أسرع ستة جلسات محاكمة في التاريخ

سعي اليهود على ملاحقة قتل يسوع طوال حياته العامة، قبل جلسات المحاكمة الستة، ونقرأ في يوحنا5: 16. وَلِهذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْرُدُونَ يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذَا فِي سَبْتٍ. خلال عشرين ساعة تقريباً تعرض يسوع المسيح الى ستة جلسات محاكمة ثلاثة أمام السلطات اليهودية الدينية، وثلاثة أمام السلطات الحكومية الرومانية.

الرؤوساء اليهود الدينيون لم يقبضوا على يسوع في الهيكل خوفاً من الشعب. ولكنهم جاءوا سراً في الليل الى بستان جثسيماني (1) وقبضوا عليه وأخذوه على الفور الى دار رئيس الكهنة برغم من أن الوقت كان منتصف الليل، وقد كان رؤوساء اليهود في عجلة من أمرهم، يريدون أتمام قرار حكم الموت على يسوع، قبل غروب يوم الجمعة ، ليبدأ بعدها يوم السبت، حتى يكملوا أحتفالهم بعيد الفصح.

كانت جلسات محاكمة يسوع سلسلة من الاستجوابات السريعة والمحبوكة بدقة حتى تؤدي به الى الصلب والموت. وكان الحكم قد تحدد من قبل أنعقاد الجلسات، لكن كان الأمر يتطلب بعض الأجراءات القانونية الضرورية. لقد بُذلوا الرؤوساء اليهود جهداً كبيراً في أدانة وصلب رجل برئ وأجتاز يسوع محاكمة ظالمة. وقد مات يسوع قبل غروب يوم الجمعة بسويعات قليلة كما أراد رؤوساء الكهنة والشيوخ اليهود.

  • جلسات محاكمة السلطات اليهودية:

1 – الجلسة الأولى:
جلسة محاكمة أبتدائية أمام حنان رئيس كهنة سابق ذو نفوذ وسلطة. يوحنا18: 12-24.
لأن رئاسة الكهنة تدوم مدى الحياة لصاحبها، ظل حنان رئيس الكهنة الرسمي في نظر اليهود برغم أن السلطة الرومانية قد نصبوا غيره. وهكذا ظل حنان يحمل وزناً كبيراً بين أعضاء المجاس الأعلى لليهود.

2 – الجلسة الثانية:
جلسة محاكمة أمام قيافا رئيس الكهنة الجديد (2). متى26: 57-68.
كما حدث في الجلسة الأولى أمام حنان جرت هذه الجلسة أيضاً ليلاً في سرية. وكانت مليئة بالمخالفات وباللاشرعية حتى صارت سخرية وهزءاً للعدالة. وكيف كانت محاكمة يسوع غير قانونية للنقاط التالية أدناه:

. قبل أن تبدأ المحاكمة، كان قد تقرر أن يسوع يجب أن يموت. يوحنا11:50، مرقس14: 1.
. بحثوا عن شهود زور للشهادة ضد يسوع. متى26: 59،
. وقد أعدوا القادة الدينيين مسرحية محبوكة من الشهود تحقيقاً للعدالة.
. لم يكن هناك دفاع عن يسوع، ولم يكن يسمح به. لوقا22: 67-71.
. تمت محاكمة يسوع في الليل، لوقا22: 53-55، ولم يكن ذلك قانونياً بحكم قوانين القادة الدينيين أنفسهم.
. أستحلف رئيس الكهنة يسوع، ثم أدانه على ما قاله: متى26: 63-66.
. كانت مثل هذه التهم الخطيرة تحاكم أمام مجلس السنهدريم في مقره الرسمي، وليس في بيت رئيس الكهنة. لوقا22: 54.
لم يهتم القادة الدينيون بأن يحاكموا يسوع محاكمة عادلة، كان رايهم وموقفهم يجب يسوع أن يموت. وهذا التصميم الأعمى دفعهم الى الأنحراف بالعدالة التي كان عليهم أن يحموها. هذه أمثلة لما قام به القادة الدينيون من الأجراءات غير القانونية بحسب القوانين التي وضعوها بأنفسهم.

3 – الجلسة الثالثة:
جلسة محاكمة يسوع أمام المجلس الأعلى لليهود السنهدريم، متى27: 1-2.
عند طلوع النهار أجتمع السبعون عضواً في المجلس الأعلى لليهود (3) ليسجلوا مواقفهم وتصديقهم على الجالستين السابقتين (حتى تكتسب ثوب الشرعية). ولم يكن الغرض من هذه المحاكمة تقرير العدالة، بل تبرير رأيهم عن أدانة يسوع.

