يوحنا المعمدان السابق ومعموديّته

يوحنا المعمدان حتى قبل أن يولد من امرأة كانت إلى ذلك الوقت عاقراً تكرّس
الله وامتلأ من الروح القدس ( ولم يكن لهما ولد لأن أليصابات كانت عاقرا وقد
طعنا كلاهما في السن لأنه سيكون عظيما أمام الرب ولن يشرب خمرا ولا مسكرا
ويمتلئ من الروح القدس وهو في بطن أمه ، لوقا 1 : 7 و 15 ) ( وكان رجل من صرعة
من قبـيلة دان اسمه منوح وكانت امرأته عاقرا فتراءى ملاك الرب للمرأة وقال لها
أنت عاقر لكنك ستحملين وتلدين ابنا والآن فانتبهي لا تشربـي خمرا ولا مسكرا
ولا تأكلي شيئا حرمته الشريعة لأنك ستحملين وتلدين ابنا شعره لا يقص لأنه يكون
نذيرا لله من بطن أمه وهو يبدأ بخلاص بني إسرائيل من أيدي الفلسطينيين ، قضاة
13 : 2 – 5 ) ( وأما حنة فيعطيها حصة واحدة مع أنه كان يحبها لأن الرب جعلها
عاقرا ونذرت نذرا وقالت أيها الرب القدير إذا نظرت إلى شقاء أمتك وذكرتني وما
نسيتني بل رزقتني مولودا ذكرا فأنا أكرسه لك كل حياته دون أن يقص شعر رأسه ، 1
صموئيل 1 : 5 و 11 ) وذلك الذي قدّر له أن يكون إيليا الجديد ( ويهدي كثيرين
من بني إسرائيل إلى الرب إلههم ويسير أمام الله بروح إيليا وقوته ليصالـح
الآباء مع الأبناء ويرجـع العصاة إلى حكمة الأبرار فيهيـئ للرب شعبا مستعدا له
، لوقا 1 : 16 ، 17 ) يذكّرنا بهذا النبي العظيم بملبسه وبطريقة الحياة الخشنة
( وكان يوحنا يلبس ثوبا من وبر الجمال وعلى وسطه حزام من جلد ويقتات من الجراد
والعسل البري ، متى 3 : 4 ) التي مارسها في البريّة منذ شبابه ( وكان الطفل
ينمو ويتقوى في الروح وأقام في البرية إلى أن ظهر لبني إسرائيل ، لوقا 1 : 80
) ويتساءل البعض إن كان انتمى إلى جمـاعة قمران الأسينّية مهما كان الأمر فلما
حان وقت ظهوره لإسرائيل وهذا ما يحدّده لوقا بدقة ( وفي تلك الأيام أمر القيصر
أوغسطس بإحصاء سكان الإمبراطورية وجرى هذا الإحصاء الأول عندما كان كيرينـيوس
حاكما في سورية ، لوقا 3 : 1 ، 2 ) بدا بهالة المعلّم الذي يحيط به عدد من
التلاميذ ( وكان يوحنا في الغد واقفا هناك ومعه اثنان من تلاميذه ، يوحنا 1 :
35 ) يدرّبهم على الصوم والصلاة ( وكان تلاميذ يوحنا والفريسيون صائمين فجاء
بعض النـاس إلى يسوع وقالوا له لماذا يصوم تلاميذ يوحنا وتلاميذ الفريسيـين
ولا يصوم تلاميذك؟ مرقس 2 : 18 ) وقال بعضهم لـيسوع تلاميذ يوحنا يصومون
ويصلون كثيرا ومثلهم تلاميذ الفريسيين أما تلاميذك فيأكلون ويشربون ، لوقا 5 :
33 ) ( وكان يسوع يصلـي في أحد الأماكن فلما أتم الصلاة قال له واحد من
تلاميذه يا رب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا تلاميذه ، لوقا 11 : 1 ) ويهزّ
صوته القويّ كل أنحاء اليهودية وهو ينادي بتوبة تظهر عملياً بواسطة اغتسال
