كنيسة مسكنتة في الموصل (1):
تقع كنيسة المسكنتة في محلة المياسة في الموصل بين الساعة وخزرج وهي كاتدرائية الكلدان في الموصل. يمكننا القول أن تأسيس كنيسة مسكنتة يسبق القرن الثالث عشر ولعلها ترجع بتأسيسها الى القرن العاشر أو بعده بقليل أحداث عهداً من كنيسة شمعون الصفا القريبة منها جاء ذكرها في مخطوطة تحمل تاريخ سنة 1592م، تتضمن صلوات أيام الطلب (الباعوثا) الثلاثة، وهي محفوظة في بطريركية الكلدان (بيداويد رقم 3120) وكذلك في مخطوطة صلوات طقسية تحمل تاريخ 1696م (فهرس بيداويد رقم 3116). وأعتباراً من القرن السادس عشر فما بعده يأتي ذكر كنيسة مسكنتة مقترناً بكنيسة شمعون الصفا وكنيسة مار كوركيس الواقعة في خزرج وذلك في عدة مخطوطات أهمها.
1 – كتاب صلوات طقسية (كزا) كتبه القس عطايا بن فرج سنة 1545 في جزيرة أبن عمر (بيث زبدي) لدير مار يارث في ديرك، واشترته خنزاده أبنة الشماس سليمان سنة 1659 وقدمته هدية للكنائس الثلاث (مسكنتة وشمعون الصفا ومار كوركيس) ويحتفظ المتحف البريطاني حالياً بهذه المخطوطة تحت رقم 7178.
2 – كتاب صلوات الطلب (الباعوثا) كتبه بولس حفيد القس يوحنان من قرية شوان على نفقة مريم أم القس داود وذلك يوم الخميس 13 نيسان سنة 1982 يونانية/ 1671م في بربيتا قرب التل العالي (تلا علايا) وتحتفظ بها حالياً مطرانية الكلدان تحت رقم 224.
3 – عدة مخطوطات أخرى هي: أنجيل طقسي كتب في القوش سنة 1681م (بيداويد 1213) وكتاب قصائد كنيسة (ميامر) خطه يوحنان الموصلي سنة 1708 (بيداويد 6025) وكتاب صلوات (حوذرا) يحمل رقم تاريخ سنة 1827م (بيداويد 314) وغيرها من المخطوطات.
ولو لاحظنا (2) التدرج الزمني بأن كنيسة مسكنتة تأتي عادة في المقدمة لدى ذكر الكنائس الثلاث، بينما تسبقها أحيانا كنيسة شمعون الصفا، الأمر الذي يدل على أهمية أحدى الكنيستين في تلك الفترة، أو لاعتبار أخر دفع بالكاتب الى تقديم كنيسة أخرى كأسم الشفيع أو القدمية. وأتخذت كنيسة مسكنتة أهمية كبيرة منذ الثلث الأول من القرن التاسع عشر، اذ أتخذها بطاركة بابل على الكلدان كاتدرائية لهم، فغدت منذ عام 1838 على الأقل أولى كنائس الكلدان وأحتفظت بمركزها هذا حتى سنة 1960 وسنرى ذلك فيما بعد.
ومن الأحداث (3) التي جرت في كنيسة مسكنتة قيام مار يوحنان هرمز، وكان يومذاك رئيس أساقفة على الموصل برسامة أبن أخيه جبرائيل (كوريال) مطراناً مع منحه لقب حافظ الكرسي (ناطور كورسيا) ليخلفه في الرئاسة الكنسية على عادة النساطرة وجرى ذلك في 15 أيار 1791 وتسمى كوريال بأسم شمعون ووكل اليه أمر تدبير أبرشية العمادية والمناطق المجاورة لها. وفيها جرى حل مار يوحنان هرمز من التبطيل الذي كان روما قد أشهرته ضده منذ 15 شباط 1812. فأن القاصد الرسولي بطرس كوبري مطران اللاتين جمع في كنيسة مسكنتة الكهنة والأكابر وقام بمراسيم الحل في 15 تشرين التاني 1826 وكذلك وفقاً لقرار البابا لاون الثاني عشر الصادر في 7 ايار 1826. ويعرف بأن مار يوحنان هرمز المذكور رسم بعد أستعادته حقوقه الأسقفية كاهنين لكنيسة هما القس حنا من بيت الصائغ والقس انطوان من بيت عيسى الرسام وذلك في الثلث الأول من القرن التاسع عشر.
