حرف الصاد في زمن وباء كورونا

الصبر، الصلاة، الصوم والصدقة:
هذه الكلمات الأربعة واظبوا ومارسوا الناس وحول الكلمات الى أفعال وممارسات أيمانية وروحية في هذا الوقت الصعب بأزمة وباء كورونا للوقاية من الأصابة من الوباء في كافة أرجاء العالم التي أودت بحياة الكثيرين، وأصابتهم بهذا الوباء القاتل.

  • الصبر: يُظهر ثقتنا في توقيت اللـه وقدرته غير المحدودة ومحبته. رغم أن أغلب الناس يعتبرون الصبر هو أنتظار سلبي، أو أحتمال لطيف. ونتذكر صبر أيوب، وأن أغلب كلمات الصبر في الكتاب المقدس، هي كلمات أيجابية وحيوية. لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا. عبرانيين 12: 1. إن كلمة الصبر في هذه الآية تحمل أيضاً معنى الإحتمال. إذ لدينا قوة الرب لكي نتجاوب بصبر وثقة كاملة في قوة الرب وخطته. الَّذِي سَيُجَازِي الَّذِينَ بِصَبْرٍ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَطْلُبُونَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْبَقَاءَ فَبِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. رومية 2: 6-7. لا يتم أكتساب الصبر بين ليلة وضحاها نحتاج الى قوة وصلاح اللـه لأكتساب الصبر. نقرأ في رسالة كولوسي 1: 11 أننا نتشدد فيه لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ انَاةٍ، بينما تشجعنا، ويكتمل الصبر ويزيد عندما نثق في إرادة اللـه الكاملة ومواعيده حتى في وجه الشر الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ. مزمور 37: 7. ونقرأ في رسالة يعقوب 5: 7 – 11. الصبر في الضيقات. والصبر في الكتاب المقدس هو السعي والمثابرة وأحتمال التجارب للوصول إلى الهدف، أو الأنتظار بتوقع لتحقيق وعود اللـه.
  • الصلاة: يمكن تعريف الصلاة في الأيمان بأنها لقاء مع اللـه، فيها يقدم المصلي والمؤمن للـه الشكر والحمد ويسأله غفران خطاياه ويرفع أمامه طلباته وتضرعاته. وتندرج الصلاة في سياق عبادة اللـه الواحد وتدخل الصلاة في صلب حياة المؤمن إذ تُعتبر الغذاء الروحي الذي ينمي الأيمان ويقويه ويثبته، ومن دون الصلاة يضعف المؤمن ويفتر أيمانه ويصبح فريسة سهلة لعدو الأنسان أي الشيطان. إنه أمتياز عظيم أن نكون في محضر اللـه نكلّمه ونشعر بروحه يقودنا ويرشدنا ويصغي إلى صلواتنا بأصغاء الأب الحنون. الصلاة قد تكون فردية أو جماعية. الصلاة الفردية أن يكون المؤمن وحده في مكان معين (في بيته، سيارته، عمله، مدرسته أو جامعته، في الطائرة، أو الباخرة أو في أي مكان آخر)، يصلّي للـه بخشوع وتقوى ووقار ومهابة. والصلاة الجماعية، وهي غالباً ما تكون ضمن لقاء مجموعة من المؤمنين في دور العبادة. واللـه لا ينظر إلى خارج الأنسان بل إلى داخله، أي فكره وقلبه دون أهمال شكله الخارجي. اللـه يريدنا أنقياء من الداخل كي يُسر بصلواتنا وتكون مقبولة عنده ويرضى بها ويستجيبها بحسب مشيئته، وأن أوقات الصلاة ووجهتها وتحديد وقت الصلاة لا علاقة له بتعليم كتابي أو عقيدة أيمانية أنما لها طابع تنظيمي شكلي فقط، لذا، يمكن لكل دور العبادة أن تحدد موعداً أو وقتاً معيناً يلتقي فيه المؤمنون للصلاة، كما يمكن لأي مؤمن أو مجموعة مؤمنين أن يصلوا في أي وقت يحددونه. وأن اللـه غير مقيد بوقت ولا بمكان وهو يصغي لمؤمنيه في أي وقت يطلبونه ويسألونه، مصلّين له بحمد وشكر وأكرام رافعين إليه تضرعاتهم وطلباتهم بإيمان وبنقاء الفكر والضمير. والكتاب المقدس يحثّنا على الصلاة، نقرأ لوقا 18: 1، وفي كولوسي 4: 2. يصلي المؤمنون بكل الاتجاهات، واللـه يسمعهم ويقبل صلواتهم إن كانت نابعة وصادرة من قلوب طاهرة وعقول نقيّة.
