عندما رأى يوحنا المعمدان الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديَّتِه، قال لهُم: “يا أولادَ الأفاعي، مَنْ علَّمكُم أنْ تَهرُبوا مِنَ الغَضَبِ الآتي؟”. هناك شيء واحد تعلَّمناه: لا داعي للقَلق بِشأنِ عواقِبِ أفعالَنا. ألا نَعتَقد أنَّ غضب الله المُقدَّس مُرتَبط بأخطائِنا. يجب أنْ لا نَنظر إلى هذا المصطَلَح بالمعنى السَلبي. نحن نعلم إنَّ هناك عواقب للأشياء العاديَّة الّتي تَحدث معنا. فعندما نعمل أشياء بِشكلٍ سَيّء، فإنَّها تُسبِّب فينا الألم أو في الآخرين. هكذا هي الحالة مع مَحبَّة الله للبشر. إذا كنتَ قد جعلتَ شخصاً يُعاني فالله لا يُحبّ ذلك؟ ألا يُدافع الله عن ذلك؟ هناك آليَّة في الواقع هي أيضًا نتيجة للألم، تعمل أيضًا على ايقاظِنا، لكي نُدرك الضَرر الّذي حدَثَ. والهروب يُعلِّمُنا أنَّ هناك غضب وشيك.
أنْ تَظن أنَّك تَفعل الشَر ولا يحدث شيء، أنْ تكذب ولن يحدث شيء، أنْ تضع أوساخ بين الأشياء الجيّدة في حياتِك لا تقل هذا لا يؤثر عليك أو على الآخرين هذا ليس صحيحاً على الإطلاق. اليوم هو وقت تَقويم طُرق الله. اعلَم أنَّ طُرق الله مُستَقيمة. إنَّها بسيطة وواضحة. هذهِ ليست أشياء يمكِنُنا التعامل معها، لا لا إنَّها ثوابت حقيقيَّة لا تتَزَعزع. الشَر يُسَبِّب الألم. استمرار العادات السيئة يُسَبِّب الألم للآخرين.
مِنْ هنا علينا أنْ نُدرك كيف نُهييئ أنفُسنا للقاءِ الرَب مِنْ خلالِ توبة حقيقيَّة، لأنَّه سيُحاول أنْ يُعالجنا ويواجهنا بِضَعفِنا ليُشعرنا بأخطائِنا ليُعطي الدواء الّذي نحتاجَه. إذا جاء مُنقِذ، إذا جاء شَخص يَحمل مِجرَفة في يدهِ ويُنظِف فناء مَنزله، وسيَجمع القمح في حظيرتِهِ ويَحرق القَشَّ بِنارٍ لا تُطفأ، فهذا يعني أنَّه يريد الحياة الحقيقيَّة النظيفة.
الرَب هو هذا الشخص الّذي سيأتي ليوّضِّح الأُمور، ليَرمي الخُبث ويُحرِّرنا مِمّا هو غير جيّد ويُنقذنا. وفي عين الوقت هناك البَعض منَّا يريد البقاء في الغموض، وهناك مَنْ لا يريد مَجيء المسيح. يأتي المسيح عدَّة مرّات ويزورنا مرّات عديدة مِنْ خلالِ حقائق حياتنا. ويطلب مِنّا العناية الجيّدة بِكلمةِ الله، أنْ نُحَرِّر أنفُسنا مِنَ القَشِّ، وأنْ نُحرّر أنفُسنا مِنَ القَشِّ غير المُجدي، ومِنْ الأُمور الّتي لدينا وهي ربما عِبءٌ علينا ولا نحتاج إليها. تحضير طريق الرَب يعني السير في الصحراء أي حيث لا توجد المُغريات ولا وسائل الكسل، بَل حياة بسيطة ومسيرة تتابع نحو الأمام.
حين يقول القدّيس متى “وفي تلك الأيام”. إنّها البداية لهذه الكلمات. في قراءتنا لنصوص الإنجيل دوماً نقول “في ذلكَ الزمان”. في تلك الأيام أو في ذلك الزمان، الّتي يتَحدَّث عنها الإنجيل، هيَ الأيام أو الأوقات الّتي تَخُصُّ مَنْ ينغَمِس فيها أو مَنْ يسمعها. القراءة “الحاليَّة” تحث القارئ: على تَحقيقها الآن، والنَظر لِكُلِّ ما حدَث، كأنَّه يحدث لَه الآن. السَماع اليوم، يَقودَه في اليوم الأبدي لله: يَدفع الإنسان الى أنْ يعيش ما يَحتويه النَص شخصيَّاً. “فلنَبذل جُهدنا في سبيلِ الدخول في تلك الراحة (راحة الله)” في يوم الله (عبرانيين 4: 11). موسم مَجيء الرَب هو وقت رائع للعودَةِ إلى الذات. هو دعوة يقظة لِتذكّرنا كيف نَسير في طريقِ الرَب الّذي هو خير، ونَنفصل عن الشَرِّ مِنْ خلالِ توبة حقيقيَّة تَليق بابناءِ الله.
بقلم : الأب سامي الريّس