التمهيد والمقدمة
اعزائي القراء الكرام سنقوم بزيارة جديدة لمغارة الميلاد لهذا العام 2022 للمباركة والسلام على ساكنيها ولتسعفنا الذاكرة ان هذه المغارة قد تم تشكيلها كرمز مبارك لحدث غير وجه التاريخ وأضاف له معاني جديدة في الايمان والفداء والخلاص من الخطيئة، ولنكون أول الشهود لتجديد هذه الذاكرة ونقلها للقادمين الجدد لكي يدركوا ويتعرفوا على مَيلاد الرب يسوع المسيح المبارك الذي غير حياتنا وما نملكه عندما حل بيننا:
لوقا البشير هو الإنجيليّ الوحيد الذي ذكر مكان ميلاد المسيح…….
“فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ”(لو 2: 4-7).
لكنه لم يذكر المغارة، بل المذود والتقليد المعتمد في أورشليم اعتبر إحدى المغارات التي كانت تستعمل موقع لإيواء الحيوانات استخدمتها عائلة يوسف كمكان لولادة المسيح وعلى أساسه شيّدت كنيسة المهد في بيت لحم وهناك بعض الآثار التي تعود إلى القرن لثالث والرابع تظهر رسم لميلاد المسيح مع الرعاة والمجوس.
لم يكن هذا التقليد بعمل به كالشبيه لمغارة الميلاد سائدا ولم يتخذ كأحد متطلبا الاحتفال بالميلاد لغاية عام 1223 فأول مغارة ميلاد أضيفت الى مراسم لاحتفال به، حين أراد القديس فرنسيس الأسيزي أن يذكر مواطنيه بميلاد يسوع الفقير فذهب إلى إحدى الغابات القريبة من بلدة أسيزي / ايطاليا حيث توجد مغارة طبيعية فبنى في تلك المغارة مذوداً يمثل مذود بيت لحم، ووضع فيه تمثالاً خشبياً للطفل يسوع، ونثر على الأرض عشباً يابساً وأحضر بعض الحيوانات جعلهما قرب المذود. وفي ليلة عيد الميلاد، وبعد قرع الجرس تهافت الناس وهم يحملون المشاعل باتجاه هذه المغارة، وأقام القديس فرنسيس صلوات الذبيحة الإلهية في نفس المكان شارحاً محبة يسوع وحنانه الذين دفعاه ليولد فقيراً من أجلنا. ومنذ ذلك الحين جرت العادة أن تقام المغارة بمناسبة عيد الميلاد، في كنائسنا ومنازلنا.
تحدث البابا يوحنا بولس الثاني: عن تقليد مغارة الميلاد وقال “المغارة تشكل تجسيدا مألوفا ومعبرا لعيد الميلاد. انها عنصر من ثقافتنا ومن الفن، لكنها قبل كل شيء اشارة الى الايمان بالله”. وجرت العادة ان البابا يبارك سنويا أمام آلاف المؤمنين الذين يتجمعوا في ساحة القديس بطرس، التماثيل الصغيرة التي تجسّد يسوع طفلا عند ولادته في مغارة بيت لحم ولتوضع في الكنائس او في البيوت….. والذي نحن بصدد عرضه لقرائنا ان البابا فرنسيس قد حضر الى ذات المكان الذي تم فيه التشبيه الأول المغارة الميلاد ومن هناك وجه التعليم الرسولي المتضمن أهمية المغارة و لكونها علامة رائعة في المعنى والقيمة، والتي تدعونا للاندماج في تاريخ الخلاص:
ومن خلال القراءة التحليلية لما قدمه قداسة البابا فرنسيس عن مغارة الميلاد في تعليمه الرسولي الى المؤمنين في 1/12/2019، وتعزيزا لمعاني هذه التعليم تم اختياره للدراسة والتحليل والتفسير لبعض من مضامينه الانسانية وفيما يلي رؤيا تحليلية له بما يتناسب مع متطلبات المعنى العام للحدث والتواصل السنوي معه ولتحميله في ذاكرة الاجيال الحاضرة والمستقبل:
1. قدم قداسة البابا تصوره عن الرمزية التي تحملها مغارة الميلاد كمشهد رائع يحرص المسيحيين:
دائمًا على توضيح صورة هذا الحدث الذي هو إعلان فرح بسر التجسد لابن الله في المذود، الذي أصبح واقع بعد ان كان على شكل مخاطبات بين الملاك ومريم، وقد تدفق هذا الاعلان في صفحات الكتاب المقدس. لذلك نحن مدعوون، لتأمل مشهد الميلاد من خلال الصورة والتذكر الرمزي للولادة في المغارة التي احتضنته، للانطلاق والسير نحوه بالروح، منجذبين مندهشين من تواضع ذلك المولود الذي أصبح إنسانًا ليلتقي بنا، ولنكتشف أنه أحبنا كثيرًا حتى أراد أن يتحد بنا، لنتمكن نحن أيضًا من الاتحاد به.
