هكذا كانت زيارتي الى القوش
هذه هي الزيارة الثانية لي خلال سنين غربتي ( أل 11 عاما ) حيث زرتها قبل اربع سنوات واذا كُتب لي عمر سأكرر الزيارات و الاهم هو أن نسأل الله القدير ان يحل الامن والسلام في بلدنا العزيزويستقرالوضع وتعود الحياة وتعيش الناس حياة طبيعية كشعب واحد خال من مرض الطائفية لنعود ونستقر هناك وليس زيارات..
ثلاثة اسابيع قضيتها في القوش متجولا بين شوارعها وازقتها الجميلة وبيوتها القديمة التي تملك جمالا خاصا تلك البيوت التي ولدنا وتربينا وترعرنا بين جدرانها وقضينا فيها ايام الطفولة والشباب وايام الدراسة والعمل وووو فكيف لنا نسيانها .
الايام الاولى من زيارتي كانت مخصصة للذهاب الى الكنيسة والمشاركة في صلوات ( خميس الفصح – جمعةالالام -سبت النور -أحد القيامة ) وكذلك استقبال الاقارب والاصدقاء بمناسبة العيد وبالمقابل زيارتهم ايضا , وهكذا بقية الايام قمنا بجولات في اسواق القوش والتي هي اليوم موزعة في عدة اماكن وليس سوقا واحدا كالسابق وهذا جاء نتيجة العمران والتوسع الكبير الذي حصل في السنوات الاخيرة في القوش ولولا الظروف التي مرت بها المنطقه أخيرا ((داعش القذر )) لكان البناء والتوسع أضعاف ماهو عليه اليوم بحسب ماذكره لي بعض الاصدقاء , فعلا انا شخصيا شاهدت العشرات من البيوت غير مكتملة (هياكل فقط ) توقف بنائها بسبب داعش ولكن نقول املنا كبيران تستقر الامور و يزيد الاعمار والتوسع في بلدتنا العزيزة , وجولتنا التالية كانت تسلق الجبل وزيارة الصليب المقدس الذي نصب على تلك القمة العالية بجهودكبيرة مبذولة من خيرة شباب القوش الذين حملوه بكل ثقله على اكتافهم ووضعوه في المكان المناسب ليحمي القوش وينيرها بنوره السماوي (كتبت في وقتها مقالا بمناسبة نصب الصليب بعنوان سمعان القيرواني في القوش ),سجدت وصليت امام هذا الصليب طالبا من الرب ان يكون هذا الصليب سلاحا يضرب كل من يعادي القوش, واستمرت جولتي حيث زرت مراقد النبي ناحوم ومار يوحنان وماريوسف وكنيسة مارقرداغ ودير السيده العذراء ودير الربان هرمز وكذلك شاهدت تمثال سيدتنا العذراء الكبير والموجود وسط الساحة الصغيرة مقابل الدير ولكن لاحظت أن مكان التمثال ليس مناسبا (هذا رأي الشخصي) أقترح أن يكون في الزاويه العليا التي هي بين الدير والميتم وبهذا يكون واضح أمام أنظار الزائرين , استمرت جولتي الى بعض مزارع الزيتون الموجودة في عدة اماكن عالية والتي تعطي منظرا جميلا خلابا وكذلك حديقة الحيوانات التي لازالت في بدايتها وتحتوي انواع قليلة من الطيور على أمل ان يكبر المشروع في المستقبل بحسب ماذكره لي المقيم على المشروع, زرت ايضا متنزه القائد الشيوعي البطل المرحوم توما توماس وميدان السلام والذي رأيته من الخارج فقط لانه كان مقفلا ,, توجهنا الى مصيف بندوايا عبر الطريق الجديد الذي يربط القوش بمحافظة دهوك ورأيت مساحة كبيرة من الارض(( مسيجة ب البلوك ))على مسافة ليست بعيدة عن القوش وبعد سؤالي عنها اخبروني انها المقبرة الجديدة (فعلا القوش بحاجة لها) , وصلنا الى بندوايا ورايت فيها تقدم ملحوظ في الاعمارواماكن استراحه للزائرين ( كازينوهات ) وطبيعه خلابة تستحق ان تكون مصيف سياحي كبير ( نتمى ذلك) , وفي الايام التالية التقيت بعدد من الاصدقاء والفنانين القادمين ايضا من بلاد الغربة (ما يقارب ال 50 شخصا مغترب في ألقوش) وتبادلنا الاحاديث عن الفرق بين القوش وبين البلد المقيم فيه ولاحظت الاشتياق والحنين على وجوههم على أمل العوده يوما الى ارض الاباء والاجداد
