اعزائي يجب ان نلاحظ بان هناك فرق كبير بان نقول (( ان المسيح كلمة الله )، ( وان نقول المسيح هو الله الكلمة )) لاهمية الموضوع سوف نبين مكمن الفرق بين المصطلحين، لان هناك لدى البعض خلط بين لاهوت الخلق ولاهوت الكلمة…
كما هو معروف مرشدنا الى المعرفه الروحية الحياتية، هو الكتاب المقدس، لذلك سنستعين ببعض اياته واحكامه لكي تتجلى لنا الصورة بشكل واضح غير مشوشه ويقينا ايمانيا فاعلا بدون اهتزاز ..
نصوص الايات اعتمدت على ( ترجمة فان داك ) للكتاب المقدس يقول الكتاب (العلم ينفخ ولكن المحبة تبني، فان كان احد يظن انه يعرف شيئا فانه لم يعرف شيئا بعد كما يجب ان يعرف.) رسالة ( 1 كورنثوس 8 : 1 و2 )..
يقضي الامر بالرجوع الى الاصحاح الاول من سفر التكوين / الكتاب المقدس، الذي يحدثنا عن عمل الله في ستة ايام ، يقول:..
في البدء خلق الله السماوات والارض، وبعدها قال الله ليكن نورا فكان نورا.. وقال الله ليكن جلدا في وسط المياه .. وكان كذلك .. وقال الله لتجمع المياه تحت السماء لتظهر اليابسة وكان كذلك…. وقال الله لتكن انوار في جلد االسماء لتفصل بين الليل والنهار.. وكان كذلك.. وقال الله لتفض المياه زحافات ذات الانفس.. ولتخرج الارض ذوات انفس حية كجنسها فكان كذلك، .. وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا، فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وانثى، وباركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروت واملاوا الارض.”.. وبعد ان خلق كل الاشياء ، استراح في اليوم السابع..
نلاحظ ان الله كان كل يوم يخلق شئ معينا، وكان يلفظ كلمته “كن” فيكن” فكان كذلك كما اراده. وهكذا خلق الله بكلمته كل المخلوقات مما نراها وما لا نراها .. هذه الخلائق تؤكد قدرة الله وقوة عجائبه ، يقول في مزمور 33 : 9 “
” لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فصار “بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ
ونفس المزمور: 6 ” بكلمة الرب صنعت السماوات، وبنسمة فيه كل جنودها “..
نفهم من اللاهوت الكتابي اعلاه بان الله خلق الكون واعطاه الحياة وخلق كل شئ مما نراه وما لا نراه. بكلمته خلقها، اذا المخلوقات هي كلمة الله، فهو خالقها، فان كان المسيح كلمة الله فيكون مخلوق بقوة كلمته، في هذه الحالة لا يكون هناك فرق او تمايز بينه وبين سائر المخلوقات التي خُلقت بأمره الله، الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضا عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته ” (عبرانيين1: 2-3).
هذه المعطيات الكتابية لا تسمح ان نسمي المسيح كلمة الله، الا اذا كان لدى مطلقي هذه التسمية قناعه سببيه ببُشرى ملاك الله لمريم العذراء، بان يفسروا البشرى “بكلمة الله” ، فان كان هذا الاجتهاد والاعتقاد في محله، لكان والحالة هذه أنبياء آخرين تمت البشرى بهم، مثال إبراهيم يبشره الله بإسحاق. فلا نقول عن إسحاق كلمة الله، وكذلك زكريا نادته الملائكة “وبشروه بيوحنان ” يَحْيَى” ومع ذلك لم يطلق على يحيى يوحنا لقب كلمة الله. ومن هذا لا يمكن أن يكون معنى كلمة الله أنها بشرى من الله، وما يمكن ان يقاس عليه في هذه الحالة ونقول ان الله خلق ادم بكلمة “كن”، فيكون آدم كلمة الله، ونحن نسل ادم اذا نكون كلمة الله مساوين للمسيح؟؟ وجريان على القياس تكون أول بهيمه خلقها الله في البداية بكلمة “كن” فهل نسمي البهيمه كلمة الله؟ وكل خلائق الله خلقهم في البداية بكلمة “كن” فهل يمكن أن نقول أن كل منهم كلمة الله؟
لذلك لايمكن ان يكون المسيح كلمة الله، ويتساوى مع مخلوقاته، لان هنا الكلمة لغة هي لفظة واللفظة تعني معنى والمعنى لايصال الفكره او الامر او الطلب، فالله قال كلمته بمعنى لفظة كلمته لخلق مخلوقاته، والمسيح لم يخلق بكلمة الله، كما يعتقد المسلمين بان المسيح كلمة الله؟؟ بل هو الكلمة عند الله، وكان الكلمة هو الله ” المسيح ذاته ، يو 1 : 1و2 “. فهو مع الله لانه مولود من الله ، ” مولود غير مخلوق” ، كما جاء في قانون الايمان،”. والكثير من الايات الكتابية تؤكد ان الله الاب يدعو المسيح ابني، ففي انجيل متي 3 : 16 و17 « هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ “.. ونلاحظ كذلك في انجيل مرقس الاصحاح 9: 8 وصوت من السَّحَابَةِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. له اسمعوا “..
والمسيح يؤكد حتى لا يفهم خطأ معنى ابن الله،
يقول في يوحنا 14 : 8 – 10 ” عندما طلب فيلبس من المسيح ” ياسيد أرنا الاب وكفانا، قال له يسوع: أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت: أرنا الآب”. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في”….
هذا يؤكد بان جوهر الابن واحد مع الاب والروح القدس في اللاهوت بكل خصائصه وصفاته واحد “، ليقول الرسول متي 11: 27 ” ولا احد يعرف الاب الا الابن ومن اراد الابن ان يعلن له” …
يتضح من هذا بان هناك فرق بين الكلمة لغة ان تكون لفظة لمعنى، وبين الكلمة هو الله،
يقول انجيل يوحنا 1 : 1
” فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ هو الله “..
الكلمة هنا تعني الفكر ( لوغس ) باليونانية او عقل الله الناطق وهو الآب وكون الكلمة هو عقل الله الناطق فهو الله …
وفي 1 : 14 والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً “..
نفهم من هذا القول” في البدء كان الكلمة” يعني هو البدء لا شيء موجود قبله، والكلمة كان عند الله، بمعنى المساوات بين الاب والابن في الوجود والجوهر، وبه خلق كل شئ، لانه فكر الله / فكلمة كن تَخلق وليست مخلوقة، والمنطق الإلهي خالق وليس بمخلوق. البشير يوحنا يكمل القصد بالمقطع الثالث ويقول، وكان الكلمة الله ، “.. وفي الطبعه الكاثوليكية تذكر ” وكان الكلمة هو الله”..
من هو الكلمة؟ الذي تجسد هو المسيح “والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا”. يو 1: 14 لذلك نحن البشر لايمكن ان نكون مثل المسيح الكلمة المتجسد، لان الكلمة هو الله”.. وهنا كان الخلط لدى البعض عندما اعتمدوا في تفسيرهم على الاشتقاقات اللغوية وبين المفاهيم اللاهوتية، بان البشر يمكن ان يجسد الكلمة كما جسدها المسيح ، .. فالبشر ليسوا اله؟ ..
ولكن الظاهر بان القصد عند هؤلاء بان البشر يمكن ان يجسدوا الكلمة، هو ان يسمعوا كلمة الله ويعمل بوصايا الرب يسوع المسيح وهكذا، يستطيعون ان يكونوا اولاد الله، ولكن لكي يكونوا اولاد الله يجب ان يولدوا من جديد ولادة ثانية ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله ” يو 3 : 3 ” نحن البشر خلقنا من قبل الله بكلمته كن فكنا، فالمسيح هو الله الكلمة ” وكان الكلمة هو الله ” ، فلا انا ولا انت ولاهي نكون مثل المسيح، لذك يجب ان يكونوا الاباء والكهنة حذرين من زلات لفظية كلامية تفسر بمعزل من معناها اللاهوتي في خلاص الانفس . المسيح كلمة هو الله ” فانه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى ، وفيه يقوم الكل “(كولوسي 1: 15) … امين .
بقلم: المحامي يعكوب ابونا