الهدية “الْهَدِيَّةُ حَجَرٌ كَرِيمٌ فِي عَيْنَيْ قَابِلِهَا، حَيْثُمَا تَتَوَجَّهُ تُفْلِحْ.”.. هل ينصح الكتاب المقدس باستخدامها وكيف عالج فكرة الهدية

الهدية: هي ما يقدمه شخص لآخر، عن رضى، وبرهانًا على العاطفة والمجاملة. ويُكْثِر الشرقيون من تبادل الهدايا، ومنهم انتقلت هذه العادة إلى كافة أنحاء العالم. مشروعية الهدية تكون بقيمتها المعنوية في اكرام شخص معين، اما لمحبة أو لصداقة او طلب حاجة، هذا من جانب والأخر هو ان الهدية ابداع ايجابي في الاحاسيس والمشاعر عند تبادلها بين الافراد وغالباً ما تبقى ولا تنسى، فتقديم الهدية سلوك اجتماعي مهم وتفاعل ايجابي متبادل بين افراد المجتمع، وألية هذا الاهداء تبنى على التأثير النفسي في الاخرين بشكل مباشر، وتلعب دوراً مهماً في توطيد اواصر المحبة والود، والهدية تجمع في ثناياها كلمات الحب والتقدير والصداقة والاعتذار والشكر والثناء وكل معنى جميل أخر. وهذا يتوافق مع تعريف الهدية وتقديمها، عند علماء الاجتماع وعلم النفس. ” إذا كان الاصدقاء يتبادلون الهدايا، فإن الهدايا هي التي تصنع الاصدقاء “. الهدية تعكس الكرم والاجلال لشخصية واخلاق من يقدم الهدية فهي تعطي انطباع وتصور بناء، ومن اهم مقومات الشخصية الناجحة، لأنها تصنع البهجة والسعادة للأخرين. لا تكمن أهمية الهدية في قيمتها المادية فحسب، فالقيمة المادية تسجّل نقاطاً في رصيد المُهدي، فعند ما يهدي الأب ابنه ساعة لنجاحه في مرحلة دراسية، فسوف يفخر الأبن ويتذكرها إلى الأبد ونحن جميعا مررنا بهذا، فضلا عن رغبة الاب في حثه على مزيد من الجد في الدراسة، والابن تلقى الهدية بمشاعر الامتنان وسيعلن لكل معارفه أنّ هذه هي هدية أبيه له لكن التهادي يعبر غالباً هذه الحدود. وفي بعض البحوث عن الهدايا والتهادي وردة أسباب التهادي، ان حقيقة تقديم هدية مرتبط بسبب معين ويمكن العكس، وقد تكون رغبة في التعبير عاطفة معينة وحتى من دون مناسبة، او قد تتخذ شكلاً شخصياً فتأتي في صورة عينية او مادية، أو في غير ذلك، أوقد وتشمل في مثال مجموعة في مناسبة مشتركة.

أهمية الهدية في جانبها النفسي وعوامل نجاح عملية الاهداء:

1- يكمن في الجهد المبذول لانتقائها وليس في قيمتها المادية، و الوقت الذي يمضيه الأفراد في البحث عن هدية لشخص مقرب مهما كان نوع هذه العلاقة يدل على مدى المحبة والاهتمام.

2- والبحث عن الهدية المناسبة ذات فائدة أهم بكثير من هدايا باهظة الثمن لا فائدة منها.

3- لا يجب ان يكون أمر يجب قضاؤه والانتهاء منه بأسرع وقت ومن دون جهد، ناسين أهمية الهدية المعنوية وتأثيراتها العاطفية لدى الآخرين.

4- عنصر المفاجآت في الهدايا في كل الأوقات والمناسبات، فالمبادرات التي تدخل الفرح والسرور لا تحتاج إلى أسباب، وقد يمر الإنسان بأوقات يحتاج الى ذلك.

5- وليس بالضرورة أن تكون مكلفة، فالهدية ليست فقط أشياء مادية بل ممكن أن تكون أبسط مما يمكن تخيله وتكون كافية لتغيير الحالة النفسية ومزاج الآخرين.

