السامري الصالح والجندي العراقي الباسل

السامري الصالح والجندي العراقي الباسل

خلال الحرب الايرانية العراقية التي دامت ثمانية سنوات منذ 4-9-1980 وحتى اعلان وقف اطلاق النار يوم 8-8-1988.

في احدى المعارك ضمن سلسلة مرتفعات سانوبا في قاطع عمليات مندلي ذات السفوح الوعرة والقاسية بطبيعة ارضها وتضاريسها، كانت المعركة الاكثر ضراوة وشراسة بين الجيشين في شهر تشرين الاول من عام 1982، وما قامت بيه قطعات وتشكيلات الجيش العراقي الباسل من بطولات في صد هجوم وصولات القوات الايرانية برغم من دفع القوات الايرانية بتلك الموجات البشرية، ولكن كانت القوات العراقية لها بالمراصد. ولم تحصل تلك قوات الايرانية على اي موطئ قدم ضمن تلك السلسلة الوعرة والمناطق الاخرى، لكي تحقق انتصارها وتتقدم الى احتلال مدينة مندلي الحدودية والسيطرة عليها والتقرب الى محافظة ديالى.

وخلال هذه المعارك الطاحنة قدم الجيشين العراقي والايراني ضحايا وشهداء وجرحى، وتدمير الكثير من المعدات الحربية بنواعها واشكالها.

من خلال مشاركة جحفل لواء المشاة التاسع عشر (قوات صلاح الدين الايوبي) التابع للفرقة المشاة السابعة (قوات المنصور) في المعركة، حدث موقف انساني سمعته من قبل اخوتي المقاتلين في ارض المعركة.

بأن أحد الجنود العراقيين البواسل، جاء الى ارض المعركة في قاطع عمليات مندلي يبحث عن اخوة ضمن التشكيلات العسكرية التي تقاتل في قاطع عمليات مندلي. ومن خلال خبرته العسكرية والميدانية في المعارك التي خاضها في قواطع اخرى ضمن خدمته العسكرية اثناء هذه الحرب الطويلة.

دخل الى ارض المعركة بدون سلاح برغم من القصف المدفعي والجوي الكثيف ليتفقد عن مصير اخوة ويطمئن عليه، وتبين له ان اخوة قد استشهد في ارض المعركة وبعد السؤال والبحث عنه عرف اين تقع جثته، وبرغم من صعوبة الموقف وصل الى جثة اخوة الشهيد وحمله على ظهره لنقله الى المنطقة الاكثر امان من الخطوط الاولى للمعركة ومن هناك يأخذه الى عائلته واهلة وعشيرته للاقامة مراسيم الفاتحة والصلاة على روحة الطاهرة بعد اكمال اوراقه الرسمية العسكرية.

الموقف الانساني والشرف العسكري العراقي النبيل، عندما كان يحمل اخوة الشهيد على ظهره وهو في طريقه الى المنطقة الامنة رأى احد الجنود العراقيين جريح، ما قام به هذا الجندي الباسل بوضع اخوة في ارض المعركة في موضع آمن، وحمل الجندي الجريح الى وحدة الميدان الطبية المتقدمة لغرض معالجته واجراء الاسعافات الاولية. بعدها عاد مرة اخرى ودخل ارض المعركة برغم من شدة المعركة والقصف الشديد وحمل اخوة الشهيد.
الجندي العراقي الباسل ايضا عرض حياته من أجل اخوة الانسان الجريح الساقط في ارض المعركة وجسده النازف والغارق والمعجون بغبار وتراب الارض ورائحة البارود، ولا يعرف في اي لحظة تسقط احدى القنابل وتمزق جسده الطاهر ولم يبقى له أي أثر ويستشهد خلف اخوة. ما قام به هذا الجندي العراقي الصالح قمة في التضحية والبسالة والشجاعة والاخوة الانسانية، لانه مؤمن بالحق وعرف وتاكد له أنه اخوة استشهد وفارق الحياة، لابد من انقاذ حياة اخرى.

هنا تكمن اخلاقيات العراقيين وبسالتهم وشجاعتهم وغيرتهم ورجولتهم. هذا هو أبن الرافدين الشهم حين حمل هذا الجريح العراقي لم يساله أنت عربي، كردي، تركماني. مسلم، سني، شيعي، مسيحي، صابئي، يزيدي، حماله لانه اولاً انسان، وثانياً عراقي.

يذكرني هذا الموقف الانساني قصة السامري الصالح في الكتاب المقدس (لوقا 10: 30-37). الذي وضحه لنا السيد المسيح على محبة الاخرين والاهتمام بهم ومحبة الاقرباء بل وحتى الاعداء. السامري الصالح عرض حياته للخطر بتوقفه لمساعدة ضحية اللصوص والاشرار وقاطعي الطريق، بل بذل حياته من أجل الاخر.

وتذكرني قصة حقيقية اخرى قراءتها عن موقف الجندي الامريكي (دزموند دوس) الذي رفض حمل السلاح وقتل أحد، وتكون مهمته في المعركة انقاذ الجرحى. واستطع انقاذ 75 جندياً من زملائه الأميركيين ومن الجيش الياباني في (معركة أوكناوا) في فترة الحرب العالمية الثانية. وأصبح أول رافض في استخدام السلاح والقتال اثناء الخدمة العسكرية ونال وسام الشرف عن مهمته الانسانية من الرئيس الأميريكي هاري ترومان.

الجيش العراقي يؤمن بعقيدة الدفاع عن الوطن الارض والعرض والشعب بدون تميز بعيدا عن الطائفية والعرقية والمذهبية. وكم من بطولة وبطولة سطرها جيشنا العراقي الباسل ولم تدون في تاريخه الخالد.
شامل يعقوب المختار

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

الكنعانيون

سفر تثنية الاشتراع 23 / 13 – 14 وليكن لك خلاء خارج المخيم تخرج إليها …