البابا فرنسيس الاول يكرّم الشهداء الأقباط: ماذا يقول الكتاب المقدس عن الشهادة…. الاستشهاد المسيحي ومجد الشهداء: الجزء 2

إنّهم قدّيسونا، قدّيسو جميع المسيحيّين ….. بين ايديكم أعزائي القراء والمتابعين الكرام وكما وعدتكم هذا هو الجزء الثاني من موضوع الشهادة والشهداء…ارجوا ان أكون قد وفقت في اختيار المحتوى ولكم محبتي ويمكن العودة الى أرشيف الموقع للاطلاع على الجزء الاول

وأقول علينا دائما الاستذكار المؤلم للاضطهاد والإرهاب الذي أصاب المؤمنين الذين قضوا بالشهادة كشهداء للأيمان المسيحيّ الأوائل منهم والى يومنا وشهداء الاقباط منهم الذين استشهدوا في 15 فبراير عام 2015، الموافق 8 أمشير، ليبيا… (1) وإذا كانت المسيحية هي المحبة، فالموت في سبيلها هو الاستشهاد، فلنضيء الشموع أمام صور الشهداء لهم الأكاليل المعدة في السماء، أكاليل الاستشهاد وأكاليل الغلبة والعفة والخدمة، وأكاليل البذل والعطاء والشهادة للمسيح الذي أحبنا وبذل ذاته، الاستشهاد المسيحي بنتائجه هو البرهان على قول الرب يسوع المسيح، “اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ”(يو 12: 24).

الاستشهاد في تاريخ الكنيسة المبكر، وانتشاره عبر الازمنة وفي كل مكان والذي اضاء بنوره الإيمان الحقيقي الذي وهبه الرب لنا بحبه الفائق الذي تجلى على الصليب، والاستشهاد ليس مجرد سفك دم، ولا هو مجرد اعتراف شفهي بالسيد المسيح، لكنه ممارسة كمال الحب من كل الذين يؤمنون به على طريق الملكوت والفضيلة التي تذوقها ابائنا واليوم نحن وغدا ابنائنا أن الإيمان المسيحي انتشر في العالم كله بشهادة القديسين والمؤمنين، وأصبح احتمال الألم من أجل المسيح هبة روحية… “لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ”( في 1: 29).

المؤرخ الكنسي يشير الى الاضطهادات التي طالت النساء: لم يكن النساء أقل من الرجال في الدفاع عن تعاليم الكلمة الإلهية، إذ اشتركن مع الرجال. ونلن معهم نصيبًا متساويًا من الأكاليل من أجل الفضيلة. وعندما كانوا يجروهن لأغراض دنسة، كن يفضلن تسليم حياتهن للموت فيذكر بولس الرسول قائلًا: “فِي الإِيمَانِ مَاتَ هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ”(عب 11: 13). إن الشهداء قبلوا الآلام، لأنها علامة الشراكة الحقيقية التي تربطهم بالرب يسوع المسيح الذي قبل الآلام لأجلنا ليهبنا الحياة الأبدية.وتأسيسا على ما تقدم في الجزء الأول من الموضوع كان لابد من الإشارة الى التعليم الكنسي من حاضرة الفاتيكان حول جمع الوثائق الخاصة باستشهاد المؤمنين وبذل الجهود للتذكير بشهادة الدم وكما يلي:

“على الكنائس المحليّة أن تبذل كلّ جهد لئلَّا تترك ذكر الذين أدّوا شهادة الدَّم ان يضيع:

1- وجه القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني إلى الكنائس المحليّة( 9)، دعوة رسوليّة مع إطلالة الألفيّة الثالثة، في 10 تشرين الثاني1994والنص المختصر يقول: “دم الشهداء زرع المسيحيين في مختلف العصور على الكنائس المحليّة أن تبذل كلّ جهد لئلَّا تترك ذكر الذين أدّوا شهادة الدَّم يضيع، وتجمع كلّ الوثائق اللّازمة، الأمر الذي يمكن يأخذ طابعًا مسكونيًّا بليغًا. فصوت اتِّحاد القدّيسين أقوى من صوت دعاة الشقاق، وسيرة الشهداء الأوّلين كانت الأساس في تكريم القدِّيسين. والكنيسة في إعلان وتكريم قداسة أبنائها وبناتها كانت تؤدِّي التكريم السامي إلى الله نفسه، وفي الشهداء كانت تكرِّم المسيح منبع شهادتهم وقداستهم. إنّ كنيسة الألفيّة الأولى وُلدت من دم الشهداء. وفي نهاية الألفيّة الثانية صارت الكنيسة مجدَّدًا كنيسة الشهداء. فقد أدّت الاضطهادات على المؤمنين، كهنةً ورهبانًا والمؤمنين في العالم، إلى زرع وفير من الشهداء في شتّى ارجاء المعمورة. وأصبحت الشهادة المؤدَّاة للمسيح حتى الدَّم تراثًا مشتركًا بين كلّ المسيحيِّين. إنّها شهادة يجب ألاّ تنسى”. ( 8 )

2- شهداء الاقباط الذين نالوا الشهادة في 15 فبراير عام 2015، الموافق 8 أمشير، ليبيا( 3 ) وأعلن البابا تواضروس، إدراج أسماء 21شهيد إلى السنكسار* القبطي( 2 )، الذي يحوي سير شهداء المسيحية على مر العصور، تعود قصة الشهداء الـ21، لنهايات عام 2013، حين أعلن تنظيم “داعش” في ليبيا، خطف 7 عمال مصريين أقباط في مدينة سرت، وبعدها اختطف 14 آخرين في مطلع يناير 2015 من منازلهم، وفي 15 فبراير نُشر “رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب”، وهي العبارة المنسوبة لكيان يطلق على نفسه “مؤسسة الحياة”، اقترنت بصورة للبحر، وهو مختلط بالدماء لتنذر بعملية إرهابية “داعشية” جديدة، أعقبها بوقت قصير نشر مقطع مصور يحمل تفاصيلها، وتضمن لقطات لبحر وملثمين يسوقون عمال في ملابس إعدام برتقالية، ودماء تختلط بالماء، يشهد بتفاصيل على “بشاعة” الإرهاب لهؤلاء الظلاميين المنحرفين، حيث قام الإرهابيون بنحر 21 مصريًا وأفريقيًا بتهمة “المسيحية” على إحدى السواحل الليبية والصوت في الخلفية يقول: “أيها الصليبيون إلا أمان لكم ” كانت هذه الجريمة مثالا للبشاعة التي هزت الضمير الإنساني العالمي بقوة ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم تذكر العالم بوحشية الإرهاب والتطرف….. هكذا تمت الجريمة بحق أبرياء يبحثون عن عمل ولقمة العيش، تم اعلان الحداد على أرواحهم وتقديم جميع أشكال الدعم نحو أهالي الضحايا.

وبعد عامين، تم اعتقال منفذ ومصور الواقعة، وحدد المكان حدوث الجريمة الارهابية، ووجدت الجثامين مكبلة الأيادي ومقطوعة الرأس وبالزي البرتقالي، نقل رفاتهم في 14 مايو 2018 الى مصر ليستقبلها قيادات الدولة والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، وسلموا إلى ذويهم بقرية العور بمركز سمالوط، ونقل اباء الكنيسة رفات الشهداء وضعت بمزار كنيسة “شهداء الإيمان” في المنيا بصعيد مصر.( 5 )

3- السادس من تشرين الأول يوم الشهيد الكلداني:

اهتم آباء الكنيسة الكلدانية بدعاوى تطويب شهداء وإعلان قداستهم وقدموا دراسة تضم كافة القديسين المذكورين في الطقس الكلداني ولتقدمه إلى الكرسي الرسولي لكي تدمج في التقويم الكاثوليكي للكنيسة الجامعة. أما شهداء الحرب الكونية الأولى والثانية وشهداء الاحداث اللاحقة ما بعد 2003 كالمطران فرج رحو، والأب رغيد، والشمامسة، وكلف المطران فرنسيس قلابات بهذه الملفات ومتابعتها مع مساعدين له. القارئ العزيز سيتم اختيار بعض الاحداث المحزنة التي ارتكبت بحق الكلدان في العصر الحديث وكما يلي:

4– مجازر “سفر برلك” :

الكنيسة الكلدانية: هي “كنيسةُ الشهداء” على خُطى الشهادة سار البطاركة وعشرات الاساقفة والألف من الإكليريكيين وأبناء الكنيسة المؤمنين والعلمانيين الذين نالوا إكليل الشهادة وهم اليوم في الملكوت السماوي، ومن تراث الألم والقتل والتشريد الذي عانت منه الكنيسة الكلدانية والكنائس الأخرى* في نفس المنطقة هو السفربرلك وعلى النحو التالي: أقيم في كاتدرائية الملاك رافائيل في 24/10/2015 لبنان استذكار مؤلم لشهداء الكنيس الكلدانية بمناسبة الذكرى المئويّة الأولى لمجازر سفر برلك، هذه المجازر الوحشيّة التي شنّتها قوى الظلام في الامبراطوريَّة العثمانية العام 1915 ، راح ضحيتها ما يقارب مئتي ألف شهيدٍ من إكليريكيّين وعلمانيّين من الكلدان سقطوا على مذبح الدفاع عن إيمانهم بالرب يسوع ليسطّروا بدمائهم تاريخ هذا الشرق المشرّف.

هذه المجازر خلفت الكثير من مشاعر الغضب والحزن والأثار النفسية والاجتماعية التي خلفتها، وأبطالٍ الإيمان فيها يستحقّون الطوبّى وأكاليل الخلود والمجد… ومن ثَمَّ نحزنُ أيضاً لأنَّ التاريخ يكرّر نفسه، على ما نشهدُ عليه اليوم من مأساةُ ارتكبت بحق مسيحيي العراق وسوريا… لا بل جلجلةُ الشرق الحزين الذي ينتظر بفارغ الصّبر فجر اليوم الثالث… أمَّا الشعورُ الأعمقُ والأكثرُ تأثيراً والذي خلّفته لنا هذه الصفحة التاريخيّةُ المكتوبةُ بمِدادٍ من دمٍ، فهو الشوقُ والرغبةُ في التشبّثِ في الإيمان.

لم تكُن مجازر “سفر برلك” أبادة للعنصر البشرّي المسيحيّ فقط، بل طالت الحجر أيضاً إذ استحالت تلك الأديارُ الأثريّة النفيسةُ بكنوزها الروحيّة والتاريخيّة خراباً كما اندثرت معالمُ دينيّةٌ وثقافيّة وحضاريّة كُبرى، أمّا إذا أمعنّا النظر في مجازر عام 1915 وقافلةِ شهدائها، فلا بُدَّ لنا من ذكر واعترف قداسة البابا فرنسيس بحقيقة الإبادة التي شملت الشعب الأرمني والسرياني والأشوريّ والكلدانيَّ… فجميعُهم تعرَّضوا للتهجير والتعذيبِ والقتل في أماكنَ متقاربةٍ جغرافياً 1915 و 1918 .( 10 )

