 9 في قول ايوب هذا اراد في وسط حزنه ان يتحرر من الالم وأن يموت ولكن الله لم يمنح ايوب سؤاله الرب كانت لايوب خطة أعظم والكثير منا يميل مثل ايوب للاستسلام والتخلص من الحياة عندما يصبح الطريق شاقاً حتى تؤثر نفسي الخنق والموت بدل عظامي سفر ايوب 7 / 15 وفي تلك الأيام مرض حزقيا مرض موت فأتى إليه أشعيا بن آموص النبي وقال له هكذا يقول الرب نظم أمور بيتك لأنك تموت ولا تعيش فحول وجهه إلى الحائط وصلى إلى الرب قائلا أذكر با رب كيف سرت أمامك بالحق وسلامة القلب كيف صنعت الخير في عينيك وبكى حزقيا بكاء شديدا سفر ملوك الثاني 20 / 1 – 3 حزقيا اصيب بمرض فتاك ومميت لا علاج له فما عليه الا ان يوصي بيته ويكتب وصيته لانه سيفارق الحياة قربياً لكن حزقيا ادرك ان الرب يكرم الذين يتقونه ويعبدونه بأمانة أيها الموت ما أشد مرارة ذكرك على الإنسان العائش بسلام فيما بين أمواله على الرجل الذي لا هم له والموفق في كل أمر والذي لا يزال قويا على التنعم أيها الموت حسن قضاؤك للإنسان المعوز القليل القوة للهرم الذي تتجاذبه الهموم والمتمرد الفاقد الصبر سفر يشوع بن سيراخ 41 / 1 و 2 لأن الله لم يصنع الموت ولا يسر بهلاك الأحياء سفر الحكمة 1 / 13 في هذه الآية يقصد المؤلف في آن واحد الموت الجسدي والموت الروحي وهما مرتبطان الواحد بالآخر فالخطيئة هي سبب الموت الروحي والموت الجسماني هو للانسان الخاطىء بمعنى موت روحي وأبدي لكن بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم فيختبره الذين هم من حزبه سفر الحكمة 2 / 24 اذا الموت الذي ادخله ابليس الى العالم هو الموت الروحي وعاقبته الموت الجسدي فدخل يسوع وقال لهم لماذا تضجون وتبكون ؟ لم تمت الصبية وإنما هي نائمة انجيل مرقس 5 / 39 في الكتاب المقدس دائما يعبر عن الموت باستعارة الرقاد وكلام الرب يسوع عن الموت في نظره غير نهائي فالله يستطيع أن يوقظ الأموات جاعلاً من الموت مجرد نوم بدأ الناحون يسخرون من الرب يسوع عندما قال انها لم تمت بل هي نائمة مع العلم ان الصبية ماتت ولكن الرب يسوع استخدم تشبيه النون ليدل على ان حالتها وقتية وانها ستقوم وسواء الرب يسوع يتكلم عن حياتها الجسدية أو الروحية فانها في كلتا الحالتين ستواصل الحياة الرب يسوع احتمل سخرية الجموع ليعلمهم درساً هاماً عن الاحتفاظ بالرجاء والثقة فيه ولكن مع كل الاسف اليوم وفي وقتنا الحالي يسخر معظم العالم من مطالب الله التي تبدو لهم مضحكة والسبب هو ان غير المؤمنين لا ينظرون من وجهة نظر الله وكان جميع الناس يبكون وينوحون عليها فقال لا تبكوا لم تمت إنما هي نائمة انجيل لوقا 8 / 52 قال هذا وبعد ذلك قال لهم لعازر حبيبنا قد نام لكني أذهب لأوقظه انجيل يوحنا 11 / 11 في هذا الآية يتكلم يسوع على الرقاد في حين ان لعازر قد مات يبدو هنا يسوع يريد ان يسبب سوء فهم عند سامعيه لكن الرب يسوع يبدل في الواقع معنى الموت فهو يعد رقاداً لأنه انتقال يؤدي الى يقظة القيامة ثم تراءى لأكثر من خمسمائة أخ معا لا يزال معظمهم حيا وبعضهم ماتوا رسالة قورنتس الاولى 15 / 6 يوجد في عصرنا أناس يزعمون ان الرب يسوع لم يقم من بين الاموات لكن هنا الرسول بولس يؤكد انا ان أناساً كثيرين قد رأوا الرب يسوع بعد قيامته منهم خمسمائة أخ دفعة واحدة فالقيامة حقيقة تاريخية فلا يضعف ايمانك امام من يشكون أو ينكرون القيامة فكما أن الخطيئة دخلت في العالم عن يد إنسان واحد وبالخطيئة دخل الموت وهكذا سرى الموت إلى جميع الناس لأنهم جميعا خطئوا فالخطيئة كانت في العالم إلى عهد الشريعة ومع أنه لا تحسب خطيئة على فاعلها إذا لم تكن هناك شريعة فقد ساد الموت من عهد آدم إلى عهد موسى ساد حتى الذين لم يرتكبوا خطيئة تشبه معصية آدم وهو صورة للذي سيأتي رسالة رومة 5 / 12 و 14 الرسول بولس هنا يريد ان يظهر تفوق الآخر على الاول الخطيئة تفصل الانسان عن الله وهذا الفصل هو الموت الروحي وأبدي علامته الموت الجسدي ولكن كيف نكون مذنيين في شيء ارتكبه آدم منذ الاف السنين ؟ والكثير منا يرى انه ليس من العدل أن يديننا الله من اجل خطية ادم ومع ذلك فكل واحد منا يثبت بخطاياه تضامنه مع آدم فنحن من طينة واحدة ميالون الى العصيان ونحن ندان لأجل الخطايا التي اقترفناها نحن انفسنا ولاننا خطاة في حاجة لا الى العدل بل الى الرحمة الرسول بولس يقول ان الذين عاشوا في الفترة الفاصلة بين ادوم وموسى وان كانوا خاطئين لا يستوجبون عقاب الموت بحكم شريعة تعنيهم شخصياً لعدم وجود شريعة وعليه فلقد اصابهم الموت لا من جراء خطاياهم بل من جراء خطيئة ادم والسؤال هو كيف يكون الموت عقوبة الخطيئة مع العلم لم يكن هناك من شريعة ؟ الرسول بولس يعطينا الجواب وهو ان الخطايا التي ارتكبها الناس الذين عاشوا في الفترة الفاصلة بين آدم وموسى كانت تحتوي في نفسها قدرة الموت فالموت ليس عقاباً خارجياً محضاً بل نتيجة لطبيعة الخطيئة التي ملكت من جراء خطيئة آدم ويقول بولس قبل كل شيء اذا ساد الموت جميع الناس حتى قبل موسى فان جميع الناس كانوا مغلقاً عليهم بعلم منهم أو بغير علم في في نظام الموت بدأ في آدم الذي يمثل ويتضمن كل البشرية الخاضعة لقدرة الموت الى يوم انتصار المسيح ان آدم بصفته أول جميع البشر هو صورة للمسيح بكر الخلائق كلها لكنه بصفته يفتتح نظاماً شاملاً للخطيئة والموت صورة سابقة سلبية لذلك الذي يفتتح نظام النعمة الشامل اي المسيح الرسول بولس الكثير من المرات أوضح ان حفظ الشريعة لا يخلص لكنه يضيف ان كسر الشريعة ليس هو يجلب الموت فالموت جاء خطيئة آدم والخطايا التي نرتكبها وان لم تكن على شبه خطيئة آدم الشهوة إذا حبلت ولدت الخطيئة والخطيئة إذا تم أمرها خلفت الموت رسالة يعقوب 1 / 15 هنا ليست الخطيئة هنا قدرة خارجة عن الانسان بل الذنب نفسه اذا بلغت الخطيئة أشدها أورثت الموت فليس المقصود هو الموت الطبيعي فقط بل الموت الاخيري الذي يتعارض مع الحياة التي تمت ولادتها في المؤمن بفضل كلمة الله والتي يعد الله بها من يحبونه إذا رأى أحد أخاه يرتكب خطيئة لا تؤدي إلى الموت فليصل والله يهب له الحياة وأعني الذين يرتكبون الخطايا التي لا تؤدي إلى الموت فهناك الخطيئة التي تؤدي إلى الموت ولست أطلب الصلاة لها رسالة يوحنا الاولى 5 / 16 اننا ننال كل شيء نسأله إياه من امتيازات المؤمن المسيحي الخقيقي ان يطمئن لكونه مسموعاً ومستجاباً له في صلاته هذا الاطمئنان يتاصل في ايامنه نفسه وفي مطابقة ارادته لمشيئة الله ويرى بعضهم ان الخطيئة التي تؤدي الى الموت هي الاترداد عن الايمان فالخطيئة تمنع الوصول الى الاتحاد بالله فتؤدي لذلك الى الهلاك الروحي النهائي من كان له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس إن الغالب لن يقاسي من الموت الثاني رؤيا يوحنا 2 / 11 الموت الثاني يجتاز كل البشر مؤمنين وغير مؤمنين موت الجسد وكذلك سيقوم كل البشر الا أن المؤمنين يقومون للحياة الابدية مع الله أما غير المؤمنين فيقومون للعقاب بالموت الثاني والانفصال الأبدي عن الله امين

اعداد الشماس سمير كاكوز

عن الشماس سمير كاكوز

شاهد أيضاً

صعود ايليا الى السماء

قال إيليا لأليشاع سلني ماذا أصنع لك قبل أن أوخذ عنك فقال أليشاع ليكن لي …