عندما يصل المرء إلى القاع لا يكون هناك اتجاه آخر بديل للتحرك سوى الصعود، وفى العام 2020 هبطنا جميعًا وهبط العالم إلى القاع وحاولنا باستماتة متناهيه للصعود تجاه السطح، وتبعًا لاختيار اللقب المناسب للعام المنصرم فقد اتفق فريق العمل المتخصص على قاموس أوكسفورد البريطانى على تسميته بعام «الإغلاق» إلا أنه قد تُرك الباب مفتوحًا أيضًا لتسميات أخرى مثل «عام الكورونا» و«التباعد الاجتماعى» و«عام الكمامات» و«الحجر الصحى القسري والاختياري» و«القطيع» و«الجيش الأبيض» و«الحرب الثالثة».
. وحول التسمية الأخيرة فقد جاء فى بنودها أنها اختلفت كليةً عن الحرب العالمية الأولى والثانية، فعادة فى الحرب تعرف عنوان خِصمك ومع الكورونا العنوان موزَّع على خريطة الكون، وفى الحرب هناك قوة عظمى تطلقها ومع حرب «كوفيد 19».
فإن قوتها فى ضعف فيروسها، وفى الحرب تُعرف الذرائع التى يوردها الخِصم للانقضاض عليك بينما مع الجائحة أنت هو المستهدف فقط بلا ذنب جنيته، وفى الحرب غالبًا ما يُشعل نارها جنرال بينما حربنا هذه الثالثة جنودها جيوش لا ترى بالعين المجردة.
وفى الحرب تُعرف الجهة التى يأتى منها الخطر بينما مع الوباء فالأخطار تأتى من الجهات الأربع،.
وفى الحرب تتعرف على الموقع الذى تنطلق منه النيران ولكن مع «الكورونا» جميع المواقع وبكل الاتجاهات ممكنه ومتاحه وتطلق سموم صواريخها، وفى الحرب من وسعك الاختباء أو الابتعاد ومع الفيروس المستجد البحر من أمامكم والعدو منتشر بينكم.
وفى الحرب تحصل على مساعدة من قريب والآن القريب والبعيد فى الإنعاش، وفى الحرب تلقى برأسك على صدر ذويّك لكن الصدور قطعت أنفاسها،.
وفى الحرب تكفكف دموع أمك وربنا يستر على أمك إذا كانت لم تزل للآن على قيد الحياة.
وفى الحرب تمشى فى جنازة صديقك وتحت الوطأة فالرحمة تجوز عبر الإنترنت، وفى الحرب كان ممكنًا التحايل على الغارات باللجوء للمخابئ أو الابتعاد للأرياف وتحت ظلال «الكورونا» العدوى تصلكم ولو كنتم فى بروجٍ مشيدة،.
وفى الحرب كان الخوف حاضرًا وكان الموت واردًا وفعالا لكن الإنسان لم يكن يقف صاغرًا أو مشلولا،.
ومع حربناهذه ضد هذه الجائحة اللعينه الكل مجتمع:
الخوف والاصابه والموت والشلل،
فلم نجرِّب مسبقا مثل هذه القسوة المتمادية من قبل، فالقاتل اليوم وفور وصوله يخاطبنا بالجثث، وسهام الشك فى كل بشرى يقترب،
والوباء أنهك وقتل البشر وهزّ الاقتصاد وعطّل المصانع وأسكت المطارات وقللّ القطار وضرب السياحة وترك الفنادق والمطاعم والأسواق فى عهدة الكساد والكآبة والفراغ،
وقسم ظهر المستشفيات والعيادات،
وضرب الأطقم الطبية النشطه فى مقتل، وألحق أضرارا فادحة بالتعليم و…و…الخ..
عام القتامة والكآبة وحافة الجحيم القاتل.
عام ضخ فى عروق الناس أمواجًا من الأرق والقلق والخوف وترقب الاصابه والموت ليغدو من أصعب واشد الأعوام التى شهدها العالم ليحمل وصمة التعبير مع وطأة فيروس يتحور ودراسات وابحاث ولقاحات جديده تسابقه حتى لقد أبى أن يرحل مع انتهاء ديسمبر ليواصل مسيرته الغادره مع العام الجديد بتحور جديد يشغل العالم حتى كاد ينسى اللقاح أمام خسائر غير مسبوقة فى الأرواح، وحساب مفتوح على المزيد.لكن.. ألم يكن لعام الكمامة أى جوانب إيجابية؟!.. ألم يساعد أكثرنا فى إدراك أننا جميعا كبشر فى قارب واحد يوشك كل منا على الغرق.. ألم يكن الوباء مثل عفو عام، أو ربما حريق جماعى يتجاوز كل الحدود ويشمل جميع البشر، أغنياء كانوا أم فقراء، وشبابا كانوا أم شيوخا.. ألم يكن القول القديم المأثور بأن جناح فراشة فى الأمازون يؤثر على كوكب الأرض ليس مجرد فكرة أو نظرية، فقد تحقق ذلك من انتقال فيروس من حيوان فى سوق للحيوانات بالصين إلى كافة أنحاء العالم كحقيقة واقعة شهدناها وعايشناها جميعًا بأشكال وطرق مختلفة.
