كنيسة مسكنتة كرسي مطرا فوليطي وبطريركي (19)
لا ترد تسمية “الموصل” في المصادر السريانية الا بعد الفتح العربي الاسلامي. وتشير الوثائق التاريخية الى أنه كان قبل ذلك تجمع سكني صغير يعرف بأسم “الحصن العبوري” (حسنا عبرايا) على الساحل الأيمن من دجلة، الى الغرب من نينوى المدينة القديمة. وهذا بدوره خاضع لمطران اربيل (حدياب) أو مطرا فوليط (آثور وحدياب) وذلك منذ القرن السادس على أقل تقدير.
ولما تحول الناس الى الساحل الأيمن من النهر واتسع الحصن أو القلعة التي بأزاء تل النبي يونس غلب أسم “الموصل” على البلدة النامية، وأنتقل كرسي أسقف نينوى اليها في أواسط القرن السابع. وكان الكرسي آنذاك في كنيسة مار ايشوعياب (اشعيا* في محلة رأس الكور. لا بل أن ثمة حنية في هيكل مار كوركيس وهو من الهياكل الأربعة في الكنيسة المذكورة، محفوظة حالياً في الغرفة المجاورة لهيكل مار ايشوعياب، تذكر بأن الكنائس الأربع (مار ايشوعياب، مار كوركيس، مار يوحنا، مار قرياقوس) قد تجددت في عام 1694 وفي هذه السنة رسم ايشوعياب المطران. مما يدل على أن كنيسة مار اشعيا أحتفظت بالكرسي الأسقفي أو المطرافوليطي حتى ذلك العهد. غير أن ثمة ما يعقد الأمور. اذ أننا نعرف بأن رفات الجاثليق حنا نيشوع الملقب بالاعرج وجدت سنة 1349 في دير مار يونان الذي كان قائماً على التل المعروف بتل النبي يونس. وقد تبوأ هذا الجاثليق كرسي المشرق في عام 686 وتوفي حوالي سنة 700 كما أنه بين سنة 1364 و 1497 سكن جثالقة المشرق في الموصل غير أننا لا نعلم أن كانت أقامتهم في كنيسة مسكنتة أو لا.
وفي عام 1552 يجتمع (20) ثلاثة أساقفة مع كهنة ومؤمنين يمثلون عدة أبرشيات فينتخبون يوحنان سولاقا بلو رئيس دير الربان هرمز ليكون بطريركاً جديداً لكنيسة المشرق بدلاً من البطريرك شمعون برماما الذي كان لا يزال على قيد الحياة والذي نظراً لاهماله اودى بالكنيسة الى وضع لم يعد يطاق. فيمضي سولاقال الى روما لكي يرسم بطريركاً بلقب “بطريرك كنيسة الموصل البطريركية” في آثور الشرقية “كخلف لبرماما” بطريرك الموصل. ويكون سولاقا بذلك أول بطريرك كاثوليكي (كلداني) لكنيسة المشرق. ولن يتمكن سولاقا لدى عودته من روما السكنى في الموصل بل سكن في ديار بكر، رشا البطريرك النسطوري برماما باشا العمادية بعشرة الاف دينار فأغتال هذا البطريرك يوحنا سولاقا ورمى جثته في النهر واشاع أنه أفلت من السجن وقتل سنة 1555 (21)، وسكن عبد يشوع خلفه في ديار بكر بينما أستمر بطاركة كنيسة المشرق (النساطرة) السكن في دير الربان هرمزد بالقرب من القوش ويستمر الوضع حتى مطلع القرن التاسع عشر.
ولا يبدو بأن البطريرك يوحنان هرمز سكن الموصل الا في فترات قصيرة حيث كان ينزل في غرفة صغيرة في كنيسة شمعون الصفا أبان أسفاره من القوش الى بغداد وبالعكس حتى أتخذ البطريرك نيقولاوس زيا (او اشعيا دي جاكوي) (1838 – 1847) الموصل مكاناً رسمياً له، فغدت كنيسة مسكنتة كاتدرائية للبطريرك الكلدانية وأشترى بقربها داراً لتكون مقراً للبطريركية سنة 1844 غير انه لم يسكن في الموصل الا فترات وجيزة وكان يفضل السكنى في سلماس مسقط رأسه وهو أحد الأسباب التي دعت روما الى عزله.