طقسي مقترن بالاعتراف بالخطايا وهي توبة تتطلّب جهداً في تجديد الحياة ( فظهر
يوحنا المعمدان في البرية يدعو الناس إلى معمودية التوبة لتغفر خطاياهم وكانوا
يخرجون إليه من جميع بلاد اليهودية وأورشليم فيعمدهم في نهر الأردن معترفين
بخطاياهم ، مرقس 1 : 4 ، 5 ) لا يفيد المرء أن يكون ابناً لإبراهيم إن لم
يمارس البرّ ( أثمروا ثمرا يبرهن على توبتكم ولا تقولوا لأنفسكم إن أبانا هو
إبراهيم أقول لكم إن الله قادر أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ، متى 3
: 8 ، 9 ) الذي يحدّد يوحنا التزاماته لجمهور البسطاء ( وسأله الجموع ماذا
نعمل؟أجابهم من كان له ثوبان فليعط من لا ثوب له ومن عنده طعام فليشارك فيه
الآخرين وجاء بعض جباة الضرائب ليتعمدوا فقالوا له يا معلم ماذا نعمل؟فقال لهم
لا تجمعوا من الضرائب أكثر مما فرض لكم وسأله بعض الجنود ونحن ماذا نعمل؟فقال
لهم لا تظلموا أحدا ولا تشوا بأحد واقنعوا بأجوركم ، لوقا 3 : 10 – 14 ) ما
الفريسيون والكتبة فللم يؤمنوا به ( من أين ليوحنا سلطة المعمودية؟من السماء
أم من الناس فقالوا في أنفسهم جاءكم يوحنا المعمدان سالكا طريق الحق فما آمنتم
به وآمن به جباة الضرائب والزواني وأنتم رأيتم ذلك فما ندمتم ولو بعد حين
فتـؤمنوا به ، متى 21 : 25 و 32 ) فالبعض عامله معاملة من به شيطان ( جاء
يوحنا لا يأكل ولا يشرب فقالوا فيه شيطان ، متى 11 : 18 ) ( جاء يوحنا
المعمدان لا يأكل الخبز ولا يشرب الخمر فقلتم فيه شيطان ، لوقا 7 : 33 )
فعندما أتوا إليه أنذرهم بأن غضب الله سوف يقضي على كل شجرة غير مثمرة ( ها هي
الفأس على أصول الشجر فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع وترمى في النار ، متى 3
: 10 ) كما ندّد بزنى الملك هيرودس فتعرّض للسجن ثم للقتل ( وكان هيرودس أمسك
يوحنا وقيده وسجنه من أجل هيرودية امرأة أخيه فيلبس لأن يوحنا كان يقول له لا
يحل لك أن تتزوجها وأراد أن يقتله فخاف من الشعب لأنهم كانوا يعدونه نبـيا
ولما أقام هيرودس ذكرى مولده رقصت ابنة هيرودية في الحفلة فأعجبت هيرودس فأقسم
لها أن يعطيها ما تشاء فلقنتها أمها فقالت لهيرودس أعطني هنا على طبق رأس
يوحنا المعمدان فحزن الملك ولكنه أمر بإعطائها ما تريد من أجل اليمين التي
حلفها على مسامـع الحاضرين وأرسل جنديا فقطع رأس يوحنا في السجن وجاء به على
طبق وسلمه إلى الفتاة فحملته إلى أمها وجاء تلاميذ يوحنا فحملوا الجثة ودفنوها
ثم ذهبوا وأخبروا يسوع ، متى 14 : 3 – 12 ) ( ولكنه وبخ الحاكم هيرودس لأنه
تزوج هيروديا امرأة أخيه وعمل كثيرا من السيئات فأضاف هيرودس إلى سيئاته كلها
أنه حبس يوحنا في السجن ، لوقا 3 : 19 ، 20 ) ( ولكن هيرودس قال يوحنا أنا
