يسوع والمحبة
سال أحد معلمي الشريعة ما هي أولى الوصايا التي وردت في الشريعة كلها ؟ السؤال
جاء ذكره في ثلاثة أناجيل متى ومرقس ولوقا ولم يذكره لنا يوحنا في أنجيله
( فسأله واحد منهم وهو من علماء الشريعة ليحرجه يا معلم ما هي أعظم وصية في
الشريعة ؟ فأجابه يسوع أحب الرب ؟ إلهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل عقلك هذه هي
الوصية الأولى والعظمى والوصية الثانـية مثلها أحب قريبك مثلما تحب نفسك على
هاتين الوصيـتين تقوم الشريعة كلها وتعاليم الأنبـياء )
( أنجيل القديس متى 22 : 35 – 40 )
( وكان أحد معلمي الشريعة هناك فسمعهم يتجادلون ورأى أن يسوع أحسن الرد على
الصدوقيـين فدنا منه وسأله ما هي أولى الوصايا كلها ؟ فأجاب يسوع الوصية
الأولى هي إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا هو الرب الأحد فأحب الرب إلهك بكل قلبك
وكل نفسك وكل فكرك وكل قدرتك والوصية الثانـية أحب قريبك مثلما تحب نفسك وما
من وصية أعظم من هاتين الوصيتين فقال له معلم الشريعة أحسنت يا معلم فأنت على
حق في قولك إن الله واحد ولا إله سواه وأن يحبه الإنسان بكل قلبه وكل فكره وكل
قدرته وأن يحب قريبه مثلما يحب نفسه أفضل من كل الذبائح والقرابـين ورأى يسوع
أن الرجل أجاب بحكمة فقال له ما أنت بعيد عن ملكوت الله وما تجرأ أحد بعد ذلك
أن يسأله عن شيء )
من يتمم وصية الحب لله وللإخوة يتقبل هبات الله وأولها الحكمة خلال الروح
القدس ومحبة الله تجعلنا نَحْفَظْ وصاياه بل إن من له الروح القدس الذي يعطي
المحبة لا يحتاج للناموس
( أنجيل القديس مرقس 12 : 28 – 34 )
( وقام أحد علماء الشريعة فقال له ليحرجه يا معلم ماذا أعمل حتى أرث الحياة
الأبدية ؟ فأجابه يسوع ماذا تقول الشريعة ؟ وكيف تفسره ؟ فقال الرجل أحب الرب
إلهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل قوتك وبكل فكرك وأحب قريبك مثلما تحب نفسك فقال
له يسوع بالصواب أجبت إعمل هذا فتحيا )
( أنجيل القديس لوقا 10 : 25 – 28 )
الاسئلة الثلاثة ذكرت في عدة صيغ وبحسب ما كتبه كل واحد من البشيرين الثلاثة
يسوع كان جوابه للمعلم انه يوجد وصيتين الاولى في سفر تثنية الاشتراع قائلاً
( إسمعوا يا بني إسرائيل الرب إلهنا رب واحد فأحبوا الرب إلهكم بكل قلوبكم وكل
نفوسكم وكل قدرتكم )
( سفر تثنية الاشتراع 6 : 4 – 5 )
المحبة هي ثمرة من ثمار الروح القدس وهذه هي عطية العهد الجديد لكل مُعَمَّدْ
ممسوح بالميرون والروح هو الذي يسكب محبة الله في قلوبنا الله طلب أن نحبه بكل
قدراتنا فهذا هو الطريق الوحيد لنعيش في فرح وهذا ما عمله الروح القدس أنه
يسكب محبة الله في قلوبنا فتكون ثمار الروح محبة
الوصية الثانية في سفر الاحبار أو اللاويين تقول
( لا تنتقم ولا تحقد على أبناء شعبك بل أحب قريبك مثلما تحب نفسك أنا الرب )
( سفر الاحبار 19 : 18 )
الايتين كلاهما مربطة الواحد بالاخرى ولهما الاهمية الاعظمى في حياة كل أنسان
مسيحي مؤمن بيسوع والسبب أن هذين الايتين تساعدنا الاقتراب الى الله بحبنا له
وعلاقتنا مع البشرية جمعاء بحبنا لهم
الكتاب المقدس وخاصة في العهد الجديد يذكر لنا الكثير من الايات على لسان يسوع
والاكثرية من الايات عن المحبة وردت في أنجيل القديس يوحنا
( هكذا أحب الله العالم حتى وهب ابنه الأوحد فلا يهلك كل من يؤمن به بل تكون
له الحياة الأبدية )
( أنجيل القديس يوحنا 3 : 16 )
تاريخ الله مع البشر تاريخ محبّة فأرسل ابنه لا ليدين العالم ويقضي عليه بل
ليخلّص العالم فالله هو إله الخلاص ولا يريد موت الخاطئ والحياة الأبدية هي
حياة الله المتجسدة في المسيح والمعطاة الآن لكل المؤمنين كضمان لكونهم
سيعيشون إلى الأبد وليس فـي تـلك الحـياة مـوت ولا مـرض ولا أعـداء ولا شـر
ولا خطية
الله يحبنا وهذه الآية تبين الحب الحقيقي لله يقدمه للانسان مجاناً فإن كنت
تحب إنساناً بشدة تجد نفسك مستعداً أن تدفع ثمن محبته
الله دفع الثمن بحياة ابنه الرب يسوع الذي دافع عنا ودفع ثمن خطايانا وبعد
ذلك قدم لنا الحياة الجديدة التي اشتراها من أجلنا وعليه أن تكون محبتنا
كمحبته مستعدين للتضحية براحتنا وأمننا حتى ينضم الآخرون إلينا في تلقي محبة
الله
الله يريد من كل واحد منا أن يعرف قيمة ومقدار محبة الله له
( أنا فيهم وأنت في لتكون وحدتهم كاملة ويعرف العالم أنك أرسلتني وأنك تحبهم
مثلما تحبني )
( أنجيل القديس يوحنا 17 : 23 )
الاب والابن هم واحد والمحبة تنتقل الينا نحن المؤمنين عن طريق يسوع فنصبح
موحدين في الاب والابن يسوع صلى من أجل وحدة جميع المسيحيين وان أرادوا معرفة
هذه الوحدة فقط بواسطة الاتحاد مع الله الاب والرب يسوع ومثل الغصن في الكرمة
يحيا في اتحاد مع الكرمة ومع بقية الاغصان الاخرى جميعها
الطاعة لله من قبلنا واجبنا علينا فان كنا نحب الله ويسوع علينا الطاعة
الكاملة لتعاليمه ووصاياه
( من قبل وصاياي وعمل بها أحبني ومن أحبني أحبه أبـي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي
)
( أنجيل القديس يوحنا 14 : 21 )
المؤمن المسيحي الحقيقي أن عمل وحفظ في فكره وقلبه وسمع وصاياه لا ينفصل أبداً
من حب المسيح
يقول الرب يسوع لنا أن كنا نحبه علينا الثبات فيه من خلال الطاعة لكلمته
( إذا عملتم بوصاياي تثبتون في محبتي كما عملت بوصايا أبـي وأثبت في محبته )
( أنجيل القديس يوحنا 15 : 10 )
العمل بوصايا يسوع معناه اننا نحب الله ويسوع وهكذا فعل يسوع انه عمل بوصايا
ابيه ونحن بعد خطاة فاحبه ابوه بكل معنى الكلمة لانه كشف مخططاته وأهدافه
لخلاص البشرية وبواسطة الروح القدس فان كان الناس يتعجبون من معجزة عملها يسوع
فكم بالاحرى يتعجبون من أعمال ارتفاعه في المجد السماوي وهي الدينونة والحياة
الابدية
( فالآب يحب الابن ويريه كل ما يعمل وسيريه ما هو أعظم فتتعجبون )
( أنجيل القديس يوحنا 5 : 20 )
( والآب يحبني لأني أضحي بحياتي حتى أستردها )
( أنجيل القديس يوحنا 10 : 17 )
يسوع يحب الاب وضحى بنفسه من اجلنا وهكذا نحن أيضا التضحية واجبة من اجل
الاخرين قدر امكاننا واسبعد يسوع للتضحية والذهاب الى الآلآم والموت والسبب هو
انه يحب الاب
( ولكن يجب أن يعرف العالم أني أحب الآب وأني أعمل بما أوصاني الآب قوموا نذهب
من هنا )
( أنجيل القديس يوحنا 14 : 31 )
من يرفض يسوع معناها ليس فيه محبة الله والذي يرفض يسوع العقاب والهلاك لا بد
منه ففي هذه الايات يسوع لم يطلب المجد والشهادة من البشر لانه يعرف ان الكثير
منا لا يسكن الله فيهم ومحبته وكلمته المقدسة في قلوبهم
يسوع كان يكلم باسم ابيه وكان ينتظر المجد من الله الاب وليس من البشر والكثير
يفعلون عكس ما فعله يسوع يطلبون المجد من البشر
( أنا لا أطلب مجدا من عند النـاس لأني عرفتكم فعرفت أن محبة الله لا محل لها