ثم أضاف بقوله إني أدعم التقليد الجميل في عائلاتنا، الخاص بإعداد المغارة في الأيام التي تسبق عيد الميلاد. وأيضًا في أماكن العمل والمدارس والمستشفيات والسجون والساحات… إنه حقًا تدريب للخيال الإبداعي، فمنذ الطفولة نتعلم: عندما يَنقل الأب والأم، والأجداد، هذه العادة البهيجة، التي تُجسد روحانية شعبية غنية. أتمنى ألا تغيب أهميته كتقليد، بل أتمنى أن تزداد ويعاد اكتشاف معناه وإحيائه في كل زمان لهذا الحدث.
2. نجد مغارة الميلاد، في بعض التفاصيل الإنجيلية لميلاد يسوع في بيت لحم:
ويشير لوقا البشير إن مريم “ولَدَتِ ابنَها البِكَر، فَقَمَّطَتهُ وأَضجَعَتهُ في مِذوَدٍ لأَنَّهُ لم يَكُنْ لَهُما مَوضِعٌ، “وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ”(لو 2: 7،6)، وهنا تتضح لنا صورة ابن الله عند دخوله إلى هذا العالم، ويجد له مكانًا في مغارة الحيوانات حيث تتناول طعامها، والتبن أصبح أول مذود له ويقول عن نفسه إنه، أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ”(يو 6: 41)، وأضاف يقول لننظر في أصل مغارة الميلاد كما نفهمها. لنذهب بالروح حيث توقف القدّيس فرنسيس وهو في رحلته إلى الأرض المقدسة، عند تذكرَّه المغاور الكثيرة التي شاهدها هناك بمغارة بيت لحم، تخبرنا مصادر الرهبنة الفرنسيسكانية ما حدث في مدينة غريتشو لتحقيق أمنية القديس: “أرغب في أن أمثل الطفل المولود في بيت لحم، لأرى بعينيَّ نوعًا ما المصاعب التي وُجد فيها بسبب عدم توفُّر الأشياء اللازمة لطفل مولود حديثًا. هكذا ولدت تقاليدنا: تواجد الجميع حول المغارة المليئة بالفرح، دون وجود أي مسافة بين الحدث الذي تم والذين أصبحوا مشاركين فيه الان والى انقضاء الدهر.
3. حقق القديس فرنسيس، فينا المغارة المدهشة والتي حركت مشاعرنا:
ولتُظهر لنا حنان الله: خالق الكون نزل إلينا في ضَعتنا. ووهبنا الحياة، التي هي سر دائم أمامنا، مما يزيد اندهاشنا عندما نرى أن المولود من مريم هو المصدر والعون لكل حياة. في يسوع، أعطانا الآب أخًا لنا أتى ليبحث عنا عندما نضيع ولا نعرف أين نتوجه. إنه صديق مخلص وقريب منا دائمًا. أعطانا الله ابنه ليغفر لنا ويقيمنا من الخطيئة. وأضاف قائلا ان إقامة مغارة الميلاد في بيوتنا يساعدنا على إحياء الذي حدث في بيت لحم، وتبقى الأناجيل دائمًا المصدر الذي يسمح بمعرفة هذا الحدث والتأمل فيه، ومع ذلك، فإن تمثيل الحدث في مغارة الميلاد يساعد على تخيل المشاهد، ويحفِّز على التأثر بها، ويدعونا إلى الشعور بالاندماج في تاريخ الخلاص، وأن نكون معاصرين لهذا الحدث الذي يبقى حيًّا وحاضرًا في مختلف السياقات التاريخية والثقافية. “وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، ……، الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ”(مت 25: 31-46).
4. أوَدُّ الآن أن أستعرض الرموز المختلفة في مغارة الميلاد لفهم المعنى التي تتضمنه.
لنبقى أمناء للرواية الإنجيلية التي تقول ذلك، ونكون امناء على المعنى الذي توحي به. لنفكر في المرات الكثيرة التي فيها يحيط الليل بحياتنا. حتى في تلك اللحظات، لا يتركنا الله وحدنا. إنما هو حاضر للإجابة على الأسئلة الحاسمة المتعلقة بمعنى وجودنا: من أنا؟ من أين أتيت؟ لماذا ولدت في هذا الوقت؟ لماذا أُحِب؟ لماذا أعاني؟ لماذا سأموت؟ للإجابة على هذه الأسئلة، صار الله إنسانًا. إن قربه منا يجلب النور حيث يوجد الظلام وينيرنا كلما عبرنا بظلام المعاناة: “إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ”(لو 2،1،………، 79)، وأشار قداسته الى المناظر الطبيعية التي تشكل جزءًا من مغارة الميلاد، يقول إن يسوع هو الحداثة في وسط العالم القديم، وقد جاء ليشفي وليعيد البناء، وليرجع حياتنا والعالم إلى بهائه الأصلي.