  • الصوم: لقد علم الرب أن من يصوم يجب أن لا يتفاخر بأنه صام، بل يجب أن يدهن رأسه ويغسل وجهه، لكي لا يظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء. متى 6: 18. كما علمنا أن الصوم ترافقه الصلاة، اذ عندما لم يستطع التلاميذ شفاء الأنسان المصاب بالصرع قال ربنا ومعلمنا يسوع المسيح: وأما هذا الجنس فلا يخرج الا بالصلاة والصوم. متى 17: 21. أما الرسل فكانوا يصومون ويصلون قبل اتخذ القرارات الهامة. اذا، كان افراد الشعب يعلنون الصوم دلالة على توبتهم عندما كانوا يشعرون بخطيئتهم وابتعادهم عن اللـه. نحميا 9: 1. و 1صموئيل7: 6. وكانوا ينادون بالصوم أحيانا في أيام الشدة. أرميا 36: 9، و يوئيل1: 14. في أيام الصوم كان الشعب ينقطع عن الطعام من غروب الشمس الى الغروب التالي، وكانوا يلبسون المسح على أجسادهم وينثرون الرماد على رؤوسهم، وكانوا يصرخون ويتضرعون ويبكون. كان الصوم يرافق الصلاة الملحة والمتواصلة عزرا 8: 21.
  • الصدقة: اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَات. متى6: 1. منذ ظهور وباء وجائحة كورونا بعد أن قامت الحكومات في العالم بأجراء التدابير الصحية والحجر المنزلي وغلق أبواب دور العبادة لكافة الديانات والمعتقدات، والمدارس والنوادي وغيرها حفاظاً على أرواح وسلامة شعبها، وهو أجراء صحيح وسليم، وخلال هذه الأشهر المؤلمة التي فقدنا الكثير من أحبتنا بأنتقالهم الى الحياة الأخرى، والبقية تنال الشفاء. وبهذه الكارثة الأنسانية يعاني كثير من البشر في العالم من نقص الغذاء والماء والدواء والحاجات الأساسية، وسوء التغذية والرعاية الصحية، والقسم منهم لا يوجد لديهم عمل أو سكن، ويعيشون في حالة مزرية وصعبة جداً. وخلال هذه الفترة الزمنية شاهدنا عبر التلفاز ومواقع التواصل الأجتماعي الكثير من أقامة الصلوات والدعوات الى الرب خالق السماوات والأرض بأن يبعد عنا هذا الوباء القاتل. وتحملنا بصبر الحجر الصحي المنزلي، وأدينا صلواتنا ودعواتنا الى اللـه والأنبياء والمرسلين والقديسين، وأيضا قمنا بفرائض الصوم حتى نشعر مع أخوتنا الجائعين والمحتاجين. هل حان الأن الوقت أن نقدم الصدقة والعطاء والسخاء. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُك. متى6: 3. منذ أكثر من أربعة أشهر لم يذهب المؤمنين الى دور العبادة لكافة الأديان بسبب الأوقات والأوضاع الصعبة التي تمر بها الأنسانية حول العالم من جراء وباء كورونا للحفاظ عليهم من أصابتهم المرض والموت. من الطبيعي أثناء زيارتنا لدور العبادة نقدم النذور والعطايا السخية وأن كانت قليلة أو كثيرة من الأموال. لنتعاون مع بعضنا البعض اليوم بأسم الأخوة الأنسانية ونتقرب الى الأنسان الأخر من بعيد أو قريب، ولا نظر الى دينه ومعتقداته وجنسه وقوميته، ونقدم ما نستطيع تقديمه. فكيف نتجاهل ظروفهم القاسية؟ نفحص ضمائر أنفسنا ولا ننسى ظروفهم القاسية ما نفعله نحو هولاء الفقراء والمساكين والمحتاجين في العالم ونقدم محبتنا العميقة لهم. وليس المهم في العطاء وكم مقدار عطاءنا من المال، بل لماذا وكيف نعطي؟ فاللـه لا يريد عطايا بتذمر، بل يريدنا أن نعطي بحُب ومحبة صادقة من الناس أجمع لأدخال الفرحة والبسمة للمحتاجين والفقراء. يمتد ملكوت اللـه من خلال أهتمام المؤمنين ورغبتهم الشديدة في معاونة الأخرين، ليصل عطاءك خارج بيتك ومدينتك والوطن التي تعيش به، بهذا العمل الخيري تزداد قوة التلاحم والمحبة الأخوية. العطاء هو الأستجابة الطبيعية للمحبة، فعندما تحُب شخصاً تود أن تمنحه وقتك وأهتمامك وأن تسد كل أو بعض أعوازه، ونجد هناك بعض من مبادئ للعطاء. أن الذين ستصل عطاياكم، سيوف يفرحون ويصلون لأجلكم، فكلما باركتم الأخرين، ستباركون أنتم ايضاً، فالعطاء أختبار عجيب لا يستمتع به إلا المعطي بسخاء وقلب نقي رحوم.
    لك حرية طرق التبرع والعطاء الى دور العبادة أو الى المؤسسات والمنظمات الخيرية والأجتماعية لتقوم بواجبتها، او تقديم المساعدة والعون لمن تعرفه بحاجة من حولك، بدون تباهي ومفخرا، ولكن بحب وصمت ورجاء، الرب يبارك الجميع.

شامل يعقوب المختار

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

عام جديد، فرصة جديدة لك للتوبه

دعونا في عام جديد لا نضيّع هذه الفرصة فالرب دائما ينتظرنا متشوقا لسماع صوتنا فلنندم …