مدينة أفسس


أفسس كلمة يونانية معناها المرغوبة هي عاصمة المقاطعة الرومانية وقد بني لها
مرفأ صناعي مما جعل أفسس ميناءاً بحرياً مهماً في العصور القديمة وكان في أفسس
هيكل أرطاميس العظيم مما جعل المدينة مركزاً دينياً ومزاراً لكثيرين من الحجاج
وقد احتلّ الإغريق الأيونيون مدينة أفسس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد
وأصبحت عاصمة أيونيا وقد وجد اليونان تشابهاً بين الآلهة الأم التي كانت تعبد
هناك والآلهة أرطاميس والمدينة وقعت تحت حكم كريسس ملك ليديا وكورش العظيم ملك
الفرس والاسكندر الأكبر وخلفائه ومملكة برغامس وفي النهاية وقعت المدينة تحت
حكم الرومان سنة 133 قبل الميلاد وقد اكتشفت خرب كثيرة من الباني التي رآها
بولس الرسول في عصره في أفسس ولم يبقى من هيكل أرطاميس الذي كان إحدى عجائب
الدنيا السبع سوى الأساسات وكثيراً ما أعيد بناء هذا الهيكل وقد اكتشفت نماذج
فضية لهذا الهيكل شبيهة بما كان يعمله ديمتريوس وغيره من الصياغ ( أع 19 ) تدل
النقوش والأسوار والأبنية على تسلط السحر والخرافات على أولئك القوم والمسرح
الذي تظاهر فيه الصياغ وأحدثوا شغباً ضد المسيحيين ( أع 19 ) هو من أكبر
المسارح التي بقيت من العالم القديم الرسول بولس نادى برسالة المسيح في المجمع
اليهودي في أفسس أثناء رحلته التبشيرية الثانية وترك هناك بريسكلا وأكيلا
ليحملا الشهادة المسيحية في أفسس ( أع 18 : 18-21 ) وأقام الرسول بولس أثناء
رحلته التبشيرية الثالثة في أفسس مدة لا تقل عن سنتين وثلاثة شهور ينادي في
المجمع وفي مدرسة تيرانس وفي بيوت خاصة ( أع 19 و 20 ) يظهر نجاح الإنجيل هناك
من حرق كتب السحر ( أع 19 ) ومن التظاهر الذي قام به الصياغ الذين أصبحت
صياغتهم صناعة تماثيل لهيكل أرطاميس في خطر ( أع 19 ) وفي هذه الرحلة في
ميليتس فأرسل واستدعى شيوخ كنيسة أفسس وطلب إليهم أن يهتموا بالرعية ( أع 20 )
ويرجّح أن بولس زار أفسس بعد سجنه الأول في روما وأنه ترك تيموثاوس هناك لكي
يشرف على سير العمل في الكنيسة ( 1 تم 1 ) وبحسب التقليد الذي يوثق بصحته قضى
يوحنا السنوات الأخيرة من حياته وخدمته في أفسس وكتب سفر الرؤيا وهو في جزيرة
بطمس تجاه أفسس وفيها رسالة مدح ورسالة تحذير لكنيسة أفسس ( رؤ 1 و 2 ) وقد
أصبحت المدينة فيما بعد مركزاً مهماً للمسيحية والرسالة إلى أهل أفسس كتبها
الرسول بولس لما كان سجيناً ( أف 3 و 4 و 6 ) وفي الغالب كتبها في رومية
والبعض يظن أنها كتبت أثناء سجنه في قيصرية ( أع 24 ) والرسول بولس أرسلها إلى
القديسين في افسس والمؤمنين في المسيح يسوع والراجح أن الرسالة كانت دورية قصد
بها كل الكنائس في مقاطعة آسيا وبما أن أفسس كانت الكنيسة الرئيسية في هذه
المقاطعة، فقد جرى التقليد المسيحي المبكر على اعتبارها مرسلة إلى أهل أفسس
وكتبت بعد الرسالة إلى أهل كولوسي بوقت قصير إذ أننا نجد توسعاً في الفكر في
الرسالة إلى أهل أفسس على ما هو عليه في الرسالة إلى أهل كولوسي. وموضوع
الرسالة إلى أهل كولوسي هو تقدم شخص المسيح وعمله فهو الأول في كل شيء وعمله
أول الأعمال أما موضوع الرسالة إلى أهل أفسس فهو تأسيس الكنيسة التي هي مجموع
المفديين. ويمكن أن يقال أن الرسالة إلى أهل أفسس توجز كل تعاليم الرسول
السابقة ليبين أن قصد الله في إرسال ابنه هو فداء شعب مختار لله الفداء الذي
يُظهر للعالم غنى نعمة الله ويصلي الرسول بولس كي يدركو رجاء دعوة المسيح التي
أول ثمارها هو المخلص المقام في المجد والذي هو أيضاً عربون هذا الرجاء وضمانه
الجانب البشري في تاريخ الكنيسة وهو يعلمنا أن المختارين قد أنقذوا من الخطية
والدينونة بالنعمة المجانية التي لا يستحقونها أنهم مرتبطون ومتحدون معاً سواء
أكانوا يهوداً أم أمماً في المسيح الواحد ومتحدون ليكونوا هيكلاً واحداً
مقدساً للرب مركز الرسول كخادم هذا السر الإلهي في الكنيسة وهو يصلي لأجلهم كي
يقدروا ما أعده الله لهم ويتمتعوا به وحث على السلوك كما يليق بهذه الدعوة
العليا في كل علاقتهم في الحياة الحاضرة والرسالة إلى رومية التي أرسلت من
الشرق إلى الغرب تشمل تعاليم الرسول الكاملة عن طريق الخلاص. أما الرسالة إلى
أهل أفسس ، وقد أرسلت من الغرب إلى الشرق فتشمل أيضاً تعليم الرسول الكامل عن
كل قصد الله في التاريخ البشري ويمكن أن يقال عنها أنها بلغت الذروة بين
تعاليم الرسول اللاهوتية ويوضح الرسول بولس في رسالته هذه تدبير الله لتوحيد
الخليقة كلها في السماء وفي الأرض برئاسة الرب يسوع المسيح عندما يحين الوقت
لان كل شيء يتم بحسب أرادة الله ومشيئته والرسول بولس يستعمل عدة معان كي يبين
أن وحدة المؤمنين هي بارتباطهم في الرب يسوع المسيح والسبب أن الكنيسة هي جسد
والمسيح رأسها حرفياً الكيسة هي بناء والمسيح حجرها الأساسي أمين
أعداد الشماس سمير كاكوز

عن الشماس سمير كاكوز

شاهد أيضاً

مواهب الروح القدس

هو روح الله الأقنوم الثالث في الثالوث الاقدس وقد ذكر هذا التعبير ثلاث مرات فقط …