القديسة كورونا شفيعة وحامية من الأوبئة والأمراض المعدية

أختارت الكنيسة أجمل أشهر السنة شهر أيار، شهر الياسمين والزنبق، شهر الأقحوان والورد. ليعطي للناس صـورة ناطقة للطهر والنقاء المنبعث من العذراء مريم، ذاك الطهر الذي يتعطر العالم بعبق رائحته الزكية، فهو شهر مريم هو شهر العبادة والصلاة، شهر ترفع التضرعات إلى عرش اللـه بواسطة أم فادينا يسوع المسيح.

في هذا الشهر المبارك الذي فيه الكثير من التذكارات والأعياد الدينية التي تحتفل بها كنيسة المسيح. 1 ايار بدء الشهر المريمي، وتذكار القديس مار يوسف النجار، 13 تذكار القديسة فاطيما، 14 تذكار القديسة كورونا، 15 تذكار مريم حافظة الزروع، 22 تذكار القديسة ريتا شفيعة الأمور المستحيلة والمستعصية، 31 تذكار مريم العذراء ملكة الكون وختام الشهر المريمي، فنرفع صلاواتنا وتضرعاتنا الى عرش اللـه بواسطة أم يسوع مريم العذراء وكافة القديسين والقديسات، وأن تتنعم البشرية في أرجاء العالم بالصحة والعافية والسعادة والمحبة والسلام.
في ظل تفشي فيروس كورونا كوفيد- 19 المستجد في بلدان العالم منذ كانون الأول من عام 2019 وحتى يومنا، الذي حصد الآلاف الأرواح. وحذرت الدول من خلال كافة وسائل الأعلام المرئية والمقرؤة والمسموعة، ومواقع التواصل الأجتماعي من هذا الوباء والفيروس القاتل الذي ظهر على البشرية في عالمنا المتحضر والمتطور في زمن الأنترنيت وما يمتلك من معدات وتجهزات ومختبرات، ولديه القدرة على أستخدام كافة الوسائل العلمية في مجالات الطبية في الأرض ومن خلال الأقمار الصناعية المنتشرة وتدور حول كراتنا الأرضية والفضاء الخارجي التي تكشف سير النملة على الأرض وطيران الذباب في الهواء. وأصبح أسم كورونا الأكثر تداولا وشُهرة في أرجاء العالم، يعرفه الكبار والأطفال، ويخافون ويبتعدون من أسمه وشره ووباءه القاتل.

معنى أسم القديسة كورونا هو: (الأكليل) أو (التاج) أو (الهالة).

من هي القديسة كورونا:
ولدت في مصر عام 160، وأستشهدت عام 177 من جراء الإضطهادات ضد المسيحية في ذلك الزمان. كانت القديسة كورونا تنتمي الى عائلة وثنية في مصر، تزوجت في عمر السابعة عشر، في أحد أيام عام 177م، كانت تمر من أمام مكان يعذب فيه (الشهيد بُقطر)*، فوقفت لكي ترى وتفهم، لماذا يتحمل ذلك الرجل كل هذا العذاب وماذا سوف يجني، فما هي القوة الخفية التي ينتظرها لإنقاذه؟ راودتها أسئلة كثيرة وسط الصمت الذي خيم على المكان رغم وجود أعداد كبيرة من الناس، تشاهد تعذيب القديس بُقطر، وفي لحظة هي بداية النهاية، رأت القديسة كورونا ما لم يره غيرها، واطمأنت وصاحت. فقد رأت ملاكين واقفين بجوار القديس بُقطر، يحملان أكليلين رائعين، فاطمأنت نفسها وتأكدت بأن القوة الخفية التي تجعل القديس بُقطر يتحمل العذاب، من عند اللـه، وهذين الملاكين مرسلين بإذنه ليطمأن ويصبر وتطمأن هي أيضاً لما ستلقاه، بعد أيمانها، فصرخت بصوت مدوي قائلة: (طوباك يا بُقطر)، طوبى للعمل المجيد الذي قدمته للـه، فانزعج الحاكم، وتعجب المشاهدين والحاضرين من أهل المدينة، وأبتسم بُقطر، فاستكملت وقالت: أننى أُبصر ملاكين يحمل كل منهما إكليلاً رائعاً أثمنهما لكَ والآخر سيصبح لي.