قطعت رأسه فمن هذا الذي أسمع عنه مثل هذه الأخبار؟وكان يطلب أن يراه ، لوقا 9
: 9 ) ويظهر يوحنا بما فيه من غيرة متّقدة أنه إيليا الجديد المنتظر الذي عليه
أن يعدّ الناس لمجيء المسيح ( فإذا شئتم أن تصدقوا فاعلموا أن يوحنا هو إيليا
المنتظر ، متى 11 : 14 ) لكن لم يبالِ اليهود برسالته ويشير استشهاده مقدّماً
إلى آلام ابن الإنسان ( ثم سألوه لماذا يقول معلمو الشريعة يجب أن يجيء إيليا
أولا؟فأجابهم نعم يجيء إيليا أولا ويصلـح كل شيء فكيف يقول الكتاب إن ابن
الإنسان سيتألم كثيرا وينبذه النـاس؟لكني أقول لكم إيليا جاء وفعلوا به على
هواهم كما جاء عنه في الكتب ، مرقس 9 : 11 – 13 ) ( أرسلتم رسلا إلى يوحنا
فشهد يوحنا للحق لا أعتمد على شهادة إنسان ولكني أقول هذا لخلاصكم كان يوحنا
سراجا منيرا ساطعا فرضيتم أن تبتهجوا فترة بنوره ، يوحنا 5 : 33 – 35 ) الشاهد
للنور وصديق العروس تقوم شهادة يوحنا أساسياً بأنه ليس إلا مجرّد سابق للمسيح
ردّاً على تساؤلات الجموع عن هويته وفي استجواب رسمي أقرّ المعمدان أنه لا
يستحقّ أن يحلّ سير حذاء الذي يأتي بعده مع أنه كائن قبله ( هذه شهادة يوحنا
حين أرسل إليه اليهود من أورشليم كهنة ولاويـين ليسألوه من أنت؟فاعترف وما
أنكر إعترف قال ما أنا المسيح فقالوا من أنت إذا؟هل أنت إيليا؟قال ولا إيليا
قالوا هل أنت النبـي؟أجاب لا فقالوا له من أنت فنحمل الجواب إلى الذين أرسلونا
ماذا تقول عن نفسك؟قال أنا كما قال النبـي إشعيا صوت صارخ في البرية قوموا
طريق الرب وكان بينهم فريسيون فقالوا ليوحنا كيف تعمد وما أنت المسيح ولا
إيليا ولا النبـي؟أجابهم أنا أعمد بالماء وبينكم من لا تعرفونه هو الذي يجيء
بعدي ويكون أعظم مني وما أنا أهل لأن أحل رباط حذائه جرى هذا كله في بيت عنيا
عبر نهر الأردن حيث كان يوحنا يعمد وفي الغد رأى يوحنا يسوع مقبلا إليه فقال
ها هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم هذا هو الذي قلت فيه يجيء بعدي رجل صار
أعظم مني لأنه كان قبلي ، يوحنا 1 : 19 – 33 ) وإن من يأتي ويعمّد بالروح هو
يسوع الذي نزل عليه الروح أثناء اعتماده ولما أعلن يرحنا عن يسوع أنه حمل الله
الذي يرفع خطيئة العالم لم يكن يعرف كيف سيرفع الخطيئة، كما كان لا يدرك سبب
رغبة المسيح في الاعتماد منه ولكي يرفع يسوع الخطيئة، كان علية أن يقبل
معمودية أخرى لم تكن معمودية يوحنا إلا مجرّد مثال لها وهي معمودية آلام وعلي
أن أقبل معمودية الآلام وما أضيق صدري حتى تتم ، لوقا 12 : 50 ) وسيتمّم يسوع
هكذا كل برّ لا بإهلاك الخطأة بل بتبرير الجموع الذين حمل خطاياهم ( ظلم وهو
خاضع وما فتح فمه كان كنعجة تساق إلى الذبح وكخروف صامت أمام الذين يجزونه لم
يفتح فمه ، إشعيا 53 : 7 ) ومن قبل الآلام ذاتها، أدهش موقف يسوع يوحنا
وتلاميذه الذين كانوا ينتظرون منه أن يكون ديّاناً صارماً، فيعيد إلى أذهانهم
أقوال الأنبياء عن الخلاص الذي يحقّقه ويدعوهم إلى عدم التعثّر ولا يقتصر
الأمر على أن بعض تلاميذ يوحنا سيجهلون طويلاً مدى أهميّة مجيء يسوع والاعتماد
في الروح بل سنشهد نزاعاً تلمح إليه الأناجيل تلميحاً يقوم بين أتباع المعمدان
و بين الكنيسة الأولى ولم يكن على الكنيسة الأولى لكي تبيّن سموّ المسيح إلا
أن تلجأ إلى شهادة يوحنا نفسه فهو صديق العروس الحقيقي الذي يستولي عليه الفرح
لهتاف العروس وعليه بعد ذلك أن يتوارى عن الأنظار حاثّاً تلاميذه على اتّباعه
وفي مقابل هذا يمجد يسوع شاهده الأمين داعياً إيّاه السّراج المتّقد المنير
وأعظم نبيّ في أولاد النساء ولكنه يستدرك أن أصغر الذين في ملكوت السموات أكبر
منه مظهراً بذلك تفوّق نعمة الملكوت على موهبة النبوّة دون أن يحطّ من شأن
قداسة يوحنا المعمدان ويبرز مجد صديق العروس المتواضعهذا في مقدّمة الإنجيل
الرابع فهي تحدّد وضع يوحنا من الكلمة المتجسّد لم يكن يوحنا هو النور بل شاهد
للنور وبالنسبة إلى الكنيسة جاء ليشهد للنور فيؤمن على يده جميع الناس في
انجيل الطفولة حسب لوقا، يوحنا هو ابن الكاهن زكريا واليصابات أنبأ بمولده
ودوره العظيم لن يشرب خمرًا ولا مسكرًا، ويمتلئ من الروح القدس وهو في بطن أمه
أن نقول إنه نذر النسك أو أن النعمة المبرّرة حلّت عليه يفترض الخبر أن يوحنا
وُلد ستة اشهر قبل يسوع ليس يوحنا كاهنا مثل أبيه، بل واعظ توبة في البرية كان
يكرز بالمعمودية لمغفرة الخطايا وكانت متطلّباته قاسية أعلن أيضا مجئ المسيح
القريب قبل يسوعُ العماد من يوحنا ويبدأ انجيل يوحنا بخبر عماد يسوع على
الاردن عند بيت عنيا او عين نون قرب ساليم أنكر يوحنا وقال  أنا لست المسيح
سمّى نفسَه السابق الذي سيأتي كان يوحنا قد أرسل من سجنه يسأل إن كان يسوع هو
المسيح بعد هذا قطع هيرودس رأس يوحنا فجاء تلاميذه ودفنوه لا يقول لنا
الازائيون شيئا عن هؤلاء التلاميذ الذين جمعهم يوحنا وعلّمهم كيف يصلّون وكيف
يصومون كان في أفسس 12 تلميذًا ليوحنا المعمدان لم ينالوا إلاّ معمودية يوحنا
( وكان قد لقن طريقة الله وأخذ يتكلم بروح متقد ويعلم ما يختص بيسوع تعليما
دقيقا ولكنه لم يكن يعرف سوى معمودية يوحنا ، رسل 18 : 25 ) قبلوا المعموديّة
المسيحيّة بعد أن تلقّوا التعليم المسيحي وآمن عدد كبير منهم بكلمة بولس
وأخذوا يبشّرون أن يسوع هو المسيح والمجد لله دائما

اعداد الشماس سمير كاكوز

عن الشماس سمير كاكوز

شاهد أيضاً

قصيدة بمناسبة تذكار القديس مار توما الرسول

  تحتفل بطريركية بابل الكلدانية في العراق والعالم بعيد وتذكار شفيعها القديس مار توما الرسول …