5. كم من المشاعر ترافقنا بينما نضع في مغارة الميلاد:
الجبال والأنهار والأغنام والرعاة! بهذه الطريقة نتذكر، كما سبق وتنبأ الأنبياء، أن كل الخليقة تشارك في الاحتفال بمجيء المسيح. الملائكة والنجمة هم علامة على أننا مدعوون نحن أيضًا للانطلاق للوصول إلى المغارة والسجود للرب يسوع.
وأضاف قائلا هلُمَّ بِنا إِلى بَيتَ لَحم، فَنَرَى ما حَدَثَ، ذاكَ الَّذي أَخبَرَنا بِه الرَّبّ (لو 2، 15): هذا ما قاله الرعاة بعد بشارة الملائكة لهم. إنه تعليم جميل للغاية، يأتينا في وصف بسيط، وليصبح الرعاة أول شهود لِمَا هو أساسي، أي للخلاص الذي أعطي لهم. إنهم الأكثر تواضعًا والأكثر فقرًا والذين عرفوا كيف يستقبلون حدث التجسد. إلى الله الذي أتى للقائنا في الطفل يسوع، يستجيب الرعاة بالانطلاق نحوه، من أجل لقاء مفعم بالحب والامتنان. إن هذا اللقاء بالتحديد بين الله وأبنائه، بواسطة يسوع، هو الذي يعطي الحياة لديانتنا، ويصنع جمالها الفريد، الذي يتألق بطريقة خاصة في مغارة الميلاد.
6- نضع عادةً في مغارة الميلاد العديد من التماثيل الرمزية:
منها تماثيل لأناس متسولين، فقراء، لا يعرفون أية وفرة غير وفرة القلب. هؤلاء أيضًا قريبون من الطفل يسوع وبحق كامل، ولا أحد يقدر أن يخرجهم أو يبعدهم من مهد في غاية الفقر، والفقراء من حوله هم المفضَّلون. في الواقع، الفقراء هم المتميزون في هذا السر، وهم غالبًا الأكثر قدرة على إدراك حضور الله بيننا.
يُذَكِّر الفقراء والبسطاء في مغارة الميلاد أن الله أصبح إنسانًا لأولئك الذين يشعرون بالحاجة إلى حبه ويسألون عن قربه. يسوع، “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ، اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ”(مت 11: 28، 29). ولد فقيرًا، وعاش حياة بسيطة ليعلمنا أن نجني ما هو أساسي وأن نحيا به. من مغارة الميلاد تظهر بوضوح الرسالة أننا لا نستطيع أن نترك أنفسنا نُخدع بالثروة وبمشاريع كثيرة سعادتها عابرة وتزول بسرعة، الذي وُلد في مغارة الميلاد، يبدأ الثورة الحقيقية الوحيدة التي تمنح الرجاء والكرامة للمحرومين والمهمشين: إنها ثورة الحب والحنان. يعلنها يسوع، من مغارة الميلاد، بقوة لطيفة، الدعوة إلى التقاسم مع الأخيرين، طريقًا نحو عالم أكثر إنسانية وأخُوّة، حيث لا يتم إقصاء أحد ولا تهميشه، وفي بعض الأحيان يحب الأطفال والكبار إضافة تماثيل أخرى إلى مغارة الميلاد لا تمت بصلة إلى روايات الأناجيل. ومع ذلك، فإن هذا الخيال تعبير عن العالم الجديد الذي بدأه يسوع، هناك مساحة لكل ما هو إنساني ولكل مخلوق، في حياتنا بطريقة غير عادية.
7. شيئًا فشيئًا تقودنا مغارة الميلاد إلى مكان الميلاد:
حيث نجد تمثالين مريم ويوسف. مريم هي الأم التي تتأمل في طفلها وتقدمه لأولئك الذين يأتون لزيارته. تمثالها الصغير يجعلنا نفكر في السر العظيم الذي تحمله هذه الفتاة منذ أن طرق الله باب قلبها الطاهر. عندما بشرها الملاك الذي طلب منها أن تصبح والدة الله، أجابت مريم بطاعة كاملة وشاملة. إن كلماتها: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ”(لو 1، 38)، هي شهادة لنا جميعًا تعلمنا كيف نتخلى عن ذاتنا بإيمان لتتمة مشيئة الله. بكلمة “نعم” أصبحت مريم والدة ابن الله دون أن تفقد بتوليتها، بل ثبَّتت بتوليتها بتلك الإجابة. نرى فيها والدة الإله التي لا تحتفظ بابنها فقط لنفسها، بل تقدِّمه للجميع وتطلب من الجميع أن يطيعوا كلمته وأن يعيشوا بحسبها، “قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ”(يو 2: 5)، يقف القديس يوسف، إلى جانب مريم، من أجل حماية الطفل ووالدته. عادة ما يتم تصويره والعصا بيده، وأحيانًا يمسك بقنديل.