في قلوبكم جئت باسم أبـي فما قبلتموني ولو جاءكم غيري باسم نفسه لقبلتموه وكيف
تؤمنون ما دمتم تطلبون المجد بعضكم من بعض والمجد الذي هو من الله الواحد لا
تطلبونه ؟ لا تظنوا أني أشكوكم إلى الآب فلكم من يشكوكم موسى الذي وضعتم فيه
رجاءكم )
( أنجيل القديس يوحنا 5 : 41 – 45 )
( أنا أحبكم مثلما أحبني الآب فاثبتوا في محبتي )
( أنجيل القديس يوحنا 15 : 9 )
يسوع في خطبته الوداعية يوصي تلاميذه أن وحدته مع الاب تكشف لنا جوهر حياة
الله وتدعو التلاميذ كي يحبوا بعضهم البعض وبذل حياتهم كما فعل يسوع لما بذل
حياته على الصليب من اجلنا ومن هذا المنطلق نصل من حب الاب الى حب الابن ومن
ثم الى حب بعضنا البعض فنثبت سوية في كرمة المحبة الحقيقية يسوع المسيح لان
الله محبة
موت المسيح على الصليب برهان قاطع على محبته للبشرية كي نحيا للابد معه في
الملكوت السماوي فارفع نظرك الى يسوع وكن مؤمنا صادقاً في ايمانك بيسوع أنه
يخلصك من الخطيئة
( وكما رفع موسى الحـية في البرية فكذلك يجب أن يرفع ابن الإنسان لينال كل من
يؤمن به الحياة الأبدية
( أنجيل القديس يوحنا 3 : 14 – 15 )
الحيّة هي الحيّة النحاسيّة التي رفعها موسى في البرية فالذي تلدغه الحية كان
ينظر إليها بإيمان فيُشفى يُرفع ابن الانسان يُرفع على الصليب ويُرفع في مجد
القيامة لأن الصليب هو موضع ارتفاع يسوع في المجد
( ما من حب أعظم من هذا أن يضحي الإنسان بنفسه في سبـيل أحبائه وأنتم أحبائي
إذا عملتم بما أوصيكم به )
( أنجيل القديس يوحنا 15 : 13 – 14 )
مضى يسوع إلى آلامه حبًا بالآب وحبًّا بأصدقائه فدلّ على أساس الحبّ الاخوي
وقاعدته نعم لا يوجد اعظم واقوى حب في هذا العالم من الله الاب والرب يسوع
( إجعلهم كلهم واحدا ليكونوا واحدا فينا أيها الآب مثلما أنت في وأنا فيك
فيؤمن العالم أنك أرسلتني وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدا
مثلما أنت وأنا واحد أنا فيهم وأنت في لتكون وحدتهم كاملة ويعرف العالم أنك
أرسلتني وأنك تحبهم مثلما تحبني أنت وهبتهم لي أيها الآب وأريدهم أن يكونوا
معي حيث أكون لـيروا ما أعطيتني من المجد لأنك أحببــتني قبل أن يكون العالم
ما عرفك العالم أيها الآب الصالـح لكن أنا عرفتك وعرف هؤلاء أنك أرسلتني أظهرت
لهم اسمك وسأظهره لهم لتكون فيهم محبتك لي وأكون أنا فيهم )
( أنجيل القديس يوحنا 17 : 21 – 26 )
المحبة المتبادلة بين الله الاب ويسوع هي المثال الكامل لما يجب أن تكون عليه
محبتنا للاخرين
صلى يسوع من أجل الوحدة بين المؤمنين المبنية على وحدانية المؤمنين مع يسوع
والآب ويمكن للمسيحيين أن يعرفوا الوحدة فيما بينهم لو كانوا يحيون في اتحاد
مع الله. فعلى سبيل المثال, كل غصن يحيا في اتحاد مع الكرمة يتحد مع بقية
الأغصان الأخرى جميعها في ذلك الأمر ذاته
صلّى يسوع من أجل تلاميذه الذين يحيطون به وان يجعلهم الاب واحداً هو واثق
أنهم سينشرون انجيله لهذا توسّعت صلاته وامتدّت إلى المؤمنين الذين يقبلون
كلامهم ومرافقته الدائمة إذا كان المؤمنون واحدًا أدّوا الشهادة للعالم فيؤمن
بالمسيح مما يدل هذا يعني ان الانقسام في الكنائس هو أكبر عائق في الرسالة
المجد الذي ناله المسيح من الآب يمتدّ إلى التلاميذ الذين يدلّون بدورهم على
مجد المسيح ليكونوا واحدًا يعود يسوع أيضًا إلى الكلام عن وحدة تلاميذه ومثال
هذه الوحدة هي وحدة الآب والابن لا وحدة المصالح والمكاسب بل وحدة المحبّة