واثر النزاع (4) الذي قام بها مار يوحنان هرمز ومار يوسف اودو أنقسمت جماعة الكلدان في الموصل الى قسمين فكانت جماعة مار أشعيا تؤيد عادة مار يوحنان بينما أنقسمت جماعة الشهيدة مسكنتة الى حزبين: حناني (نسبة الى مار يوحنان) ويوسفي (نسبة الى مار يوسف) وكان وجوه حزب مار يوحنان الحلبي والرسام واليوسفاني وهم أكثر عدداً ونفوذاً أما وجوه حزب مار يوسف فكانوا آل الصائغ وبيت دغدو. وكان كل من الحزبين يقوى تارة على مناوئه ثم يغلبه الأخر وقد لعب المال والحكام دوراً كبيراً في هذا النزاع. أما البطريرك يوسف اودو (5) فهو الذي جدد كنيسة مسكنتة سنة 1850 – 1851 ووسعها بحيث أنها غدت كنيسة كبيرة وجميلة بعد أن كانت صغيرة وبسيطة وأتخذها كاتدرائية رسمية له. وسنأتي على وصف هذا التجديد في باب التجديدات وفيها عقد البطريرك المذكور مجمعا كنيساً في آب 1856 بحث فيه مع لفيف من أساقفة وكهنته قضية الكلدان الملباريين في الهند. كما وفيه عقد أجتماعاً أخر لبحث تطورات القضية الملبارية في 12 أيلول 1760.
ومنذ ذلك الحين وحتى أنتقال الكرسي البطريركي الى بغداد جرت في كنيسة مسكنتة معظم الرسامات الأسقفية والكهنوتية كما نصب فيها البطاركة عبد يشوع خياط ويوسف عمانوئيل الثاني ويوسف غنيمة وبولس شيخو. أما البطريرك ايليا عبو اليونان فتم تنصيبه في كنيسة الأباء الدومنيكان لأن حزب المعارضين كان قد أستولى على كنيسة مسكنتة، وعلى كنيسة شمعون الصفا وكنيسة مار اشعيا.
وأشهر ما تعرف به كنيسة مسكنتة أحتفالاتها الكنسية وطقوسها وتراتيلها الجميلة. كما أن هذه الكنيسة قد ربت أجيالاً من الأشخاص الغيارى والعلماء والأدباء والفنانين والمواطنين الجيدين بفضل مدارسها وأخويتها ونشاطاتها المتعددة.
التجديدات (6):
تجديد اودو: لا علم لنا بالتجديدات القديمة التي جرت لهذه الكنيسة. أول تجديد ومعروف هو ما أجراه البطريرك يوسف اودو عام 1851 وقد أرخ على بابي الهكيل الكبير، اذ وردت في كتابة سريانية بخط شرقي (كلداني – آثوري) تعريبها “كملت هذه الكاتدرائية سنة 1851 للمسيح (للميلاد). وفي سنة 2162 لذي القرنين (لليونان)”. ولم نكن على علم بدقائق الأمور، اذ كان التساؤل قائماً: ما حجم وشكل الكنيسة القديمة؟ وهل أن البطريرك اودو جدها من أسسها كلياً؟ وكان للتجديد الأخير، في العامين 1976 – 1977. أن يكشف لنا عن الأسس والأقسام القديمة ويطلعنا على حجم التجديد الذي أجراه مار اودو. وما سنورده الأن هو حصيلة ما ثبت لدينا من خلال دراستنا للموقع اثناء عملية التجديد.