6- “الهدية تتحدث عنا أكثر بكثير من أفعالنا”، ويأتي ذلك من الجوهر العميق للإنسان، ويتطلب منه تكرارها وكلما كان هناك المزيد، كانت الهدية نفسها أكثر إثارة للدهشة ولا يكمن سرها الأساسي في أن روح الهبة مرتبطة بالنفس البشرية مع الاخرين في آن واحد ولا حتى أن عملية العطاء تجلب أحيانًا فرحة أكثر من تلقيها.

7- سرها الأساسي هو أن الهدية الحقيقية لا تُبتكر، لكنها تحدث، تدخل الى روح المانح كإلهام، دون أي سبب. وأحيانًا يأتي معناها الحقيقي بعد سنوات عديدة.

8- البحث عن الظرف المناسب لتقديم هدية كالأوقات والمناسبات الخاصة بالأصدقاء والاقارب لتقديم الهدية وهنا ذروة وقت الهدية.

9- عدم ذكر نوع الهدية واهميتها للشخص المهداة اليه، بعد تقديمها له.

10- تقديم الهدية عند ابتداء العلاقة والصداقة، فالهدية تعبر عن المحبة.

11- نوع ومناسبة (أي بمعنى المفاضلة أو تميز الهدية وندرتها) للشخص المقدمة اليه وتغليفها بشكل مناسب.

بعض الملاحظات المهمة عن الهدية وبإيجاز:

*البعض يفضل أن يُهدي مبلغاً من النقود ويقدمه في ظرف أنيق مغلق، لكنّ كثيراً من الناس يمتنعون عن قبول الهدايا النقدية، وهنا توصلت محلات بيع الهدايا وكل المحلات الاسواق إلى فكرة بطاقة الهدية وتتضمن بطاقة معبأ فيها مبلغ نقدي ضمن حدود رغبة المُهدي، وبوسع المُهدى إليه أن يأخذ البطاقة ويذهب بها إلى أي فرع من المحل المذكور قريب من منزله ويبدلها ببضاعة حسب رغبته. هذا النوع من الهدايا يقدم غالباً للمتزوجين حديثاً ويتيح لهم استفادة عملية من الهدية.

*الهدايا للمعلمين والمدرسين وأساتذة الجامعات، وهذه فيها تحديدات كبيرة، لأنّ التلامذة والطلبة لا يملكون استقلالاً مالياً يتيح لهم تقديم هدية تكافئ جهد المعلم أو المدرس أو الأستاذ، وغالباً توجه لهم هدية جماعية من كل الطلبة أو التلاميذ.

*البعض يهتم جداً بالهدايا المصنوعة باليد، ويجب الانتباه إلى أن البعض لا يفضلون الهدايا العينية التي يمكن الاستفادة منها منزلياً أو شخصياً ويفضلون عليها الهدايا التذكارية، مثل صورة فنية، أو تمثال صغير أو عدة مكتب أنيقة، وما شابه لأنهم يحتفظون بها في مكان يزيّن صالات بيوتهم بشكل دائم.

الهدايا المذكورة في الكتاب المقدس العهد القديم على أنواع ثلاثة:

1- طلب الرضى والصفح ويمارس في وقتنا الحاضر ذلك، مثل هدية يعقوب لأخيه عيسو، “وَبَاتَ هُنَاكَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَخَذَ مِمَّا أَتَى بِيَدِهِ هَدِيَّةً لِعِيسُو أَخِيهِ، مِئَتَيْ عَنْزٍ وَعِشْرِينَ تَيْسًا، مِئَتَيْ نَعْجَةٍ وَعِشْرِينَ كَبْشًا، ثَلاَثِينَ نَاقَةً مُرْضِعَةً وَأَوْلاَدَهَا، أَرْبَعِينَ بَقَرَةً وَعَشَرَةَ ثِيرَانٍ، عِشْرِينَ أَتَانًا وَعَشَرَةَ حَمِي، (تك 32: 13-15)، وفي موضع اخرما يشبر الى الهدايا … قال لهم ابيهم اسرائيل انزلوا للرجل هديه قليلا من البلسان وقليلا من العسل وكثيرا ولاذنا وفستقا ولوزا، “فَقَالَ لَهُمْ إِسْرَائِيلُ أَبُوهُمْ: إِنْ كَانَ هكَذَا فَافْعَلُوا هذَا: خُذُوا مِنْ أَفْخَرِ جَنَى الأَرْضِ فِي أَوْعِيَتِكُمْ، وَأَنْزِلُوا لِلرَّجُلِ هَدِيَّةً. قَلِيلًا مِنَ الْبَلَسَانِ، وَقَلِيلًا مِنَ الْعَسَلِ، وَكَثِيرَاءَ وَلاَذَنًا وَفُسْتُقًا وَلَوْزًا. وَخُذُوا فِضَّةً أُخْرَى فِي أَيَادِيكُمْ. وَالْفِضَّةَ الْمَرْدُودَةَ فِي أَفْوَاهِ عِدَالِكُمْ رُدُّوهَا فِي أَيَادِيكُمْ، لَعَلَّهُ كَانَ سَهْوًا. (تكوين 43: 11)

2- إبداء القبول والصفح أي ترقب ذلك، مثال هدية يوسف لأخوته وأبيه،” وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُلَلَ ثِيَابٍ، وَأَمَّا بَنْيَامِينُ فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَ مِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَخَمْسَ حُلَلِ ثِيَابٍ، وَأَرْسَلَ لأَبِيهِ هكَذَا: عَشَرَةَ حَمِيرٍ حَامِلَةً مِنْ خَيْرَاتِ مِصْرَ، وَعَشَرَ أُتُنٍ حَامِلَةً حِنْطَةً، وَخُبْزًا وَطَعَامًا لأَبِيهِ لأَجْلِ الطَّرِيقِ”. (تك 45: 22-23)

3- المال المفروض دفعه على الرعية تشابه في ذلك الهدية الجماعية الآن: ما كان الشعب يقدمه لملوك بني إسرائيل، “وَكَانَ سُلَيْمَانُ مُتَسَلِّطًا عَلَى جَمِيعِ الْمَمَالِكِ مِنَ النَّهْرِ إِلَى أَرْضِ فِلِسْطِينَ، وَإِلَى تُخُومِ مِصْرَ. كَانُوا يُقَدِّمُونَ الْهَدَايَا وَيَخْدِمُونَ سُلَيْمَانَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ.”(1 مل 4: 21 و2 أخبار 17: 5).

وكانت الهدايا تختلف وتتنوع حسب الظروف وإمكانيات الذين يقدمونها وقيمة المهداة لهم. وهي مواشيٍ،” وَبَاتَ هُنَاكَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَخَذَ مِمَّا أَتَى بِيَدِهِ هَدِيَّةً لِعِيسُو أَخِيهِ، مِئَتَيْ عَنْزٍ وَعِشْرِينَ تَيْسًا، مِئَتَيْ نَعْجَةٍ وَعِشْرِينَ كَبْشًا، ثَلاَثِينَ نَاقَةً مُرْضِعَةً وَأَوْلاَدَهَا، أَرْبَعِينَ بَقَرَةً وَعَشَرَةَ ثِيرَانٍ، عِشْرِينَ أَتَانًا وَعَشَرَةَ حَمِيرٍ”،(تك 32: 13-15) ونقود وثياب،” فَقَالَ يُوآبُ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَخْبَرَهُ: “إِنَّكَ قَدْ رَأَيْتَهُ، فَلِمَاذَا لَمْ تَضْرِبْهُ هُنَاكَ إِلَى الأَرْضِ، وَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَ عَشَرَةً مِنَ الْفِضَّةِ وَمِنْطَقَةً”(2 صم 18: 11) الفضة وغيرها، “وَكَانُوا يَأْتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِهَدِيَّتِهِ، بِآنِيَةِ فِضَّةٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَحُلَل وَسِلاَحٍ وَأَطْيَابٍ وَخَيْل وَبِغَال سَنَةً فَسَنَةً.” (1 مل 10: 25)، هدية يعقوب لعيسو ليستعطف وجهه فقال يعقوب لا ان وجدت نعمه في عينيك تأخذ هديتي من يدي. لأني رأيت وجهك كما يرى وجه الله. فرضيت عليه، “فَقَالَ يَعْقُوبُ: لاَ. إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ تَأْخُذْ هَدِيَّتِي مِنْ يَدِي، لأَنِّي رَأَيْتُ وَجْهَكَ كَمَا يُرَى وَجْهُ اللهِ، فَرَضِيتَ عَلَيَّ، خُذْ بَرَكَتِي الَّتِي أُتِيَ بِهَا إِلَيْكَ، لأَنَّ اللهَ قَدْ أَنْعَمَ عَلَيَّ وَلِي كُلُّ شَيْءٍ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَأَخَذَ”. (تكوين 33: 10).

إذا ارتبطت الهدية بالحب الداخلي مع التواضع، يكون لها تقديرها الخاص لدى قابلها، “الْهَدِيَّةُ حَجَرٌ كَرِيمٌ فِي عَيْنَيْ قَابِلِهَا، حَيْثُمَا تَتَوَجَّهُ تُفْلِحْ.” (أم 17: 8)، ويميز الكتاب المقدس بين الهدية والرشوة “الشِّرِّيرُ يَأْخُذُ الرَّشْوَةَ مِنَ الْحِضْنِ لِيُعَوِّجَ طُرُقَ الْقَضَاءِ.” (أم 17: 23)، الأولى لكسب روح الحب والمودة، أما الثانية لاعوجاج طرق القضاء، أو نوال أمورٍ لا حق لنا فيها، أي غير مشروعة، وكثيرًا ما تَعمي الرشوة (الهدية بنية خاطئة) أعين المسئولين، فيصدرون أحكامًا غير عادلة. لذا لا يليق تقديم رشوة لنوال ما لا حق لنا فيه، ولا أن نقبل رشوة من أحدٍ حتى لا ننحرف عن الحق والعدل.

وكثيرًا ما كانت تفاهة قيمة هدية ما سببًا في نشوب الحروب بين الدول، وكما وان عدم تقديم الهدايا في مناسباتها والى يومنا هذا اداة للتجاهل الاحتقار احيانا، “وَأَمَّا بَنُو بَلِيَّعَالَ فَقَالُوا: كَيْفَ يُخَلِّصُنَا هذَا؟، فَاحْتَقَرُوهُ وَلَمْ يُقَدِّمُوا لَهُ هَدِيَّةً. فَكَانَ كَأَصَمَّ” (1 صم 10: 27) أليعازر الدمشقي خادم إبراهيم يقدم هدايا إلى لابان، “فَأَجَابَ لاَبَانُ وَبَتُوئِيلُ وَقَالاَ: مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ. لاَ نَقْدِرُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِشَرّ أَوْ خَيْرٍ. هُوَذَا رِفْقَةُ قُدَّامَكَ. خُذْهَا وَاذْهَبْ. فَلْتَكُنْ زَوْجَةً لابْنِ سَيِّدِكَ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ وَكَانَ عِنْدَمَا سَمِعَ عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ كَلاَمَهُمْ أَنَّهُ سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلَى الأَرْضِ، وَأَخْرَجَ الْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ، وَأَعْطَى تُحَفًا لأَخِيهَا وَلأُمِّهَا”. (تكوين 24: 50-53) هدية ملكة سبا لسليمان فاتت لتمنحنه الهدايا والى اورشليم بموكب عظيم جدا، ” وَسَمِعَتْ مَلِكَةُ سَبَا بِخَبَرِ سُلَيْمَانَ لِمَجْدِ الرَّبِّ، فَأَتَتْ لِتَمْتَحِنَهُ بِمَسَائِلَ، فَأَتَتْ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِمَوْكِبٍ عَظِيمٍ جِدًّا، بِجِمَال حَامِلَةٍ أَطْيَابًا وَذَهَبًا كَثِيرًا جِدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً. وَأَتَتْ إِلَى سُلَيْمَانَ وَكَلَّمَتْهُ بِكُلِّ مَا كَانَ بِقَلْبِهَا” (1 ملوك 10: 2) الهدية غير المقبولة هدية نعمان لاليشع فذهب واخذ بيده الهداية، وبعد طهره من برصه فقال له والان خذ بركه من عبدك فقال حي هو الرب الذي انا واقف امامه انى لا اخذ. والح عليه ان يأخذ فأبى أي رفض بشده لأنه مجانا اخذتم مجانا أعطوا ايضا. “فَقَالَ مَلِكُ أَرَامَ: انْطَلِقْ ذَاهِبًا، فَأُرْسِلَ كِتَابًا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، فَذَهَبَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ عَشَرَ وَزَنَاتٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَسِتَّةَ آلاَفِ شَاقِل مِنَ الذَّهَبِ، وَعَشَرَ حُلَل مِنَ الثِّيَابِ وَأَتَى بِالْكِتَابِ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ فِيهِ: فَالآنَ عِنْدَ وُصُولِ هذَا الْكِتَابِ إِلَيْكَ، هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ نُعْمَانَ عَبْدِي فَاشْفِهِ مِنْ بَرَصِهِ”( 2 ملوك 5 : 5 ).

اما الهدايا في العهد الجديد:

وحمل المجوس إلى يسوع الطفل ذهبًا ولبانًا ومرًّا “وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا”.(مت 2: 11).

أما التقدمات إلى الله فتسمى قرابين، فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ، (مت 5: 23 و24)، يتحدث الكتاب المقدس عن هدية فائقة القيمة وثمينة لا تقدَّر بثمن في نظر مَن يتلقاها، الله أحب العالم كثيرا حتى انه بذل ابنة‏ كي لا يهلك كل مَن يمارس الايمان به،‏ بل تكون له حياة ابدية. “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو 3: 16)، هدية تمنح صاحبها حياة ابدية!‏ انها فعلا هدية ولا كل الهدايا، صحيح ان كثيرين لا يعرفون قيمتها في هذا العالم المضطرب‏، والحقيقة تقول نها هبة كريمة وغالية.‏ ” لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ. ذلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ، نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ. (بطرس ١:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ عندما قدَّم الله حياة ابنه هدية للعالم؟‏ ” وكريمة هي فدية نفوسهم، فغلقت إلى الدهر، حتى يحيا إلى الأبد فلا يرى القبر” (‏مزمور ٤٩:‏٨)، ويشير بولس الرسول الى “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.” (رو 5: 12) فالإنسان الاول،‏ آدم،‏ أخطأ عندما تمرَّد عمدا على الله.‏ فخضع بالتالي لعقوبة الموت وورَّثها لكل ذريته،‏ اي للبشر جميعا.‏ ولكي يخلِّصوا من عقوبة الموت، وبتضحية تُعرف بالفداء ليناله كل مَن يؤمن بيسوع والحياة الأبدية “لِأَنَّ أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا عَطِيَّةُ ٱللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”.( روما ٣:‏٢٤‏).‏ هذه هو الفداء الفريد من نوعه ماذا يميزه عن باقي هدايا الله؟‏ * وكيف ينبغي ان يؤثِّر فينا. كما عبر عنها بولس في “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: فَرَّقَ. أَعْطَى الْمَسَاكِينَ. بِرُّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ،…. فَشُكْرًا للهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا”.(‏٢ كورنثوس ٩:‏١٥‏)‏”وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي.”… (مر 8: 34-38) * سألهم أن يحملوا معه الصليب بإنكار ذواتهم… وإنكار الذات إنما يعني ألا يتعاطف الإنسان مع ذاته، هذه هي العطية الأعظم. مخلصنا يريدنا أن نأتي إليه، ونتوب ونطهر من خلاله حتى نعيش معه ومع أبينا السماوي إلى الأبد. أفضل هدية يمكن أن نقدمها ليسوع المسيح هي تغيير جزء من أنفسنا لا يتناغم مع تعاليم المسيح. وأفضل 10 هدايا روحية يمكن أن نقدمها لمخلصنا هي، ان يكون لدينا قلب متواضع، وتوبة من الخطيئة والضعف، وخدمة الآخرين بقدر ما فعلتموه لأحد من إخوتي الصغار فعلتموه بي، ونصلي مع الإخلاص، ودراسة الكتاب المقدس يوميا، وان اصنع هدفي واحتفظ به، وان استمر بالتعلم مدى الحياة والحصول على شهادة الإنجيل الروحية. الهدايا روحية هي هدايا منحت الى الأوائل والينا، ولكل منا هديته المناسبة الخاصة وكانت هذه نتيجة عملية كما في يوم العنصرة والهدايا للتحدث مع الألسنة، “مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ، وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ، يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ”. (مرقس 16:17 ، 18) ،
تبادل الهداية بعيد ميلاد المخلص ما اعظم الهدية فيه: وتبادلها الهدايا يعني للكثير بدء الاحتفال بالعيد، وهو ما يجعل موسم عيد الميلاد أكثر مواسم السنة ترقبا واهتمام، فقديما كان تبادل الهدايا شائعًا في بعض مناطق الإمبراطورية الرومانية أواخر ديسمبر كجزء من طقوس دينية، ولذلك فقد حظرت الكنيسة الكاثوليكية تبادل الهدايا في القرون الأولى والقرون الوسطى بسبب أصولها الوثنية، ثم عادت وانتشرت بين المسيحيين بداعي الارتباط بالقديس نقولا أو نيكولا، أما سبب ارتباطها به فيعود لكونه كان يوزع على العائلات الفقيرة في إقليم مبرا في آسيا الصغرى الهدايا والطعام واللباس تزامنًا مع العيد دون أن تعرف العائلات من هو الفاعل، أما الصورة الحديثة له أي الرجل ذو الثياب الحمراء واللحية الطويلة القادم على عربات تجرها غزلان والداخل للمنازل عن طريق المدفأة فتعود لعام 1823 حين كتب الشاعر الأمريكي كلارك موريس قصيدة “الليلة التي قبل عيد الميلاد” يصف بها هذه الشخصية التي تعتمد ربما على أبعاد تجارية غالبًا وما يقوم الأطفال بكتابة رسائل إلى سانتا كلوز ويضعونها في جراب الميلاد أو بقرب الشجرة قبل العيد، ويستيقظون صباح العيد لفتحها، من العادات المنتشرة أيضًا أن يقوم جميع أفراد الأسرة بتبادل الهدايا بين بعضهم البعض وإن كانت رمزيّة. أيضًا فإن بعض الكتاب حديثًا فسر تبادل الهدايا على أنها ذات صلة بالهدايا التي قدمها المجوس الثلاثة عند زيارتهم لبيت لحم، على ما ورد في إنجيل متى (مت 2: 11).

