د – بشرى بيوض
التوبة هي من الموضوعات الهامة التي يشدد عليها الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد.فمنذ آلاف السنين قال النبي أشعياء اطلبوا الرب ما دام يوجد، أدعوه وهو قريب.ليترك الشرير طريقه و رجل الأثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه والى إلهنا لانه يكثر الغفران
ان التوبة هي استبدال شهوة بشهوة اي هي شهوة للحياة مع الله، بدلًا من شهوة الخطيئة والجسد. وهنا لا تقتصر التوبة علي الجانب السلبي، الذي هو ترك الخطيئة ومحبتها إنما تدخل من الناحية الإيجابية في محبه الله وملكوته وطرقه إنها حرارة لا تسري في الإنسان، وتشعله بالرغبة في حياة طاهرة ولهذا قيل عن التوبة أيضًا التوبة تجديد للذهن
والتوبة هي المفتاح الذهبي، الذي يفتح به باب الملكوت
وهي الباب الحقيقي الموصل إلى السماء أو إلي الملكوت. لأنه بدون التوبة لا يملك الله في قلوبنا. أن التوبة هي زيت في مصابيح العذارى، يجعلهن أهلًا للدخول إلي العرس (متي 25)
ان كثيرا منا من يتوب ويعترف بذنوبه ولكن بعد هذه التوبه يكون كالارض الرديئه التى قام بتنقيتها من الشوائب والزروع السيئه والزوان وأعطاها للعامل لكى يزرعها ولكن العامل تركها هكذا دون أن يضع بها البذور الصالحه فتأتى المياه عليها وتنبت الارض تبنا وزوانا نباتات غير صالحه التى تأخذ من الارض ولا تعطى شيئا جيدا ….فلنصنع اثمارا تليق بالتوبه فإن تبنا فلا نكتفى بالتوبه فقط بل نصنع ثمارا تليق بالتوبه …وهذه الثمار هى مجد اسم الرب بالصلاة والصوم والخدمه .. بالبعد عن الخطيئه ورفضها وهذه هى البذور التى نضعها فقلوبنا ..قلوبنا هى الارض الرديئه التى نظفها الرب عند اعترافنا وتركها لنا لنزرعها فلا نترك مياه الحياه الجاريه تنسكب على هذه الارض دون ان نبذرها لكى لا تنبت زوانا مرة اخرى ولا نكون فى توبتنا صادقين بل نضع بها بذور الصلاة والصوم ومحبة الخدمة وحب الخير وكره الخطيئه والشر ونرويها بمياه الروح القدس لنجنى ثماره الجميله للحياه الابديه وتكون قلوبنا ارض صالحة خصبه
فالتوبة اذن هي منحة إلهية وهبها الله للخطاة ، لكي تطهرهم ، وتريح ضمائرهم المثقله بخطاياهم وتعيد إليهم السلام الداخلي ، وتردهم إلي رتبتهم الأولي التي كانت لهم قبل الخطيئة
ان التوبة كما يعرّفها الآباء القديسون هي “تغيير الذهن أو العقل”. التوبة ليست الندامة وحسب بل هي تغيير الذهن وطريقة التفكير، التوقّف عن التفكير بالخطيئة والبدء بالتفكير بالأمور الصالحة، فهكذا يكون تغيير الذهن عن التفكير بالشر للتفكير بالأعمال الصالحة، هذا هو الشكل الحقيقي للتوبة. إذاً التوبة ليست حالة نفسية أو عصبية، ليست أن يتوتّر اﻹنسان ويصرخ “قد تبت، قد تبت“، بل هي بناء الذات، أي أن يعود لذاته ويبنيها بناءً صالحاً، لا أن يبكي ويعول أو أن يعاتب نفسه. هي تغيير الذهنك لإصلاح الحياة، لإصلاح الذات والتحول إلى إنسان جديد
ان الإنسان التائب هو الإنسان الذي يمتلك حياة جديدة ملؤها السلام والمحبة والتواضع، وبالنهاية يكون الملء من روح الله، هذا هو هدف الإنسان المسيحي الحقيقي الذي يسعى لملكوت السموات. التوبة ليست عملاً مؤقتاً بل هي عمل مستمر حتى نهاية العمر، أي لا يمكننا القول أننا تبنا اليوم فقد خلصنا، طبعاً لا، ومن ناحية أخرى إن لم نكن تائبين العمر كله فلن نخلص، ولن نحصل على النور الحقيقي ولا على ملكوت السموات.ان السيد المسيح يدعونا أن نكون من أهل التوبة لأننا سنخلص بها “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” أي ، بل غيّروا أنفسكم وطريقة تفكيركم وحياتكم، فالمعتاد على عدم الصوم فليصُم، إن والمعتاد على الكفر فليكفّ عنه، والمعتاد على الكذب فليتمسّك بالصدق، عندها تكون التوبة قد بدأت والقلب يتّسع لسكنى المسيح ويصير مفيضاً للنور فيتمّ الخلاصى وليملاء الرب قلوبنا بالمحبة والسلام والفرح الدائم
د – بشرى بيوض