وأعلنت أيمانها بيسوع المسيح، والمخلص والرب الواحد قائلة:على الرغم من صغر سني وضعف طبيعتي كامرأة إلا أن بقوة إلهك، أصبح إلهى، أنا أيضاً سأحتمل تنكيل الوالي وعذابه ليكون لي نصيب مع يسوع المسيح.

فثار الحاكم وحاشيته من كلامها وأيمانها، وأتوا بالقديسة كورونا، وطلب منها الحاكم أن تصلي للأصنام، لتبين أنها تراجعت عما قالت، فرفضت وأعادت ما قالته: من قبل وأكدت أنها آمنت بإله القديس بُقطر، وأنها تعلم عاقبة ما تقول، وبمنتهى الشجاعة لم تبالي من تهديدات الحاكم، فأمر بتعذيبها بطريقة وحشية حتى الموت.

فأتى جنوده بشجرتين وربطا أيدي وأرجل القديسة كورونا بهما وجذبهما حتى تمزق جسدها الطاهر إلى نصفين، ومنذ تلك اللحظة أصبحت القديسة كورونا شفيعة للأوبئة والأمراض المعدية، ووردت سيرتها في مراجع عديدة تعود للقرون الميلادية الماضية. وما زال جسدها محفوظ في مدينة انتزو في شمال إيطاليا.

في ذلك الوقت كانت القديسة كورونا تحمي الناس من الأمراض والأوبئة، ومنذ أنتشار الوباء في عالمنا الحالي عاد أسمها يطلق على وباء كورونا المدمر القاتل الذي أجتاح أرجاء العالم المعمورة. فتغير انطباع البشر بعد أن كانوا يتذكرون باسم القديسة المؤمنة التي تعذبت حتى الموت، ويتباركون بها في صلواتهم ودعائهم، وأصبحوا الآن يستعيذون من وصول فيروس كورونا إلى أجسادهم.

تكرمها كنائس عديدة في العالم، وتوجد كنيسة كبيرة وسط العاصمة النمساوية، فيينا. وإكراماً للقديسة فقد كانت العملة المستعملة في ذلك الوقت أسمها الـ (كرونا او كورونا)، قبل تغيرها الى عملة الـ (يورو) الحالية. هذا وقد اطّلع شارلمان الكبير الذي أدخل الديانة المسيحية إلى ألمانيا في القرن الثامن على حياتها وأُعجب بها، فنقل ذخيرة منها إلى كنيسته كاتدرائية القديسة مريم أم اللـه، المعروفة في مدينة آخن غرب المانيا، بالقرب من الحدود بلجيكا، وجعلها الشفيعة الثانية لكنيست،. وتوجد كنائس كثيرة باسمها يتبارك الناس اثناء زيارته لتلك الكنائس.

يا شفيعة وحامية من الأوبئة والأمراض المعدية نطلب بشفاعتكِ أن تنجي هذا العالم من هذا الوباء الذي يعيش العالم حالات الخوف والضيق والمحن المستعصية، بقوة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وشفاعة أمنا مريم العذراء.

تكرّمها الكنيسة بعيد خاص يوم 14 أيار.

نبذة مختصرة عن القديس بُقطر :
وُلد بقطر في مدينة إنطاكية من أسرة مسيحية نبيلة، والده الأمير رومانيوس من كبار وزراء الدولة الرومانية الذي أنكر الإيمان في أيام دقلديانوس، ووالدته مرثا إنسانة تقية طلبت من اللـه أن يهبها نسلًا مباركًا فوهبها هذا الطوباوي بقطر.عاش بقطر تحت رعاية أمه التقية، بينما كان والده سطحياً في أيمانه وعبادته. أرتبط بُقطر بصداقة قوية مع الأمير أقلاديوس أبن خالته، فكانا يشتركان في الهدف والعبادة. ترقى الأمير بُقطر في المناصب، إذ كان شاباً تقياً، جاداً في حياته، زاهداً في أباطيل العالم وملذاته، رحوماً ولطيفاً للغاية.

شامل يعقوب المختار

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …