وهبط الملاك المبارك

حين ظهر قداسة الحبرالاعظم البابا خارجا من طائرته في مطار بغداد في زيارته المباركه للعراق باللون الأبيض الذي يميز ثيابه وغطاء رأسه، فإنه بدا كأنه يعيد إحياء المعنى في مسرحية «هبط الملاك في أرض بابل» التي كتبها فريدريش ديرنمات السويسري-الالماني في ستينات القرن الماضي، وترجمها إلى العربية المرحوم الاديب المصري أنيس منصور، وكانت حديث الناس وقت صدورها نصاً في كتاب، وكذلك وقت تمثيلها في مشاهد حية على أكثر من مسرح

كانت السماء في المسرحية قد أرسلت ملاكاً يحمل هدية ثمينه إلى مدينة بابل، وكانت الهدية فتاة جميلة إلى شخص مسكين في المدينة ولم تكن كيساً من المال

وكان المعنى هناك في المسرحية الشهيرة أن هذه الأرض تحتاج إلى الجمال بين البشر أكثر مما تحتاج إلى المال، وكان المعنى هنا في الزيارة الشجاعه للحبر الاعظم البابا فرنسيس أن السلام بين البشر هو واحد من تجليات واسس الجمال، وأن السلام إذا غاب عن أرض فقد غاب عنها كل شيء، حتى ولو كانت أغنى البلاد بالذهب والفضة والمعادن

جاء قداسه الحبر الاعظم البابا ولسان حاله يقول إن بلاد الرافدين تعرف النفط وهي جالسه على بحر من النفط، وتعرف الامتداد الخصب، وتعرف الماء العذب الذي يجري في نهرين اثنين، غير أنها حاليا لا تعرف السلام، ولا بديل عن أن تعرفه، لأنه كان دعوة إبراهيم عليه السلام، ودعوة كل رسول جاء من بعد إبراهيم يغري الناس بالتزام طريق أبي الأنبياء

والمؤكد أن قداسة الحبرالاعظم تمنى لو تمكن من الطواف في الشوارع بين آحاد الناس الذين من أجلهم جاء، ولكن الطوارئ التي سبقته في كل مكان حالت بينه وبين مصافحة الذين تمنى أن يصافحهم بين العراقيين، والذين إذا لم يجدوا ملاكاً يهبط في أرضهم كان عليهم أن يخترعوه

وسواء كان ديرنمات قد اخترع الحكاية في المسرحية، أو استوحاها من حكايات التاريخ القديم، فالعراق سوف يبقى أحوج البلدان إلى ما يحمله والفقر كل ملاك هابط عليه من كل سماء، لأن العنف السارح فيه و المنطقة بدأ يوم غاب السلام عن العراق والمنطقه، ويوم حل فيه الشقاق والقهر والفقر محل الوفاق

جاء قداسة الحبر الكريم البابا داعياً إلى ترميم العلاقات بين الناس، قبل ترميم الجدران التي دمّرها عنف الناس، وغادر وهو يقول إن العراق
سوف يظل في قلبه. والحقيقة أن العراق أولى بأن يكون في قلب كل واحد من أبنائه بغير استثناء، وأن يكون ايضا في قلب رأس الكنيسة الكاثوليكية ورجالها، فالبلد الذي نشأ فيه أبو الأنبياء هو بلد لا يجوز أن تتلون أرضه بلون الدماء

وباختصار كبير

جاء الملاك داعياً إلى ترميم وترسيخ مبدا الاخوه والعلاقات الاجتماعيه في المجتمع العراقي الراقي سلفا، قبل ترميم الجدران التي دمّرها عنف واجرام المجرمين المارقين

وغادرها وهو يؤكد قائلا بإن العراق سوف يظل في قلبه. والحقيقة أن العراق أولى بأن يكون في قلب كل عربي ومن أبنائه وابناء عمومته بغير استثناء، قبل أن يكون في قلب رأس الكنيسة الكاثوليكية البابوي
فالبلد الذي نشأ فيه أبو الأنبياء هو آخر بلد لا يجوز أن يستمر التدمير الممنهج والقتل اليومي لابنائه.

بقلم: د.خالد اندريا عيسى

عن د خالد عيسى

شاهد أيضاً

قراءات عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس

الحكمة والشريعة سفر يشوع بن سيراخ 24 : 1 – 32 الحكمة تمدح نفسها وتفتخر …