كانت أحدى سرايا الأفوج العسكرية تُعيد تنظيم وتدريب قواتها بالمنطقة الخلفية، وكانت قريبة من حدود العدو. أمر أحد سرايا صنف المشاة طلب من مساعدهُ أن يجتمع بالمقاتلين للحديث معهم، ومن صفاتهُ كان منظم ومنضبط عسكرياً، وأنيق القيافة، وشجاع وحريص وصادق يحب جنودهُ ويكرم المتميزين، ويحاسب المخالفين، وكان ملتزم بتنفيذ الأوامر.
قال الأمر الى مقاتليه: غداً ليلاً لدينا مهمة خطف أسير من العدو من منطقة الحرام أو الوصول الى مواقع العدو لخطف أسير، من يرغب بالمشاركة، يقف ضمن المجموعة الأولى على جهة الأيمن، والذي لم يرغب يبقى في مكانه. بعدها كرر الحديث وقال: أنا أمر الدورية لتنفيذ الواجب من يرغب بالمشاركة يقف مع المجموعة الثانية على جهة اليسار، وأكمل حديثه لبقية المجموعة الذي لم يرغب بالمشاركة يبقى في مكانه.
فقال أمر السرية للمجموعة الثانية: لماذا لم تخرجوا مع المجموعة الأولى فهل تخافون مني لكوني أنا أمر المهمة؟ بعد أن سمع الى أجابات مختلفة من المقاتلين ولم يقتنع بها ومن ضمن المجموعة الثانية خرج مقاتل، وأجابهُ: وقال لهُ سيدي: أنا لا أخاف من حضرتك سيدي ولكن أحترمك، وأعرف شجاعتك وقدرتك القتالية والعسكرية من خلال مشاركتك في المعارك السابقة، ولهذا السبب خرجت مع المجموعة الثانية، لكي أعرف من هو قائد المجموعة والمهمة وتكون صفاته معروفة، لأن هكذا مهمة تحتاج الى قائد لهُ خبرة وشجاعة، ولهذا السبب لم أخرج ضمن المجموعة الأولى.
قال أمر السرية:
أولاً: قبل تنفيذ هكذا أمر وأنتم غير متأكدين مَن هو الأمر والقائد يجب لم تشلركوا بهكذا مهمة، الا في حالة الضرورة القصوى الذي يحتاجهُ الموقف، لأن هكذا مهمة تحتاج الى قيادة جيدة وقائد غيور وشجاع، ويعرف كيف يختار ويحافظ على جنودهُ ويعتمد على مقاتلين شجعان ويجب تدريبهم تدريب جيد قبل هكذا مهمة صعبة وخطيرة.
ثانياً: المجموعة الأولى خرجت خوفاً من العقوبة أو من شيئ أخر، ومن المحتمل ليس لهم دراية ومعرفة وخبرة بالمهمة.
ثالثاً: كان هذا درساً بليغ لكم بالمهمات العسكرية، ولا يوجد لنا مهمة خطف أسير، وشكر لكل المقاتلين على أجاباتهم وبالذات الى المقاتل على موقفه وصراحتهُ بشجاعة بدون خوف من قائدهُ.
نتعلم من هذه المهمة كما قال الراعي الرب يسوع المسيح تلاميذهُ قبل صلبهُ: خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك الى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي. هكذا يكون القائد الجيد أو الراعي الصالح الصادق لينال أحترام وثقة رعيتهُ، ويضع نفسهُ بالمقدمة لأجل أحباءهُ بدافع سمو المحبة، لأن المحبة تعطى للجميع بدون تفرقة أو أمتياز بعيداً عن الدين والعقيدة والعرق والجنس واللون.
تعلمنا من الرب الراعي الصالح يسوع المسيح الذي كان في المقدمة، وحمل صليبهُ وصُلب قبل تلاميذه وأمام الجميع، وأنتصر بقيامته المجيدة على الموت، وصعدوه الى السماء، منذ ذلك الزمان تبعتهُ خرافهُ بكل أيمان صادق، ورجاء وحق. نقول للربنا يسوع المسيح: شكراً لكَ لأنك أخترتنا لنكون شعبك وتلاميذكَ لنرعى في حقول مراعيك ونتعلم من تعاليمك ووصاياك المجيدة، لكَ كُل المجد والكرام.
شامل يعقوب المختار