أليس من المؤكد أن العالم لن يعود إلى ما كان عليه فى عام 2019 وكأننا لم نمر بعام 2020، فبعد انتشار مرض الطاعون (الموت الأسود) فى أوروبا.
أو الغزو المغولى لأجزاء كبيرة من آسيا وأوروبا لم تعد الأمور إلى سابق عهدها.
. وهذه المرة أيضًا مع الكورونا لن يكون سيناريو العودة إلى الجنة مرجحًا إطلاقا.. لقد مهدت الكارثتان القديمتان الطريق إلى عصر التنوير الذى حلّ محل العالم القديم وظهر أن العلم وحده هو السبيل.. وألم يعلِّمنا 2020 الذى ودعناه ألا نتعامل مع الأمور والأشياء على أنها مسلَّم بها، وأن نقدِّر حتى المتع الصغيرة التى تتاح لنا مثل المشى وركوب الأوتوبيس والقطار دون ارتداء قناع طبى واقٍ يكتم ويضيق الأنفاس.
.
ألم
نأخذ درسًا مفيدًا فى ألاّ نيأس أو ننتظر
ونفترض أو نعترض وأليس الدعاء أفضل من
البكاء؟!ألم
يتح لنا عام المأساة تقدمًا علميًا أكثر
من أى عام مضى وذلك فى التقدم المذهل فى
لقاحات الـ«آر
إن إيه»
التى
سوف يستغلها العلماء والباجثين أيضًا
إلى جانب القضاء على هذا الفايروس اللعين
«الكورونا»
فى
علاج النفوس والقلوب المتضررة، وعلى صعيد
العلوم الحيوية فى الطريق لقاح جديد ضد
الملاريا المرض الذى يُعد أكبر قاتل فى
تاريخ البشرية، إلى جانب لقاح مذهل ضد
الأنفلونزا وفقر الدم الانيميا..
وإذا
ما كان العالم قد وقف شبه عاجز خلال 2020
عن
السيطرة على «الكورونا»،
إلا بفرض إجراءات الإغلاق القاسي وارتداء
الكمامات وباستمرار فإنه يدخل العام
الجديد متسلحًا باللقاح الذى يحتاج العالم
معه إلى نشر الوعى وتطمين الناس بشأن
سلامته لمواجهة الكم الهائل من الشائعات
وحملات التخويف والتشكيك والتضليل التى
قيل فيها كـلام بعيد عن المنطق منذ تفشى
الوباء حتى اليوم، من إنكار خطورته، ثم
التقليل من أهميته، وبعدها وصفه بأنه
مؤامرة صينية أو أمريكية، أو من عمل شركات
كبرى تبغى تحقيق أرباح بالمليارات والدخول
عبر شرائح إلكترونية إلى أدمغة المرضي،
ثم انتقل الهجوم إلى التلويح بخطر اللقاح
وعوارضه الجانبية..
وحقيقة
أن كل من يفكّر بالمنطق سيُدرك أن التطعيم
هو أفضل سلاح فى يد العالم لكبح جماح فيروس
«كورونا»
ومنع
الإصابة بـ«كوفيد
19»
وعلينا
تذكير الناس أن العالم استخدم بفاعلية
فى الماضى لقاحات متنوعة لمواجهة العديد
من الأمراض والأوبئة الخطيرة مثل الحصبة
وشلل الأطفال والحمى الصفراء والتيفود
والقضاء على أحدها نهائيا وهو الجدرى.
والآن
ما عليك سوى أن تكشف ذراعك تبعًا لخطة
التوزيع لتعاطى إبرة اللقاح زى شكة الدبوس
واتكالك على اللـه..
هذا
إذا ما توفر اللقاح صينى أو اي لقاح اخر
مفيد يعيد على الاقل الطمانينه للنفوس .
ختاما
دعوات قلبيه للرب ان يحمي العالم والبشر برحمته الواسعه وان يزيل وبلا رجعه هذه الغمه وباسرع وقت.
بقلم: الدكتور خالد اندريا عيسى