بمناسبة عيد الأم والأب

بمناسبة عيد الأم والأب

أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.
خروج20: 12.

الكثير من الأبناء يحتفلون بعيد الأب والأم بعد ان تجتمع العائلة على مائدة طعام واحدة وتحتفل بقطع كيكة الميلاد وأطفاء الشموع وتقديم الهدايا لهم، والأبناء البعيدين عن أباءهم وأمهاتهم يرسلون بطاقات التهاني والأتصال معهم عبر الهاتف او التواصل الأجتماعي الأخرى او أرسال باقات الورود وهو جميل جداً لانهم بعيدين عنهم بسبب المسافات البعيدة والظروف الاخرى، لانهم لم يعيشوا بقربهم لعدد أسباب مقنعة، ولكن البعض الأخر من الأبناء يعيشون بالقرب منهم جداً ولم يزورهم ويذكرهم أحد، والقسم الأخر لم يزوروهم في مرضهم المزمن وبقائهم لفترة طويلة في المستشفى، او في دار العجزة والمسنيين. والبعض الاخر يخجل يقول: هذا أبي او أمي!

وعند موت أحدهم يتبين من هم اولادهم.

يحتاج كبار السن بصورة عامة والوالدين بصورة خاصة، الى رعاية وعناية خاصة ملؤها الحُب والمودة والحنان والاحترام، بعد أن عاشوا تلك الأيام والسنين من عمرهم المليئة بصفحات الطفولة والشباب والعمل بحلوها ومرها فاصبحت ماضياً بعيداً.

وتبدأ رحلة الألام والأوجاع بسبب الأمراض والضعف الجسدي والبدني ويصلوا الى الاقتناع الكامل بكل جدية من التجرد والتخلي عن كل شيئ، حين يشعر الانسان بالخوف والرهبة وهو يدنو من نهايته الحتمية.

وعمر كل أنسان محتوم بيد الخالق رب العالمين، وجميع الأنبياء والقديسين والعظماء والملوك والرؤوساء والفقراء رحلوا عن عالمنا الارضي، وحتى ربنا يسوع المسيح مات، وقام في اليوم الثالث وهو الوحيد الذي أنتصر على الموت بقيامته المجيدة.

ولكن الوالدين يحتاجون من يرافقهم في نهاية حياتهم بحُب وصبر ومحبة واعية، وأن كانوا يعيشون مع الابناء داخل بيت العائلة او في دار المسنين.

في بعض بلاد المهجر أصبح رعاية الوالدين مهنة يتقاضة أحد الأبناء او البنات راتب شهري من الدولة من أجل رعاية الأب او الأم او احد الاخوان او الاقرباء. البعض لا يتقبلها على نفسه لانهم أبي وأمي او اخوتي او اقربائي، والبعض الاخر مستئنس على هذا الوضع لما يحصل من أمتيازات مالية وادارية بعيداً عن العمل الفعلي. ومنها وقوف سيارته في موقف كبار السن او المعوقين مجاناً.

الوالدين يريدون رحمة لا ذبيحة.

الأبناء الذين لا يرعون ولا يهتمون برعاية أبائهم وأمهاتهم في حياتهم لا داعي أن يترحموا عليهم بعد موتهم ويقيمون التعازي والولائم الكبيرة ويدعون لهم بالصلاة ويقدمون الزكاة والثواب، أنه شكل من المظاهر الأجتماعية الكاذبة، وغطاء خادع ونفاق عائلي أجتماعي أمام الجميع.

تذكروا يا أيها الأبناء يوم ولادتكم فرحوا أبائكم وأمهاتكم وحملت الارحام أجسادكم الصغيرة والضعيفة تسعة أشهر رفعتكم أيادي أباءكم على أكتافهم. وقدموا لكم كل انواع الرعاية والعناية حتى قوى عودكم لتكون عوناً وسنداً لهم في شيبهم.

فهل تنكرون جميل الأحسان أيها الأبناء مع كل الاحترام؟

أيها الأبناء والبنات والأحفاد أستغلوا الزمان والمكان والعيش معهم واعتنوا بهم لانهم أقرب من حبل الوريد ودماءهم تجري في عروق وشرايين أجسادكم.

ولا تندموا بعد موتهم وتقولون: لماذا لم ازورهم وتفقدهم او أكون مع أبي، أمي، جدي، جدتي وأيضا من الاخوة والاخوات والأقرباء؟

كثير من الأيتام الصغار يتذكرون أباءهم وأمهاتهم وقد عاشوا معهم  لحظات او ساعات  قليلة او أيام قصيرة جداً وطوال حياتهم حاملين صورهم في أفكارهم وأعماق قلوبهم على تلك الأوقات أن كانت جميلة او حزينة، ودأئما هم في ذكراهم.

وحتى الطفل الذي ولد وماتت أمه في ولادته يحمل صورتها ويشكرها على ما فعلته له لمدة تسعة شهور في رحمها من أعتناء وغذاء، واخيراً فقدت حياتها من أجله.

فهل يوجد أعظم وأكبر من هذه التضحية الانسانية؟

نعم وجدت عند الرب يسوع عندما ضحى بنفسه وتحمل العذابات والآوجاع في طريق الآلأم وصلبه وموته على الصليب. يقول الكتاب المقدس:  لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. يوحنا15: 13.

أيها الاولاد والبنات تذكروا دائماً أن الزمان دوار ويعود عليك كما كُنتم اطفال واصبحتم شباب ورجال و ونساء، سيأتي اليوم الذي تصبحون فيه كبار ومسنين، وتذكروا تلك الأيام ماذا قدمت الى أبوك او أمك سوف تكون الصورة واضحة أمام أبناءكم وأحفادكم عندما تطلب منهم رعايتك وعونك.

الرب يحفظ كل الأباء والأمهات بمناسبة عيد الأم والأب ونتمنى لهم العيش الرغيد والصحة والدائمة، والى الذين رحلوا عنا يرحمهم الرب برحمته الواسعة في ملكوت السماء وهو أرحم الراحمين.

شامل يعقوب المختار
حزيران 2018

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

الكنعانيون

سفر تثنية الاشتراع 23 / 13 – 14 وليكن لك خلاء خارج المخيم تخرج إليها …