كذلك التقيت بعدد من اصدقاء الطفولة والدراسة وتذكرنا معا تلك الايام الجميلة وتلك الصداقة النظيفة والقلوب الصافية وذلك الضحك والمزح والذي لاوجود له اليوم بين (اصدقاء النت والفيس بوك ),التقيت بالاصدقاء محبي الشعر والادب والفن بكل أنواعه ولا اريد أن أذكر الاسماء لكي لا أنسا أحدهم (حبي لهم جميعا) فقط أسمحوا لي ان اقدم شكري الى المبدع الفنان لطيف بولا لهديته الكبيرة لي والتي هي أخر أعماله ( كتاب ينابيع ألأنغام) , وتبادلنا الاحاديث عن ذكرياتنا في بغداد وخاصة تلك التي كانت في نادي بابل الكلداني هذا البيت الكبير الذي كان يجمعنا في أمسيانه ومهرجاناته واحتفالاته وجلساته كل مساء ((( خسرنا انفسنا وخسرنا كل شي))) ولكن أملنا بالله كبير قادر على كل شي, التقيت بأصدقاء محبي لعبة ( الدومينة ) في نادي القوش العائلي وشاركتهم اللعب لبعض الوقت مع أطيب وألذ استيكان الشاي الالقوشي ,وفي أحد الايام طلبت من احد الاصدقاء ان يأخذني الى بلدة تلسقف العزيزة المحررة من دنس داعش القذر وفعلا زرتها وتجولت في أزقتها وشاهدت الدمار الذي لحق بقسم من بيوتها ومحلاتها التجارية ودخلت الى الكنيسة التي هي الان في مرحلة الاعمار ووجود العمال فيها مع هذا صليت فيها وطلبت من الرب ان لايتكرر ماجرى لبلداتنا العزيزة وان يُبعد الشر عن بلدنا,عدت الى القوش وبقلبي ألم كبير لما تسببه داعش والالم الاكبر من يكون داعش ومن اين أتى لنا أسئلة كثيرة لم نجد أجابة عليها؟؟؟
استمرت جولاتي لتكون مقبرة الاباء والاجداد محطتي التالية حيث زرت قبر والدي ووالدتي وصليت من اجلهما ومن اجل كل الراقدين هناك,
أما الايام الاخيرة من زيارتي صادف فيها تذكار الربان هرمز( شيرا ) فقضينا يومان مميزان بزيارة دير السيدة العذراء ودير الربان هرمز( ديرا علايا هادخ بش حلويا) وشاركنا صباحا بالقداس الالهي والزياح في باحة الدير بعدها تجولنا بين الاحبة والاصدقاء وتمتعنا بالمناظر الخلابة وصوت الموسيقى من هنا وهناك وشاهدت الفرحة على وجوه الحاضرين بالرغم من الاوضاع الصعبة التي مرت على الكثير منهم .
ختاما أقول ألقوش بلدة عريقة تاريخها المشرف معروف للجميع أسمها مقرون بجبلها الشامخ التي لا تزعزعه الرياح وهكذا رجالها اليوم أبطال ورثوا البطولة من ابائهم واجدادهم وشبابها الغيارى الذين يعملون ليلا ونهارا من اجل القوش ما اتمناه هو ان تبقى القوش كما هي الان محافظة على خصوصيتها وهذا ما يميزها عن الكثير من البلدات ونحن مهما تغربنا وابتعدنا عنها لابد ان ياتي اليوم الذي نتمناه ونعود ونعيش فيها لابل نعيش في اي بقعة من العراق لاننا نحن أصل العراق ولابد ان يرجع كما كان عراق الجميع عراق المحبة وكما ذكرت في لقاء قناة عشتار الفضائية معي في برنامج( كوني من أثري ) والذي قلت حتما سياتي يوم وينهض العراق من جديد ونعود ونعيش معا كما في السابق .
رعد دگالي / هولندا 2017