5- مذبحة صوريا، محطة الشهادة في تاريخ الكلدان الحديث: المجزرة التي نفذت بحق شعبنا الكلداني في قرية صوريا التي راح ضحيتها العشرات من الابرياء والجرحى، المذبحة بحسب شهود عيان وسكان القرية أشاروا بالقول ليسطر التاريخ عن امة الكلدان العريقة سِفراً آخراً في الشهادة، تقع قرية صوريا(113كم شمال الموصل) بالقرب من السهل السليفاني و على ضفاف نهر دجلة. مركزها الاداري هي ناحية العاصي (باتيل حاليا) في قضاء زاخو في محافظة دهوك/ العراق. في 16/9/1969 قرية صوريا الكلدانية، وباثر انفجار لغم تحت احدى عجلات مفرزة عسكرية كان ذلك خارج القرية القريبة من الموقع، وبعدها تم التوجه الى قرية وجمعوا اهالي القرية في حضيرة للحيوانات، وطلبوا منهم ان يأتوا بمن وضع اللغم، ولم يشفع لهم قولهم بانهم فلاحون مسيحيون ليس لهم دراية باستعمال السلاح، وقام الجنود بتنفيذ اوامره و تم تطويق القرية من قبل الجنود و كان في نفس اليوم قد وصل القس حنا بيث قاشا من زاخو الى القرية، ويقول احد الناجين من أبنائها عندما كان الجنود يجبرون سكان القرية بأعقاب وحراب بنادقهم كان البعض يفكر بالفرار، وبعد حين اجهز امر المفرزة على “ليلى” ابنة المختار التي كانت تمنعه من استهداف ابيها، وتم أطلاق النار على المدنيين من دون تمييز وكلما نفذت رصاصات هذا المجرم العنصري استبدلها بمخزن جديد وراح يواصل اطلاق النار حتى اذا ما تأكد بأنه لم يبق انسان قائما امامه اصدر اوامره الى الجنود المحيطين به بأن يبقروا الاجساد المثخنة بالجراح بحراب بنادقهم ويضرموا النار في بيوت القرية والسور المحيط بها لكي يحولوا دون محاولة بعض الناجين من الفرار، ويمنعون الناس من سكان القرية المجاورة الوصول الى موقع الجريمة ولم يكتفى بذلك بل اعطيت الاوامر للجنود بحرق المحصول الموجود في كل بيت و قتل المواشي في القرية. ومات عدد كبير من الجرحى نتيجة اصابتهم بحروق وعدم استطاعتهم الهرب من القرية.

عن هذه الجريمة في احدى مذكرات هيئه الامم المتحدة تبين (انه في يوم 16 ايلول 1969 ابيد 97 مواطناً قتلاً وجرحاً هم كل سكان قريه صوريا غرب زاخو. وقذف الجنود بالأطفال منهم وهم في مهودهم الى الماء فغرقوا في النهر، لنجعل من ذكرى المذابح هذه محطة مؤلمة من تاريخ امتنا الكلدانية، ورمزاً خالداً و تذكاراً للآلاف من شهدائنا الابرار الذين ذبحوا و أُعدموا بمزاج عنصري و بطريقة وحشية ، ان إقامة الذكرى هي واجب يمليه علينا ايماننا تجاه التضحيات الكبيرة و ملاحم الشهادة التي سطرها ابناء امتنا على مر العصور.( 6)

6- مذبحة سميل إبادة جماعية للشعب الاشوري: وفي سنة 1970 أعلن الاتحاد العالمي الآشوري يوم 7 آب يوما للشهيد الآشوري يتم فيه استذكار الذين سقطوا سواء في حملة سميل أو في المذابح الآشورية عندما أبيد أكثر من نصف الشعب الاشوري خلال المجازر التي اقترفت بحقهم من قبل الدولة العثمانية وبعض العشائر الكردية التي تحالفت معهم خلال الحرب العالمية الأولى. مذبحة سميل (بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐ پرمتا د سمّيلِ) هي مذبحة قامت بها الحكومة العراقية بحق أبناء الأقلية الآشورية في شمال العراق في عمليات تصفية منظمة بعهد فيصل الأول وحكومة رشيد عالي الكيلاني ازدادت حدتها بين 8-11 آب 1933. ويستخدم المصطلح (المذبحة) لوصف ما حدث من مجازر وإبادة عرقية في بلدة سميل بالإضافة إلى حوالي 63 قرية آشورية في لواء الموصل آنذاك (محافظتي دهوك ونينوى حاليا)، والتي أدت إلى موت حوالي 600 شخص بحسب مصادر بريطانية، وأكثر من 3,000 آشوري بحسب مصادر أخرى، تمت صياغة عبارة (إبادة عرقية) “Genocide” أي (إبادة الشعب) لوصف هذه لإبادة إن غالبية الآشوريين المتأثرين بالمذابح كانوا من أتباع كنيسة المشرق الآشورية والذين سكنوا أصلاً في منطقتي حكاري وبرواري الجبلية التي تغطي أجزاء من محافظتي هكاري وشرناق ووان في تركيا، وودهوك في العراق، وتراوحت اعدادهم ما بين 75,000 إلى 150,000، وتم نقل العديد المتبقي منهم بعدئذ إلى معسكرات للاجئين في مدينة بعقوبة ولاحقا إلى الحبانية.( 11 ) وعندما نستذكر شهداء سفر برلك وصوريا وسميل، تحضرنا قصص و صور الشهادة لأبناء هذه الأمة المسيحية الكلدانية العريقة خلال العصور التي توالت بعد سقوط المملكة الكلدانية 539ق.م والى وقتنا الحاضر( 7 )،ولا ننسى في هذه الذكرى شهداءنا الذين قضوا ونستذكر في هذا المجال شيخ شهداء الكنيسة الكلدانية المغفور له المثلث الرحمات مار بولس فرج رحو رئيس اساقفة نينوى للكلدان، ومعه جوقة الشمامسة الأبرار وكذلك الشهيد الأب رغيد گني ورفاقه الشمامسة، وبهذه الاستذكار الاليم لدمائهم الزكية التي اريقت على تراب الارض المقدسة من اجل زرع بذرة المحبة و السلام في قلوب ابناءه. ( 11 )

