ان العلاقة بين الرحمة والذبيحة كالعلاقة بين الإيمان والأعمال في أحد جوانبها فإذا كانت الذبيحة رمزاً للأعمال فمن المفترض أن تنبع من إيمانٍ حيٍّ مُثمر تكون الرحمة رمزاً لهذا الإيمان الذي يطلبه الله قبل الأعمال فالإيمان هو الأساس والأعمال بغير إيمان لا شيء فكأن الله وهو يقول إني أُريد رحمة لا ذبيحة (مت 12: 7) يعني إني أُريد إيماناً عاملاً لا أعمالاً بغير إيمان أو أُريد أعمالاً تبرهن على إيمان حي أو ذبيحة صلاة أو شُكر أو فعلاً للخير أو توبة تكشف عن محبة الله وانسكاب أمامه وندم عن الشر ومحبة للقريب كالنفس .
ان ثروة الانسان هي محبة الله اولا وثانيا محبة الاخرين في الايمان والاعمال لذالك فان النفس الطيبه لايملكها الا وهو الذي يخاف الله وان السيره الطيبه والمواقف الجميله هي اجمل مايتركه الانسان في قلوب الاخرين وقد تكون الحياة قاسيه ولكن تلينها الاخوه والصداقه والاعمال الجميلة والمحبة والسلام والتسامح والرحمه والمغفرة وصفاء النفوس تجاه الاخرين.
ان السير الحقيقي مع المسيح يتطلب من المؤمن بأن يكون دوما جاهزا ولابسا ثياب الإيمان والاعمال والرحمه ومتكلّ على دعم الروح القدس، فهذه العدّة الروحية ضرورية للسلوك بالروح، ففي سلاح الله نعمة وقوّة ودفع ليقف فيها المؤمن راسخ وسط هجمات إبليس المتلاحقة. فلنجعل الروح القدس يعمل فينا لكي نتمسك بالأمانة والخضوع و نكون أشخاص نسلك بالروح على ضوء كلمة الله فلذالك عندما تزرع حسب مشيئه الله وعينيك تمتلأ بالحصاد وقلبك يمتلأ بالإيمان سيفيض قلبك بالفرح ولم تشعر بحزن أو إضطرار، لن تشعر إنك تفقد اي شي أو أنك تعطيها بسبب ضغوط أو إلحاح بل ستعطي وأنت فرح إن العطاء هو أحد مصادر الفرح التي يريدك الرب أن تمتلأ بها فلذالك فان الصلاة هي صوت الايمان.
لقد تكلم السيد المسيح بعبارة، أريد رحمة لا ذبيحة (متى9: 10-13) ردًّا على إنتقاد الفريسيين له لأنه كان جالسًا مع مجموعة من العشّارين والخطاة غير المرغوب فيهم. يخبرنا إنجيل متى أنه عندما دعا المسيح متى العشّار إلى إتّباعه، فإنه أطاع كلامه وتبعه. على أثر ذلك أقام متّى العشّار مائدة للمسيح وتلاميذه ودعا إليها بعض العشّارين أصدقاءه وجماعة أخرى، أطلق عليها الفريسيون لقب الخطاة. وبينما كان الجميع يتسامرون ويتناولون الطعام معًا رآهم جماعة من الفريسيين وهم معلّموا الشريعة الذين دائمًا ينتقدون الناس فأخذوا البعض من تلاميذ المسيح جانبًا وقالوا لهم: لماذا يأكل معلّمكم مع العشّارين والخطاة؟ جاء إستغرابهم هذا لأن العشّارين كانوا فئة غير مرغوب بها لأنهم كانوا يعملون مع السلطات الرومانية في جمع الضرائب من الناس فيجمعون أكثر من المطلوب كيما يحتفظوا بالباقي لهم، وإعتبروا عملاء من قبل المجتمع. عندما سمع المسيح قولهم، أجاب: “لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى. فاذهبوا وتعلّموا ما هو. أني أريد رحمة لا ذبيحة. لأني لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة” (متى9: 10-13).
قال الرسول يعقوب لأن الرحمة تفتخر على الحكم (يعقوب2: 13) فالرحمة تفتخر على الحكم لأن الرحمة، تقدّم فرصة جديدة للخاطىء أن يتوب عن خطاياه، قبل إدانته كرّرالسيد المسيح نفس الآية للفريسيين لذين حكموا على التلاميذ لأنهم قطعوا سنابل القمح وأكلوها يوم السبت (متى12: 1-8). قال لهم، فلو علمتم ما هو إني أريد رحمة لا ذبيحة، لما حكمتم على الأبرياء (متى12: 7) الذبيحة في العهد القديم، كانت رمزا للتقرب من الله. أما الرحمة، فهي تصف طريقة تعاملنا مع الآخرين.
واخيرا علينا أن نتذكر دائماً الإنسان ليس مجموعة قوانين وشرائع وعادات، بل هو حياة تنمو يوم بعد يوم تؤثر وتتأثر حياة تبحث عن كمالها في محبة الله فدعونا نهتم بالإنسان لأنه أحياناً قد يكون بحاجة إلى كلمة ابتسامة، نظرة، يرى من خلالها الله فطوبى لمن يساهم في بناء الإنسان.
ان الله يقرع أبواب قلوبنا قائلاً ( إني أُريد رحمة لا ذبيحة )
فيا رب املأ قلوبنا محبة ورحمه ونفوسنا ايمانا ومحبة ومغفرة وحياتنا رجاء واعمالنا خيرا واقوالنا حكمة وبيوتنا فرحا واوطاننا سلاما.
د – بشرى بيوض