  • جلسات محاكمة السلطات الرومانية:

1 – الجلسة الأولى:
جلسة محاكمة يسوع أمام الحاكم الروماني بيلاطس البنطي أعلى سلطة رومانية. لوقا23: 1-5.
أدان رؤوساء اليهود يسوع بالموت لأسباب دينية، ولكن ليس سوى الحكومة الرومانية يمكنها أن تصدق على عقوبة الموت. وهكذا أخذوا يسوع الى الحاكم الروماني بيلاطس البنطي وأتهموه بالخيانة العظمى وبالعصيان، وهي من الجرائم التي تعاقب الحكومة الرومانية مرتكبيها بالموت. أما بيلاطس فعرف من أول وهلة أن يسوع برئ، لكنه خاف من الهياج الذي قد يحدثه الكهنة ورؤوساء اليهود.

2 – الجلسة الثانية:
جلسة محاكمة يسوع أمام هيرودس حاكم أقليم الجليل، لوقا23: 6-12.
أقليم الجليل هو موطن يسوع، أرسله بيلاطس الى هيرودس أغريباس، حاكم الجليل، الذي كان يحتفل هو بالفصح في أورشليم. وكان هيرودس شغوفاً أن يرى يسوع وهو يصنع معجزة، ولكن لما بقى يسوع صامتاً أرسله هيرودس الى بيلاطس ثانية أذ لم يعد يريد من يسوع شيئاً آخر.

3 الجلسة الثالثة والأخيرة:
جلسة محاكمة أمام بيلاطس، لوقا23: 13-25.
لم يكن الحاكم بيلاطس يحب رؤوساء اليهود. كما لم يكن مهتماً بأطلاق يسوع لعلمه بأنه برئ. إلا أنه كان يعرف أيضاً أن حدوث فتنة أخرى في أقليمه قد تكلفه وظيفته ومنصبه وكرسيه. وقد حاول أولاً أن يسوي الأمر مع الكهنة ورؤوساء اليهود بجلد يسوع فقط، مع أن ذلك غير مشروع في ذاته. ولكنه أذعن أخيراً وسلم يسوع إليهم ليقتل. فقد كان أهتمام بيلاطس بنفسه أقوى عنده من سير العدالة.

  • القيامة المجيدة:
    بالرغم من كل الجلسات والمحاكمات الغير الشرعية والقانونية من قبل السلطتين اليهودية الدينية والسلطات الرومانية ضد الرب يسوع المسيح في أتخاذ قراراهم بصلبه وموته على الصليب، أخيراً أنتصر هو عليهم بالمحبة والفداء والغفران بقيامته المجيدة، وثبوتها في ظهوراته العديدة بعد قيامته أمام المريمتين عند القبر فجر الأحد، وهما مريم المجدلية ومريم أم يعقوب، والتلميذي عمواس، والتلاميذ الأحد عشر وقال لهم: دفع الي كل سلطان في السماء والأرض. فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدهم بأسم الأب والأبن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام الى أنقضاء الدهر. آمين. متى28: 18-20. وعقب ظهوراته الثلاثة أمام التلاميذ وتوما، التلاميذ فى الجليل، وفي بحرية طبرية، وظهوره لـبطرس، وظهوره الى خمسمائة أخ دفعة واحدة، وظهوره الى يعقوب هذا أخو الرب، وخلال الأربعين يوماً كان ظهوره الأخير وصعوده الى السماء بعد القيامة،. وبعد خمسين يوم في ظهر بعيد العنصرة وحلول الروح القدوس وأمتلاْوء جميع التلاميذ وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا ويبشروا جميع الأمم.

المسيح قام حقاً قام.

شامل يعقوب المختار

الهوامش:
(1) تقع بستان جثسيماني في الجهة المقابلة من مدينة أورشليم عبر وادي قدرون.

(2) قيافا: لقد عزل الرومان حنان من رئاسة الكهنوت، وعينوا قيافا زوج أبنته محله. ولكن لما كان اليهود يعتبرون رئاسة الكهنة وظيفة تستمر مدى الحياة ظلوا ينادون حنان بهذا اللقب، مقدمين له كل كرامة وسلطان وأحترام داخل المجلس.

(3) مجلس رؤوساء اليهود: هذا هو السنهدريم أو المجلس الأعلى لليهود ويتكون من سبعين عضواً برئاسة رئيس الكهنة، ويشكل الصدوقيون أغلبية في هذه الجماعة الحاكمة. وتعتبر هذه الجماعة أغنى رجال أورشليم وأقواهم نفوذاً وأحكمهم.

المراجع:
الكتاب المقدس، المرشد الى الكتاب المقدس، التفسير التطبيقي للكتاب المقدس.

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

مواهب الروح القدس

هو روح الله الأقنوم الثالث في الثالوث الاقدس وقد ذكر هذا التعبير ثلاث مرات فقط …