7- الكنيسة السريانية الكاثوليكية، بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐعيتو سُريَيتو قَثوليقَيتو: هي كنيسة كاثوليكية شرقية مستقلة مرتبطة بشركة كاملة مع الكنيسة في روما بفرعها الشرقي، أي أنه مسموح للسريان الكاثوليك بالاحتفاظ بعاداتهم وطقوسهم الكنسية حتى لو كانت تخالف أحيانا التقليد الكاثوليكي الغربي، لا يزال بعض من أبناء هذه الكنيسة يتكلمون اللغة السريانية ويسكنون في شرق سوريا وفي شمال العراق المركز الرئيسي لكنيستهم هو أنطاكية في تركيا و في لبنان يقع المقر البطريركي للسريان الكاثوليك ويحمل بطاركتهم على الدوام اسم إغناطيوس كاسم أول ثم الاسم الشخصي للبطريرك، في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، أمّ الشّهداء، في 31/ أكتوبر/ 2010 شهدت الجريمة البشعة بحق المؤمنين والتي أضيفت الى سلسلة الاستهداف و الاجرام بحق مسيحيي العراق، ولقد تم الاستذّكار العاشر لهذا الجريمة وما خلفته من الاستشهاد المؤلم لإخوةٍ وأخواتٍ في الإيمان، جرّاء الهجمة الإرهابيّة، الّتي راح ضحيّتها 48 شهيدًا وشهيدةً، وخلّفت أكثر من ثمانين من الجرحى. قبل عشر سنوات تمامًا ارتكبتْ عصاباتٌ التكفير في هذه الكاتدرائيّة مجزرةً، اعتُبِرتْ جرس إنذارٍ للمسيحيّين أدّى إلى تهجير ونزوح أكبر عددٍ لهم في العصور الحديثة، ليس فقط من بغداد العاصمة، بل من كلّ أنحاء بلاد الرّافدين، ومن شّهدائها: الكاهنان الشّابّان ثائر عبدال ووسيم القسّ بطرس، والأطفال، والشّبّان والشابّات، والآباء والأمّهات، الذين كانوا يصلّون ويشاركون في ذبيحة القداس الإلهيّة، امتزجت دمائهم بذبيحة الحمل على المذبح، وارتقت أرواحُهم إلى السّماء و نطلب من الاب القدير أن تكتمل دعوى تطويبهم جميعًا لدى الكرسيّ الرّسوليّ، لكي نعود ونستذكر ونحتفل برتبة تطويبهم، ونقيم الاحتفال بغلبتِهِم، والفخر ببطولتِهم، لأنّ الرّبّ وَعدنا أن يبقى معنا ووعده لا ولن يخيب أبدًا، هذه الحادثة كان لها وقع مؤلم في نفوس المسيحيين في العراق وأثارت ردود فعل عالمية تستنكر هذا الإرهاب المقصود.