ومنذ عهد البطريرك يوسف اودو 1847 – 1878 أصبحت كنيسة مسكنتة أم الكنائس الكلدانية ولا سيما بعد توسيعها وتجديدها عام 1851 فأحتضنت الحفلات الطقسية والدينية الكبرى وذلك حتى حزيران 1960 حين أنتقل الكرسي البطريركي الى بغداد رسمياً فاعلنت الموصل كرسياً أسقفاً يشمل مركز المدينة وبلدتي تلكيف وكرمليس ثم رفعت عام 1966 الى مرتبة رئاسة أو مطرافوليطية وظلت كاتدرائيتها كنيسة مسكنتة.
كنسيون خدموا مسكنتة (22)
تعتز كنيسة مسكنة أن بطاركة من المتأخرين أتخذوها كاتدرائيتهم ولا سيما منذ البطريرك نيقولاوس زيا والذين تلوه، وهم البطريرك يوسف اودو، والبطريرك بطرس ايليا عبو اليونان، والبطريرك جرجيس عبد يشوع خياط، والبطريرك يوسف عمانوئيل الثاني توما، والبطريرك يوسف السابع غنيمة، وحتى البطريرك بولس شيخو الذي أنتقل الى بغداد. اما المعاونون البطريركيون فقد كانوا عبد يشوع (كوركيس) بزوعي خياط، وميخائيل نعمو، ويوسف ايليا خياط، واسطيفان جبري، ويوسف غنيمة، وسليمان اوسطة، وأسطيفان كجو، وسليمان الصائغ. وقد اسعفنا الحظ في التعرف على كاهن خدم كنيسة مسكنتة في مطلع القرن الثالث عشر، وهو العلامة سبر يشوع بن بولس الذي ورد ذكره في المخطوطة المارة الذكر ثم يغيب وجود من تعاقبوا على خدمة هذه الكنيسة في بطون التاريخ. حتى نستدل على المتأخرين منهم بدءا بالسنة 1914 فطالعتنا أسماء الكهنة التالية أسماؤهم: (23) كوركيس بزوعي أو البطريرك عبد يشوع الخياط فيما بعد، القس يوسف شكر، القس رومانوس الراهب، القس بطرس، القس الفونس غالو، الياس هرمز يتيم، روكس خنجر خان، (وقد أصبح مطران فيما بعد)، ايليا عبو اليونان (أصبح بطريركاً)، يعقوب ميخائيل نعمو، قرياقوس الراهب أنطوان بطرس غالو، باسيليوس أسمر الراهب (أصبح مطراناً)، بطرس نجار، بطرس فرنسيس قاشا، بنيامين الراهب، فرنسيس دابش، فيليس عزيز الراهب (اصبح خورياً)، بهنام اسطيفو، جبرائيل آدمو، (أصبح مطراناً)، عبد الكريم نعمة (أصبح خورياً)، يوسف توما (أصبح بطريركاً)، حنا اودو، سليمان موسى الصباغ (أصبح مطرناً)، عبد الاحد معمار باشي (أصبح خورياً)، يوسف يونان الطويل (أصبح خورياً)، بطرس عزيز (أصبح مطرناً)، كذلك أسطيفان جبري، يوسف رفو البوعا (بزوعي)، قرياقوس مخنوق، حنا قريو (أصبح مطراناً)، جبرائيل نعمة (أصبح مطراناً)، أبراهيم أسطيفان البنا (أصبح خورياً)، داود رمو (أصبح خورياً)، هرمز جبري (أصبح خورياً)، عمانوئيل رسام (أصبح خورياً)، الفونس شوريس، روفائيل بيداويد (أصبح بطريركاً)، روفائيل ربان (أصبح مطراناً)، قرياقوس موسيس (أصبح مطراناً) عمانوئيل ددي (أصبح مطراناً)، كوركيس كرمو (أصبح مطرناً)، القس ميخائيل عزيزة، القس فرنسيس دقاق، القس جبرائيل سموعي (أصبح خورياً) كما خدم في مسكنتة أيضاً الكهنة الذين اداروا أو عملوا المعهد الكهنوتي البطريركي أو الذين عملوا في المطبعة الكلدانية. علاوة على المطارين والكهنة.
المصادر: (19) بين النهرين العدد 18 – 19 سنة 1977. الأب الدكتور يوسف حبي. ص 193، (20) نفس المصدر ص 194. (21) نصري2 ص 142 – 143. (22) بين النهرين العدد 18 – 19 سنة 1977. الأب الدكتور يوسف حبي. (23) نفس المصدر السابق ص 195.
الموسوعة الكلدانية – كتاب تاريخ الكلدان صفحة 148 – 151.
الناشر/ شامل يعقوب المختار