أن القسم المعروف حاليا ببيت العماد، وقسماً من المذبح الذي بجواره، وجزءاً من الجناح الجنوبي الذي يليه حتى بابا المطل على فناء الصغير، هي ما كانت تشكل الكنيسة الأصلية الصغيرة، مع الفناء الصغير. ويبدو أن البطريك اودو اضاف جزءاً من الجناح الغربي والجناحين الوسطي والشمالي بكاملها، حتى العمودين اللذين بعد البابين الخليفين بقليل. ولعل قسماً مهما من بيت العماد الحالي هو في الأصل بيت العماد أو بيت القديسين للكنيسة القديمة. ولكي تتخذ الكنيسة المجددة شكلها هندساً مستطيلاً، جرى بناء حائط بين بيت العماد الحالي والمذبح الذي الى جواره، فكانت لنا غرفة صغيرة جداً الى يمين بيت العماد وفسحة أخرى بعدها كانت مغلقة حتى تجديد 76 – 1977 فجعلناها بيت عماذ على الطقس القديم. وهذا الأستنتاج يبرر أكتشاف الصناديق الخشبية القديمة في محل بقي مجهولاً بالنسبة لمجددي الكنيسة عام 1851، اذ أنه وجد في مؤخرة الكنيسة القديمة تقريباً، في نهاية الحائط الجنوبي، ولعله كان بيت الشهداء في حينه في الكنيسة الأصلية. فلو درى البطريرك اودو ومعاونوه بهذا المذبح الكبيرذخائر أخرى دخليه نوعاً ما. كما سنرى، ويدعم راينا هذا أن الكلدان عندما شيدوا بعد سنة 1746 بقليل كنيسة في محل رأس الكنيسة (كوك نزر) في الميدان في بغداد على أسم مريم العذراء، اتوا بذخيرة من ذخائر القديسة مسكنتة فاودعوها في المشكاة المخصصة بوضع ذخائر الشهداء، فرفعت الكنيسة بأسم كنيسة مسكنتة. وبوسعنا التأكيد بأن ذخيرة القديسة مسكنتة انما مصدرها كنيسة مسكنتة في الموصل، لأن الكهنة الذين خدموا كنيسة بغداد هذه كانوا من الموصل، وهم القس مقصود المتوفي عام 1765 والقس الياس ثم القس فرجو والقس عبد المسيح والقس يوسف هندي. وسيأتي وصف التجديد الذي قام به البطريرك اودو وأهم آثاره فيما يلي:
تجديات أخرى (7):
ثم قام البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني بتوسيع الكنيسة عام 1904 وذلك في فرصة يوبيله الكهنوتي الفضي أو مرور خمس وعشرين سنة على رسامته الكهنوتية فقد أضاف ستة أذرع الى مؤخرة الكنيسة كما صبغها بالدهان على نفقته الخاصة. وثم تاريخ هذا التجديد في الحنيتين الأخرتيين من الحنايا المنقوشة، وهما القريبان من المذبح الكبير الى الشمال منه حيث تسجل الكتابة الكرشونية ما نصه: “تجددت هذه الكنيسة وتوسعت داخلاً وخارجاً بنفقة مار عمانوئيل الثاني بطريرك بابل في يوبيله الكهنوتي سنة 1904”. وقد عثرنا في سجل قديم على تكاليف هذه التجديد والتوسيع فاذا بها، مع تجديد مدرسة شمعون الصفا 236. و 93 قرشاً، دفع منها البطريرك نفسه 463 و 77 وبقية المصاريف دفعها افراد الجماعة.
كما قام البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني بأجراء ترميمات على الكنيسة عام 1929 ونظن أنه في هذا التاريخ فُتح مذبحان صغيران في الحائط الغربي للكنيسة هما مذبحا مريم العذراء (الحبل بلا دنس) وقلب يسوع، وقد ساعدا على تضعضع بنيان الكنيسة لأن التوسيع جرى خارج أساس الكنيسة الأمر الذي دفع الى بنيان سند (بغلة) للحائط من الخارج بلغ سمكه فيما بعد ثلاثة أمتار.