8. يبدأ قلب المغارة بالخفقان عندما نضع، في عيد الميلاد المجيد:
تمثالَ الطفل يسوع. الله يقدم نفسه بصورة طفل نحمله بين أذرعنا. تحت مظاهر الضعف والهشاشة تختفي قوته، فهو خالق كل شيء ومبدِّل كل شيء. يبدو الأمر مستحيلًا، لكنه كذلك: في يسوع كان الله طفلًا، وفي هذه الحالة أراد أن يكشف عن عظمة حبه، الذي يظهر في ابتسامته وفي يديه التي يمدهما إلى كل واحد، كل ولادة طفل تثير الفرح والاندهاش، لأنها تضعنا أمام سر الحياة الكبير. يمكن رؤية أعين الزوجين الشابين المضيئة فرحًا أمام ابنهما المولود حديثًا. كذلك نفهم مشاعر مريم ويوسف وهما ينظران إلى الطفل يسوع، وقد أدركا حضور الله في حياتهما، “فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا”(1 يو 1: 2)، هكذا يلخص الرسول يوحنا سر التجسد.
9. عندما يقترب عيد ظهور الرب، توضع في مغارة الميلاد تماثيل المجوس الثلاثة:
هم راقبوا النجم، وانطلق هؤلاء الحكماء من الشرق نحو بيت لحم للتعرف على يسوع، وليقدموا له هدايا من ذهب ولبان ومُر، يُعلِّمنا المجوس انهم انطلقوا في رحلة طويلة وخطرة حملتهم إلى بيت لحم أمام الطفل الملك شعروا بفرح عظيم، في الركوع على الركبتين ليسجدوا له. وأمامه يفهمون أن الله معنا.
10.أمام مغارة الميلاد، يذهب فكرنا إلى يوم كنا أطفالًا وكنا ننتظر بتلهف لحظة الشروع في بناء المغارة:
تقودنا الذكريات إلى أن نكون دائمًا واعين ومدركين للنعمة التي أعطيت لنا يوم سلَّمنا أهلُنا الإيمان. وفي الوقت نفسه تجعلنا نشعر بواجب وبفرح إشراك الأبناء والأحفاد في الخبرة نفسها. ليس من المهم كيفية إعداد مغارة الميلاد. يمكن أن تكون نفسها دائمًا أو يتم تعديلها في كل عام. ما يهم هو أنها تتحدث إلى حياتنا لتخبرنا أن الميلاد قريب جدًا من كل انسان مهما كانت حالته.
ويختم قداسة البابا تعليمه الرسولي ويقول….. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن مغارة الميلاد هي جزء من مسيرة بهيجة وعسيرة في الوقت نفسه، مسيرة تسليم الإيمان. ابتداء من الطفولة ثم في كل مرحلة من مراحل حياتنا، تعلمنا المغارة أن نتأمل في يسوع، وأن نشعر بحب الله لنا، وأن نشعر ونؤمن أن الله معنا، وأننا معه، جميعًا نحن والأبناء والإخوة، بفضل هذا الطفل ابن الله ومريم العذراء. وفي هذا تقوم سعادتنا.
القارئ المبارك ونحن في زمن الميلاد لنفتح قلوبنا ونقرر الانضمام الى مدرسة الميلاد لنتعلم ما قدمته لنا من النعمة والصلاة ولنعبر بتواضع عن شكرنا من خلال قراءة الكتاب المقدس عن زمن الميلاد، ونقدم الشكر الى الذي أراد أن يُشارِكنا في كل شيء، حتى لا يتركنا وحدنا….. يا رب بارك جميع المؤمنين بميلاد الرب يسوع المسيح وامنحهم الفرح بشهادتهم للميلاد وان نحتفل به الى انقضاء الدهر …الى الرب نطلب
“الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ“(لو 2: 14).
اعداد بتصرف د. طلال كيلانو
هذا الرابط للتعليم الرسولي (الرسالة) التي …. أُعطِي في غريتشو، في مزار مغارة الميلاد، 1 ديسمبر/ كانون الأوّل 2019 الباب فرنسيس