فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ

فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ

إن التسرع في الحكم على الآخرين هو نوع من الإدانة التي قد تكون ظالمة، والحديث عن خطايا الآخرين هو نوع من الإدانة ايضا لسبب التشهير بسمعتهم ومحاولة إصلاح الآخرين قبل إصلاح الإنسان لنفسه هو كسر لوصية السيد المسيح لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم (مت7: 1، 2) هكذا أوصانا السيد المسيح بعدم الإدانة لأنه هو وحده الديان العادل الذى يرى الخفيات قبل الظاهرات وهو الذى بلا خطيئه وله سلطان فمن أنت يا من تدين غيرك . احترس أيها الإنسان من إدانة الغير لأنهم مثلك تماما غير معصومين من الخطأ ، اجعل عينك بسيطة ترى الخير ولا ترى الشر واجعل يدك ممدودة لكل أحد مهما كانت خطيئته فقد تكون سببا فى توبته ورجوعه الى الله .
فلذا فيجب على الإنسان ان يتكلم بحرص واتزان، ويكون كلامه بالميزان، لان كل كلمة لها ثقلها ووزنها ويكون الكلام برؤية وتأني بحكمة وتكون أيضًا بفائدة
فالإنسان الذي يصمت في الوقت الذي يجب فيه الكلام والعكس يتكلم في الوقت الذي يجب فيه الصمت هذا يكون خطأ كبير، وقد يسبب مشاكل له وللآخرين بمعنى أن من يدين غيره يخدع نفسه فمن منا بلا خطيئة ولكن لا ينبغي أن يحكم الإنسان على غيره في أمور هو نفسه يستوجب الحكم بسببها أو يفعل ما هو أفظع منها. لهذا قال السيد المسيح: أخرج أولًا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك (مت7: 5). وبهذا سمح الرب للإنسان أن يخرج القذى من عين أخيه بشرط ألاّ تكون هناك خشبة في عينه أكبر من القذى وتمنعه من الرؤية الصحيحة اي بمعنى لماذا تنظر القذى الذى فى عين أخيك ، وأما الخشبة التى فى عينك فلا تفطن لها .
ان السيد المسيح يدعونا اولا الى إصلاح ذواتنا اي أن نخرج الخشبة من أعيننا قبل أن نعمل على إصلاح عيوب الآخرين وإخراج القذى من عيونهم لأنه عندما نصلح ذواتنا عندئذ مثلنا الصالح، سيرتنا الصالحة وحدها تكفي لإصلاح الآخرين لأن الناس بحاجة إلى المثل الصالح أكثر منه إلى الكلام الصالح لذا فيجب اولا العمل على إصلاح الذات لأنه إذا أمضينا وقتنا في انتقاد الآخرين فلا يبقى لنا الوقت لكي نحبهم فمن منا مخول من قبل الله ليدين الناس، بل على العكس فان الله يطلب منا الرحمة كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم. لا تدينوا فلا تدانوا والقديس يعقوب يضيف قائلاً أما أنت فمن تكون حتى تدين القريب؟ (يع 4/ 12). السيد المسيح نفسه امتنع عن دينونة المرأة الخاطئة بقوله: وأنا لا أحكم عليك اذهبي ولا تعودي إلى الخطيئة من بعد (يو 8/ 3-11).
ان الإدانة هي أن أحكم على شخص في دوافعه القلبية التي لا اعرفها, وهذا لا علاقة له بتمييز سلوكه واتجاهاته وثماره, فالمسيح دعانا لان نميز الثمار ونعرف منها اتجاهات ممن نتعامل معهم

وايضا للإدانة جانب اخر وهو أن أحكم على شخص وأشعر أنني أفضل منه (مثل الفريسي والعشار), فعلى الرغم من أن كل ما قاله الفريسي عن العشار حقيقية, إلا أنه استخدمه ليشعر ببره الذاتي, بينما أن الوضع الصحيح, هو أن اقدر وضعه الخاطي وأميزه, لكني أعلم أنني لست أفضل منه
واخيرا فان الرحمة نحو الآخرين كما قال السيد المسيح كونوا رحماء كما ان اباكم رحيم (لو 6: 36)
والغفران ايضا للآخرين من زلاتهم الصغيرة حتى يغفر لنا أبونا السماوي زلاتنا الكبيرة فإنكم إن غفرتم يغفر لكم الآب وإن لم تغفروا فأبوكم أيضاً لا يغفر لكم (متى 6/ 12-15)
صلاة
أعطينا يارب مزيدا من الوعي والحكمة، كي لانسيئ أبدا بكلامنا لأي إنسان كان ومهما كان موقعه في الحياة. بل اجعل من كلامنا تعزية للمحزونين ، وهداية للضالين، وكاس ماء للعطاش، ونورا للجاهلين، ورجاء لليائسين، وتشجيعا للمرهقين وللقلقين، وهداية للمترددين
واننا نقدم لك صمت شفاهنا ونهبها لك لنتكلم بهما. املك على قلبنا واجعل منه قيثارة تسبحك، وقناة لإيصال حقيقتك. إننا أرجو ونتمنى أن نصبح إناسا محبين ونفضل الكلام معك على الحديث معهم. ففي حديثينا معهم هبنا يارب القوة لكي نقربهم إليك آمين

بقلم: د. بشرى بيوض

عن اسماعيل ميرزا

شاهد أيضاً

قراءات عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس

الحكمة والشريعة سفر يشوع بن سيراخ 24 : 1 – 32 الحكمة تمدح نفسها وتفتخر …