واجرى ترميمات (8) اخرى سنة 1947 – 1948 المطران أسطيفان كجو المعاون البطريركي وفي سنة 1945 نقل المطران سليمان الصائغ المعاون البطريركي برج الناقوس من موضعه الأصلي فوق غرفة الخدمة (السكرستيا) الى موضعه الحالي، وفي مقدمة الكابلة، وأرتفع بشكل سداسي جميل وقد افادنا المطران أسطيفان بابكا بأنه تم تجديد قسم من السقوف وطليت الكنيسة بالدهان وأكتمل العمل في نهاية آب 1954. وأخيراً قام المطران عمانوئيل ددي (9) وأبرشية الموصل الكلدانية بأجراء تجديد جذري لكنيسة مسكنتة اعتمد مبدأين: صيانتها أثرياً وأخراجها بمنظر يليق بمكانتها. وقد بوشر بهذا التجديد في ايار 1976 تحت أشراف كهنة المطرانية والمهندس فريد مطلوب والنقار بهنام هندوش، فرفعت أنقاض كثيرة كانت تغلف السطوح واستعيض عن العواميد المرمرية الضخمة كلها من الخارج وتلبيسها بحجز الحلان، ثم صبت طارمات من كل الجهات واقيم فوقها رباط ثم صبات السطوح. وقد استبدلت القطع المتهرئة من الحيطان الداخلية بقطع مرمرية ايضاً من المرمر الذي في الكنيسة وهكذا أرتفع الحلان من الخارج بينما برز المرمر من الداخل بعد أن أزيلت عنها الأصباغ واستعاد الحائط الغربي استقامته بعد أن أستند من جديد الى الأساس القديم وأزيل المذبحان المتأخران، مذبحا مريم العذراء وقلب يسوع. وعولجت القبة اذ عقدها البناء عزيز ايشوع وغلفت بالحلان فأرتفعت عما كانت عليه في السابق. ورتب بيت العماد بشكل هندشي وطقسي قديم وذلك بالأستفادة من قسم الكنيسة القديم وسوي الفناء الصغير بشكل جيد. وهكذا تمت صيانة الكنيسة صيانة متينة مبرزة معالمها الأثرية ونقوشها وكتاباتها فغدت من الكنائس التي بوسع الموصل أن تفتخر بها. وأفتتحت الكنيسة رسمياً في 25 / 12 / 1977.
آثار الكنيسة (10):
لم يبق لنا شيئ يذكر من الكنيسة القديمة مع الأسف. لأن تجديد عام 1851 اودى بمعالمها ما خلا جزءً بسيطاً يكشف لنا أرضيتها الأصلية، وهو ما وضعنا فيها مؤخراً جرن العماد ورتبناه بشكل طقسي قريب الى الشكل القديم. كما أننا نعتبر الصندوق الحجري وصناديقه الخشبية وبقايا القماش والذخائر من آثار الكنيسة القديمة جداً. وكذلك المخطوط النفيس الذي تحدثنا عنه آنفاً وما خلا ذلك فأن ما يسترعي الأنتباه يرجع الى تجديدي 1851 و 1904.
مقايس وأبعاد (11):
يبلغ طول الكنيسة من الداخل حوالي 30م وعرضها أكثر من 16م وسمك الحيطان 1,5م تقريباً وهي مقسومة الى جناح وسطي واسع وجناحين جانبين أقل أتساعاً، وينتهي الثلاثة الى الشرق بمذابح يبلغ الكبير 7,7 طولاً و 3,75 عرضاً، بينما يبلغ المذبحان الجانبيان 5,25 طولاً و 3,75 عرضاً. يفصل جناح عن جناح أربعة عواميد فيكون مجموع مسافة 4,16م. أما أرتفاعها ففي الوسط 9,5م وفي الجانبين 5,7م أما البقية فقد بلغ أرتفاعها بعد التجديد الأخير 15م وطول بيت العماد حوالي 13م وعرضه 3,5م وللكنيسة بابان في الحائط الشمالي وباب ثالث في الحائط الجنوبي بأزاء الباب الخلفي كما فيه ستة شبابيك مرتفعة في الحائط الغربي، ما عدا شبابيك أخرى صغيرة هوائية. وقد قمنا بقياس الهيكل من الخارج فبلغ طوله من مؤخرة بيت الخدمة (السكرستيا) وحتى بابه 6,7م ومن باب الخدمة وحتى نهاية الكنيسة 27,5م أي أن طولها هو حوالي 34م بينما بلغ عرضها 17,85م وفي الفناء طارمة وأربعة أعمدة أمام الهيكل وعمودان في الطرف الغربي. أما ابعاد الكنيسة من الخارج بما في ذلك الكنيسة والقاعة والكابلة والغرف والفناء فقد بلغت شرقاً 45,5م وغرباً 34,5 وشمالاً 33,5 وجنوباً 43م وتتداخل واياها بيوت من جهتي الشرق والشمال خاصة.
