الأضطهاد الأربعيني – الحلقة الثالثة عشر

الشهداء الذين تكللوا في (339- 379)

أن الاضطهادات (1) التي أثارها ملوك الفرس او المجوس على المسيحيين لحد الأن لم تكن عمومية بل منحصرة في بعض الامكنة. وقد حان الزمان الذي فيه يقتل أجدانا افواجاً افواجاً وفي كل قطر وبكل نوع من العذابات الهائلة الفادحة فيجري دمهم سيولاً وذلك في مدة سني شابور الأربعين والاخيرة.

لما رأى شابور نفسه قادراً على مقاومة الرومانيين أرسل اليهم سفراء يطلبون الولايات التي كان غلاريوس قد ضبطها من الفرس منذ نحو اربعين سنة. فأخذ قسطنطين الكبير يتجهز للمحاربة وطلب الى بعض الأساقفة أن يرافقوه الى ميدان الحرب. وفيما هو على هذا الأستعداد داهمه الموت في 22 ايار سنة 337. وخلفه في الشرق أبنه قسطنطيوس فأنتهز شابور الفرصة وزحف على نصيبين وحاصرها ثلاثة وستين يوماً. دلته فطنته أن يسد نهر مغدون وهو ماشاخ الذي يمر بالمدينة فأحتبست المياة وارتفعت ثم أقام السد فتدفقت المياة وصدمت سور المدينة وهدمته ولم يمكنه الهجوم حالاً لأن النهر كان طافحاً ولما أصبحت اذا بالسور قد بنى من جديد. فأن مار يعقوب أسقف المدينة اوعز الى الأهالي فجدوا وبنوا في تلك الليلة سوراً ثانياً. وكان هو في الكنيسة يصلي مع تلميذه افرام. فأستجاب اللـه دعاءه. فأن شابور لما بلغه أن قسطنطيوس الملك زحف اليه كف عن المدينة ورجع الى بلاده وكان ذلك سنة 338.

فحنق شابور على المسيحيين بغضة بملوك الروم تنصروا ومن أجل فشله في نصيبين فأراد أن يأخذ ثأره من المسيحيين في مملكته. وشرع يتحجج عليهم وأبرز عدة أوامر بأضطهادهم فأمر أولاً بالتثقيل على المسيحيين بمضاعفة الجزية وذلك سنة 339 وكان شابور حينئذ في الاهواز فكتب الى حكام الذين في كلدو أن يجبروا شمعون برصباغي الجاثـليق ليمضي صكاً آخذاً على نفسه بجمع الجزية من المسيحيين مضاعفة. فقال شمعون: ” أن ما يطالبني به الملك من أخذ الجبابات من المسيحيين ليس من شأني”
ولما وصل هذا الجواب الى مسامع شابور غضب وقال: أن شمعون يريد أن يحمل بني أمته على خلع طاعتي ويجعلهم عبيداً لقيصر الذي هو من مذهبهم. فلأ فعلن بهم ولاضعن ثم كتب شابور رسالة ثانية الى الحكام بها يأمرهم أن يتهددوا شمعون بالقتل أن ابى تكميل أوامره فلم يجيب شمعون طلبهم واقر أنه مستعد ليبذل دمه عوض المسيحيين فأشتد غضب الملك وأمر بهدم الكنائس وذلك سنة 340 فهدموا كنيسة المدائن وذهبوا بمار شمعون برصباغي وغيره من الأساقفة والكهنة الى باب الملك في مدينة ليدان في الاهواز. ولما رأى شابور أن شمعون يأبي جمع الجبايات من رعيته والسجود للشمس أمر بقتله وقتل رفاقه. يطلق على شابور أسم ابو الاكتاف لأنه كان يقطع أكتاف ضحاياه المسيحيين قبل قتلهم.

ودام هذا الأضطهاد اربعين سنة أي من سنة 339 الى وفاة شابور الملك سنة 379 ولذلك عرف هذا الأضطهاد الاربعين ومات جمع غفير لا يحصى عدده من الأساقفه والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين وروى سوزومين المؤرخ اليوناني أن المقتولين في هذا الأضطهاد الأربعين رجالاً ونساءاً والمعروفة أسماؤهم فقط يبلغون 16000 نفس. وروى مؤرخونا الكلدانيون أن المقتولين في الدير الاحمر وبيت كرماي ونينوى ومركا يجملون نحو 160000 نفس وفي بلاد بابل وحدها نحو 30000 نفس.

كاتب قصص الشهداء (2)
أن الذي اعتنى في جمع معظم قصص أجدانا الشهداء هو ماروثا أسقف ميافرقين الذي أشتهر في ميادين الجيل الخامس. أن القصص التي كتبها ماروثا طبعها السمعاني ثم بيجان في المجلد الثاني من أعمال القديسين والشهداء. وفي اولها ميمر عجيب أي مقالة في مناقب المعترفين والشهداء وقد اتى هذا الأسقف الجليل في ميمر هذا من فصاحة المنطق وبلاغة البيان ما يسمى العقول. وتصنيفه هذا لأحسن تصنيف آتى في هذا الشأن. لا بل فاق كتبة اليونان والاتين في دقة وصفه للوقائع وفي حياده عن الاطناب والمبالغة في الكلام.

المصادر: (1) ادي شير ص64. (2) تاريخ الكنيسة الشرقية، تأليف الأب البير أبونا ص 35، 36، 37، و 38.

الموسوعة الكلدانية – كتاب تاريخ الكلدان صفحة 37 – 38.

الناشر/ شامل يعقوب المختار

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

عام جديد، فرصة جديدة لك للتوبه

دعونا في عام جديد لا نضيّع هذه الفرصة فالرب دائما ينتظرنا متشوقا لسماع صوتنا فلنندم …