والتواضع والبذل والوداعة
الآب هو في الابن كذلك يكون يسوع فينا وهكذا تكون وحدتنا كاملة فتنتقل محبّة
الآب بواسطة الابن إلى المؤمنين
يسوع يردنا ان نكون معه واحداً قاسموه ذلّه وآلامه وسوف يقاسمونه مجده هذه هي
وصيّة يسوع قبل موته ليروا المجد مجد الابن هو الحبّ الذي يجمع الآب والابن
قبل أن يكون العالم ونشائته هذا يعود بنا إلى الأزل أي قبل الخلق ساعة كان
الابن في حضن الآب
محبة يسوع وتصل وتتجه الى كل فرد منا يؤمن به
( أنا الراعي الصالـح والراعي الصالـح يضحي بحياته في سبـيل الخراف وما الأجير
مثل الراعي لأن الخراف لا تخصه فإذا رأى الذئب هاجما ترك الخراف وهرب فيخطف
الذئب الخراف ويبددها وهو يهرب لأنه أجير لا تهمه الخراف أنا الراعي الصالـح
أعرف خرافي وخرافي تعرفني مثلما يعرفني الآب وأعرف أنا الآب وأضحي بحياتي في
سبـيل خرافي )
( أنجيل القديس يوحنا 10 : 11 – 15 )
يرعى الأجير الخراف من أجل المال أما الراعي فيرعاها من أجل محبته والتزامه
بها والرب لا يؤدي عمله فقط لكنه ملتزم بأن يحبنا وأن يضع ذاته وحياته من
أجلنا بينما ليس للمعلمين المضلين والأنبياء الكذبة مثل ذلك الالتزام أنا هو
يضحّي بحياته فالأخطار عديدة من اللصوص والوحوش الكاسرة وهنا يبرز الفرق بين
الراعي والأجير هو يهرب هذا يهتمّ بأجرته والراعي يهتمّ بخرافه ذاك ما فعله
يسوع بالنسبة إلى التلاميذ فما هلك منهم أحد ومعرفة المتبادلة بين يسوع وخرافه
وبالتالي محبّة متبادلة تجد ينبوعها في المحبّة التي تربط الآب والابن
يسوع يوصينا أن تكون محبتنا صادقة وهكذا سال يسوع بطرس أن تحبين أكثر من هؤلاء
( وبعدما أكلوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يوحنا أتحبني أكثر مما يحبني
هؤلاء ؟ فأجابه نعم يا رب أنت تعرف أني أحبك فقال له إرع خرافي وسأله مرة
ثانية يا سمعان بن يوحنا أتحبني ؟ فأجابه نعم يا رب أنت تعرف أني أحبك فقال له
إرع خرافي وسأله مرة ثالثة يا سمعان بن يوحنا أتحبني ؟ فحزن بطرس لأن يسوع
سأله مرة ثالثة أتحبني؟ فقال يا رب أنت تعرف كل شيء وتعرف أني أحبك قال له
يسوع إرع خرافي )
( أنجيل القديس يوحنا 21 : 15 – 17 )
عند الشاطيء قاد الرب يسوع بطرس خلال اختبار أزال عنه سحابة الإنكار لقد أنكر
بطرس يسوع ثلاث مرات فسأله يسوع ثلاث مرات أتحبني ؟ وعندما أجاب بطرس نعم طلب
منه يسوع قائلا أطعم خرافي جيد أن تقول إنك تحب يسوع أما المحك الحقيقي فهو
الاستعداد لخدمته إن بطرس قد تاب والآن يطلب منه الرب يسوع أن يكرس حياته له
تغيرت حياة بطرس عندما أدرك أخيراً من هو يسوع وتغير عمله من صياد سمك إلى
مبشر كما تغيرت شخصيته من مندفع إلى صخرة وكذلك تغيرت علاقته بيسوع فقد غفر له
الرب وأدرك الآن تماماً مغزى كلمات يسوع عن موته وقيامته
سأل الرب يسوع بطرس ثلاث مرات إن كان يحبه فكيف ستجيب لو سألك يسوع أتحبني ؟
هل تحب يسوع حقاً ؟ وهل أنت صديق له ؟
دعا يسوع بطرس إلى حبّه ثلاث مرات حين أنكره دلّ على أنه فضّل نفسه على الرب
وهنا دلّ أنه يفضّل الرب على نفسه أنت تعرف أني أحبّك أكّد بطرس حبّه دون أن
يحاول التفوّق على اخوته فالرب يعرف القلوب إرع خرافي مع أن يسوع هو الراعي
الصالح إلّا أنه سلّم إلى بطرس عمل الرعاية أما الشرط الأساسيّ لهذه الرعاية
فحبّ للرب لا حدود له
والمجد لله دائما
الشماس
سمير يوسف كاكوز