باب المذبح الكبير والحنيتان (12):
هذا الباب كالأبواب الأخرى والأعمدة والأقسام السلفى للكنيسة من الداخل من المرمر الموصلي الأزرق وهو محفور بنقوش وكتابات سريانية بخط اسطرنجيلي جميل يزينه من الجهتين شريط زخرفي يبدأ بالأسفل وحتى الأعلى ثم كتابة تبدأ من أسفل يسار المذبح أي يمين الواقف أمامه وتستمر صاعدة حتى تنتهي عند أسفل الطرف الأخر أما في القسم العلوي فنجد وردتين ونقوشاً أخرى وقوساً دائرياً، يلي ذلك قوس أخر وكتابة بزخارف نباتية ومقندلات. وتعريب الكتابة التي حول الهيكل ما يأتي: “اللـه الذي قدس المسكن الأول الذي صنعه موسى البكر الأول، قدس بحنانك هذا المذبح البهي وضع فيه الرحمة والغفران. أيتها البتول التي أصطفيت قبة للعلي، لقد تخصص لك هذا المذبح والهيكل بالتمام، فاحفظي المصلين به. أن الكروبم والسرافم قائمون بخوف ورهبة أمام جسد الكلمة، يسألون في المذبح غفران الذنوب عوض أبناء الكنيسة بحب ووئام”. في القوس المنخفض كتابة أخرى تعريبها: “كملت هذه الكاتدرائية سنة 1851 للمسيح وفي سنة 2162 لذي القرنين”.
وثمة حنيان (13) الى جانبي المذبح، مكونتان من اطار ودوائر شعاعيتين ونقش الحنية الأعتيادي: شعاع نصف دائري مع بروز مخروطي في الوسط وقد عثرنا على ذخائر كريمة في كل منهما هي للقديسين كوركيس وبوليقربوس ونيقالاوس واقليميس واروبانس وتراب من بيت مريم العذراء، وضعها البطريرك يوسف اودو في أيار1851 وكتب بها ورقة عليها ابان تجديد 1954 فأضيفت اليها ورقة أخرى جاء فيها ذكر ذلك وقد أصابت الرطوبة الورقتين فتلفتا الا أن المطران أسطيفان بابكا أفادنا بالنص السرياني المكتوب بخط شرقي لذا نسجله هنا شاكرين وتعريبه: (الورقة الأولى) “أنا يوسف اودو بطريرك بابل وضعت الى شمال المذبح عظام مار كوركيس الشهيد والبابا اوربانس (القديسين بوليقربوس ونيقولاوس وترباً من بيت مريم البتول القديسة وعلى كل منها أسم صاحبه داخل هذا الأناء البلوري ومن طرف المذبح الأيمن وضعت في أناء بلوري أخر عظام ستة من الرسل القديسين مار بطرس ومار سمعان ومار يوحنان ومار توما ومار فيليبس ومار أندراوس في 8 أيار 1851″. (الورقة الثانية) تجددت حجارة هذه المنطقة في أيام أب الأباء بطريرك بابل مار يوسف السابع غنيمة فعثرنا على هذين الصندوقين اللذين فيهما ذخائر قديسين بختم مار يوسف اودو بطريرك بابل فارجعناهما الى محلهما في شهر آب 1954”. وخلف المذبح الكبير قطعة نقش دائري يتوسطه صليب. أما المذبح نفسه فحديث العهد.
المذبحان الجانبيان والزخارف الأخرى (14):
للمذبحان الجانبيين زخارف متشابهة هي عبارة عن دائرتين على شكل نجمتين مربعتين ونقوش هندسية أخرى. وفوق الأعمدة نقوش على مرمر تمثل دوائر ونجمات واشكالات هندسية أخرى. وثمة بقايا أرضية الكنيسة القديمة في الحائط الجنوبي من بيت القديسين أو بيت العماد الحالي وضعنا عليها جرن العماد ورتبنا لها مدخلاً بثلاث درجات وصليبا مرمرياً جميلاً فوق الباب يرجع الى حوالي الخمسين سنة.
الحنيات الخطية (15):
ثمة كتابة كرشونية (نص عربي بخط سرياني أسطرنجيلي) ضمن 28 حنية مزخرفة حول صحن الكنيسة. طول كل حنية 110 سم وعرضها 85 سم والكتابة التي في كل حنية لا تتعدى الخمس أو الست كلمات وهي مقسومة الى قسمين مؤطرين طول كل قسم 48 سم كما وللحنية أطار خارجي يتألف من ثلاثة أقواس في أعلاه يبلغ طول الأعلى منها 45 سم وقد صنعت هذه النقوش والكتابات من الجبس وصبغت بازرق جميل فبرز فيها لونان الأبيض والازرق بعضهما تألف أو مشوه في بعض الأقسام الا أننا أرجعناها الى حالتها الأصلية أبان التجديد الأخير. وقد كان متداولا بأن الخوري عبد الكريم نعامة (المتوفي سنة 1914) هو الذي خط هذه الكتابة الجميلة غير أننا بعد دراستها مليا تبين لنا أن القسم الأكبر منها يعود الى فترة أقدم عهداً أي الى تجديد عام 1851 وبوسعنا تحديد الوضع بدقة: فقد كانت الكتابة تمتد من الحنية الأولى التي تبدأ الى اليمين من الذبح الكبير وتمتد فوق الأعمدة والأقواس باثني عشرة حنية ثم أربع حنيات في الحائط الخلفي أو الغربي ثم أثنتي حنية أخرى حتى يسار المذبح المذبح الكبير. وحينما وسع (16) البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني الكنيسة سنة 1904 الغيت الحنيات الأربع التي في الحائط الخلفي فتشوه النص وهو المزمور 83 لذا أضطروا أن يكملوا باربع حنيات أمتدت كل حنيتين على كل من الحائطين الشمالي والجنوبي ولما كان توسيع هذين الحائطين أكبر بقليل من حجم حنيتين اضيفت في نهاية كل طرف حنية أخرى أصغر حجماً تحمل نقش نجمتين الواحدة فوق الأخرى بينما بقي الحائط الغربي خاليا من حنيات وفتحت فيه ثلاث شبابيك وشاؤوا تسجيل تاريخ هذا التوسيع فبتر النص في الأخر وأستعيض عن نص الحنيتين الأخرتيين بكتابة تؤرخ تجديد وتوسيع سنة 1904 والكتابة الأصلية أو القديمة التي تعود الى سنة 1851 أجمل خطاً من التي قام بها الخوري نعامة عام 1904 ولعلها لأحد الكهنة الخطاطين في أيام البطريرك اودو كالراهب دميانوس أو رومانوس كما نص الكتابة (المزمور 83 الآيات 1-2) يرجع الى ترجمة قديمة.
المصادر: (1) بين النهرين العدد 18 – 19 سنة 1977 ص 184. الأب الدكتور يوسف حبي. (2) نفس المصدر ص 184. (3) نفس المصدر ص 185. (4) نفس المصدر ص 185. (5) نفس المصدر ص 185.
(6) نفس المصدر ص 186. (7) نفس المصدر ص 187. (8) نفس المصدر ص 187. (9) نفس المصدر ص 188. (10) نفس المصدر ص 188. (11) نفس المصدر ص 188. (12) نفس المصدر ص 189.
(13) نفس المصدر ص 190. (14) نفس المصدر ص 190. (15) نفس المصدر ص 191. (16) نفس المصدر ص 191.
الموسوعة الكلدانية – كتاب تاريخ الكلدان صفحة 137 – 145.
الناشر/ شامل يعقوب المختار