وأخيرا عزائي المتابعين لنشاط الهدايا لابد ان يكون هناك ثمرة للهدية: الهدايا تعبر عن الاحترام والتقدير والعرفان كما بينا وتمثل اعلى المعاني والاحاسيس تقوي الحب والتألف وتنمي المودة وتشعر بالسعادة والرضا وتزيد حسن الظن وتزرع الالفة بين الناس كما انها تذهب الكره والبغض وتفتح القلوب المغلقة والهدية تقرب النفوس والارواح وتبهج القلب فالهدية ليست بالعملية الخاسرة بل هي عملية استثمارية ناجحة ومربحة في نهاية المطاف، الهدية كالبلسم الشافي يوضع على الجرح المفتوح فيجعله يلتئم سريعاً، ولها مفعول السحر لتحويل الاعداء الى أصدقاء، لا تنسى ان ترفق الهدية بابتسامة، أعزاءي اعتدنا أن نقدم لبعضنا هدايا كتعبير عن الحب والتقدير، ومهما كانت قيمة الهدية، سيأتي وقت نتركها ونترقب اخرى، لذا أحب أن أشير عليكم بهدية تبقى معنا إلى الأبد، هي شخص المخلص الرب يسوع المسيح هدية السماء. بارك يا رب كنيستك التي اهدت الينا الكتاب المقدس طريق الايمان وأعلمتنا انه الهدية الأعظم لحياتنا… الى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو

**”الْهَدِيَّةُ حَجَرٌ كَرِيمٌ فِي عَيْنَيْ قَابِلِهَا، حَيْثُمَا تَتَوَجَّهُ تُفْلِحْ.” (أم 17: 8)

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …