ليس هناك رمز أعظم وأسمى وأغنى من الدم.
الدم يعني الحياة: هو ذهب أحمر سائل اللون ويتكون من خلايا كريات الدم الحمراء والبيضاء وهو ضروري يتم بفضله أنقاذ حياة الكثيرين من الناس بين الحياة والموت من خلال التبرع بالدم.
قرأت في بعض مواقع التوصل الأجتماعي عن موقف نبيل ومشرف وأخلاقي وأنساني، ما قامت به ملكة أنكلترا فكتوريا هذه الأنسانة والمرأة والأم والملكة بكل ما تحمله معاني سامية ونقية في قلبها الحنون وضميرها الأنساني الحي، عندما قدمت بعطاء وسخاء وبروح طيبة ومحبة ورجاء دمها من أجل أنقاذ أنسان كان يوماً يحميها ويخدمها، هذا الموقف الرائع سطره التاريخ منذ ذلك الزمان والمكان. فما أجمل قمة هذا العطاء الأنساني الأحمر هو الدم.
دم الملكة:
كان أحد جنود الملكة مريض وتم نقله إلى المستشفى وكان يحتاج إلى نقل وتبرع بالدم وكانت فصيلة دمه نوع نادر فبحثوا ولم يجدوا نفس فصيلة دمه. لما سمعت الملكة بالخبر قالت: أنا عندي نفس فصيلة الدم، فذهبت إلى المستشفى وتبرعت بدمها للجندي. فبعد أن عرف ما قدمته هذه الملكة التي أنقاذة حياته، غمرته الفرحة وأبتهاج قلبه بالسرور لها وحبها له ولشعبها.
وبعد وأيام من خروجه من المستشفى، وقد تعافى من مرضه، قرر أن يزور الملكة ليقوم بتأدية الواجب بالشكر والأمتنان والأحترام لها بنفسه، وبعد أن حصل على موافقة يوم وساعة الزيارة ذهب الى قصرها، وعندما دخل من بوابة القصر الملكي لاحظ الحرس الملكي يستقبله بتعظيم سلام، كأنه رتبة عسكرية عالية دخلت الى القصر. فتعجب الجندي جداً! وسأل أحد الحرس: لماذا تعظموا لي وأنا جندي بسيط؟
فقال له: نحن نعظم دم الملكة الذي يسير في شراين جسدك، شيء جميل ورائع، يكرم ويحترم بكل تقدير دم جلالة الملكة.
دم المسيح:
في يوم خميس الأسرار أو الفصح هو العشاء الأخير لرب يسوع المسيح مع تلاميذه في العلية، قبل موته أعطانا دمه وجسده عربون الحياة الأبدية في سر الافخارستية، وعطر دمه الزكي أماكن درب الآلام على أرض أورشليم، وعلى صليبه وموته عليه، ومنذ أكثر من الفين عام وحتى يومنا، نحتفل بهذا السر العظيم العجيب بأقامة القداس الألهي ونتناول دمه وجسده ليكون لنا عربون وغفران للحياة الأبدية معه وليس على الحياة الأرضية الفانية، فما مدى قوة وتأثير دمه في أجسادنا. ولو كشف لنا الرب عيوننا لنرى، كيف يكون أتحادنا مع يسوع عبر هذا التناول، وكيف ملائكة اللـه تسجد وتعظم القربان المقدس ودمه الكريم على المذبح الغافر.
دم السيد المسيح هو رمز التضحية والفداء الكامل الذي حصلنا عليه من خلال سفك دمه الكريم، أي أنه قدم حياته لنا كذبيحة كفارية من أجل غفران خطايا العالم وخلاصه. وقام من القبر منتصراً ومعلناً أنتصاره على الخطيئة وعلى الموت. لنتاول دمه وجسده الكريمين بقلب نقي وبكل خشوع وبروح التواضع وبأيمان صادق لكي ننال حظوة الأتحاد بالرب يسوع، ولنعرف جميعاً ما هو قيمة وثمن الدم الذى نتناوله فى القداس وأي مجد نكون نحن فيه؟
الموقف الأول: هو أتحاد دم الملكة مع الجندي، وهو موقف أنساني متبادل رائع وجليل.
الموقف الثاني: هو أتحاد وشركة مع أبن اللـه ملك الملوك فادينا ومخلصنا يسوع المسيح ودمه الزكي مغسلاً ومطهراً ومقدساً لكل المؤمنين الذين قبلوه وآمنوا بموته على الصليب من أجل خطاياهم. قال السيد المسيح: من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيه وأنا فيه.
بدمه ندخل ملكوت يسوع السماوية المقدسة الدائمة، وليس القصور الأرضية الوقتية.
شامل يعقوب المختار