إنجيل التجديد والحرية

في هذهِ الصفحة نريد أنْ نلفت انتِباهنا إليها هيَّ صفحة الإنجيل بحسب متى: «وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذَا الْكَلاَمَ، انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. فتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ هُنَاكَ. وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: “هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟” فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: “أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.  إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ” قَالُوا لَهُ: “فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟” قَالَ لَهُمْ: إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا.  وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي”. قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: “إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فخَيرٌ لهُ أنْ لا يَتَزَوَّجَ!” فَقَالَ لَهُمْ: “لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، ففي النَّاسِ مَنْ ولَدَتْهُم أُمَّهَاتُهُم عاجزينَ عن الزَّواج، وفيهِم مَنْ جَعلَهُمُ النَّاسُ هكذا، وفيهِم مَنْ لا يَتزَوَّجون مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ« (متى 19: 1-12؛ راجع أيضًا 5: 31).  

يقودنا السّياق الأدبي والتاريخي إلى الإشارة أولاً إلى البُعد الجدلي لـِتَدَخُّل يسوع هذا: في مواجهة الفريسيين الّذين أرادوا أنْ يَضعوه في مأزق بمسألةٍ حسَّاسة للغاية. يجد يسوع نفسه في حاجة إلى أنْ يُصرّح بوضوح لِتَحديث، موضوع الزواج القديم الجديد دائماً، الحُب البَشري في قَصدِ الله الخالق ومَشروعه لكُلِّ كائن جديد. ليس هناك شَك في أنَّه حتّى اليوم يجب أنْ نتَحلّى بالشجاعة، ومعها الطريقة الصحيحة، للدخول في جدلٍ مع كَمٍّ مِنَ الهجمات، وهيَّ ليسَت قليلة بَل كثيرة ومُتَنوّعة، هيَّ التَهجُّمات الأخلاقيَّة والفكريَّة على كمال وجمال وقدسيَّة الزواج والأُسرة المسيحيَّة.  

إنَّ إثارة الجدل، وتجنُّب الوسائل والكلمات غير اللائقة، يعني أيضاً الطَعن في خيارات الآخرين، يُنظر إليها إلى عدَمِ وجود نقص في الدافع عن المفهوم الصحيح للزواج. مِنْ وجهة النَظر هذهِ نحن المسيحيين اليوم يجب أنْ نأخذ زمام المبادرة في كُلِّ مرَّة نَرى فيها سوء مُعامَلة أو تَهميش يُنَفَّذ مِنْ قِبل أي شخص – حتّى مِنْ قِبَل الهيئات/ أو المؤسَّسات العامة – ضِد الزَّواج وضِد الأُسرة. إنَّ إثارة الجدَل يعني أيضًا أخذ ذلك بِعينِ الإعتبار وإظهار الشجاعة المقدَّسة الّتي يمنَحنا إيَّاها إيمانَنا ويقترحها علينا: الشجاعة لإعلان “الإنجيل للعائلة”، وهو إنجيل التَجديد والحرّيَّة.  

في ماذا تَتأسَّس هذهِ الحرّيَّة الّتي تُميّز الزواج المسيحي حسَب نيَّة المسيح الّذي تَمَّ تأسيسِه كَسِرٍّ للعهد الجديد؟ هذه الملاحظة كما قُلتُ للتَو، تُستَمَدُّ مِنَ التَّجدُّد: وهذا ما يعطي للزواج المسيحي كُل قوَّته، المؤسَّس على العهد الجديد الّذي قام به الرَّب يسوع. حتّى الزواج مثل بقيَّة الأسرار المقدَّسة تَستَمد “نعمتها” مِنْ سِرِّ موت وقيامة يسوع. بدون هذا البُعد الفصحي، لنْ يكون الزواج المسيحي سِرَّاً ولنْ يكون له القُدرة على التَعبير عن هَويَّتِهِ المميزة.  

بقلم: الاب سامي الريس

عن الاب سامي الريس

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …