أزدهار العلوم في كنيسة المشرق -الحلقة الحادية والعشرون

منذ قرون (1) عديدة قبل أنتشار المسيحية في بلاد الرافدين، كانت اللغة الأرامية قد أصبحت لغة واسعة الأنتشار والأستعمال في الأمبراطوريات المتتابعة: الأشورية والبابلية والفارسية، وحينما أعتنق سكان البلاد الديانة المسيحية، أتخذوا الأرامية لغة للتعبير عن شعائرهم الدينية وطقوسهم وأفكارهم. وسرعان ما أصبحت اللغة المسيحية الرسيمية في بلاد الرافدين.
فأستخدمها المفكرون والكتاب والشعراء وسيلة رائعة لنقل أفكارهم الى أبناء عصرهم والعصور الاحقة. فأستعملها برديصان (+222) لنظم “مزاميره” ولوضح “كتاب شرائع البلدان” ومار شمعون برصباغي (+341) لتأليف أناشيد الكنيسة، وافراها الحكيم (+346) “بيناته” التي تضمنت كل فروع العلوم انذاك، ومار افرام الملفان (+373) لوضع مؤلفاته اللاهوتية وتفاسير وكتاباته الأخرى ولا سيما أشعاره البليغة التي لايحصى عددها. وتسليم مشعل العلم والثقافة أدباء أخرون من الأجيال التالية، أمثال بالاي وربولا وهيبا.
وبلغ الشعر الكنسي ذروته مع نرساي الملفان (+503) وزميله مار يعقوب السروجي (+521). وبلغ اللاهوت الشرقي في قمته في الكتاب الرائع الذي وضعه باباي الكبير (+628) في “الاتحاد” أي أتحاد اللاهوت والناسوت في المسيح. ولم يدع الأدباء واللاهوتيون الشرقيون مجالاً في العلم لم يطرقوه.
فتناولوا العلوم الطبية والهندسية والفلكية والتاريخية، بالأضافة الى العلوم اللاهوتية والكتابية واللغوية. ويضيق بنا المجال لذكر مأثرهم. قصاري القول، حمل آباؤهم الشرقيون مشعل العلم والثقافة والنور الى بني جيلهم والى الأجيال الأخرى. وما تزال هذه الكنوز نبعاً ثرياً لنا منه نستقي تلك الأفكار السامية والتعابير الرائعة والتشابية المدهشة التي تساعدنا على تذوق الليتورجيا وعلم اللاهوت في مصادره الشرقية الأصلية.

المصادر: (1) التقويم شهر تموز 1990.

الموسوعة الكلدانية – كتاب تاريخ الكلدان صفحة 73.

الناشر/ شامل يعقوب المختار

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

عام جديد، فرصة جديدة لك للتوبه

دعونا في عام جديد لا نضيّع هذه الفرصة فالرب دائما ينتظرنا متشوقا لسماع صوتنا فلنندم …