اسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ

اسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ
د-بشرى بيوض
عندما نبدأ في الإحساس بملء محبة الله، نبدأ أيضاً في أن نحب القريب من خلال الروح القدس الذي نشعر في عمله فينا، هذه هي المحبة التي اوصانا بها الكتاب المقدس (وبالأكثر في العهد الجديد) لأن المودة بحسب الجسد تتفكك سريعاً لأقل عذر وأدنى سبب، لأنها ليست مربوطة بوثاق الروح القدس. فالإنسان المتمسك بمحبة الرب، يُقبل بغاية الفرح على ممارسة محبة القريب، بل ويكون على أتم الاستعداد أن يتحمل في سبيله أية خسارة أو اهانة.لأن محبة الله كفيلة في الواقع أن تُلاشي تماماً مرارة العداوة
ان المحبة كما طلبها الرب يسوع، هي الإحساس القلبي العميق بحب الله نحو الآخر، حتى الأعداء أنفسهم، فهذه المحبة هي محبة ملتزمة بالعطاء والبذل والخروج عن الذات، مثلما تضحي الأم بنفسها من أجل سلامة طفلها غير مهتمة بالأخطار لأنها تحبه حب عميق لا يتبدل مهما ما كانت المشكلة التي تواجهها من أجله، ومع كل هذه التضحية فأن المحبة واعية تعلم ماذا تفعل على وجه التحديد لأنها ليست مُغيبة أو في غفلة من أمرها، لأن احياناً الأم تقسو على طفلها في سبيل نجاته وإنقاذه
عموماً هذا هو الفرق بين المحبة القائمة على الحس الجسدي والنفسي العاطفي المتقلب، وبين المحبة التي قصدها الله ووهبها لنا بالروح القدس

لهذا علينا ان نفهم جميعآ ان الله لا يكره احد بل يحب الجميع الصالح والاثيم البار والخاطئ لهذا علينا ان نثق اننا لنا رجاء وان باب رحمة الله لم يغلق ابدا في وجه احد
لهذا يقول الكتاب المقدس أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ
لذلك كل إنسان يخدم الله، عليه أن يتعلم الحب أولًا، قبل أن يخدم الناس فالناس يحتاجون إلى قلب واسع، يحس إحساسهم، ويشعر بهم ويتألم لآلامهم، ويفرح لأفراحهم، ويحتمل ضعفاتهم، ولا يحتقر سقطاتهم، بل أيضًا يحتاجون إلى قلب يحتمل كل شي وبالحب نستطيع أن نربح الناس
والإنسان الذي يعيش بالحب، عليه أن يحب الكل. إن القلب الضيق هو الذي يحب محبته فقط، أما القلب الواسع فيحب الجميع حتى أعداءه
ولهذا قال السيد المسيح له المجد: “أحبو أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم”.. وأعطانا مثلًا وقدوة من الله نفسه الذي: “يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين”
لذلك علينا أن نحب الكل، ولا نضيق بأحد ونأخذ درسًا حتى من الطبيعة نتعلم من النهر الذي يعطى ماءه للكل، يشرب منه القديس، كما يشرب منه الخاطئ انظروا إلى الوردة كيف تعطى عبيرها لكل من يعبر بها، يتمتع برائحتها البار والفاسق، حتى الذي يقطفها، ويفركها بين يديه، تظل تمنحه عطرها حتى آخر لحظة من حياتها
ليتنا نعيش معًا بالحب، وأقصد به الحب العملي، كما قال الكتاب لا نحب باللسان ولا بالكلام، بل بالعمل والحق لأن كثيرين قد يتحدثون عن الحب، وأعمالهم تكذبهم، هؤلاء الذين وبخهم الله بقوله: “هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا
وأهم ما في الحب هو البذل، وأعظم ما في البذل هو بذل الذات لذلك قال السيد المسيح: ليس حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه”. فلنحب الناس جميعًا، لأن القلب الخالي من الحب، هو خال من عمل الله فيه، هو قلب لا يسكنه الله
وإن لم نستطع أن نحب إيجابيًا فعلى الأقل لا نكره أحدًا فالقلب الذي توجد فيه الكراهية والحقد هو مسكن للشيطان
وإن لم نستطع أن نحب الناس، فعلى الأقل لا نكرههم، وإن لم نستطع أن ننفع الناس، فعلى الأقل لا نؤذيهم

فليعطنا الله محب البشر، الذي أحب الكل في عمق، أن نحب بعضنا بعضًا، بالمحبة التي يسكبها الله في قلوبنا، له المجد الدائم إلى الأبد
المحبة تتأنى وترفق. المحبة لاتحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ” (1كورنثوس 4:13). وفي رحلتنا في حياتنا المسيحية المحبة تربط بين الإيمان والرجاء فهي الدافع والغطاء لكل وسائط النعمة لأننا إن كنا نفعل كل شيء بدون محبة سيكون عملنا باطلا ودون جدوى، فهي تربط الرحلة من بداية الخليقة الجديدة إلى أن نكون معه في السماء حيث هناك ينتهي الإيمان لأننا سنراه وجها لوجه وسينتهي الرجاء لأن موضوع الرجاء سيكون حاضرا أمامنا، وأما المحبة فستبقى إلى الأبد
امين
د-بشرى بيوض

عن د. بشرى بيوض

شاهد أيضاً

قراءات عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس

الحكمة والشريعة سفر يشوع بن سيراخ 24 : 1 – 32 الحكمة تمدح نفسها وتفتخر …