8- كي لا ننسى تأبين الشهداء بإعلان عام 2017بسنة الشهادة والشهداء المسيحيين في الكنيسة المارونية: ( 8 ) قرّر المجمع الكنيسي الماروني المقدَّس اعتبار 2017 “سنة الشهادة والشهداء في الكنيسة المارونيّة”، أن تبدأ سنة الشهادة والشهداء في عيد أبينا القدِّيس مارون في 9 شباط 2017، تهدف هذه “السنة” أوّلًا إلى الاحتفال بشهدائنا المعروفين، لا سيَّما رهبان مار مارون الثلاثمائة والخمسين، والبطاركة والطوباويِّين الشهداء والإخوة المساكين الذين استشهدوا مع عدد كبير من الموارنة سنة 1860، وضع لائحة بأسماء أبناء كنيستنا وبناتها الذين أراقوا دماءهم في سبيل إيمانهم بالمسيح رأس الشهداء، والبعض غير معروفين ويعود استشهادهم لفترات مختلفة من التاريخ عرفت فيها كنيستنا أشدّ الاضطهادات، مثل أيام حكم المماليك والعثمانيين، وأحداث 1840 و1860، ومجاعة الحرب العالميّة الأولى، والحرب اللبنانيّة الأخيرة، ومسوّغات الاحتفال بسنة الشهادة والشهداء، هو مفهوم الشهادة والاستشهاد في الكتب المقدّسة وتعليم الكنيسة، فالكنيسة المارونيّة كنيسة الشّهود والشهداء، فيما نلبّي هذه الدعوة، فإنّنا نجمع إرث أبناء وبنات كنيستنا المارونيّة وبخاصّة الشهداء منهم والشهيدات، ونقدِّمهم نموذجًا لعيش الأمانة للإنجيل والإيمان بالمسيح، في عالمنا المعاصر، ونحن في بدايات الألفيّة الثالثة. وهكذا تحافظ كنيستنا على ذاكرتها التاريخيّة، وتظلّ بحكم دعوتها، وعلى مدى التاريخ، شاهدة حتى الدّم لمعلّمها الإلهي يسوع المسيح الذي أكّد لرعاتها كما لرسله، “لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ” (أع 1: 8).

أقدم شكري لكل من ساهم بقراءة هذا الموضوع بجزئيه وقدم استجابة نفسية وتفاعل روحيا معه، اضيف من القول اليه …. نحن لم نسمع ونشاهد قول الايمان المسيحي على لسان شهداء الكنيسة الأوائل في سبيل المسيحية بل حضرناه روحيا وفكريا من خلال الإرث المكتوب عنهم وامنا به، والان حضرنا ومعنا كل العالم المؤمن وسمعنا صدى تلك الشهادة من جميع شهدائنا المسيحيين الجدد أينما كانوا والاقباط منهم في عصرنا الحاضر الا يكفي ذلك كي ينالوا التطويبات والقداسة كما الشهداء في تاريخ الكنيسة ان ما انجزوه هو فضيلة الايمان و شجاعة في الدفاع عنه، لابد ان يكون كافيا لإعلان قداستهم ولكي يفهم من قام بهذا العمل الإرهابي والاجرامي ورسالة له، ان في استشهادهم التقدير والسمو فيما قدموه للأيمان من زخم جديد ومتجدد في الحياة المسيحية وكما عبر عن ذلك قداسة البابا فرنسيس الاول تحت عنوان شهادة (المعمودية بالدم)* و الى كنائسنا العاملة نطالب جميعنا كل المسؤولين فيها القيام بحملة مطالبة بقداسة شهداء الاضطهاد فضلا عن مقاضاة الدول والافراد عن جرائمهم بحق الإنسانية وحرية المعتقد…… الى الرب نطلب

د. طلال كيلانو


1- الكنيسة القبطية تقرر: اعتبار ذكرى استشهاد الأقباط في ليبيا عيداً لـ (الشهداء) كان الإعلان عنه في 02-06-2017 كما قرر المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، ذكرى استشهاد الأقباط في ليبيا، في 15 فبراير عام 2015، الموافق 8 أمشير، والذى يوافق ذكرى دخول المسيح إلى الهيكل، عيدًا لشهداء الأقباط في العصر الحديث، وقرر المجمع أيضاً عمل توثيق تاريخي شامل لهذه الأحداث لتخليد ذكرى الشهداء والمصابين المعاصرين.

