ثمرة أُخرى للوحدة الأسراريَّة في الزواج هيَّ الجمال الّذي يتَحدَّث عنه الرسول بولس في رسالته: أحَبَّ المسيح الكنيسة ” لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ” (أفسس 5: 27). مَنْ هوَ ذلك العريس الّذي لا يريد عروسَهُ كما رَغَبَ المسيح الكنيسة؟ مِنْ الشائع أنْ يُقال – أحيانًا بمعنى اختزالي ومُنحَرف – أنَّه “حتّى العين لها نَصيب”. نقول أنَّ البُعد الجمالي مُهم أيضًا في العلاقة بين الزَوجين، بِشرطِ أنْ لا يَتم اختزال الجمال وإفقاره إلى المظهرِ الخارجي فقط الّذي هوَ عابر وزائل، ولكن يجب فَهمِه بطريقةٍ مُتكامِلة، أي بطريقةٍ يمكن دَمجَها في رؤية حدودِه الخارجيَّة والداخليَّة، الماديَّة والروحيَّة، البشريَّة والإلهيَّ، حسب الأنثروبولوجيَّة الّتي نراها في الكتاب المقدَّس. لذلك فالجمال ليس فقط ما هو عليه، والّذي يؤثِّر إيجابيَّاً على العين ويُرضي القلب، ولكن ما هوُ خير للإنسان، فيه أعمَق احتياجات الانسان وأكثرها أصالة. جميلٌ هوَ ذلكَ الشَّخص الّذي يأتي ويَمُلك شخصيَّتي، وأنا على استعداد لأنْ أفتح نَفسي تماماً في ضوءِ التَّكامُل المُتبادل. إلى أي مَدى نحن بَعيدون عن نهجِ الجمال الحقيقي، الجمال الّذي يراه العالم ربما هوَ نموذج لِثقافةٍ زائفة مُعيَّنة حيث يَجعلنا غير مُنتَبِهين لما يجب الانتباه إليه، فلا نرى إلاَّ القشور! الجمال خيرٌ مُتكامل ولا يتَحمَّل إنتقاص أو ضعف مِنْ أي نوع.
عندما كتبَ بولس هذهِ الرسالة إلى مَسيحيي أفسس، فقد فعلَ ذلك بالتأكيد حيثُ عُرِضَت عليه بعضُ المشاكل المُتعلِّقة بحياةِ المتزَوّجين الّذين إهتدوا مِنَ الوثنيَّة إلى المسيحيَّة، وبالتالي وجدوا صعوبة في عيشِ روحانيَّة الزواج والأُسرة وفقًا لمطالب الإنجيل الجذريَّة. يَذكرهم الرسول دون أنْ ينتَقص أي شيء مِنْ الجمال والتزام الحُب المقبول والمُعاش باسمِ الله الخالق وباسمِ المسيح المخلّص: عَيش الحُب داخل جماعة مِنْ الإيمان والّتي تَتوقَّع أنْ تَتلقّى مِنَ الأزواج المسيحيين المِثال الجيّد للخِبرة الزَوجيَّة والعائليَّة الوالدة والعائِشة تحتَ راية الوحدة الّتي أرادَ المسيح أنْ يُعطيها للأزواج المسيحيين.
تُتيح لنا هذهِ الملاحظة إقامة تَشابُه عميق مع الوضع الثقافي الحالي، أنَّنا نعيش اليوم وبطريقة دراماتيكيَّة للغاية تَتَحَدّانا جميعًا دونَ تَمييز. ربما نَشهد عودَة الوثنيَّة الّتي، مِنْ ناحية، تجعلنا نَنتَقدها مِنْ التَعليم المسيحي الّذي لم يَستَطع خَلق عقليَّة جديدة في المسيحيين وبالتالي لم تَعرف كيف تُثير نَمط حياة جديد بين الأزواج والعائلات المسيحيَّة. مِنْ جِهة أُخرى، هذهِ الوثنيَّة العائِدة لا تَدفعنا فقط إلى إيجادِ علاجات قويَّة وفي الوقت المناسب، ولكن أيضًا وأيضًا وقبل كُل شيء لإعطاءِ أُسُس جديدة للروحانيَّة الزوجيَّة العائليَّة. هوَ ما نُحاول القيام بِه مع هذهِ التأمُلات اللاهوتية – الرعويَّة البسيطة الأساسيَّة.
بقلم: الاب سامي الريس