2- السنكسار: هو كتاب يحوي سير الآباء القديسين والشهداء (السنكسارات)، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة..

3- ذكرى شهادة المسيحيّين في ليبيا ولمناسبة “يوم الشهداء المعاصرين” الذي نظّمته أبرشيّة الأقباط الأرثوذكس في لندن في 15 شباط 2021، وجّه البابا فرنسيس رسالة مسجّلة استذكر فيها الشهداء الأحد والعشرين الذين قُتِلوا في 15 شباط 2015، كما أعلن الفاتيكان أيضاً أنّ “يوم الشهداء المعاصرين هو ذكرى لشكر الرب على حياة مَن مارسوا إيمانهم المسيحي حتّى إهراق الدم، وهو يوم للتوعية على مأساة مَن ما زالوا يُضطَهَدون لأجل إيمانهم اليوم”. البابا يكرّم الشهداء الأقباط: إنّهم قدّيسونا، قدّيسو جميع المسيحيّين.

4- أقباط يطلبون نقل جثامين شهداء «مذبحة ليبيا» لتدفن فى مصر/عماد خليل رجب رمضان أهم الأخبار/ موقع المصري اليوم 28/ 9/ 2017

5- مذبحة الأقباط المصريين بليبيا. / 5 أعوام على وحشية داعش / موقع العين الإخبارية / 2020/2/15 6- سعد توما عليبك / مذبحة صوريا ، محطة الشهادة في تاريخ الكلدان الحديث / موقع الاخوية الكلدانية 13 / 9 / 2016

7- كمذابح الملك الفارسي شاهبور في سنة 339م والتي امتدت نحو اربعة عقود من الزمن ، وثم مذابح التتر و المغول سنة 1258م وصولا الى مذابح السلطان عبدالحميد منذ سنة1895م و ما بعدها و التي شملت (مذابح و قتل الآلاف في قرى علي بكار و نصيبي و القوافل في 10 ،11 ،15 حزيران 1915، و مذبحة سعرت و شهادة المطران أدي شير في 17 حزيران 1915، و مذبحة حوزة و باتة بين الاعوام 1914-1916م ، مذابح نصيبين و دارا في 15 حزيران في العام 1916م. و كذلك كل الذين استشهدوا بعد تأسيس دولة العراق ، الى ضحايا صدام وزمرته في حروبهم المتعددة ثم احداث السنوات الاخيرة التي شهدت هجمات شرسة من قبل الارهابيين و قوى الشر و الظلاميين الراديكاليين ضد الكلدان الطوائف الاخرى و التي شملت تفجير الكنائس و خطف و قتل المئات من ابناءه كجرائم داعش بعد احتلاله لموصل و البلدات الكلدانية واخرى في حزيران 2014.

*الصادرة عن مجمع دعاوى القدِّيسين في 17 أيار 2007. *”ليس لأحد حبّ أعظم من أن يبذلَ نفسه عن أحبّائه” (يو15: 13).

8- قرّر المجمع الكنيسي الماروني المقدَّس المنعقد بين 10 و18 حزيران 2015 إعلان سنة 2017 “سنة الشهادة والشهداء في الكنيسة المارونيّة”،

9- البـابا يوحنّا بولِسْ الثّاني، رسالة الحبر الأعظم الرسولية في إطلالة الألف الثالث 1994إلى الأساقفة والإكليروس وسائر المؤمنين، لتهيئة يوبيل السَنة الألفين / موقع سلطانة الحبل بلا دنس.

10- الكنيسة الأرمنيّة الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الآشورية والكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة، بالإضافة الى الكنائس ذات التقليد البيزنطي.

11- الموسوعة الحرة / مذبحة سميل / الموقع شمال المملكة العراقية / التاريخ7 آب 1933 – 11 آب 1933إعدام موجز، قتل جماعي الإبادة الجماعية إبادة السكان الأصليين، نهب ممتلكاتهم / الشهداء600 – 3,000 / المنفذون الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي.

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

الكنعانيون

سفر تثنية الاشتراع 23 / 13 – 14 وليكن لك خلاء خارج المخيم تخرج إليها …